تأنق الرجل وتعطر وخرج من منزله قاصدا وجهته، فيما كانت تلك التى صبرت طويلا لحظة فرح تنتظر الفارس النبيل، غير أن النبيل سار فى طريق آخر، لينزل الخبر على المنتظرة كالصاعقة: النبيل يعتذر لأنه اختار أخرى وأنهما يحتفلان الآن. يجسد هذا المشهد حال قسم كبير من النخبة السياسية فى مصر الآن.. أعلنت حبها للثورة، لكنها ارتمت فى أحضان الانقلاب.. عبرت عن انتمائها ليناير، لكنها ارتبطت رسميا بيونيو. إن مصر تنفرد الآن بصناعة أكبر طبق كشرى فى تاريخ السياسة الدولية، تنخرط فى إعداده وجوه سياسية لطالما تحدثت عن قواعد الديمقراطية وأصول الليبرالية والدولة المدنية، التى لا هى دينية ولا عسكرية.. لنكتشف أن كل هؤلاء مجندون فى عملية انتزاع السلطة من نظام منتخب وتسليمها إلى حكم عسكرى ظاهر لمن كان فى وجهه نظر. لقد ادعوا أن ما جرى فى 30 يونيو ثورة عالمية (قالها أحدهم ممن يصنفون كخبراء سياسيين) مدعما رأيه بكثافة الأعداد التى تم استدعاؤها للخروج، لكن فات هذا الذى واعد الثورة ثم ذهب للانقلاب أن العالم الحر قرأ ما جرى على أنه انقلاب، ورفضه بوضوح، حتى الذين قرروا ابتلاعه لأسباب براجماتية شديدة الوضوح لم يجرءوا على أن يصفوه بأنه «ثورة شعبية» وبذلوا مجهودا ضخما لكى يخرسوا ضمائرهم لكى يمرروا ويسوغوا هذا الانقلاب. ويدهشك فى خطاب المتمردين هذه اللغة المعلوماتية الواثقة التى لا تتوافر إلا لأعتى الخبراء المحترفين، ولذا يبدو غريبا إعلانهم عن خطط الرافضين لعزل الرئيس المنتخب على المدى القريب والمتوسط، وكأنهم إما يقرأون الغيب، أو يقرأون من كتاب المتابعة والتحرى، وإلا كيف يمكن فهم ما نشره موقع «اليوم السابع» أمس بالتفصيل تحت عنوان «تمرد تكشف خطة الجماعة» على مدار ثلاثة أسابيع تنتهى فى ذكرى غزوة بدر.. والتخطيط لاقتحام منشآت حيوية وعسكرية.. وتعطيل السكة الحديد 17 رمضان». من أين لتمرد كل هذه القدرات المعلوماتية الاستطلاعية التى تجعلها تقرأ ما تخفيه الصدور و تطلع على ما فى العقول، بافتراض أن ما تقوله صحيح؟ لقراءة المقال كاملا اضغط هنا