\r\n ويقول مايكل الزرفي المستشار الأمني العراقي لمحافظة النجف «انهم يستعدون لشيء ما، يجمعون أسلحتهم، ويأتي أشخاص بالحافلات من أجزاء أخرى من العراق. والأهم هم الايرانيون الذين يحاولون اعادة تنظيم ميليشيا الصدر لتكون قادرة على القتال ثانية». \r\n وفي الوقت ذاته يقوم رجال ميليشيا الصدر المسلحون بأعمال تخويف تتضمن اختطاف عناصر الشرطة العراقيين المحليين وأفراد عائلاتهم، ويحتلون المباني، ويعتقلون العراقيين الذين ينتقدون الصدر او ينتهكون الشريعة الاسلامية من وجهة نظر الصدر، وفقا لما يقوله سكان ومسؤولون. \r\n وتأتي المؤشرات على ان ميليشيا الصدر تعيد تنظيم نفسها بعد أن منيت بخسائر جسيمة في ابريل (نيسان) ومايو (ايار) الماضيين خلال مواجهاتها اليومية مع القوات الاميركية، وفي وقت يحاول فيه الزعماء العراقيون دفع رجل الدين المتشدد الى العمل في الميدان السياسي بدلا من حمل السلاح. ويقول المسؤولون ان هناك شكوكا في ما اذا كان نشاط الميليشيا «موحدا ومقرا» من جانب الصدر أو أن نوابه يعملون بشكل منفرد. ويشعر المسؤولون العراقيون والأميركيون بالقلق من دلائل النفوذ الايراني الكبير داخل قوات الصدر. \r\n ويقول الميجور ريك هيوارد، ضابط العمليات في الكتيبة 114 التابعة للفرقة الخامسة والعشرين الموجودة في النجف ان «الصدر هو الورقة الرابحة». \r\n وفي رد على ذلك يعد القادة العسكريون العراقيون والأميركيون خطط طوارئ لهجمات محتملة في المدينة بينما يعززون قوات الشرطة ووحدات الحرس الوطني العراقية المشكلة حديثا بالبنادق الآلية وقاذفات «آر بي جي». وقال محافظ النجف عدنان الزرفي منذ بضعة ايام «في الأسبوع الماضي اشترينا أسلحة بقيمة ستة آلاف دولار بينها مدافع وقذائف آر بي جي وبنادق أي كي 47 وعتاد. ونشعر ان هذا سيساعد على تقليص التهديد». \r\n غير أن المحافظ ومسؤولين آخرين في النجف يعترفون بأنهم يسعون الى تجنب المواجهة مع ميليشيا الصدر الآن اذا كان هذا ممكنا. ويقول الزرفي الذي كان لديه عشرة فقط من افراد الشرطة عندما تولى مهمته في النجف في الخامس من مايو الماضي «نحتاج الى بناء انفسنا، وشرطتنا، وسجوننا. ليس لدينا شيء هنا في النجف الآن، بينما كانت الكهرباء تنقطع وتعود في مكتبه وسط المدينة الذي يخضع لحراسة مشددة من جانب قوات عراقية واميركية. \r\n وبعد أن هربت القوات العراقية أو التحقت بمليشيا الصدر خلال تمرد ابريل (نيسان) الماضي تعين على ادارة الزرفي اعادة بناء هذه القوات من الصفر. ويوجد في الوقت الحالي في المحافظة 2500 من أفراد الشرطة و800 من قوات الحرس الوطني وآلاف من الحراس العراقيين. غير ان كثيرين منهم يفتقرون الى التدريب المناسب. ويعترف العقيد أمير حمزة مدير قسم التوظيف في الشرطة العراقية في النجف ان «معنويات أفراد الشرطة العراقية ضعيفة لكنهم يؤدون واجبهم». \r\n وفي الوقت ذاته، فإن ادوارهم الاساسية لا تزال غير محددة. ويشتكي رئيس الحرس الوطني العراقي