يبدو فعلاً أن مخطط "أخونة الدولة" أمر حقيقي لا لبس فيه، لم لا وقد منعت أكاديمية الفنون عرض فيلم "تقرير" لمخرجه عز الدين دويدار بحجة أنه لم يحصل على موافقة الرقابة ومن ثم أوقفت عرضه بعد أن كانت قد وافقت وقام منتجو الفيلم بالتجهيز للعرض وإرسال الدعوات للحاضرين. طبعاً لم تكن الفقرة السابقة إلا مدعاة للسخرية، لم لا والفيلم يحمل إنتاجاً إخوانياً "تقريباً"، وتم توجيه تهديدات للأكاديمية من قبل بعض الائتلافات الثورية بعدم عرض الفيلم وإلا تظاهروا أمامها، رافضين ما أسموه ب "أخونة الأكاديمية"، كما هدد مجهولون بالتوجه لمبنى الأكاديمية ورشقه بالمولوتوف والحجارة إذا ما تم عرض الفيلم. وحتى تخرج الأكاديمية من هذا المأزق، فقد ألغت العرض وفقاً للحجج السابق ذكرها الأمر الذي رفضه مخرج الفيلم بشدة مستنكراً الحملة الإعلامية والصحفية التي شنت على الفيلم، دون أن يشاهده أحد، فقط بزعم أنه إنتاج شركة ربما تكون محسوبة على الإخوان المسلمين. وكان مقرراً أن يتم عرض الفيلم، والذي يرصد غضب المصريين من الفيلم المسيء، غداً الجمعة، قبل أن تتخذ الاكاديمية هذا القرار، ويسعى القائمون على الفيلم إيجاد مكان بديل لعرضه. حرية الإبداع في خطر ولأن العمل الفني أيا كان توجهه، هو ف النهاية حرية إبداع، فإن هذه الحادثة، قد أثارت إشكالية حول فكرة "حرية الإبداع" التي تتشدق بها بعض التيارات المناهضة للإخوان وللتيار الإسلامي بشكل عام، والتي تزعم أنها في خطر في ظل حكم الإسلاميين، وهو الأمر الذي أكدت مشكلة عرض "تقرير" أنه غير صحيح خاصة وأن الوقوف ضد حرية الإبداع جاء من قبل المناهضين في الأساس للتيار الإسلامي ضد عمل فني محسوب على هذا التيار، ما يطرح سؤالاً حول ماهية ومفهوم حرية الإبداع عند من يطالبون بها ويدعون أن الإسلاميين جاءوا للقضاء عليها ومحاربتها!!.. أثار هذه الإشكالية أيضاً، تزامن مشكلة فيلم "تقرير" مع فيلم المخرج الشاب أمير رمسيس "عن يهود مصر" بسبب اعتراض جهات أمنية على عنوان الفيلم ومحتواه،، حيث قوبل هذا المنع بوابل من حملات الهجوم والإدانة والاستنكار من قبل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ومنظمات حقوقية وبعض الفضائيات، التي أكدت في مجملها على أن هذا المنع هو عمل إخواني يؤكد نظرة الإخوان للفن ولحرية الإبداع.. هذه الأصوات التي اعترضت وبشدة على منع فيلم "رمسيس" بدت وكأن على رؤوسها الطير أمام هذا الإرهاب الفكري الذي واجهه فيلم "دويدار" ولم يخرج أحد من هؤلاء كي يتحدث عن حرية التعبير والإبداع حتى لو كان هذا الفيلم "إخوانياً"!!.. وبعيداً عن قصة الفيلم "الأزمة"، فإن"التقرير" الذي لم يعرف طريقاً إلى النور بعد، فإنه يمكن أن يكون باكورة سياسة "إخوانية" تؤكد من خلالها الجماعة أنها ليست كما يدعي البعض أنها ضد الفن والإبداع، وإنما مع الفن الهادف الذي يرتقي بالمجتمع، فهل ينجح الإخوان في الاستفادة من هذه الأزمة لنشر أهدافهم من الفن والتعريف بها، بالإضافة إلى دحض هذه الفكرة حول موقفهم من الفن ؟..