تسعى الولاياتالمتحدة دائماً إلى الحفاظ دائماً على علاقاتها مع مصر بوصفها أكبر دولة محورية فى المنطقة وجارة لأكبر حليف لها فى الشرق الأوسط (إسرائيل) وبوصفها رمانة ميزان الشرق الأوسط، بين كافة الأطراف السياسية فى المنطقة، لاسيما فى الصراع العربي - الصهيوني والسني - الشيعي. ولعل زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى الشرق الأوسط واختياره مصر كأول محطة له فى المنطقة تعطى دليلاً ملموساً على هذا الكلام، إلا أن السؤال الطبيعي والمنطقي هو من الذي يحكم السياسة الأمريكية تجاه مصر ويؤثر عليها?، لعل إجابة هذا السؤال تتضح بأن هناك ملفات كبرى بعضها يتعلق بسياسات داخلية والأخرى خارجية وهى سياسات لابد أن توفى بها مصر سواء قامت ثورة أو لم تقم، وهي كالأتي: السياسة الخارجية أولاً، معرفة اتجاه القيادة المصرية فى التعامل مع الحليف الأمريكي الأكبر بالمنطقة "إسرائيل" بما يضمن الحفاظ على أمنها والسعي إلى التوصل إلى تسوية فى الصراع العربي الصهيوني، فإذا استطاعت القاهرة الحفاظ على الوتيرة الهادئة لعلاقاتها مع تل أبيب مثلما كانت خلال عهد الرئيس المخلوع، فإن ذلك سيسهم بشكل كبير فى تحسين العلاقات المصرية - الأمريكية مع الأخذ فى الاعتبار أن مصر تحصل على ثانى أكبر حجم معونة أمريكية بعد "إسرائيل". ثانيًا، ترغب واشنطن في احتواء الثورة المصرية لصالحها وضمان انصياع باقى بلدان الربيع العربى لها بوصفها فى طليعة الدول التى وقفت بجانب احتجاجات شعوبها. ثالثاً، أدركت الولاياتالمتحدة خطأها فى السماح ببزوغ نجم الشيعة عندما قضت على أكبر غريم لهم وهو صدام حسين وبالتالى فهى تسعى إلى كسب مصر ما بعد الثورة حتى لا تتجه إلى إيران وتتحالف معها ضد المصالح الأمريكية - الصهيونية فى المنطقة، وفى المقابل تسعى إيران إلى تحقيق مطامعها المذهبية فى الدول العربية وفرض سيطرتها على خليج فارس مع المضى قدما فى برنامجها النووى المثير للجدل وكل ذلك تحت غطاء مصرى. سياسات داخلية تتجلى رغبة الولاياتالمتحدة فى استمرار التنسيق العسكري بين مصر والولاياتالمتحدة وهو ما يتضح من خلال حرصها على استمرار المعونة العسكرية للجيش المصري ومعرفة كل ما يتطلبه الجيش المصري من عتاد عسكري فضلاً عن مواصلة تنظيم كل عام المناورات المشتركة للاستفادة من الخبرات المتبادلة، لاسيما معرفة قدرات المقاتل المصري الذى يتدرب على القتال فى مناطق الصحاري الشاسعة وهو ما تفتقده القوات الأمريكية. كما تريد واشنطن من الجانب المصري المضي قدمًا في الإصلاحات السياسية, وتوسيع دائرة الحريات العامة وعدم فرض قيود على وسائل الإعلام والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني فضلاً عن تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي التى تقضى بالتوسع في سياسة الخصخصة وترسيخ الرأسمالية وتعويم الجنيه وعدم تدخل الدولة فى تحديد السياسات النقدية. وخلاصة القول إن هذه الملفات الداخلية والخارجية تحدد بشكل كلى مستقبل العلاقات المصرية - الأمريكية وتؤثر بشكل كبير على أجهزة صنع القرار الأمريكية إزاء التعامل مع مصر.