وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل    موعد إجازة المولد النبوي 2025 الرسمية في مصر.. كم يومًا إجازة للموظفين؟    «أغلى عملة في العالم».. سعر الدينار الكويتي مقابل الجنيه اليوم السبت 26 يوليو 2025    أسعار الفراخ اليوم السبت 26-7-2025 بعد الانخفاض وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    القانون يحدد ضوابط العمل بالتخليص الجمركى.. تعرف عليها    الحبس وغرامة تصل ل2 مليون جنيه عقوبة تسبب منتج فى تعريض حياة المستهلك للخطر    وكالة موديز ترفع التصنيف الائتماني لتركيا    إعلام فلسطيني: 4 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية غرب غزة    زيلينسكي: أوكرانيا تحتاج لأكثر من 65 مليار دولار سنويًا لمواجهة الحرب مع روسيا    موعد مباراة ليفربول وميلان الودية اليوم والقنوات الناقلة    رحيل نجم بيراميدز بسبب صفقة إيفرتون دا سيلفا (تفاصيل)    رسميا خلال ساعات.. فتح باب التظلم على نتيجة الثانوية العامة 2025 (الرسوم والخطوات)    تامر حسني يلتقط صورة مع جمهور حفله في العلمين على أنغام «خلونا نشوفكم تاني»    بسبب راغب علامة.. نقابة الموسيقيين تتخذ إجراءات قانونية ضد طارق الشناوي    مينا مسعود لليوم السابع: فيلم فى عز الظهر حقق لى حلمى    «بالحبهان والحليب».. حضري المشروب أشهر الهندي الأشهر «المانجو لاسي» لانتعاشه صيفية    «جلسة باديكير ببلاش».. خطوات تنعيم وإصلاح قدمك برمال البحر (الطريقة والخطوات)    مصدر أمني: أبواق جماعة الإخوان الإرهابية فبركت فيديو بشأن احتجاز ضابط بأحد أقسام الشرطة بالقاهرة    بالصور.. تشييع جثمان والد «أطفال دلجا الستة» في ليلة حزينة عنوانها: «لقاء الأحبة»    أسماء وتفاصيل الحالة الصحية ل مصابي حادث انقلاب ميكروباص بقنا    عقب إعلان ماكرون.. نواب ووزراء بريطانيون يطالبون ستارمر بالاعتراف بدولة فلسطين    رغم هرولة الشرع للتطبيع، مروحيات إسرائيلية تستبيح مقر "الفرقة 15" بالسويداء    "مستقبل وطن دولة مش حزب".. أمين الحزب يوضح التصريحات المثيرة للجدل    هآرتس: ميليشيات المستوطنين تقطع المياه عن 32 قرية فلسطينية    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 26 يوليو 2025    الإسماعيلية تكشف تفاصيل مهرجان المانجو 2025.. الموعد وطريقة الاحتفال -صور    24 مصابًا.. الدفع ب15 سيارة إسعاف لنقل مصابي «حادث ميكروباص قنا»    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق كابينة كهرباء بشبرا| صور    تقرير يكشف موعد جراحة تير شتيجن في الظهر    ريبييرو: معسكر تونس حقق أهدافه الفنية.. ونسعى لإسعاد جماهير الأهلي    رسميًا.. دي باول يزامل ميسي في إنتر ميامي الأمريكي    "الذوق العالى" تُشعل مسرح مهرجان العلمين.. وتامر حسنى: أتشرف بالعمل مع منير    فلسطين.. شهيدة وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على منزل وسط غزة    «مش عارف ليه بيعمل كده؟».. تامر حسني يهاجم فنانا بسبب صدارة يوتيوب .. والجمهور: قصده عمرو دياب    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    رد ساخر من كريم فؤاد على إصابته بالرباط الصليبي    "هما فين".. خالد الغندور يوجه رسالة لممدوح عباس    مستشفى الناس تطلق خدمة القسطرة القلبية الطارئة بالتعاون مع وزارة الصحة    «لو شوكة السمك وقفت في حلقك».. جرب الحيلة رقم 3 للتخلص منها فورًا    تامر حسني يهاجم عمرو دياب بعد تصنيف الهضبة لألبومه "لينا ميعاد": أنا تريند وأنت تحت    محافظ شمال سيناء: نجحنا في إدخال عدد كبير من الشاحنات لغزة بجهود مصرية وتضافر دولي    ترامب يحذر الأوروبيين من أمر مروع: نظموا أموركم وإلا لن تكون لديكم أوروبا بعد الآن    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    إحباط تهريب دقيق مدعم ومواد غذائية منتهية الصلاحية وسجائر مجهولة المصدر فى حملات تموينية ب الإسكندرية    ليكيب: برشلونة يتوصل لاتفاق مع كوندي على تجديد عقده    هاكل كشري بعد الحفلة.. المطرب الشامي يداعب جمهوره في مهرجان العلمين    6 أبراج «الحظ هيبتسم لهم» في أغسطس: مكاسب مالية دون عناء والأحلام تتحول لواقع ملموس    تنسيق الثانوية العامة 2025.. التعليم العالي: هؤلاء الطلاب ممنوعون من تسجيل الرغبات    عقود عمل لذوي الهمم بالشرقية لاستيفاء نسبة ال5% بالمنشآت الخاصة    مشروبات طبيعية تخفض ارتفاع ضغط الدم    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    شائعات كذّبها الواقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توني بلير.. وهستيريا المحافظين الجدد
نشر في التغيير يوم 04 - 05 - 2014

مثل كثير من الليبراليين «الصقور» من قبله، تجاوز رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير كافة الحدود، معتنقاً الجانب المظلم من فكر «المحافظين الجدد»، ويتضح ذلك جلياً عبر كلمته التي ألقاها الأسبوع الماضي في مقر تلفزيون وكالة أنباء «بلومبيرج» في لندن.
