مع ذلك، تدل بعض المؤشرات الحديثة على أن بعض قادة الدول الإسلامية، والخليجية خصوصا، قد استوعبوا مضمون هذه الرسالة، وشرعوا يساعدهم في ذلك ما يتوافر لديهم من إمكانيات مادية هائلة في إنشاء مراكز متطورة للعلوم والتقنية، ومدن للإنترنت وفتحوا مجال الاستثمار أمام الشركات المصنعة للبرمجيات، وانشأوا العديد من مراكز البحوث والدراسات، والمؤسسات الاستشارية، ودخلوا في العديد من اتفاقات الشراكة مع كبريات الشركات العالمية مثل \"شيفرون\" و\"شل\" وعملاق صناعة البرمجيات في العالم \"مايكروسوفت\"، كما عقدوا اتفاقات مع الدول الغربية لفتح فروع لجامعاتها العريقة في بلدانهم.\r\n\r\n \r\n\r\nالسؤال الذي يطرح نفسه في نهاية هذا المقال هو: هل لدى الدول الإسلامية القدرة التي تمكنها من التكيف مع المستجدات المعاصرة والاستفادة من مزايا المستقبل؟\r\n\r\n\r\n \r\n\r\nفي الوقت نفسه، وعلى الجانب الآخر من العالم الإسلامي، نجد أن ماليزيا قد انتهت توا من إنشاء مركز\" تكنولوجي إكسبو\" الذي يشرف عليه اتحاد باحثي العلوم الماليزي، وهذا المركز من المتوقع أن ينقل ماليزيا إلى مرحلة تقنية متقدمة بفضل ما يتوافر له من إمكانيات يمكن أن تضاف إلى إمكانيات العديد من مراكز البحوث العلمية والتقنية الموجودة في هذا البلد. وفي الحقيقة أن اهتمام ماليزيا بالعلوم والتقنية ليس وليد اليوم وإنما يعود إلى عهد رئيس وزرائه السابق \"مهاتير محمد\" وصديقي نائب رئيس الوزراء السابق أنور إبراهيم، اللذين بذلا جهوداً كبيرة في هذا المجال.\r\n\r\n \r\n\r\nوخلال هذا العام أدلى رئيس وزراء ماليزيا المرتقب \"نجيب رزاق\" بحديث لصحيفة \"الفاينانشيال تايمز\" البريطانية ذائعة الصيت قال فيه إن الهدف الذي يسعى لتحقيقه هو تعزيز قطاع الخدمات في بلده بحيث يوفر 70 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي مقارنة بالنسبة الحالية التي لا تتجاوز 54 في المئة. وهذه النقلة، كما قال، هي جزء من خطة لنقل ماليزيا إلى قائمة الدول ذات الاقتصاد القائم على المعرفة، والأقل اعتمادا على صادرات السلع المصنعة.\r\n\r\n \r\n\r\nوهذه الجهود المبذولة في ماليزيا من أجل الانتقال من اقتصاد الموجة الأولى الزراعي، واقتصاد الموجة الثانية الصناعي إلى اقتصاد الموجة الثالثة القائم على المعرفة، هي الجهود الأبرز والأكثر تطوراً في العالم الإسلامي.\r\n\r\n \r\n\r\nولكن إذا ما نظرنا إلى بقية دول العالم الإسلامي، فماذا نجد؟\r\n\r\n \r\n\r\nمن ضمن المؤشرات التي تستخدم للدلالة على التقدم العلمي للدولة المؤشر الخاص باستخدام الإنترنت في تلك الدولة مقارنة بالدول الأخرى. فمن بين الدول التي تبلغ نسبة المسلمين فيها 90 في المئة على الأقل نجد أن إيران كانت هي الدولة الأكثر استخداما للإنترنت عام 2007، وفقاً لبيانات اتحاد الاتصالات الدولي، حيث بلغ عدد السكان المستخدمين للإنترنت فيها 32 في المئة من بين مجموع سكان الدولة، وجاءت المملكة العربية السعودية في المركز الثاني بنسبة 26 في المئة. وهذا الرقم ينخفض إلى 21 في المئة من السكان في المغرب، وإلى 14 في المئة في مصر، و11 في المئة في باكستان، وهي كلها معدلات منخفضة إذا ما قورنت بنسبة مستخدمي الإنترنت في الدول الأخرى، والتي تصل إلى 64 في المئة في أستونيا، و53 في المئة في سلوفينيا، و44 في المئة في بولندا، و31 في المئة في بلغاريا. وليس هناك حاجة لذكر أن تلك النسبة تصل في الولاياتالمتحدة إلى 72 في المئة وفي كوريا الجنوبية إلى 76 في المئة!\r\n\r\n \r\n\r\nأما الصين، فعلى الرغم من أن نسبة مستخدمي الإنترنت من بين العدد الإجمالي لسكانها لا تزيد عن 16 في المئة، فإننا إذا أخذنا العدد الإجمالي في الحسبان، فسوف نجد أن عدد مستخدمي الإنترنت في هذه الدولة يصل إلى 213 مليوناً، أي أربعة أضعاف عدد المستخدمين للإنترنت في إيران والسعودية والمغرب ومصر وباكستان مجتمعين.\r\n\r\n \r\n\r\nواستخدام الإنترنت ليس هو المؤشر الوحيد بالطبع على مدى التقدم العلمي والتقني للأمم ولكنه يعد مؤشرا جيداً بدرجة معقولة.\r\n\r\n \r\n\r\nومن المعروف أن نظرية التطور التقليدية تفترض سلفا أن الدول يجب أن تنتقل من اقتصاد الموجة الأولى القائم على الزراعة، ثم إلى اقتصاد الموجة الثانية القائم على الصناعة، قبل أن تقفز إلى اقتصاد الموجة الثالثة القائم على المعرفة. غير أن ذلك ربما قد لا يكون مطلوباً الآن. فالصين على سبيل المثال، وعلى الرغم من أنها قد تمكنت من بناء قطاع صناعي هائل، فإنها نجحت في الوقت نفسه في تبني عدد متزايد باطراد من التقنيات المتقدمة، التي تنتمي إلى العصر ما بعد الصناعي.\r\n\r\n \r\n\r\nوفي الوقت الذي تنتقل فيه الاقتصادات من المزارع والمصانع إلى المكاتب والمنازل، نجد أن كوكب الأرض يتحرك على نحو حثيث نحو بنى اجتماعية وثقافية مختلفة اختلافا جذريا عن البنى القائمة حالياً. وهذه الحقيقة في حد ذاتها تمثل عنصرا مثبطا للغاية لهمة الدول الإسلامية التي لا تزال حتى الآن مكبلة في أغلال ماضيها.\r\n\r\n \r\n\r\nوالسؤال الذي يطرح نفسه في نهاية هذا المقال هو: هل لدى الدول الإسلامية القدرة التي تمكنها من التكيف مع المستجدات المعاصرة والاستفادة من مزايا المستقبل؟ هذا هو السؤال الذي لا يزال يحتاج إلى أجابة من دول تلك المنطقة من العالم.\r\n\r\n \r\n\r\n \r\n\r\n \r\n\r\nألفين توفلر\r\n\r\n \r\n\r\nكاتب ومفكر أميركي في شؤون المعلومات والمستقبل\r\n\r\n \r\n\r\nينشر بترتيب خاص مع خدمة \"تريبيون ميديا سيرفيس\"