تمر اليوم الذكرى الثانية ل "جمعة الغضب"، التي كانت النقطة الفاصلة في تاريخ الثورة المصرية، حيث كان يوم الجمعة 28 يناير 2011 خطاً فاصلاً بين ما يمكن أن نطلق عليه "تظاهرات غاضبة" ضد بعض الإجراءات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وبين "الانتفاضة الشعبية" التي تعالت فيها الأصوات المطالبة بضرورة إسقاط النظام بأكمله حتى وصلت إلى ثورة عارمة في كافة ربوع مصر، حيث تغيرت هتافات المشاركين والشعارات المرفوعة في ميدان التحرير وباقي ميادين مصر من (عيش - حرية - عدالة اجتماعية) إلى ضرورة إسقاط النظام، وهو ما استمر حتى يوم 11 فبراير، وحققت الثورة أهم أهدافها بسقوط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. وتأتي الذكرى الثانية لجمعة الغضب، وسط حالة من "الغضب" تملأ شوارع مصر كافة بعد أحداث الفوضى التي تعوق الثورة عن استكمال مسيرتها التنموية في مسار سلمي، ولعل ما قرره الرئيس محمد مرسي يوم الأحد من إعلان حالة الطوارئ وحظر التجوال في مدن منطقة القناة الثلاث (بورسعيد – السويس – الإسماعيلية)، لخير دليل على مدى التدهور الأمني الذي تشهده مصر. مسيرات سلمية ودعت القوى الثورية والسياسية لأداء صلاة الغائب على كوبري قصر النيل في الواحدة من ظهر يوم الاثنين على أرواح الشهداء منذ 25 يناير 2011 وحتى شهدائنا في اليومين الماضيين بالسويس وبورسعيد والإسماعيلية. كما دعت القوى للاحتشاد في مسيرة سلمية في الرابعة عصرًا من أمام مسجد السيدة زينب إلى مجلس الشورى، مطالبة قوات الأمن استيعاب الدرس وعدم الاعتداء أو الصدام مع المتظاهرين الذين يحق لهم التظاهر في أي مكان بما فيها أن يكون أمام مجلس الشورى في ظل التزامهم بسلمية المسيرة. وإضافة لمشاركته بمسيرة السيدة زينب، أعلن تحالف القوى الثورية عن تنظيم مسيرة للشهداء تخرج بعد العصر من مسجد عمر مكرم، تحمل نعوشاً رمزية وصوراً للشهداء، وأعلنت حركة ثورة الغضب المصرية الثانية وبعض الصفحات الثورية عن تنظيمها لمسيرات تتوجه لقصر الاتحادية عقب صلاة العصر، إضافة للاحتشاد بميدان التحرير. كما دعا نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الصفحات الثورية إلى مقاطعة شركات الاتصالات والهواتف المحمولة تخليداً بذكرى قطع الاتصالات عن المتظاهرين خلال جمعة الغضب 28 يناير 2011. من الذاكرة ومن ذاكرة جمعة الغضب 28 يناير 2011، قيام السلطات بقطع خدمات الإنترنت وشبكات الهاتف المحمول بنشر مكثف لقوات العمليات الخاصة والأمن المركزي، سبقتها حملة اعتقالات واسعة. كما شهدت جمعة الغضب مواجهات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين في السويس أسفرت عن مئات الجرحى وعشرات الشهداء، أيضاً تم إحراق جميع مراكز الشرطة بالإسكندرية وانسحاب الأمن من المدينة بعد الفشل في قمع المتظاهرين، وفي السويس سَيطَرَ المتظاهرون على أسلحة قسم شرطة الأربعين، واستخدموا القنابل المُسيلة للدموع ضد رجال الأمن. وتم حرق مقر الحزب الوطني المنحل بالقاهرة، كما دمرت مقرات الحزب في عدة مدن، وتم إتلاف جميع صور مبارك في مسقط رأسه بشبين الكوم. في حدود الخامسة من مساء يوم 28 يناير بدأت قوات الجيش بالظهور في ميادين القاهرة، ثم أعلن الحاكم العسكري عن حظر التجول في القاهرة والإسكندرية والسويس، لكن جموع المتظاهرين تحدت الحظر وبدأ اعتصام مفتوح في ميدان التحرير. كما شهد 28 يناير جمعة الغضب حالات من النهب والسلب وتهديد الآمنين في منازلهم من البلطجية والمساجين الذين حررتهم وزارة الداخلية من أقسام الشرطة والسجون العامة لترويع المواطنين وحث المتظاهرين على التراجع. وشكل الشباب في التحرير درعاً بشرياً يقف بالمرصاد لمحاولة سرقة المتحف المصري، وشهدت البورصة انهياراً مع خسائر بلغت 72 ملياراً، كما حدث في جمعة الغضب حوادث دهس للمحتجين من سيارة تحمل لوحات معدنية لهيئة دبلوماسية وأخرى تابعة لوزارة الداخلية خلفت ما يزيد عن 20 شهيد وعشرات الجرحى في شارع قصر العيني بجوار السفارتين الأمريكية والبريطانية، وفي ميدان التحرير. الأمان الحقيقي وكان يوم 28 يناير 2011 يوماً مشهوداً في تاريخ مصر، حين عبر المصريون وللمرة الأولى عن إرادتهم، حيث اكتشفوا أنهم يستطيعوا التعبير عن تلك الإرادة، ويوم غاب العادلي ورجاله، شعر المصريون للمرة الأولى بمعنى كلمة الأمن والأمان، أدركوا أن أجهزة "الأمن" كانت المصدر الرئيسي للرعب والخوف، وساد الأمن والأمان رغم تحرير الداخلية للمساجين ومسجلي الخطر لينتقموا من الشعب الثائر.