انتقدت قوى التيار الإسلامى دعوات جبهة الإنقاذ إلى مقاطعة الإنتخابات البرلمانية وعدم المشاركة فيها واعتبرت تلك المقاطعة المحتملة هروبًا من استحقاق انتخابي كفيل بكشف الثقل الحقيقي للأحزاب والتيارات السياسية المدنية داخل المشهد المصري. وكان أعنف انتقاد أتى من قبل الشيخ جمال صابر رئيس حزب الأنصار، ومنسق حملة حازمون، بقوله: إن الانسحاب أتى نتيجة الفشل الذريع الذى أصاب العلمانية والليبرالية فى التعايش مع الشعب المصري، وعدم اكتساب أى أرضية شعبية، بل بالعكس ظهر للشعب أنهم يسعون وراء مصالحهم الشخصية وعدم الشعور بآمالهم وآلامهم، هذا ما جعلهم يرفضون الانتخابات فى الموعد الذى أعلنه الرئيس بحجة أن الأوضاع لا تسمح بإجراء انتخابات وأنهم غير جاهزين. وأشار صابر فى بيان له اليوم ظهر اليوم الأحد إلى أنهم لم ولن يستطيعوا أن يحصلوا على مقاعد بمجلس النواب المقبل أكثر من المقاعد التى حصلوا عليها فى الانتخابات السابقة، بل العكس يمكن أن يتراجع هذا الحضور البرلماني، مؤكدا أن الفوضى التى يدعون إليها لم تكن فى صالحهم والشعب ليس مغفلاً ولن يعطيهم أصواته. وأوضح صابر أن الإنسان الوطني الحق هو من يسعى بقوة وصدق لاستقرار بلده، حتى ولو على حساب مصالحه الشخصية، ولن يتأتى ذلك إلا بعد استكمال المؤسسات الدستورية بحق والتى من بينها مجلس النواب. وأيده فى هذا الانتقاد العنيف، أحمد مولانا عضو المكتب السياسي للجبهة السلفية، بقوله إن خيار مقاطعة الانتخابات البرلمانية، سيكون بمثابة طوق النجاة لبعض الأحزاب التى تخاف من افتضاح حجم التأييد الشعبي الهزيل الذي تحظى أو صارت تحظى به الآن داخل الشارع المصري. وشاركهما نفس الرأي والحدة في انتقاد موقف الجبهة، الشيخ شعبان عبد العليم عضو الهيئة العليا لحزب النور بتأكيده على أن اتجاه جبهة الإنقاذ الوطني لمقاطعة الانتخابات قرار خاطئ خاصة وأنه يرسخ لدى الشارع والمواطن المصري أن تلك الجبهة وشخوصها ليس لهم رصيد مؤثر بالشارع وأنها جبهة نخبة فقط لا تتواجد مع المواطنين ببرامج تحاول معالجة قضاياهم الجوهرية. ووصف عبد العليم في اتصال هاتفي موقف الجبهة بالعمل السلبي، مؤكدًا أنه دليل قوى على عجزها عن المنافسة وأنها تسعى إلى تعطل ما أسماه مركب العمل السياسي واستقرار مصر، وأشار إلى أن جبهة الإنقاذ الوطني من حقها أن تطالب بضمانات لنزاهة الانتخابات وإجرائها في أجواء ديمقراطية سليمة، ولكن ليس من حقها مقاطعة العملية الانتخابية بأكملها. ومن جانبه وصف عضو شورى الجماعة الإسلامية عبود الزمر، الداعين لمقاطعة الانتخابات البرلمانية بكونهم ليست لهم شعبية، وليس لهم تواصل مؤثر مع الشارع، وهم لا يردون فقط تأجيل الانتخابات إنما يسعون لتعطيلها بشكل تام. فيما اعتبر الدكتور نصر عبد السلام رئيس حزب البناء والتنمية، أن مقاطعة الانتخابات بمثابة خطأ سياسي فادح لمن يقع فيه، واصفا تصريحات القوى السياسية بأن البرلمان المقبل مهدد بالحل من قبل المحكمة الدستورية بكونها تصريحات "غير الصحيحة وغير مسئولة في ذات الوقت". فيما كان رد فعل الإخوان المسلمين أقل حدة، ولكنها لا مس نفس المعاني السابقة، حيث قال الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، عبر حسابه الشخصي على فيسبوك: منذ اندلاع الثورة يفرض أشخاص، لهم كل التقدير، أنفسهم على الساحة السياسية، إما أعضاء في مجلس رئاسي، أو رؤساء لحكومة إنقاذ، ولم نعرف عنهم أنهم خاضوا طوال حياتهم أي انتخابات أو تعرضوا إلى اختبار جاد. كما أكد أن الهروب من الاختبار الشعبي لا يعنى سوى أن البعض يريد تولى سلطة تنفيذية دون تفويض ديمقراطي. فيما اعتبر الدكتور أحمد عارف أحد المتحدثين باسم جماعة الإخوان أن الانتخابات السبيل الوحيد لتبيان كل قوى سياسية داخل المشهد المصري لثقلها الحقيقي ومدى تواجدها بالشارع ووسط الجماهير، رافضًا مبدأ اتجاه جبهة الإنقاذ لمقاطعة الانتخابات، ودعاها بأن تدرس الموقف مرة أخرى. فيما كان زميله ياسر محرز المتحدث الآخر باسم الجماعة أكثر حدة بقوله: إن الانسحاب من كل استحقاق انتخابي يوضح الأوزان الحقيقية للزعامات والاتجاهات السياسية، ويؤكد أن للتصريحات رجالاً وللعمل لصالح الشعب رجالاً، وقال على فيسبوك أيضاً: تأكد البعض من استحالة حصوله على أصوات المصريين بعد أن كشفت الأحداث الماضية حقائق الأمور التي تجعله يفعل أي شيء لكي لا تتم الانتخابات والله غالب. وكان القيادي بحزب الحرية والعدالة، محمد البلتاجي أكثر مرحاً في توصيفه اتجاه جبهة الإنقاذ لمقاطعة الانتخابات، ومطالبها السياسية من الرئاسة بتأجيل الانتخابات بالكوميديا الساخرة، لافتًا الانتباه إلى أن نفس القوى التى كانت تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة وتأجيل الاستفتاء وتطالب بتغيير الحكومة، تسعى الآن لعرقلة انتخابات مجلس النواب، مؤكداً أنه عندما تحقق هذه المطالب بمسار ديمقراطي ودستوري نراهم يرفضون. ووصف المعارضة بكونها فشلت في خلق حالة شعبية حقيقية على الأرض للوقوف خلف مطالب أو قضية عادلة، وأنها تلجأ لتوظيف احتياجات بعض فئات المجتمع من الأطفال المشردين، والبلطجية والمحتاجين، من باب الارتزاق ودفع أموال لهم لإحداث العنف للضغط على النظام لتحقيق مطالبها، عوضاً عن المسار الطبيعي لتلك المطالب متمثل في العملية الانتخابية. وتمثل تلك التصريحات نوعا من التمني السياسي للتيار الإسلامي لمشاركة قوى التيار المدني في الانتخابات ليس لإثراء التجربة الديمقراطية وخلق تعددية سياسية فحسب، وإنما أيضًا تبيان الثقل الحقيقي للقوى السياسية بعد عمليات الفرز داخل الشارع المصري.