عقيل خليل البرهان من ان 500 من رجاله ينتشرون في عدد من نقاط التفتيش، فيما يعمل 300 فقط كقوة مقاتلة. واوضح «يوجد العديد من نقاط التفتيش، وليس لدينا قوات كافية للسيطرة علي تلك المنطقة». \r\n وادى التشوش بخصوص دور قوات الأمن الى تبادل اطلاق نار بين القوات بعضها البعض في النجف الاسبوع الماضي، عندما ابلغت دورية للحرس الوطني ان 80 من قوات الصدر استولت على مستشفى محلي. وحاصرت قوات الحرس الوطني المستشفى وتبادلت اطلاق النار مع القوات بداخلها، لتكتشف انهم من قوات ادارة حماية المنشآت. كما ان ميليشيات الصدر تضغط على القوات المحلية في النجف بالاضافة الى المدن الشيعية القريبة في كربلاء والديوانية والحلة. وقال الكابتن شون ستنشون ضابط الاستخبارات في الكتيبة 141 الاميركية «لا يزالون يحاولون الضغط على قوات الأمن المحلية لاقامة نقاط تفتيش غير قانونية». \r\n ويرجع اتخاذ المحافظ الزرفي موقفا متوازنا تجاه التحركات العدوانية لميليشيا الصدر الى النقص في عدد افراد قوات الأمن في النجف. وعلى سبيل المثال، فإن 60 من ميليشيات الصدر عادوا الى مكاتبهم في دار قديمة للسينما في الديوانية هذا الاسبوع، وكتبوا على المبنى عبارات مثل «الموت للمحتلين» و«الحكومة العراقية الجديدة العوبة». وقد حدد المسؤولون المحليون لهم موعدا نهائيا في منتصف يوم الثلاثاء الماضي لترك المنطقة، ولكنهم لم يفعلوا اي شيء عندما استمرت الميليشيات في زيارة المبنى. وقبل اسبوع وبعدما امسكت الميليشيات بعشرة من رجال الشرطة العراقية بعد معركة استمرت عدة ساعات في مركز للشرطة بالقرب من مرقد الامام علي تفاوض الزرفي على اجراء تبادل للاسرى. \r\n غير ان القيادات العسكرية الاميركية تنظر الى اسلوب الاسترضاء هذا على انه يضع سابقة خطيرة ليس فقط للنجف ولكن للعراق بأكمله. ولكن ليس لديهم من بديل سوى نفس اتباع نفس الاسلوب. واوضح الكولونيل ريتشارد لونغو قائد الفرقة الاولى للمدفعية الذي يشرف على القوات الاميركية في المنطقة «الليلة التي قرر فيها المحافظ تبادل الاسرى كانت ليلة صعبة للجندي الاميركي». \r\n وتجدر الاشارة الى انه قبل اسبوعين، كان الجنود الاميركيون يسعون لقتل او اسر الصدر، الذي يواجه امرا بالقبض عليه من قبل القضاء العراقي بتهمة القتل. وقال الكولونيل لونغو «على الحكومة العراقية ان تقرر ما الذي سيفعلونه مع الصدر وجماعته الان». \r\n من ناحيته، يوضح الزرفي انه لا ينوي القبض على الصدر الان، ويفضل تأخير اتخاذ قرار الي ان ينتخب العراقيون الحكومة الجديدة. وقال «لم أتلق أية اوامر من بغداد بخصوص القبض عليه، واعتقد انها فكرة سيئة. مقتدى شخص في غاية البساطة. وليس بزعيم يمكنه التحكم في مليون شخص ولكننا نحوله الى شيء كبير». \r\n وفي ما يتعلق بميليشيات الصدر، يعتقد قادة عسكريون اميركيون انها تستخدم مواقعها في النجف اما في توجيه نفوذها الى مناطق اخرى مثل مدينة الصدر ببغداد ومناطق شيعية اخرى، او في إعادة تجميع افرادها استعدادا لاستدعائهم للقتال. ويقول لونغو انهم يعرفون جيدا ما تفعله ميليشيات الصدر في المناطق التي تسيطر عليها، لكنهم لا يستطيعون فعل شيء ازاء ذلك، كما اشار الى ان هذه الميليشيات تحاول استدراج قوات الأمن العراقية الى معركة. وتعمل قوات الصدر في منطقتين واسعتين في النجف لا تدخلها القوات الاميركية وهما مرقد الإمام علي وبلدة الكوفة المجاورة. وتخزن هذه الميليشيات السلاح داخل مقبرة النجف الكبيرة المحروسة، كما توجد اقبية ومواقع تصلح للاختباء واتخاذ مواقع قتالية. وعلى مقربة من المرقد يعمل افراد الميليشيات من داخل ابنية غير مكتملة التشييد. والقوات الاميركية لا تستطيع دخول هذه المناطق التي تحفظ النظام والأمن فيها قوات الشرطة العراقية بصورة متقطعة وغير منتظمة. الى ذلك، تنتشر صور مقتدى الصدر في عدة مناطق مما يشير الى التأييد الذي يحظى به في اوساط الشباب. ولا يزال الكثيرون يشعرون بالخوف من افراد الميليشيات المدججين بالسلاح. يقول بدر قاسم جبار، وهو من سكان الكوفة، ان أفراد هذه الميليشيات خطفوا ابنه البالغ من العمر خمس سنوات، ويقول انه ابلغ الشرطة بما حدث لكنها لم تتخذ أي خطوة تجاه افراد ميليشيا الصدر التي تحرم الحديث حوله. ويتجول أفراد ميليشيات مقتدى الصدر في المتاجر والمقاهي ويوجهون بنادقهم الى موقع مما يثير خوف السكان. ويقول مايكل الزرفي ان أفراد ميليشيات الصدر عادة ما يعتقلون السكان ويقدمونهم لمحاكمات على ما يعتبرونه جرائم ومخالفات مثل انتقاد مقتدى الصدر وبيع الافلام والاقراص المدمجة والاستماع الى الموسيقى. ويضيف الزرفي قائلا ان انتقاد او شتم الميليشيا ايضا يؤدي الى الاعتقال والضرب بالأسلاك والعصي الغليظة. وكثيرون لا يحبون مقتدى الصدر، لكنهم يعبرون عن ذلك بالهمس فقط، اذ يقول عبد جاسم انه لا يشعر بالارتياح ازاء مقتدى الصدر لأن الناس هنا، على حد قوله، «يريدون العيش في بيئة آمنة ومستقرة»، وأضاف ان أفراد ميليشيات الصدر يطلقون النار في كل مكان ويهاجمون الناس ويحطمون الممتلكات. ويرى قاسم رسول عبد، الذي يعمل في قسم الهندسة والتخطيط في النجف، ان مقتدى الصدر من المحتمل ان يكسب من خلال السياسة وليس بواسطة رفع السلاح والقتال. وتسبب القتال في النجف في ركود اقتصادي. كما اعيد زوار المناطق الشيعية المقدسة من الايرانيين الذين كان يقدر عددهم في بحوالي 10 الاف، بسبب عدم حصولهم على تأشيرة الدخول اللازمة، فضلا عن خوف المحافظ من نفوذ الايرانيين في النجف، خصوصا بعد إلقاء القبض على ايرانيين يقاتلون الى جانب ميليشيات جيش المهدي. ويعتقد قاسم رسول عبد ان توفر الأمن اكثر اهمية من تراجع عائدات زوار العتبات المقدسة، كما يعتقد ان شركات السفر والسياحة لا تعدو ان تكون واجهات للاستخبارات الايرانية. \r\n \r\n *خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» خاص ب«الشرق الاوسط» \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n