وبعد أن أمعنت في قراءة خطاب بلير الذي جاء بعنوان: «أهمية الشرق الأوسط»، أدهشني مدى التشابه بينه وبين «الدعاية التحريضية» التي استخدمها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش تمهيداً لحرب العراق.
ومثل بوش، بدأ بلير خطابه وأنهاه بنداء تحذيري، مخصص لحشد الرأي العام بالدفع إلى شرك الخوف، وسعى بلير، الذي يساوره القلق من أنه في عصر ما بعد حرب العراق بات الرأي العام في الغرب منهكاً وحذراً من أية مغامرات أخرى في الشرق الأوسط، إلى إخافة مستمعيه بغية الانضمام إلى الحرب ضد ما أمساه «أكبر تهديد للأمن العالمي» خلال القرن الجاري.. ألا وهو: «الإسلام الراديكالي المتطرف».
وبلغة أقرب إلى الهستيرية، حذر بلير من أن هذه الرؤية «المتطرفة والمسيسة» للإسلام تتزايد، وتنتشر في ربوع العالم، وفي وجه هذا التهديد نبدو عاجزين عن مواجهته بصورة فعالة. وعلى النقيض، وبلغة قاتمة متشائمة.. تلك التي يحبها إلى حد بعيد المحافظون الجدد، لخّص بلير هذا الصراع بين الخير والشر بأنه «معركة جوهرية» في عصرنا، وهي معركة «يجب أن نؤيدها».
ولكن ما الداعي إلى أن نخوض هذه المعركة ونهزم الإسلام الراديكالي في الشرق الأوسط؟ يفرد بلير أربعة أسباب للإجابة على هذا السؤال هي: النفط، وقرب المنطقة من أوروبا، وإسرائيل، ومستقبل الإسلام.
ولكن السبب الأخير هو الذي حصل على نصيب الأسد من اهتمام بلير، إذ ركز على الصراع بين أصحاب الرؤى المتسامحة للدين في العالم الإسلامي، وأولئك الذين يدافعون عن النزعات المتطرفة. وبالنسبة لبلير، يعتبر الشرق الأوسط حاضنة لهذا التطرف الخطير، ومن ثم فإن المسلمين العرب هم من أوجدوه وصدروه إلى العالم.
وذهب إلى حد الزعم أنه عندما يوجد الإسلام المتطرف في أماكن أخرى، بين الإندونيسيين أو الماليزيين أو المسلمين الأوروبيين على سبيل المثال، فإنهم ليسوا من استحدث هذه الأفكار، وإنما استوردوها من الشرق الأوسط. وكما أصبح دأب المحافظين الجدد، حاول بلير جاهداً التأكيد على أنه لا يتحدث عن الإسلام، وإنما عن «مجرياته المتطرفة فقط».
ولكن في النهاية، أصبحت إدانته كاسحة إلى درجة أنه يبدو ناقماً على العالم العربي والإسلام، والتشدد، وفي حين يشير إلى أن الصراعات في كل منطقة يجب فهم كل منها في سياقه الخاص، لا يخفي بلير حقيقة أنه يرى أن أصل كل هذه الصراعات هو الإسلام الراديكالي نفسه. ويقوده ذلك كله إلى استنتاج أن الشرق الأوسط يكتسي أهمية كبيرة للغرب، بالنظر إلى أن الاضطرابات في المنطقة والتطرف الذي تُصدّره يمثل تهديداً على النفط، وإسرائيل، وأمن أوروبا.
وبناء عليه يوصي بلير بأنه: «يجب أن ندعم وننضم إلى المعركة ضد التطرف الإسلامي»، وتبدو حاجته إلى شن هذه «الحرب الجوهرية» ملحة إلى درجة أنه يقترح المشاركة مع روسيا والصين، اللتين تواجهان -من وجهة نظره- التهديد ذاته.
ويقترح بلير أيضاً دعم حكومة الأسد من أجل هزيمة المتطرفين الذين يكتسبون أرضاً في ظل الحرب الأهلية الدائرة في تلك سوريا. وما وجدته مثيراً للدهشة بشكل خاص في الخطاب بأسره، كان جهود بلير الاستثنائية الرامية إلى النأي بنفسه عن الحربين الكارثيتين في العراق وأفغانستان، وعن طريقة الغرب الفاشلة، التي لا تركن إلى مبدأ، في عملية صنع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وبالنسبة لبلير، أخفقت جهود تحرير العراق وأفغانستان في إنتاج نظامين ديمقراطيين بسبب الإسلام المتطرف وغير المتسامح، ويشير مرة أخرى إلى أن الجاني في إخفاق عملية السلام في الشرق الأوسط هو «الإسلام الراديكالي» نفسه.
وربما يهدئ هذا الكلام السطحي وغير المنطقي من روع بلير كي ينام في الليل، ولكنه لا يشرح أسباب فشل الغرب، كما لا يوضح الأسباب الجذرية للتطرف أو كيفية التعامل معه.
وعلاوة على ذلك، يتجاهل بلير بالإشارة إلى أن الأفكار المتطرفة يتم استيرادها وتعلمها ببساطة، الأسباب الحقيقية وراء انتقال هذه الأفكار، لاسيما أن مبدأ مفهوم «تصدير الأيديولوجيات» ليس سوى ملاحظة مبتذلة يحاول بلير رفعها إلى مرتبة «استنتاج مؤكد».
ولا يفسر ذلك بأي شكل السبب في أن هذه الأيديولوجية -أو أية أيديولوجية أخرى- تكتسب أرضاً وتجد متلقين ومستمعين في أجزاء من الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا. والدرس الواضح الذي يجب أن يتعلمه بلير هو أن وجود فكرة أو الدعوة إليها من على منبر أو منصة لا يضمن بأي حال من الأحوال أنها ستجد مناصرين بالضرورة. وكي تنتشر أية فكرة أو نظام، من الضروري أن تتوافر الظروف التي تجعل المستمعين مستعدين لتلقي رسالتها.
وفي حالة التطرف العنيف الراديكالي، تكمن الأسباب الجوهرية في التفكك الاقتصادي والاجتماعي الذي ينشأ عن الحرب أو الاحتلال أو ارتفاع معدلات البطالة أو هجرة السكان القسرية أو الانحياز السيكولوجي الذي ربما ينتج عن القمع أو سياسات التمييز أو الإقصاء.
وفي ضوء هذا، يمكن أن تكون أسباب تفاقم التطرف الخاص الذي يقلق بلير متعددة مثل حربه في العراق، أو مثل صمت الغرب في وجه المعاملة الإسرائيلية الاحتلالية للفلسطينيين أو طريقة التعامل الروسي والصيني للأقليات المسلمة، أو إخفاق أوروبا في استيعاب المسلمين والتعامل معهم كمواطنين بشكل متساو في مجتمعاتهم. ونظراً لأن الإقرار بهذه الحقائق ربما يبدو مثل ابتلاع قرص دواء مر، يجد بلير من السهل ومن الأفضل أن يوجه أصابع الاتهام واللوم إلى الضحايا.
وفي النهاية، فالمقلق بشكل كبير في خطاب بلير هو أنه محق فيما يتعلق بوجود أزمات وتحديات تواجه الشعوب في الشرق الأوسط، ولكنه يتجاهل الأسباب الجذرية لهذه الأزمات، ولا يقترح أكثر من القيام بجولة أخرى من «صراع الحضارات»، ومن ثم لا يرجى خير من ورائه.
ومن الواضح أن شعوب الشرق الأوسط تحتاج إلى تجاوز عدم التسامح وهزيمة التطرف العنيف، ولكن ما تحتاجه للفوز في هذه الحرب من الغرب هو جرعات صحية من العدالة وبناء القدرات والاستثمار في رأس المال البشري في المنطقة.
ولكنّ ما ركز عليه بلير هو النفط وإسرائيل وأمن أوروبا والمعركة الأيديولوجية داخل الإسلام، ويبدو أن الأبعاد الإنسانية في هذا الصراع والاحتياجات البشرية التي يجب تلبيتها من أجل هزيمة التطرف يبدو أنه لا نصيب لها في أجندة بلير.
نوع المقال:
سياسة دولية
الشرق الاوسط
الاتحاد الاوربى-شمال اسيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.