قبل أيام استخدمت الأغنية (الطريق) لمحمد منير كحجة دامغة خلال جدال مع صديق عن جدوى الكتابة الآن فى زمن أصبح الاختلاف فيه جريمة تستوجب السجن والتخوين وتهديد الحياة، كان يسألنى بمزيج من الإشفاق والنبر كيف أتمكن من الكتابة المنتظمة فى ظروف كابوسية كهذه لا تروج فيها إلا كتابة الصوت الواحد، فأجبته بعد مقدمة نظرية طويلة فى فن التعايش مع العبث والأسى، أننى نجحت بعد عناء فى تدريب نفسى على أن تتعامل مع الحياة بروح مزارع فيتنامى يمتلك حقل رز شاء حظه العثر أن يكون ملاصقا لبركان على وشك الانفجار، يصحو كل يوم فيجد كل من حوله يحذره من قرب الانفجار ويطلب منه أن يتوقف عن الذهاب إلى حقله، ومع أنه يذهب دون أن يلقى بالا لتلك التحذيرات، إلا أنه لا يستطيع أن يتجاهل أصوات غليان الحمم التى تبقبق فى أذنيه، ولا رائحة الدخان البركانى المتصاعد من الفوهة التى تخنقه، ولا خيالات الحمم المتفجرة وهى تقفز إلى ذهنه منذرة بالهلاك الوشيك، لكنه مع ذلك كله، يذهب كل يوم إلى حقله ليعمل «باللى يقدره ربنا عليه»، ربما لأنه لا يملك اختيارا آخر، وربما لأنه اكتشف أن مواصلة فعل ما يجيده هو أفضل وسيلة يقاوم بها غموض المستقبل. ليس فى اختيار فيتنام بالتحديد شفرة خفية من شفرات «أبلة فاهيتا»، ولا «ميتافور» يحيل إلى معنى الانتصار على القوى الأضخم عددا وعدة، بل وراءه ببساطة أننى قرأت مؤخرا عن بركان مرشح للانفجار قريبا فى فيتنام، كما أن اختيار الرز ليس له أيضا علاقة بالرز الفيتنامى الشهير، وإنما لأن زراعة الرز تتطلب الرى بالغمر، ومن خاض بقدميه داخل حقل رز سيدرك أن باطنه ليس جميلا كظاهره، لأن زراعته تتطلب من المزارع أن يطلع عين اللى خلفوه فى الطين اللازب طيلة اليوم، وهو نفس ما سيشعر به من لا يجد أمامه سبيلا لمقاومة العبث سوى الكتابة المنتظمة. لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا