يحيي الليبيون اليوم الذكرى الثالثة لاندلاع الثورة ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، بينما تشهد البلاد مخاض توافق حول تنظيم انتخابات مبكرة جديدة ينتظر أن تضع حدا للأزمة السياسية، إلى جانب بدء انتخابات لاختيار أعضاء الهيئة التأسيسية لإعداد الدستور. ويطلق الليبيون على 17 فبراير 2011 يوم الغضب، حيث شهدت مدينة بنغازي قبل ثلاث سنوات، بدء احتجاجات يوم 15 فبراير2011 إثر اعتقال الناشط في مجال حقوق الإنسان فتحي تربل الذي كان يدعو للإفراج عن السجناء السياسيين، قبل أن تعم الاحتجاجات كل بنغازي يوم 17 من الشهر نفسه، في حين رد القذافي وأنصاره بتنظيم مظاهرة مؤيدة في العاصمة طرابلس. وتمكن الثوار من دخول العاصمة طرابلس يوم 21 أغسطس من السنة نفسها، بعد شهور من اندلاع حرب دموية خلفت آلاف القتلى والجرحى والمفقودين، في وقت فر فيه القذافي إلى مدينة سرت مسقط رأسه. وفرض مجلس الأمن الدولي منطقة يحظر فيها الطيران لحماية المدنيين، قبل أن تشارك قوات حلف الشمال الأطلسي (ناتو) في ضرب قوات القذافي الذي ألقي عليه القبض هو ونجله معتصم وهما يستعدان للفرار إلى جنوب ليبيا، حيث قتلا معا. واعتقل نجله سيف الإسلام قرب الحدود مع النيجر يوم 19 نوفمبر، وتعهدت الحكومة الليبية وقتها بعقد محاكمة عادلة له بعد انتقادات لاذعة وجهت لها إثر مقتل القذافي وابنه المعتصم ويرى الأستاذ صالح السنوسي أن عوامل النجاح في الثورة الليبية تسير جنبا إلى جنب مع عوامل الفشل بالنسبة للذين يتابعون شأن هذه الثورة ويستشرفون مستقبلها، غير أن المتشائمين كثيرا ما يرجحون عوامل الفشل على عوامل النجاح، انطلاقا من جملة من الظواهر سنعود إليها في ما بعد؛ مؤكدا على وجوب عدم النظر إلى كل الظواهر بمعزل عن طبيعة وظروف الثورة الليبية التي تميزت عن غيرها من ثورات الربيع العربي، فالظروف التي أحاطت بهذه الثورة ومعطيات الواقع التي شكلت أحداثها، جعلتها تختلف عما سبقها من ثورات الربيع العربي.