يقول بيل اورايلي احد النجوم المحافظين المتطرفين لدى فوكس نيوز بعد ان كان يدافع بحماس عن الحرب: «اذا استمر ذلك فلا توجد لدى بوش اي فرصة للفوز». اراد ان يكون من جنود البحرية مثل جده، اراد ان يشرف عائلته وبلاده ويذهب الى العراق لمحاربة محور الشر وليعود مع اكاليل الامجاد، كان كايلي في الثامنة عشرة من عمره. مساء هذا اليوم الجمعة تبكي سان رامون، ضاحية اوكلاند الهادئة، تبكي بطلا، في السنترال بارك اضيئت المئات من الشموع امام صور الطفل الذي مات في المعركة في غرب الرمادي. وقف جمهور تحت سماء ملأى بالنجوم وقال الاب امام مكبر الصوت: «لكم هو فخور. فخور لدرجة رهيبة». يذكر الاساتذة هذا الفتى الذي جاء الى المدرسة قبل ذهابه الى العراق ليخبرهم عن ذلك. تحدث رفاقه عن هذا الفتى الوسيم الذي احب موسيقى الراب والذي كان قلبه كبيرا. لا يشعر احد بأنه يحق له التحدث عن الحرب، هناك صمت في ذكرى كايلي. قالت احدى الامهات وهي تبكي: «كل ما يمكن قوله هو اننا بدأنا حقاً ندرك تكاليف غزو العراق». لغاية الان كانت الحرب نظيفة في نظر اميركا: صور الجنود المنتصرين. صدام العجوز الذي اخرج من حفرته، الاطفال العراقيون السعداء باللعب بالكرة مع الجنود الاميركيين، لا دماء، لا قتلى، لا شيء سوى الفخر.. منذ بداية الحرب كانت ادارة بوش تمنع بث صور التوابيت والاكياس التي تعود محملة بالجثث. ولكنها هذه المرة لم تستطع ان تفعل شيئاً، المناظر الرهيبة الواردة من الفلوجة والاجساد المتفحمة للمدنيين الاربعة الاميركان ظهرت على جميع شاشات التلفزيون في البلاد، حتى ان هناك بعض الصحف المحلية التي نشرت على صفحاتها الاولى الجثث المعلقة على جسر المدينة. اكتشف الاميركيون فجأة فظاعة الحرب وتذكروا عام 1993 عندما جر حشد هائج جثة اميركي في مقديشو، تذكروا ايضا هجوم تيت وهجون هوي وفخاخ سايغون. اصبح الحديث عن فيتنام امرا مألوفاً على الدوام داخل العائلات وفي الجامعات وحتى داخل الكونجرس.. لم يعد يوجد في الحرب شيء غير واقعي، تروي وسائل الاعلام آلام الارامل وقلق الامهات وقصة 600 جندي سقطوا من اجل... من اجل ماذا؟ لم يعد الاميركيون يعرفون لماذا، قبل عام كان ثلاثة ارباع الاميركيين يرغبون في التدخل في العراق. انخفضت نسبة هؤلاء الان الى 57% وهناك 30% فقط يؤيدون طريقة بوش في ادارة الحرب. ويجدر القول انه ومنذ عدة اسابيع اكتشفوا امورا كثيرة، قال بول اونيل وزير الخزانة السابق انه ومنذ وصوله الى البيت الابيض اعرب جورج الابن عن رغبته في غزو العراق. والاسوأ من ذلك ان الرئيس الذي استولى عليه هاجس صدام اساء تقدير التهديدات الارهابية التي تم اعلامه بشأنها قبل 11 ايلول: وهذا ما كشفه ريتشارد كلارك مستشار الامن السابق. اثناء ذلك قال بوش مازحاً خلال حفلة عشاء في واشنطن: «اين يمكن ان تكون اسلحة الدمار الشامل؟». يشعر الليبراليون باليأس اكثر من اي وقت مضى بعد ان خارت عزيمتهم. يشعرون انهم يعيشون اطول كابوس تحت انظار العالم اجمع الذي ينظر اليهم نظرة اتهام. قال ماركو الاستاذ في بيركلي: «انها حرب بوش، اشعر بالخجل. ولكننا الان اصبحنا نقتل كالجرذان». ولكن من سخرية الاقدار ان الكثيرين من المسالمين امثاله اصبحوا الان يؤيدون ارسال المزيد من القوات: «تسببنا في قيام كل هذه الفوضى. ولا يمكننا المغادرة هكذا». وهناك نداءات اخرى مدوية في كل مكان في البلاد: «اعيدوا الجنود الى البلاد. لنخرج من هذه الورطة». الذين كانوا قبل ثلاثة اشهر يعتقدون ان هذه الحرب عادلة ولا بد منها اصبحوا الان لا يعرفون ماذا يحدث. قال رجل مختص بالمعلوماتية في سان فرانسيسكو: «كانت المهمة واضحة في البداية: التخلص من صدام ومن اسلحة الدمار الشامل، ولكن الان لا توجد تهديدات وقائمة القتلى تزداد طولاً. قيل لنا انهم سوف يستقبلوننا كمحررين وان البلدان العربية ستسقط كاحجار الدومينو في معسكر الديمقراطية». نعم، ولكن وكما يقول دونالد رامسفيلد لا مجال للرضوخ خلال الاوقات الصعبة. قال جيم وهو يعمل في الصناعة الزراعية الغذائية «من المحزن سقوط 600 قتيل ولكن هذا هو ثمن الامن في بلادنا». وقال مقاتل سابق في فيتنام وعضو في الحزب الجمهوري: «تذكروا ان هوشي منه لم ينتصر على الارض بل نجح في زعزعة الرأي العام. يجب ان نبقى متضامنين». هناك ايضا اشخاص مخلصون للرئيس ولكنهم تخلوا عن الركب. غاري شرطي سابق في فريمونت وهو جمهوري. الصق على شاحنته عبارة صوتوا لبوش. احب الاب واحب الابن. الى ان فتح عينيه: «ديون بقيمة 2000 مليار. كل هذه الاكاذيب والاكياس التي تعود بجثث هؤلاء الجنود المساكين، هذا يكفي، سوف امتنع عن التصويت.. ربما اصوت لكيري». كم شخصا يوجد في اميركا من امثال غاري؟ هل تؤثر الصعوبات التي يواجهها بوش على انتخابات تشرين الثاني؟ يقول بعض المعلقين ان ذلك لن يحدث حتماً فالبلاد مكرسة نفسها بجميع نشاطاتها لهذه المسألة. ومن الان وحتى موعد الانتخابات ستكون صور الفلوجة قد زالت من الاذهان. اما جون كيري فإنه رغم هجومه على سياسة خصمه في العراق فإنه هو ايضا لا يملك حقا خطة للخروج من الورطة.. ومن ناحية اخرى يبدو انه طرأ تحسن على الاوضاع الاقتصادية.. ولكن ماذا لو تدهورت الاوضاع في العراق؟ اذا استمر ذلك فلا توجد امام بوش اية فرصة للفوز». هذا ما قاله بيل اورايلي احد اشرس المدافعين عن الحرب وأحد النجوم المحافظين المتطرفين لدى فوكس نيوز كما اضاف اورايلي قائلا: «انا اعرف بلادي. انها لن تتحمل الفوضى لمدة طويلة». بقلم: س. د.