إن ظاهرة "الدونجوانية" قد تجلت في تاريخنا الحديث بعدد لا بأس به من الحالات بين الأسر المتنفذة أو الثرية في مجتمعاتنا الشرق أوسطية حيث تطلق هذه الأسر أيدي ابنائها والمتعاونين معها على سبيل إستغلال الحرية المنبعثة من إختلال التوازن أعلاه، درجة أنهم ينطلقون في مغامرات دونجوانية رومانسية مع نسوة الأسر الضعيفة أو الفقيرة على أساس استغلالهن أو استثمار ضعفهن بهدف التبختر أو بهدف تحقيق انتصارات "جاهلية" لا يمكن لرجل متوازن ذي خلفية أخلاقية رصينة أن يعتد بها. ومع هذا فقد مرت علينا وعلى مجتمعاتنا العديد من النماذج الصارخة للدونجوانية المعيبة لأصحابها أو لأولياء أمورهم. وهذه كانت دونجوانيات لا ترتكن على تفوق فكري أو فني من النوع الذي ارتكنت إليه فروسيات شعراء الجاهلية والعصور التالية مثل امرؤ القيس، ذلك أنها دونجوانيات لا فروسية، بلا طعم ولا ذوق ولا رائحة. إنها فروسيات امتطاء السيارات الحديثة والسريعة والإنفاق المسرف غير العقلاني على الموائد الباذخة والشكليات المصطنعة على سبيل سحب أقدام الحسان ممن يخطئ أهلهن بإرسالهن لحضور المحافل الاجتماعية والنوادي الثقافية والفعاليات العامة ليجدن أنفسهن فجأة بين أيدي الدونجوان أو بين مخالب مساعديه من السماسرة. لست أتناهى في نقاشي هذا بعيداً إلى العصر الجاهلي بلا جدوى، ذلك أن في دواخلي شعوراً قويًّا مفاده أن ظاهرة " تشييء المرأة" في مجتمعاتنا إنما هي انبعاث لقيم كانت قد سادت في الجاهلية، حيث كانت تسد بالنساء الديون أو يتم التراهن عليهن كما يراهن المقامرون على الخيول في مضمار السباق. ثمة تشييء مذل للمرأة ألاحظه يتفشى في بعض بقاع عالمنا العربي، بل وحتى في ثقافتنا الشائعة، وقد وفد جل هذا الاختلال من نزعة المحاكاة التي ابتلي بها الإعلام العربي السائد اليوم. لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا