الخبر الحزين ...مصر بتتسرق ....الخبر المفرح ...مصر لسة فيها حاجة تتسرق... مصر مش بس أم الدنيا ....مصر مسروقة من الدنيا ...وعلى أد نياتها لصوص ولكن ..."بحسن نية" 3 عناوين ....سأترك لكم الاختيار احترت في العنوان إذا كنت أريد التعليق على ابتكار حكومة الانقلاب لفكرة التحصين واختراعها لقانون السرقة (الفساد) بحسن النية ....كنت أظنها في البداية نكتة ....وأذهلني كونها حقيقة ضمن حقائق المرحلة المذهلة بهزلها والمهزلة بذهولها... سأعلق في أربع محاور أكتب كل منها تباعا كما يلي.... النقطة الأولى: هاجس التحصين الذي تكرر على ألسنة كل شركاء الحفل الانقلابي هو تعبير عن حكومة تعلم تمام العلم وهي على يقين أنها فاقدة لأي شرعية...وهذا معروف للجميع...ولكنه أيضا دلالة على فقدان "الأهلية". وفاقد الأهلية لا يولى ولا تسند له أمانة ولا حتى على نفسه وأهله. هو غير مؤتمن. والحكومة تعترف بذلك بصراحة (أو بجاحة أو وقاحة) وأنها "على رأسها بطحة" كما يقولون. الحكومة تريد سن قانون يجعلها في مكان الخالق جل وعلا (استغفر الله العظيم) بحجة أنها حسنة النية "لا تسأل عما تفعل" وهي "لا تفعل إلا الخير، ولا تريد إلا الخير وأن كل ما تأتي به من مصائب أو كوارث هو من أجل خير المواطنين وفي مصلحة الوطن" فأنت أيها المواطن ليس عليك في تعاملك مع الحكومة بمنطق علاقة "ربوبيتها وعبوديتك" إلا الرضا بالقضاء والتسليم والصبر والاحتساب. مسؤولون لا يريدون تحمل المسؤولية ...ستقول لي فليتقدموا باستقالاتهم إذن...هم ليسوا قادرين أي عاجزين...الإجابة ومن ينعم بنعيم المناصب المرموقة ...ولمن يتركون الكراسي....للاخوان المسلمين؟ أتريد ترك البلاد للإرهابيين تجار الدين....أليس هؤلاء الليبراليين والعلمانيين وتجار كل شيء أفضل منهم كثيرا. انهم أيضا يتاجرون بالدين ولكن بحسن نية ...أليس الله أعلم بالنوايا. هم فقط يريدون التهرب من المسئولية والإفلات من العقاب والمحاسبة والمساءلة لأنهم يعرفون أن وجودهم في المراكز العالية والمناصب الراقية إنما هو للمتعة والاستفادة فقط وليس لدفع أي ثمن في المقابل ...يكفيك شرفا عزيزي المواطن أن هؤلاء الناس الشيك من علية القوم ومن أبناء الطبقات الراقية سليلة المجد والحسب والنسب المتحدثون باللغات الأجنبية ....المثقفون والفنانون رضوا أن يبقوا في هذا البلد الفقير والذي أغلب السائرون في شوارعه يثير منظرهم الشفقة والاشمئزاز والاحتقار....فهم متسولون وشحاذون ....أو كادحون غلابة. وبالمناسبة فهؤلاء لا يفترض فيهم "حسن النية". كانت لي اهتمامات بحثية ولا زالت بدراسة رجال الأعمال في مصر، وكانت من بين الخلاصات المهمة التي توصلت إليها مع كثير من الدراسات الأخرى أن هذه الجماعة "غير المحظورة" على وجه الإطلاق عليها مأخذ ويوجه إليها نقد يجعلها دائما موضع تشكيك وعدم ثقة ...ويجعل البعض يتهمون الجماعة ككل- وفي ذلك تعميم مرفوض ولكنه أيضا معذور- بأنها ليست سوى زمرة من النصابين المنتفعين من ثغرات القانون الفاسدين والمفسدين وفي أقصى تقدير هم ليسوا أكثر من وسطاء وسماسرة، وليسوا منظمين مشروعات بالمعنى الرأسمالي...ولا هم رجال أعمال بالمعنى الحقيقي. ذلك أن رجل الأعمال في تعريف علم الاقتصاد ونظرياته الرأسمالية الغربية والمعتمدة عالميا هو ذلك الذي يحقق ربحا، ولا مانع أبدا ولا غضاضة أن يحقق ثروة، وهو يستحق الحصول على امتيازات واستثناءات ومنح وعطايا تحت بند حواجز تشجيعية لتيسير الاستثمار...ولكن دوما وبلغة الاقتصاد في كل صفقة هناك مقابل فرجل الأعمال يفترض فيه أن يحصل على تلك الامتيازات مقابل ما يتحمله من مخاطرة وما يقدمه من تضحية تتمثل في أمواله ومدخراته وثروته الشخصية التي يضعها في المشروع، وينزل بها في السوق ويواجه المنافسين.... ما حدث عادة في مصر هو أن الصفقة تمت من طرف واحد...كانت الجهات المسئولة والحكومية على مدار عقود ...تسرف بمعنى "التدليل" والتدليل هو شكل من أشكال الإفساد في الإغداق بالعطايا والتبرع بالتسهيلات وتخصيص الأراضي مجانا أو مقابل مبالغ زهيدة للغاية.....وزاد التسيب و"الشبرقة" من المال العام الذي وزعه المسئولون على الأصدقاء والشلة من محاسيبهم وأقاربهم وأصهارهم ...خصوصا في منح القروض والائتمانات وفي الإعفاء من أي التزامات يلتزم بها صاحب المشروع كالضرائب والرسوم والجمارك ...وغيرها. وكلنا يذكر فضيحة منح القروض بدون سقف وبدون ضمانات والتي أدت لتراكم الديون وظهور مفهوم المتعسر أو المتعثر وكلاهما عجزعن السداد للبنوك، ثم هرب الكبار ....ولم يقع تحت سيف المحاسبة القانونية سوى الصغار.... وبموجب قانون حسن النية المزعوم ستصبح علاقة الفساد متكاملة من طرفيها....التحصين هو تحصين للفساد...وتوسيع لشبكاته وترسيخ له كمؤسسة لا تخضع لمن يراجعها أو يراقبها ...الآن حتى بافتراض أقصى حسن النية...ولو اقترضنا أنه لا يغري على الفساد، فهو على الأقل يغري على الإهمال والتهاون والتسيب "والمال السايب يعلم السرقة" والمعادلة الجديدة للاتنمية في مصر ولتكريس الفقر والتخلف والتبعية والارتهان للأجنبي هي أن: رجل الأعمال في مصر لا يتحمل مخاطرة ....والوزير أو الموظف الكبير في الحكومة لا يتحمل مسئولية. المسروقة هي مصر ومصر المسروقة تتحمل وحدها المسئولية...لأنها سمحت لهؤلاء أن يفعلوا بها كل ذلك ب"حسن نية".