"لو.. حرف شعلقة في الجو".. هذا ما أثبته لنا المسلسل الذي يحمل اسم حرف التمني، فصنّاعُه عالقون في فضاء لا معنى له، فلا هم نجحوا في استيراد الأفكار وتعريبها باحترافية، ولا خلقوا دراما حقيقية تحكي هموم من تُقدم إليه. فللعام الثاني على التوالي يقوم المخرج السوري سامر البرقاوي بلعبة القص واللزق في مسلسلاته باقتباس حرفي عن الدراما الهولويودية، وعلى نفس الخط الدرامي، وباختيار نفس الممثل "عابد فهد" في دور مشابه (الزوج الذي يشعر بالخيانة وتبحث زوجته عن سعادتها بعيدا عنه). وفي رمضان الماضي قدم لنا مسلسل "لعبة الموت" كنسخة ممطوطة من الفيلم الأمريكي Sleeping with the enemy للنجمة جوليا روبرتس، عن زوج عنيف ومريض نفسي يُنغص حياة زوجته ويهددها بوسواس الشك فتضطر للهروب منه وإيهامه أنها انتحرت لتبحث عن حياة جديدة وحب جديد. ولكنه في رمضان هذا العام اختار قصة خيانة صريحة وغير مبررة باستنساخ الفيلم الأمريكي "unfaithfull"، والذي يقدم قصة خيانة صريحة لزوجة وأم تحب شابا يصغرها بسنوات وتستسلم لخدر المختلف والمفاجئ فتخون زوجها المُحب مما يدفع به إلى قتل العشيق.. هذه هي القصة.. وهذه هي القضية التي وجد فيها البرقاوي ضالته الرمضانية، ليعربها تعريبا ركيكا لم يستوح الفكرة فحسب، بل - كما يظهر التريلر- نقل المشاهد ذاتها وبنفس التفاصيل. من بين مكتبة الدراما الأمريكية العامرة، الجادة والخفيفة، الخيالية والواقعية، الاجتماعية والرومانسية، الكوميدية والملحمية.. لم يجد المولعون بالاقتباس ما يتشابه مع مجتمعاتهم، أو ما هو قابل للتعريب، إلا قصة خيانة الزوجة لزوجها المُحب بحثًا عن عشق جديد! لن أغرق في الخيال تمنيا لتعريب أفلام مثل: "الخلاص من شاوشنك" The Shawshank Redemption عن الظلم والصمود بتفاصيله الإنسانية الخلّابة والمحكية في واقعنا العربي بشراهة قديما وحديثًا، أو "حياة دافيد غيل" The Life of David Gale، في واقعنا الذي يموج بإهدار قيمة الحياة، ولا "رجال صالحون قليلون" A Few Good Men، عن صلف وعنجهية من بيده القوة والسلطة. ولكن على الأقل بعضا من الإدراك والإحساس بالمسؤولية، فالمرأة التي تنقلونها إلينا غير موجودة عندنا، وإذا سطرت نساء العرب أهم 100 قضية تشغلهن، أو واقعًا يمس حياتهن، أو حتى خيالهن.. فستكون فكرة حيرتهن بين نوعين من الحب، وبحثهن عن غرام متوهج بعيدا عن الزوج الوسيم المحب المُدلل، وصراع الرجال الرائعين عليهن مستبعدة تماما، بل سيأتي خطر "الاحتباس الحراري"، وانقراض حيوان الكوالا قبلها في قائمة الاهتمامات! "لو"... "لو" أنه اختار مضمونًا أقل سفولًا من الخيانة تتحلق حوله الأسرة، ويتابع تطوراته الصغار والكبار.. "لو" أنه أعفانا من التعاطف مع نفسية الخيانة المشوهة.. "لو" أن صناع الدراما غير منقطعين تماما عن واقع المشاهد.. "لو" أنهم يتمتعون بخيال يغنيهم عن السرقة، أو حتى بترجمة مقبولة وصياغة مناسبة تلائم لغة قومهم. "لو" أن خيالهم ليس بهذا الفقر! "لو" أن "لوَّهم" تفتح عمل الإبداع وليس الاستسهال..