تُشكل البطالة مشكلة خطيرة على المجتمع حيث يعتبر تزايد حجم البطالة عاماً بعد عام إهداراً واضحاً للقدرات البشرية وخطورة بالغة ليس على الاقتصاد الوطني فقط، إنما يمثل خطورة على الأمن القومي وتشير نتائج الدراسات والأبحاث الميدانية إلى أن البطالة تتصل اتصالاً مباشراً مع الجريمة ويقصد بهذا الاتصال الآثار الناجمة عن البطالة والمؤثرة بشكل مباشر في ارتكاب الجريمة. وهناك عدة نواحي نفسية واجتماعية وأيضاً سياسية بسبب البطالة تزيد من ارتفاع معدلات البلطجة. نفسياً أ) يشعر المرء بالاكتئاب نتيجة عدم الحصول على فرصة عمل تلبي طموحاته وخاصة وبعد إتمامه مرحلة معينة من التعليم وأخذ الدورات التدريبية اللازمة لتأهيله لسوق العمل وتتفاقم حالة الاكتئاب باستمرار مما يؤدي إلى الانعزالية والانسحاب على الذات والبحث عن وسائل هروب من الواقع من خلال عدة وسائل أخطرها ارتكاب العنف وتعاطي المخدرات أو بالانتحار. ب) حدوث بعض الاضطرابات النفسية وعدم التوافق النفسي واضطرابات في الشخصية نتيجة البطالة تبرز معها مشاكل أسرية لعدم وفاء رب الأسرة بالمتطلبات الضرورية وهذه المشاكل تؤدي إلى آثار نفسية بالغة. ج) تدنى في اعتبار الذات والشعور بالعجز والضجر (لاسيما عند الذكور) وعدم الرضا وفقدان تحقيقه للذات، مما يؤكد لدى العاطلين عن العمل شعوراً بعدم الارتباط والانتماء للمجتمع وبالتالي حباً في الانتقام منه ومن السلطة الحاكمة وهو ما نستطيع أن نشعر به حالياً من خلال المظاهرات والاحتجاجات وأعمال الشغب. ومما لا شك فيه أن الطبيعة النفسية لكل فرد في المجتمع تؤثر على الناحية الاجتماعية. اجتماعياً من بين الآثار الاجتماعية الناجمة عن البطالة ما يؤثر مباشرة في ارتكاب الجريمة ما يلي:- 1 - الضعف في الروابط الأسرية يؤدي إلى تفكك الأسرة ، الذي بدوره يؤدى إلى حدوث مشاكل أسرية تلقى بظلالها على صغار السن الذين يلجئون إلى التشرد والهروب من الواقع الاجتماعي المحيط بهم ويتعرضون لأنماط غريبة من السلوك فيدفعهم ذلك إلى الشعور بالكراهية أو الاحتقار أو السخرية من النظم في المجتمع ويتعمدوا الانحراف عنها. 2 - بروز الفوارق بين الطبقات الاجتماعية يؤدي إلى شعور أفراد الطبقات الدنيا بالعزلة والعجز عن توفير متطلبات الحياة فينتقم من المجتمع كرد فعل لرفضه وعزله عن طريق ارتكاب أفعال العنف والتدمير والتخريب أو ينشغل بالملذات لملئ فراغ نفسه فيشبع شهواته بشكل حاد وشاذ وذلك باللجوء إلى تعاطي المسكرات والمخدرات والاغتصاب. 3 - الاغتراب: ويقصد به شعور الفرد وافتقاره إلى العلاقات الاجتماعية الحميمة والبعد عن الآخرين مما يؤدي إلى تمزق مشاعر الانتماء إلى الجماعة والشعور بالوحدة والغربة وانعدام علاقات المحبة والصداقة مع الآخرين مما يدفع الكثيرون إلى مغادرة البلاد بأي صورة ممكنة حتى وإن تكلف الأمر حياتهم وهو ما يُسمى ب "الهجرة غير الشرعية". تعليمياً وثقافياً من بينها تدني المستوى التعليمي والثقافي للعاطل عن العمل يؤدي إلى ضعف الوعي الثقافي والتطرف والغلو أو ضعف الوازع الديني وبالتالي ارتكاب جرائم خطرة بظن القيام بواجب مقدس. اقتصادياً ومن بينها الفقر وطول ساعات الفراغ؛ نظراً لعدم توفر العمل فتتضافر الضغوط النفسية لتخرج العاطل عن العمل عن السلوك السوي بارتكاب جرائم يحصل من خلالها على المال لمواجهة الظروف الاقتصادية المحيطة كالسرقة وقد يصل أحياناً إلى حدوث جرائم التقطع والمتاجرة بالأعراض يبيع عرضه أو عرض أهل بيته حتى يتمكن من توفير حاجاته وحاجات أسرته.