قال السياسي الليبرالي الدكتور عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والعضو السابق بمجلس الشعب إن هناك تحالف أمني عسكري اقتصادي اجتماعي يشكل النظام السياسي المهيمن علي بعض الدول العربية ، وهو ما يسميه البعض ب "الدولة العميقة" التي تشكل شبكة من التحالفات والمصالح وهذه التحالفات وراء غياب العدالة الاجتماعية لأن هذه الشبكة تحتكر لنفسها الثروة والنفوذ وهي من تضع السياسات البعيدة عن مراعاة الفقراء وتوفير متطلباتهم واحتياجاتهم الأساسية من العيش الكريم . وأضاف حمزاوي – خلال مؤتمر "العدالة الاجتماعية المفهوم والسياسات بعد ثورات الربيع العربي" الذي عقده منتدي البدائل العربي بالتعاون مع مؤسسة روزا لوكسمبورج - أن البعض يتناول شبكة التحالفات الأمنية العسكرية الاقتصادية، وكأننا أمام كائن خرافي لا يمكن التصدي له وتفكيكه ومواجهته وبذلك نصاب باليأس، وأن أكبر خطر هو الاستسلام لهذا اليأس أمام هذه الشبكة من التحالفات والمصالح التي أضرت بالشعوب ونهبت ثرواتها لصالح أعضاء تلك الشبكات، مؤكدا أن الوضع الآن في مصر يمثل مرحلة إعادة تكوين الطابع الأمني العسكري للدولة السلطوية . وكشف مؤتمر "العدالة الاجتماعية المفهوم والسياسات بعد ثورات الربيع العربي" غياب مفهوم العدالة الاجتماعية على أرض الواقع في الدول التي قامت فيها ثورات بحثا عن الحريات والعدالة . وانتقدت الدكتورة هبة رؤوف عزت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة عودة هيمنة العسكريين علي مقاليد الأمور في مصر، بعد الاطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي بمساندة رجال أعمال نظام الحزب الوطني الذي ثارت عليه الجماهير في 25 يناير بسبب الفساد وتركز الثروة في يد قلة وحرمان باقي المصريين من حقهم في تلك الثروة، مما جعلهم يعيشون أسرى للفقر والمرض علي مدي ثلاثين عاما. وأكدت د. هبة رؤوف أنه لن تكون هناك عدالة اجتماعية مع هيمنة العسكر أصحاب المشاريع والمصالح الاقتصادية علي الأوضاع في مصر خاصة وانهم يحتكرون قطاعات اقتصادية كاملة تمكنهم من احتكار السلطة والنفوذ ووضع السياسات بما يجعل الحديث عن العدالة الاجتماعية مسالة لاصلة لها بالوقع وبعيدة المنال بعد عودة اجواء عسكرة المجتمع جديد من . ودعت هبة رؤوف إلى العودة إلي الفقه الاسلامي وأحكامه لتطبيق العدالة الاجتماعية، مؤكدة أنه يتضمن حلولا واقعية ومنصفة لقضية الظلم الاجتماعي وعدالة توزيع الثروة بين الاغنياء والفقراء مشيرة إلي انه لايمكن وجود عدالة اجتماعية بدون وجود ثقافة مجتمعية واعراف وعادات يتربي عليها الناس منذ الصغر من شانها ان تشيع العدل الاجتماعي بين الناس بدلا من الأنتظار حتي تقوم الدولة بتحقيق العدالة الإجتماعية تلك التي هى هدف من اهداف الربيع العربي. بواعث الثورات مستمرة وأوضح محمد العجاتي، المدير التنفيذي لمنتدى البدائل العربي أن المفاهيم والسياسات المتعلقة بقضية العدالة الاجتماعية قد تغيرت بعد الثورات العربية، سواء من حيث تعامل السلطة معها، أو آلية النضال الجماهيري من أجلها، فضلا عن تدخل فاعلين من خارج الإقليم في بعض توجهاتها، لافتا إلي انه رغم الضغوط المطالبة بانتهاج سياسات تحقق قدرا من هذه العدالة، فإنه لا يمكن حتى الآن رصد اي تقدم حقيقي فيما يتعلق بهذا المطلب، الذي كان أحد البواعث الرئيسة لقيام الثورات في الدول العربية. وقال الدكتور جلبير أشقر أستاذ الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن، أن الثورات العربية جرى احتواءها فكريا من خلال توصيفات جوفاء مثل "ثورة الشباب" و "ثورة الفيسبوك" و "ثورة بلا قائد"، وذلك بغرض تصوير الامر وكانه تحرر من جانب الحراك الاجتماعي الجديد من التوجهات اليسارية التي طغت على حركات الشباب في ستينات وسبعينات القرن الماضي . وأضاف جلبير صاحب كتاب "الشعب يريد"، أحد أشهر المؤلفات التي تبحث في جذور الثورات العربية، أن خطر التوصيفات الجوفاء للثورات العربية ينبع من كونها لا تعكس المطالب ال إ جتماعية والاقتصادية التي قامت من أجلها تلك الثورات، مما أدى إلى سيطرة الرجعيات المتمثلة في ممثلي النظم القديمة، وهكذا فإن مستقبل مسيرة الثورات العربية مرهون بالقدرة على بناء ثورة ثالثة تقوم على تحالف طبقي يحمل على عاتقه "العدالة الاجتماعية" كمطلب أساسي ويشكل حائط صد أمام القوى الرجعية المضادة للثورة. وقال سلامة كيلة الباحث السياسي اللبناني إن الاخوان المسلمين وصلوا للسلطة في عدد من دول الربيع العربي لأنهم هم الكتلة الاساسية التي تبلورت كبديل وكمعارض للنظم السلطوية الفاسدة التي قامت بها ثورات الربيع العربي، وبدعم من بعض القوي اليسارية والليبرالية، تلك القوي التي انقلبت علي الاسلاميين حاليا، مشيرا إلي أن فلسطين كانت في القلب من اهتمامات الثوار وسيظل الصراع مع إسرائيل قضية رئيسة علي جدول القوي التي شاركت في ثورات الربيع العربي. وقال الدكتور محمد السعيد السعدي استاذ الاقتصاد والادارة بجامعة مراكش بالمغرب إنه حان الوقت لمحاسبة حكومات ما بعد عام 2011 وهو العام آلذي انطلقت فيه ثورات الربيع العربي بسبب فشلها فى تحقيق العدالة الإجتماعية وتوفير الحد الادني من المعيشة الكريمة للمواطنين، مشيرا ألي آن العدالة الإجتماعية لن تتحقق الا بالعدالة الضريبية لتوفير تمويل مشروعات الفقراء وتعبئة الموارد الداخلية ووقف الفساد وحل اشكالية العلاقة بين الاجور والأسعار والتشغيل، وليس بالمساعدات الخارجية والاعتماد على الآخرين.