النظام السياسي والاقتصادي العربي بقي لعقود نظاماً مبتوراً ومريضاً مرضاً مزمناً بسبب الآليات المتحكمة في تركيبته؛ فلا خلق جامعة الدول العربية، ولا التوقيع على العديد من الاتفاقيات والشراكات الثنائية ومتعددة الأطراف، ولا خلق بعض التجمعات دون الإقليمية، مكنت منظومة العمل العربي المشترك من الالتحاق بركب الشراكات الناجحة كالنظام الأوروبي مثلاً، أو النظام الأميركي أو النظام الآسيوي، بمعنى أن النظام العربي كان خارجاً عن النظام العالمي، وهذا يدفعنا إلى التساؤل: هل الأمة العربية لها من الديناميات ما يدفعها إلى تشكيل وحدة إقليمية متماسكة على شاكلة الاتحاد الأوروبي مثلاً؟ وإذا كانت كذلك، فلماذا أخفقت في تحقيق الوحدة؟ بعض المحللين يرجعون مصدر العلة إلى بعض العوامل، كالصراع على الزعامة والنفوذ بين بعض القيادات العربية والنخب، والاختلاف في حجم المعطيات الاقتصادية بين الدول العربية، والتباين الكبير في نظم الحكم والإيديولوجيات وتنامي النزاعات الوطنية المرتبطة بالدول القُطرية، وأخيراً استمرار التدخل الغربي-الإسرائيلي لاجتثاث بذرة الوحدة العربية الكامنة في تربة الأمة وإخماد شعلتها المتقدة على حياء. إلا أن هذا النوع من التفكير يبدو لنا خاطئاً، ولا يسمح لأي قارئ حصيف بأن يحقق فيه أي فهم ذي أساس معرفي صلب، ومن هنا العديد من النظريات الخاطئة. فالتاريخ يُخْتَزَلُ في هذه العوامل وكأنه نتيجة معطيات أنشئت مسبقاً، ويكفي الباحث تشخيصها لشرحها؛ والصائب أن التاريخ لا يخضع لقواعد العوامل، وإنما يندرج في إطار من الديناميكية المستمرة تتعدى العوامل ومكونات المجتمعات المختلفة، وتخلق سيرورة مستدامة تغير تلك العوامل والمكونات بحسب الأزمنة والأمكنة والظروف. لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا