دنا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من تحقيق هدفه المتمثل في تحويل روسيا لممررئيسي للتجارة الدولية بين شرق آسيا و أوروبا ، الأمر الذي سيعمل على تقويض قناة السويس في مصر ،وذلك عبر تعزيز أواصر العلاقات مع كوريا الشمالية ، الدكتاتورية ذات القدرة النووية المعزولة منذ أكثر من نصف قرن. فقد أكملت روسيا الشهر الماضي أول رابط لخط سكك حديد أرضي ، يسمح لكوريا الشمالية ذات النظام الستاليني بالخروج من عزلتها الدولية المفروضة عليها منذ عام 2003 ، ويعمل الخط الحديدي بين منطقة خشان بجنوب شرق روسيا وميناء راجين الذي أعيد بناؤه بكوريا الشمالية، ووصلة السكك الحديدية البالغ طولها 54 كيلومترا ، تعتبر جزءا أساسيا من مشروع الرئيس بوتين الذي يدفع من أجل إعادة توحيد أنظمة السكك الحديدية بين الكوريتين وربطهم بالسكك الحديدية العابرة لسيبيريا . وهذا من شأنه إعطاء بوتين سيطرة جزئية على روابط شبكات القطارات الأوروبية الممتدة لمسافة 8 آلاف كيلومتر ( أي مايعادل 5 آلاف ميل) ، كما أنها تختصر المسافة بنحو ثلاث مرات أسرع من الشحن عبر قناة السويس في مصر ، التي تتعامل مع أكثر من 17 ألف سفينة سنويا ، ، وتتحكم في نحو 8 في المائة من التجارة البحرية الدولية - كما أنها تشهد عمليات قرصنة متزايدة فضلا عن عدم الاستقرار السياسي في مصر وسوريا. وقال "توماس ستراوبير مدير معهد هامبورج للاقتصاد ردا على أسئلة له عبر البريد الالكتروني لموقع بلومبرج "تواجه الشركات حاليا ارتفاعا في تكاليف الشحن وتأمين البضائع" ، مضيفا " إن خط السكك الحديدية سيصبح أكثر جاذبية إذا بذلت روسيا قصارى جهدها لضمان تأمينه وتحقيق النقل الآمن والمعتمد وذلك على امتداد المسافة الطويلة بين آسيا وأوروبا"..قائلا "المستهلكون لايريدون تعريض سياراتهم البورش للسرقة على طول الطريق". وحسبما أشار مرفق سكك حديد روسيا الذي يتخذ من موسكو مقرا له فأن شركة "ميتشل" أكبر مورد للفحم المستخدم في صناعة الصلب بروسيا ستكون من بين عملاء المرحلة الأولى من المشروع بكوريا الشمالية ، وذلك عبر إرسالها شحنات شرقا للمستهلكين في آسيا ، كما أن ميناء راجين بكوريا الشمالية يمكن أن يصلح لنقل البضائع الآسيوية غربا لأوروبا. وذكرت شبكة بلومبرج أن مسئولي الإعلام بشركة "ميتشيل" رفضوا التعقيب بشأن هذا الأمر. وقال فلاديمير ياكونين ، الرئيس التنفيذي لسكك حديدي روسيا ، في تصريحات له للصحفيين بكوريا الشمالية يوم 22 سبتمبر الماضي ، "سيتم تسليم الشحنات من وإلى أوروبا الغربية و ميناء راجين فقط خلال 14 يوما ، مقابل 45 يوما تستغرقها السفن عبر المرور بطريق قناة السويس". من جانبه ، قال فيودور لوكيانوف ، رئيس معهد أبحاث جماعة السياسة الخارجية والدفاع بموسكو إن المشروع يسمح للكوريتين بالعمل جنبا إلى جنب عبر خط السكة الحديد ، فضلا عن إحياء الخطة المتوقفة منذ فترة طويلة بشأن بناء خط أنابيب لتزويد الكوريتين بالغاز الطبيعي الروسي ، وهو الأمر الذي كان محفوفا بالعقبات المالية والسياسية. وأضاف "موقف روسيا يهدف إلى دفع كوريا الشمالية للانغماس في المشاركة عبر مشروعات مربحة لجعلها تدرك أن التعاون أفضل من العزلة". تأتي هذه الأحداث في الوقت الذي تمر به مصر بأزمة سياسية واقتصادية طاحنة عقب الانقلاب العسكري الذي نفذه الفريق أول عبد الفتاح السيسي بالاطاحة بالرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي ، وزعم مؤيدو الانقلاب أن روسيا تقف إلى صفهم وتدعم الفريق السيسي ، لينكشف ما تنوي روسيا الاقدام عليه ، وهو ما سيطيح بقناة السويس ، التي تعتبر الشريان الرئيسي للعملة الأجنبية في مصر، لاسيما بعد انهيار السياحة.