عند مشاهدة مثل هذه الحالات قام (الصليب الاحمر) بقطع زياراته وطلب توضيحا من السلطات المسؤولة. قال ضابط المخابرات المسؤول عن الاستجواب بأن هذه الممارسة هي «جزء من العملية». قال التقرير بأن ممثلي الصليب الاحمر شاهدوا «حالات ذهبت الى ابعد من هذا» وكانت «في بعض الحالات تصل الى حد التعذيب». اشتكى الصليب الاحمر مباشرة الى السلطات في ذلك الوقت، اي قبل شهرين من اخذ الصور المشؤومة. تجاهل البيت الابيض ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد بعناد ولمدة اشهر وقاما باخفاء نتائج التقرير عن الجمهور، اضافة الى تقرير داخلي يدين الممارسات قدمه الميجور جنرال انتونيو ام تاجوبا في اذار الى البنتاغون. قال تقرير تاجوبا بوضوح ان الشرطة العسكرية تلقت تعليمات بأن «توجد ظروفا جسدية وعقلية مفضلة لاستجواب الشهود» وكانوا يستخدمون الاذلال الجنسي والكلاب المهاجمة والضرب من اجل ترويض السجناء». يبدو واضحا ان البنتاغون ما زال لا يريد الاعتراف بخطورة المشكلة. وقام بتعيين الميجور جنرال جيوفري ميلر لادارة ابوغريب بالرغم من الحقيقة بأن ميلر هو الذي قام في الصيف الماضي بالكتابة رسميا عن ظروف ابوغريب، ويبدو انه قد مكن ان لم يكن قد فوض بالتعذيب الذي تلا فصل الخريف. وفقا لتقرير تاجوبا فان ميلر «قال بأن عمليات الاعتقال يجب ان تكون عملا مساعدا في التحقيق» وانه «من الضروري بأن قوة الحرس يجب ان تكون منهمكة بشكل فعال في تهيئة الظروف من اجل استغلال ناجح لأسرى الحرب». يبدو ان هذا يدعم الجدل بأن الشرطة العسكرية كانت تقوم بواجبها فقط. اقتبست الواشنطن بوست من رسالة بالبريد الالكتروني من صابرينا هارمان تقول فيها «اذا كان السجين متعاونا فيسمح له بالاحتفاظ ببدلة وفرشة نومه وبالسجائر ان اراد وحتى بطعام ساخن. ولكن اذا لم يعط السجين ما يريدونه فان كل ذلك يؤخذ منه حتى تقرر الاستخبارات العسكرية. كان عمل الشرطة العسكرية هو ابقاء السجناء، مستيقظين وان يجعلوا ذلك جحيما من اجل التكلم». كرر الرئيس بوش يوم الاثنين دعمه الصلب لرامسفيلد مع أن صحيفة آرمي تايمز دعت الى دحرجة الرؤوس حتى وان كان يعني اعفاء كبار القادة من واجبهم في زمن الحرب. وقالت الصحيفة بأن اساءة معاملة الاسرى العراقيين في بغداد هي «فشل يمتد مباشرة الى القمة». ينساب كل هذا من القمة، الاحتلال نفسه بني على شبكة من الاكاذيب، وان غزو العراق كان جزءا من الحرب على الارهاب، وان العراق يهدد بأسلحة الدمار الشامل، وان اي شخص يقاوم الاحتلال هو «ارهابي» او «قاطع طريق». يمكن الافتراض بأن المحققين الذين كانوا يتعاملون مع 50 الف معتقل خلال العام الماضي كانوا تحت ضغط هائل للحصول على تصريحات تناسب هذه «الحقائق» الزائفة. قال الجنرال جانيس كاربينسكي، المسؤول اسميا عن ابوغريب في مقابلة مع ان بي سي «اود ان اعرف من كان يعطي التعليمات لأفراد الاستخبارات العسكرية للتشدد في تطبيق القانون». لسوء الحظ فان ذلك السؤال يجب ان يوجه الى رئيس الولاياتالمتحدة. الكذبة الكبرى بأن الولاياتالمتحدة هي محارب غير أناني ضد الارهابيين وليس لديها اجندات أخرى، تفتح الباب للوحشية ضد اي شخص يجرؤ على المقاومة. مارس بوش غطرسة لا مثيل لها لدى اي رئيس اميركي خلال قرن، ولوح مهددا بارادة الله وكأنها شيك على بياض. ان «بناء الامة» الاحادي الجانب والاستباقي - وتسوية الحسابات القديمة باسم محاربة الارهاب - تمنح ترخيصا لمعاملة اي انسان، بما فيهم مواطنو الولاياتالمتحدة، بطريقة بربرية تزيح جانبا الشهامة والمقاييس المطلوبة في هذه العملية.