\r\n ان الاقتصاد في العادة يحرك الناخبين المترددين ويقرر الفائز. وبهذا المقياس لا بد ان تكون انتخابات 2004 لصالح الرئيس بوش، وتكون حاسمة وفق المعايير المألوفة، فرغم القلق السابق لدى الدوائر الجمهورية من ان الناخبين قد لا يلاحظون التحرك الاخير للاقتصاد الاميركي فان الاستطلاعات التي اجريت مؤخرا تظهر ان الاميركيين اكثر ثقة في الاقتصاد وانهم حسنوا تقديرهم لتعامل بوش مع الاقتصاد. \r\n لكن عام 2004 مختلف، فاستطلاعات مؤسسة غالوي منذ الاربعينيات في القرن الماضي، تسأل الاميركيين لوضع مرتبة لاهم مشكلة تواجه البلاد، والاستطلاعات التي اجريت خلال اخر ستة شهور من اخر اربع انتخابات رئاسية تظهر ان الاميركيين بالكاد لاحظوا قضايا الحرب والسلام، وفي الحقيقة كأنه منذ انتخابات 1976 لم يقم الاميركيون، ولا حتى ربعهم، بوضع الشؤون الخارجية على انها مشكلة البلاد الاولى. \r\n وبطبيعة الحال فان فيتنام شكلت قلقا عاما بارزا، وكانت قضية ملحة في اذهان 40% من الاميركيين العاديين في عام 1968، و 30% في عام 1972 . وكان 50% من الاميركيين قلقين ازاء الحرب وتهديد الحرب مع الاتحاد السوفياتي، في الانتخابات الاربعة بعد الحرب العالمية الثانية، ويصل ذعر الاميركيين اليوم ازاء الشؤون الخارجية الى نفس تلك المستويات. \r\n وجدت استطلاعات غالوب الاخيرة ان حوالي 40% من الاميركيين يعتبرون قضايا السياسة الخارجية وعلى رأسها العراق والارهاب، على انها مشكلات البلاد الاولى، فالاستطلاعات لا تكشف فقط بروز قضايا الارهاب والعراق بل هي ايضا تظهر قلقا حقيقيا ازاء سمعة اميركا في العالم وفعالية لسياسة الاميركية. \r\n واظهر استطلاع اجرته مؤسسة بيو في شهر اذار ان تأييد الدول الاجنبية للسياسات الاميركية قد انخفض بشكل كبير. \r\n ان اغلبية راسخة من الاميركيين الذين شاركوا في الاستطلاعات الاخيرة لا يوافقون على تناول بوش لقضية العراق وهم يتساءلون عن مصداقيته في طرح حجة الحرب. ووجدت مؤسسة غالوب مؤخرا ان 54% من الاميركيين يعتقدون ان ارسال الجنود الى العراق كان غلطة. وهي نفس نسبة الذين قالوا في شهر اب 1968 ان نشر القوات في فيتنام كان غلطة. \r\n ومع ان هذا السخط من اداء بوش لم يترجم حتى الان كفائدة كبيرة لجون كيري، فان الرئيس يشهد تراجعا حادا في التفوق بالنسبة للارهاب والعراق، وهو الذي تمتع به ذات يوم، فلم يعد بوش يركن على الفوز «كرئيس وقت الحرب» مثلما تكهن استراتيجيون. \r\n الناخبون سيتعارفون بين المرشحين بالنسبة لما يتمتعان به من قوة شخصية ومقدرة وخبرة في موازنة الواقعية في الشؤون الخارجية مع القيم الاميركية التي تؤيد الديمقراطية وحقوق الانسان. \r\n ان اهم ناحية للانتخابات الرئاسية 2004، هي ان الناخبين يتوقعون اجوبة واضحة حول السياسة الخارجية وهذا يختلف اختلافا كبيرا عن الانتخابات منذ فيتنام، وبخاصة منذ انتهاء الحرب الباردة، عندما عرف المرشحون ان عليهم ان يجتازوا امتحان قيادة باظهار سيطرة على السياسة الخارجية، لكنهم عرفوا ايضا ان التفاصيل لن تخسر انتخابا فقد كان تركيزهم على الجانب المحلي. \r\n ان نتيجة انتخاب قد تتعلق بكيفية حكم الناخبين على مصداقية المرشحين وفعاليتهم في مخاطبة واضحة لقضايا العلاقات الخارجية الهامة التالية: \r\n الاحادية مقابل التعاون: هل بالغت الولاياتالمتحدة في هذا التوجه؟ هل سيبدو اطار تعاون ضعيفا؟ تحت اي شروط وبأي طرق يتوجب على الولاياتالمتحدة ان تعمل مع الدول الاخرى اذا كان هذا يعني قبولا للقيود على تصرفاتها؟ \r\n * استخدام القوة: تحت اية ظروف وبأي طرق يتوجب على الولاياتالمتحدة ان تعمد الى القوة العسكرية في المستقبل؟ هل ما زال مبدأ الهجوم الاستباقي جديرا بالتصديق بعد العراق؟ ومتى يتوجب على رئيس ان يوافق على السماح لقوات اميركية بالعمل تحت مظلة مجلس الامن الدولي وتحت قيادة غير اميركية؟ \r\n * بناء الدول: ان العالم لا يفتقر الى تحديات انسانية وامينة ملحة، فتحت اية ظروف وبأي طرق يتوجب على الولاياتالمتحدة ان تتدخل للحيلولة دون انهيار الدول او الانهماك في بناء دولة بعد صراع؟ \r\n * مكافحة الارهاب؟ اي المرشحين يملك خطة اكثر اقناعا؟ وبأي طرق ينبغي على الولاياتالمتحدة ان تزيد من تعزيز جيشها وامنها الداخلي؟ ام ان الامن يعتمد اساسا على نهج اشمل باستخدام الدبلوماسية والتعاون الشرطي ومساعدات التنمية وتحسين الاستخبارات؟ \r\n سوف يميل المرشحان الى التحرك نحو مركز هذه القضايا، توقعوا من بوش ان يشير الى تعاونه الجديد مع الاممالمتحدة وحلف الناتو، وتوقعوا من السناتور كيري ان يظهر انه اكثر حزما وواقعية من بوش من الممكن جدا ان يحول الناخبون تركيزهم الى هموم اخرى لكننا لا نراهن على ذلك، فهذه السنة هي سنة السياسة الخارجية والمرشحان يعرفان هذا وقد حان الوقت لكي يظهر السبب الذي يوجب علينا ان نثق فيهما. \r\n \r\n كريستشيان سانيس مونيتور \r\n