"هو انتي مين؟" هو انتي تبع مين؟ مش تبعهم؟ طب بتتكلمي عنهم كدة ليه؟ مالك ومالهم؟!!! ايام زمان كانت القضية اسمها فلسطينيين تضربهم إسرائيل أو عراق تغزوها أمريكا أو لبنان ..وكنت عندما أدخل في نقاش (وكنت لا زلت طالبة أو معيدة حديثة التخرج) أو أحضر ندوة أو ألقي ورقة بحثية أو أشترك في أي فعالية وأنفعل بحماس يأتيني عدد لا بأس به من الناس بعضهم زملاء وبعضهم أقارب وبعضهم يعرفني جيدا وبعضهم لا يعرفني والسؤال المتكرر: "انتي ليه كنتي منفعلة كدة؟" وبالنسبة لمن لا يعرفونني السؤال التقليدي: "هو انتي فلسطينية؟ هو انتي لبنانية؟" هو انتي ليكي حد تعرفيه في غزة؟ ...أجيب لا أنا مصرية ولكني أيضا مسلمة وعربية وهؤلاء أهلنا وناسنا وأرضهم أرضنا وكرامتهم من كرامتنا...وهم جيراننا والاعتداء عليهم حتى من باب المصلحة الوطنية والأمن القومي بمعناه البديهي وبأبجدياته الأولى يستدعي أن نهتم بهم...ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم. وكانت النظرة التي أجدها في وجه هذا الذي يسألني نظرة دهشة واستغراب وابتسامة يحاول أن يخفيها يكاد ينطق بمعناها ليقول: "إيه الكلام القديم ده؟" "إيه التمثيل والادعاء ده ؟؟" البعض الآخر يجادلني أنه يجب ألا تهتم مصرية مثلي بغير مصر ...حدودها وترابها مصر فقط...مصر أولا ومصر أخيرا...أحاول جاهدة أن أجادل أن اهتمامي بالفلسطيني لا ينفصل بل هو جزء لا يتجزأ من اهتمامي بمصر تجد نظرة ارتياب وامتعاض وكلام تصب خلاصته في معنى مفاده"وطنيتك مشكوك فيها"!! مؤخرا تبدل الحال وصار النقاش --بعيدا عن سوريا طبعا وجرحها نازف وغائر---أصبحت كلما تحدثت إلى أحدهم أن ما حدث بداية من ترتيب ثورة مصنوعة وافتعال مشهد ثوري زائف يوم 30 سونيا (يونيو) ظلم بين وإهانة لكل من أعطى صوته في صندوق الاقتراع ولكل من شارك في ثورة ضد فساد واستبداد نظام مبارك ..الخ تجد السؤال تحول في موضوعه ولم يتغير في صيغته وتوجهه وطبيعته الكاشفة عن طريقة تفكير السائل هي ذاتها نفس طريقة التفكير القاصرة المحدودة الضيقة الغافلة الجاهلة: "هو انتي إخوان"؟؟ !!!! ولو أنني عندما أتذكر السؤال القديم "هو انتي فلسطينية؟ أعرف مغزى السؤال الجديد وأن من استدعى طرحه في البداية ..هو الذي قادنا إلى طرح سؤال "هو انتي إخوان في النهاية.....أو فلنقل...أن طرح السؤال الآن قد يكون هو "البداية".