برامج دراسية متميزة للتأهيل على وظائف المستقبل بجامعة مصر للمعلوماتية    «الكهرباء» تسجل أقصى ارتفاع في الأحمال عبر تاريخها أمس السبت    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    سويلم: إزالة 87 ألف تعد على النيل منذ 2015 ومواصلة مكافحة ورد النيل    ارتفاع البلدي.. أسعار البيض اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    محافظ أسيوط يتابع إنشاء أول مصنع متكامل لمنتجات الرمان بالبداري    ماذا يعني «التوقف التكتيكي» الذي أعلن عنه الاحتلال في قطاع غزة؟    استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء قصف خيام واستهداف منتظري المساعدات بغزة    مقتل 6 أشخاص جراء تدافع في معبد هندوسي شمالي الهند    بورسعيد تودع "السمعة".. أشهر مشجع للنادى المصرى فى كأس مصر 1998    "قصص متفوتكش".. رحيل لاعب الأهلي.. صفقة بيراميدز الجديدة.. ورسالة وسام أبو علي    3 أوجه تشابه بين صفقتي بوبيندزا وأوكو مع الزمالك    خطوة بخطوة.. إزاى تتظلم على نتيجة الثانوية العامة 2025.. فيديو    «تالجو وتحيا مصر».. جدول مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الأحد 27 يوليو 2025    المجلس الأعلى للثقافة يصوّت على جوائز الدولة لعام 2025.. الثلاثاء    ريم أحمد: شخصية «هدى» ما زالت تلاحقني.. وصورة الطفلة تعطل انطلاقتي الفنية| خاص    كان موظف ولم يخطط للعمل كممثل.. معلومات عن رشدى أباظة فى ذكرى وفاته    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى بولاق الدكرور دون إصابات    الخارجية: إعلان فرنسا الاعتراف بفلسطين خطوة تاريخية ومصر تواصل الحشد الدولى    وزير التموين يفتتح فرعا جديدا لسوق اليوم الواحد بالجمالية    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة بداية الأسبوع    بعد عتاب تامر حسني لعمرو دياب.. تعرف على الأغنية رقم 1 في تريند «يوتيوب»    "الصحة": حملة 100 يوم صحة قدّمت 15.6 مليون خدمة طبية مجانية خلال 11 يوما    بعد تلقيه عرضا رسميا .. ريبيرو يمنح الأهلي الضوء الأخضر لرحيل كوكا إلى تركيا    «الإفتاء» توضح الدعاء الذي يُقال عند الحر الشديد    لأول مرة .. اختبارات علمية لتحديد ميول وقدرات الطلاب قبل اختيار المسار الدراسى    الأرصاد الجوية : اليوم ذروة الموجة شديدة الحرارة والعظمى بالقاهرة 41 درجة وأسوان 46    إيتمار بن غفير: لم تتم دعوتي للنقاش بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    تعقد فعالياته بمقر الأمم المتحدة .. وزير الخارجية والهجرة يتوجه إلى نيويورك للمشاركة فى مؤتمر دولى حول فلسطين    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    القاهرة الإخبارية: المساعدات لغزة تحمل كميات كبيرة من المواد الغذائية والطحين    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية»| الأحد 27 يوليو    طريقة عمل البسبوسة الاحترافية في البيت بأقل التكاليف    حياة كريمة.. افتتاح جزئى لمستشفى دار السلام المركزى بسوهاج اليوم    القصة الكاملة لحادث انهيار منزل في أسيوط    الكلية الحربية والبحرية والجوية 2025.. خطوات التقديم وشروط القبول بالتفصيل    تنسيق الجامعات 2025.. الكليات المتاحة لطلاب الأدبي في المرحلة الأولى    الثالث علمي بالثانوية الأزهرية: نجحت بدعوات أمي.. وطاعة الله سر التفوق    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «تجاوزك مرفوض.. دي شخصيات محترمة».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على مصطفى يونس    لطيفة تعليقًا على وفاة زياد الرحباني: «رحل الإبداع الرباني»    «حريات الصحفيين» تعلن دعمها للزميل طارق الشناوي.. وتؤكد: تصريحاته عن نقابة الموسيقيين نقدٌ مشروع    «زي النهارده».. وفاة الفنان فريد شوقي 27 يوليو 1998    "مستقبل وطن المنيا" ينظم 6 قوافل طبية مجانية ضخمة بمطاي.. صور    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    نيجيريا يحقق ريمونتادا على المغرب ويخطف لقب كأس أمم أفريقيا للسيدات    صديق بونجا: حالة اللاعب تدهورت بشكل كبير.. ويحتاج إلى زراعة كبد في اسرع وقت    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    أعلى وأقل مجموع في مؤشرات تنسيق الأزهر 2025.. كليات الطب والهندسة والإعلام    تأكيدا لما نشرته الشروق - النيابة العامة: سم مبيد حشري في أجساد أطفال دير مواس ووالدهم    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: "التفاهم بينا كان في منتهى السهولة    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    وزير الثقافة: نقل الكاتب صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق الصحة    إصابة شاب في مشاجرة بمنطقة قسم ثانٍ بسوهاج وضبط طرفي النزاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملاحظات عاجلة حول مسودة الدستور 2-2
نشر في التغيير يوم 22 - 10 - 2012

نستكمل الحلقة الثانية في مناقشة مسودة الدستور الصادرة على موقع الجمعية التأسيسية بتاريخ 14 أكتوبر. من المهم أن نشير إلى بديهية ديمقراطية: أن ماأطرحه هنا هو وجهة نظري – كمواطن وله بعض التخصص في دائرة السياسة والاستراتيجية – فيما أراه موادا كارثية في هذه المسودة –لدستور مصر بعد الثورة - التي يتم طرحها الآن للنقاش المجتمعي والسياسي، وأنه لو أقرّ القضاء الإداري شرعية الجمعية التأسيسية، ثم تحولت هذه المسودة الأولية لمسودة نهائية وتم عرضها للاستفتاء دون تغيير بنيوي في مواد صلاحيات الرئيس ووضعية المؤسسة العسكرية، فإني سأقول (لا) كبيرة ، وهذا حقي السياسي والدستوري، ولكن ما إن يوافق عليها الشعب تصبح (دستور جمهورية مصر العربية).
وهذه الحلقة نخصصها لمناقشة وضعية المؤسسة العسكرية بمسودة الدستور ،وأود أن أطرح أربع ملاحظات هامة قبل تناول هذا الموضوع الشائك وموادة المفصلة.
أولا - العلاقات المدنية العسكرية وغياب التأسيس المعرفي
من أهم وظائف الدستور أنه يضبط العلاقات بين مكونات الدولة وسلطاتها ومؤسساتها، وكما ذكرنا سابقا أن الخيارات الدستورية تنتج من تلاقح تصورنا (المثالي) لما ينبغي تكون عليه هذه العلاقات أولا مع تصوراتنا حول المرحلة السياسية والخبرة التاريخية القريبة والبعيدة السياسية والدستورية وحول الهواجس والمآلات وحول التسويات الناشئة بين جماعات الضغط والمصالح داخل المجتمع.
المشكلة في باب العلاقات المدنية العسكرية – وهو باب معرفي ضخم له مقاربات سياسية واستراتيجية واجتماعية – أنه لاتوجد في بلدنا قاعدة معرفية وأكاديمية تتيح للنقاش السياسي والمجتمعي في مسائل الدستور وأي مسائل أخرى أن ينطلق من تصورات معيارية واضحة (أي ماهو الوضع المثالي).
في هذا الوضع تسود أحيانا بعض الأغلوطات والخرافات عن وضعية القوات المسلحة داخل الدولة.. البعض قد يقول أن المؤسسة العسكرية قد تحمي النظام الدستوري، أو أنها مسئولة عن الأمن القومي (الأمن القومي ده بتاع العسكر)، أو أن لها استقلالية وحكم ذاتي خاص بها، أو أن ميزانيتها لايمكن الرقابة عليها لأنها سرية وهذا هو الأصل في كل دول العالم حتى أمريكا وإسرائيل، أو أن السلطة التنفيذية لها الحق في تعيين القيادات العسكرية، أو أن مجلس الأمن القومي – حتى لو بتواجد عسكري كثيف وخصائص تنفيذية ووصائية – موجود في دول العالم الديمقراطي وغيرها..
وللأسف – كان النظام السابق مُصرا لعقود على منع بناء وتوفر هذه البنى الأكاديمية والمعرفية، بل حرم المدنيين من الاقتراب من الشئون الاستراتيجية (والاستراتيجية تختلف عن المستوى العملياتي والتكتيكي العسكري أو حتى استراتيجية العمليات، ولكنها تختص بكيفية الاستخدام السياسي للقوات المسلحة وسائر مصادر القوة). ومعروف دوافع النظام السابق، ولكن وجود وفرة مدنية تتخصص في هذه المساحات هو ضرورة أكدتها التجربة الأوروبية مابعد الحرب العالمية الثانية – وحتى التجربة التركية الحديثة – لتأكيد الهمينة المدنية على القوات المسلحة.
ثانيا - النموذج الديمقراطي والخصوصية في مرحلة التحول الديمقراطي
في التوصيف الديمقراطي للعلاقات المدنية العسكرية فإن هذه العلاقات يمكن فهمها بالنظر إلى أربع دوائر وظيفية بالدولة:
1- مساحة التنافس السياسي على توزيع مصادر السلطة.. وهذه دائرة يحرم على القوات المسلحة التدخل فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، ومنطق النظام الديمقراطي هو الفصل بين من يحمل السلاح وبين مستوى السلطة.
2- والدائرة الثانية هي دائرة الحالة المدنية عموما ودولاب الدولة غير السياسي، وهذه الدائرة الأصل فيها عدم تدخل القوات المسلحة بها لعدم إفساد مهنية الجيش وعدم تسييسه .. إلا في حالة طارئة ومؤقتة (ليست كوتة ثابتة مثلا في التعيينات المدنية، أو وضع اقتصادي مستقل ودائم) وتحت إشراف مدني كامل وبشكل متوازن بين (السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية) حتى لاتستخدم الجيش إحدى السلطات أو الفصائل لتحقيق أهداف سياسية بحجة اضطراب الأوضاع.
3- وتأتي ثالثا دائرة الأمن القومي.. وهي دائرة تتناول التهديدات الوجودية لوظائف الدولة ووسائل التصدي لها، ولأن هذه التهديدات وكذا الوسائل أوسع كثيرا من الشأن العسكري فإن المؤسسة العسكرية تشترك مع بقية مؤسسات الدولة في تعريف التهديدات ووضع الاستراتيجيات تحت سيطرة كاملة للمدنيين (السلطات الثلاث كل باختصاصه).
4- وأخيرا تأتي الدائرة الرابعة المعنيّة بالشئون العسكرية وإدارة الدفاع وتشمل ملفات تعيين أدوار القوات المسلحة والسياسة والاستراتيجية العسكرية ومنظومات التسليح والمواد وشئون الأفراد.. وهذه الدائرة هي موطن الاختصاص للقوات المسلحة كمؤسسة مهنية وليست سلطة، ولذلك فهي تابعة للمستوى السياسي بأنواعه الثلاث (تنفيذي وتشريعي وقضائي) ومهم أن ينشأ التمايز بين ماهو مهني وماهو سياسي في هذه المساحة وألا يتوغل طرف على طرف منعا لتسييس المؤسسة العسكرية أو تغولها السياسي.
وفي مرحلة التحول الديمقراطي تنشأ مشكلة مزدوجة – أولها في خطر المؤسسة العسكرية وممانعتها للتحول الديمقراطي (لأنها في الأغلب تتورط في ملفات فساد وانتهاكات في ظل النظام السابق وتخشى من المحاسبة، كما أنه قد تنشأ لها مصالح مؤسسية واقتصادية مستقرة خارج إطار السلطة المدنية المنتخبة، وكذلك يكون عندها تصور أبوي للدولة وأمنها القومي وترى القوى السياسية الجديدة مهددة لهذا التصور)، وثانيها في إمكانية تسييس المؤسسة العسكرية بذاتها والإضرار بها مهنيا لأن مرحلة التحول الديمقراطي تقضي بإعادة هيكلة المؤسسة وبناء أعراف جديدة ولو تم هذا في ظل سيطرة فصيل فإعادة الهيكلة والتأسيس قد تتم بشكل غير متوازن – فضلا أن الإسراع في جعل الهيمنة المدنية فاعلة على مساحات الشئون الاستراتيجية والعسكرية قد يضر بها لنقص الخبرة والبنى المعرفية والفنية.
ولهذا يقسم مختصوا العلاقات المدنية العسكرية وضعية العلاقات المدنية العسكرية في التحول الديمقراطي لمرحلتين: الأول هي الانتقال – وفيه يكون منع المؤسسة العسكرية من التدخل في الدائرة السياسية الأولى ويكون تقرير الهيمنة دون غبش بالدستور لأنه وثيقة حاكمة وممتدة،
والثانية مرحلة تثبيت الديمقراطية وفيها تتم إعادة تعريف الأدوار والاستراتيجيات وتطوير العقيدة القتالية والبنى التنظيمية وضبط معايير الترقي وتغيير المناخ الداخلي.. وهكذا.
على أنه ينبغي علينا الإشارة أن هناك فارقا نوعيا بين التحول الديمقراطي كما حدث في أسبانيا وأمريكا اللاتينية ودول شرق أوروبا وبين حال الثورة (التي يحدث فيها خلخلة سريعة لبنى النظام) يلزمنا بالإسراع في تركيب الهيمنة المدنية في الثانية.. لأن حال الثورة تمثل زخما شعبيا وسياسيا دافعا يمكن الاستفادة به، ولأن مراكز النظام الساقط يكون قد استفزازها وتخوض معركة وجود ولابد من تصفيتها والإسراع في إعادة ضبط العلاقة مع مالايمكن تفكيكه (كالمؤسسة العسكرية).
ثالثا - مسار احتواء الثورة،و إعادة تدوير العلاقات المدنية العسكرية
المميّز لثورة 25 يناير أنها جمعت بين نموذجي الثورة والتحول الديمقراطي، وخيّمت عليها ظلال الانقلاب العسكري. الجيش حين أخذ قراره بعدم الاستجابة لأوامر النظام بالتدخل لفض التظاهرات الشعبية كان مدفوعا بعدة عوامل: الأول عامل المصلحة المؤسسية المباشرة حين أدرك أنه أمام حالة ثورية متفاقمة وليس مجرد تظاهرات عفوية، وكذلك بنيته الوطنية كان من شبه المستحيل دفعها للاصطدام المباشر مع الحالة الشعبية (مالم تكن هذه الحالة تبدو فئوية ومشيطنة) وإلا تفككت..فالجيش المصري ليس جيش مرتزق كالليبي أو طائفي كالسوري وأهو أكثر تعبيرا عن البناء المجتمعي من الجيش اليمني الذي حدثت به انشقاقات بالفعل، كذلك فالجيش ليس مؤهلا بحكم عقيدته القتالية ومنظومات تسليحه وقواعد اشتباكه وتدريبه على الفض غير المميت للتظاهرات الشعبية (فقط سلاح الشرطة العسكرية قد يكون مناسبا).
وعلى هذا فتدخله (كأن يضرب دانة مدفع في ميدان التحرير كما قال أحد الجنرالات من قبل) يدفع الحالة الشعبية لمزيد استفزاز واحتقان، وهناك عامل المصلحة الوطنية – كما يراها الجيش – سواء في رفضه لمشروع التوريث أو في عدم ثقته في القوى السياسية المعارضة. وأخيرا لاننسى العنصر الخارجي (الأمريكي) وله تأثير ناتج من معونة عسكرية تقدر ب 1.3 مليار دولار سنويا وتشابك مع مستويات القيادة والتدريب، والأمريكي قد حسم خياره منذ 29 يناير 2011.
كل هذه العوامل دفعت الجيش للتدخل الإيجابي بعدم الاستجابة لمبارك والضغط عليه، وكذلك – الرغبة في إدارة المرحلة الانتقالية بشكل يمكن به احتواء الثورة أن تحدث تغييرات فيما يراه الجيش يضر بمصالحه المؤسسية أو المصلحة الوطنية بما فيها العلاقة مع الأمريكي والتوجه الاستراتيجي لمصر في حركتها بالإقليم – وخصوصا العلاقة مع إسرائيل. وهذا كان منطق الأمريكي كذلك – في مساعدة حالة الثورة المصرية للتطور لشكل (ديمقراطي) وفي نفس الوقت الإبقاء على المحددات الاستراتيجية لنظام مبارك في العلاقة مع الأمريكي، والموقف من إسرائيل، والسياسات الاقتصادية العليا.
وهذه المعادلة لاتتم إلا بالتفاهم مع أبرز القوى السياسية التي لها قواعد شعبية، وفي نفس الوقت دفع المؤسسة العسكرية لتكون (وصية) على الخيارات الاستراتيجية العليا تلك عبر شكل دستوري مناسب (نموذج مجلس الأمن القومي التركي) – غير أن المجلس التركي كان وصيا على العقيدة الكمالية، أم المصري فيكون وصيا على الخيارات الاستراتيجية الأساسية.
لم يكن مطروحا عند المؤسسة العسكرية – ولاحتى الأمريكي – أن ينشأ حكم عسكري صريح – هذا وضع لايقره العالم الآن ولايقبل به الإقليم ولايمكن احتواء حالة ثورية قامت لأجل الديمقراطية بهذا النموذج، ولهذا فكان لابد للمجلس العسكري أن يسلم السلطة (رسميا).. أما نموذج الديمقراطية المنقوصة (المنتوج الشعبي يحكم فقط بعض مساحات الدولة وليس كلها) فهو نموذج لطيف وتكرر في اكثر من 30% من حالات التحول الديمقراطي من 74 حتى 99 كما أشارت باربرا جديس في دراسة لها.
لاداعي لتناول تفصيليا ماحدث في عام ونصف سابق ومامر من فورات ثورية وانتهاكات،في ظل تفاهمات وصيغ تسوية بين العسكر والقوى السياسية وأبرزها الإخوان وغيرهم (التعديلات الدستورية، الفترة ماقبل وثيقة السلمي، وثيقة السلمي المعدلة، وثيقة عنان، البحث عن مرشح توافقي، قبول مجلس أمن قومي وصائي به كثافة عسكرية)، ثم تصاعد الصراع بين العسكر والإخوان (الخلاف حول حكومة الجنزوري، ورغبة المؤسسة العسكرية في توسيع صلاحيات الرئيس بالدستور الناشيء)، ثم الإعلان الدستوري المكمل وقانون مجلس الدفاع الوطني قبل إعلان فوز د مرسي المرشح الإخواني.
العلاقة بين العسكر والإخوان وصلت لمرحلة أن القيادة العسكرية كانت عازمة على إقصاء الرئيس الإخواني عبر طرق أهمها سيطرتها على الدستور وإضافة نص إعادة الانتخاب به. صحيح أن مايريده العسكر من الدستور من وضع وصائي على المستوى الاستراتيجية وعدم خضوع للرقابة كان ممكن أن يقبله الإخوان، ولكن الإقصاء هذا خارج السياق.
ولهذا – رأى الصف الثاني بالقيادة العسكرية أن مصالح الجيش الأساسية لاتقتضي الدخول مع الإخوان والرئيس في معركة تخسر فيها المؤسسة كثيرا من هيبتها وشرعيتها الشعبية، وأنه بالإمكان خروج دستور يحفظ للمؤسسة العسكرية ماكانت تأمله من وضع – على الأقل ماتوصلت إليه وثيقة السلمي المعدّلة، بالإضافة لخروج آمن؛ بل مشرف. وعلى هذا فتنحية طنطاوي وعنان كانت خطوة إيجابية بالطبع، ولكنها لم تكن كما حاول الإخوان تصويرها تنحية للعسكر وإخضاعهم للدولة المدنية.. بل هناك ملفات عديدة شائكة أهمها وأكثرها إلحاحا وحسما - للمفارقة وللأسف – الدستور.
رابعا - التناول الدستوري للعلاقات المدنية العسكرية
-تحليل العلاقات المدنية العسكرية أوسع كما ذكرنا من المساحة الدستورية، لأن الدستور هو شق واحد في شبكة ترتيب وهو في الأغلب انعكاس لموازين القوى ومهيّء لتطور أوضاعها على أعلى تقدير، ولكن هناك عوامل أخرى كبنية المؤسسة العسكرية وتماسكها وشبكاتها المجتمعية والاقتصادية والسياسية ومدى ارتباطها بالأجهزة الأمنية والمخابراتية وبيروقراطية الدولة، وحالة القوى السياسية ومدى توافقها على مسائل إخضاع القوات المسلحة للهيمنة ودورها الإيجابي أو السلبي في الوصول لعقد اجتماعي ونظام سياسي له شرعية، والدور الخارجي بالطبع، وحالة الاستقرار الأمني الداخلي والإقليمي.. وهكذا.. ولهذا فنجد دولة كباكستان تمارس المؤسسة العسكرية دورا وصائيا على المحددات الاستراتيجية ومستوى الأمن القومي وعلى تعيين قيادتها ووزير الدفاع المدني (عسكري سابق) دون أن ينص على ذلك الدستور، ودون مجلس أمن قومي به كثافة عسكرية وله دور وصائي.. والنموذج الباكستاني مٌلهم للسياسة الخارجية الأمريكية - حيث كانت السفيرة الحالية المصون.لكننا بسبب ضغط اللحظة سنركّز على الشق الدستوري ماأمكن،
ومعاييز الإنجاز في الشق الدستوري ثلاثة أمور: تقرير تبعية القوات المسلحة للمستوى التنفيذي السياسي (كقيادة سياسية)، والتشريعي (سياسات ورقابة وموازنة ودور في تعيين القيادات)، والقضائي (وحدة النظام القضائي بالدولة ووجود محكمة عليا مدنية فوق كل المستويات).. وأن تكون هذه التبعية بشكل يوازن بين السلطات الثلاث بحيث لاتستفرد السلطة التنفيذية بالجيش فيمكنها تسييسه. تحريم وجود أي دور وصائي للمؤسسة العسكرية سواء عبر تقرير وصاية مباشرة، او عبر مجلس أمن قومي به كثافة أو أغلبية عسكرية وله أدوار تنفيذية ووصائية على أخذ القرار السياسي والتشريعي. لو هناك ملفات مرتبطة بتغيير النظام العسكري مثلا فإما أن يتم تقريرها بشكل ديمقراطي أو ترحيلها للقانون، ولكن يحرم (تحصين) الشكل غير الديمقراطي لها دستوريا.
تجربة عملية في مختبر الدساتير
أدعو الجميع أن يقوموا معي بهاتين التجربتين: التجربة الأولى مقارنة وضعية المؤسسة العسكرية في دساتير 54 و71 و(المسودة الحالية) ويقيسوا (حجم) تناول المؤسسة العسكرية و(طبيعته).. ونقارن مثلا بين تطور مادة مجلس الدفاع الوطني.
دستور 54، مادة 185
"ينشأ مجلس للدفاع الوطني ويتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويبين القانون نظامه واختصاصه،ويستشار هذا المجلس في اتخاذ التدابير الدفاعية وفي إعلان الحرب وعقد الصلح"
دستور 71، مادة 182
" ينشأ مجلس يسمى "مجلس الدفاع الوطني" ويتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويختص بالنظر في الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، ويبين القانون اختصاصاته الأخرى."
طبعا اللمّاح سيكتشف أن وظيفة مجلس الدفاع تم تضخيمها من وظيفة استشارية إلى وظيفة اختصاص بالنظر وهي توصيف يشي بقصر النظر في مسائل الأمن القومي على المجلس وإلزامية هذا النظر. أي أن المجلس تحول لأعلى جهة سلطوية تنظر في هذا الشأن.
الآن - نرى مسودة دستور مصر بعد الثورة التي قامت على النظام شبه العسكري ونادت بالحرية والديمقراطية، والتي يُشاع أنها تخلصت من حكم العسكر للمرحلة الانتقالية.
مسودة دستور 14 أكتوبر 2012، مادة 196
"ينشأ مجلس للدفاع الوطنى ، يتولى رئيس الجمهورية رئاسته ، ويضم فى عضويته رئيسى مجلسى البرلمان ورئيس الوزراء ، ووزراء الدفاع والخارجية والمالية والداخلية ورئيس المخابرات العامة ورئيس أركان القوات المسلحة وقادة القوات البحرية والجوية والدفاع الجوى ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة ومدير إدارة المخابرات العسكرية والاستطلاع. و(يختص بالنظر) فى الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها ، ومناقشة موازنة القوات المسلحة على أن تدرج رقما واحداً فى ميزانية الدولة ، ويجب أخذ رأيه فى مشروعات القوانين المتعلقة بالقوات المسلحة".
الأقل فطنة سيكتشف بسهولة حجم التحول الحادث! تحدثت المادة عن التشكيل (لتحصنها دستوريا فلايمكن تغييرها إلا بعد 10 سنوات)، وجعلت التواجد العسكري كثيف (نتناول هذا بالسف)، وحافظت على الوظيفة المتضخمة والملتبسة، وأضافت لها وظائف أخرى (نناقشها) بالأسفل.
التجربة الثانية: نقارن بين وضعية مجلس المؤسسة العسكرية بوثيقة السلمي (المُعدّلة) وقانون مجلس الدفاع الوطني (الذي أصدره طنطاوي في نفس يوم الإعلان الدستوري المكمّل ولم يلغه د مرسي حين ألغى الإعلان!) ويقارن بينهما وبين المسودة –
مسودة السلمي المعدّلة
"وأن ينشأ مجلس يسمى مجلس الدفاع والأمن القومي الوطني ويتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويختص بالنظر في الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، كما يختص بنظر ميزانية القوات المسلحة، على أن يتم إدراجها رقما واحدا في موازنة الدولة، ويحدد القانون تشكيل مجلس الدفاع والأمن القومي واختصاصاته الأخرى، ويعلن رئيس الجمهورية الحرب بعد أخذ رأي مجلس الدفاع والأمن القومي وموافقة مجلس الشعب"
قانون مجلس الدفاع الوطني الصادر بتاريخ 18 يونيو 2012:
http://www.masrawy.com/news/egypt/politics/2012/june/18/5117654.aspx
سنجد تقاربا يصل لدرجة المطابقة في بعض التعبيرات. وتقارب من تشكيل مجلس الدفاع الوطني لطنطاوي مع تخفيض العسكريين قليلا
وهنا تسائل نفسك سؤالا هاما: إذا كان مايريده العسكر لوضعية المؤسسة العسكرية بالدستور قد تم إقراره (بل تم رفع قانون مجلس الدفاع الوطني إلى مستوى الدستور ليتم تحصينه لعشر سنوات!) فلم كان النزاع إذن؟! ومامنطق الإعلان الدستوري المكمل؟ أليس لكي يضمن العسكر وضعيته بالدستور كما هو حاضر الآن؟ نعم – ولكن لشيء آخر كذلك وهو تضمين الدستور إعادة انتخابات الرئاسة، وهذا مانجح تغيير القيادة العسكرية بتجاوزه وبتوافق مع المؤسسة العسكرية ذاتها.
ملاحظات على المواد التفصيلية
مادة 198 بالمسودة - الجمع بين القيادتين العسكرية والسياسية
وظيفة وزير الدفاع وهي بالأصل وظيفة وسياسية والقائد العام للقوات المسلحة وهي المنصب العسكري الأرفع وهذا يقود لخلل كبير سياسيا واستراتيجيا.
سياسيا – فإن هناك فرصة عالية إما لتسييس الجيش إذا ضعف الوزن السياسي للمؤسسة العسكرية في مقابل الفريق المتغلب على السلطة التنفيذية، أو لتدخله في ملفات السياسة التفصيلية إن حدث العكس، كما أنه يسبب عدم استقرار الوضع القيادي العسكري للجيش؛ إذ يتغير مع كل حكومة.
واستراتيجيا ففضلا أنه يشغل وقت واهتمام القيادة العسكرية بدولاب العمل التنفيذي اليومي للدولة ومجلس الوزراء،فإنه يقود: إما أن تتغلب الرغبة السياسية على التقدير العسكري في حال سيطر الرئيس على وزير الدفاع (كما حدث في 73 وقاد للثغرة)، أو العكس إن استقوى وزير الدفاع على الرئيس ويسمي مايصفه الاستراتيجيون بعسكرة الاستراتيجية (أي تغليب الخيارات العسكرية في مساحة استراتيجية الأمن القومي) أو تكتكة الاستراتيجية (أي تغليب النفَس التكتيكي والعملياتي على الاستراتيجي ويضعف من قدرة الدولة على استخدام الأداة العسكرية بشكل سياسي).
بالطبع الجمع بين القيادتين لم يكن موجودا قبل ثورة يوليو، وكان أول من قام به عبدالناصر لضمان السيطرة على الجيش بأن جمع المنصبين لعامر وسط اعتراض من آخرين، ثم في 1962 - رفع عامر لمستوى القائد العام ونائب القائد الأعلى، وتحته يأتي وزير الدفاع (!) وهذا التشوّه في منظومة القيادة السياسية والعسكرية متسبب بشكل أساس في نكسة 67 كما أشار الجمسي وأمين هويدي، ثم عاد الوضع ثانية للجمع بعد النكسة حتى يومنا هذا.أنا أقدّر أننا نحتاج المؤسسة العسكرية بذاتها أن تدرك أهمية الفصل، وأنه قد تمر فترة يكون الحل العملي أن ينشأ وزير دفاع مدني (عسكري سابق) حتى تتوافر القدرات الفنية عند المدنيين، وستبقى وزارة الدفاع ذات العنصر المدني فترة من الزمن تحاول أن تطوّر نفسها وهيمنتها على القوات المسلحة وقد تصل الفترة لعقد كامل (كما في تجارب أسبانيا وأمريكا اللاتينية) .. ولكن - إن لم تقبل المؤسسة العسكرية الآن فقد تقبل غدا أو بعد عام حين تدرك أهمية الفصل في ظل نظام سياسي ديمقراطي متقلب. مانُحرّمه - أن نقرّ هذا الوضع البائس ونحصّنه دستوريا!
مجلس الدفاع الوطني - مادة 196 ، ومادة 152
فكرة أن ينشأ مجلس أمن قومي، أو مجلس دفاع وطني، ظهرت في أمريكا بمرسوم 1947 للأمن القومي حين ظهرت الحاجة لمجلس أشب ببيت خبرة للحكومة ليناقش أنواع ودرجات التهديدات للأمن القومي والاستراتيجيات المقترحة ويقدم كل هذه الخيارات لصانع القرار ليتخذ قراره من بينها، وأحيانا تأتي له استشارات من الكونجرس كذلك. وأغلب الدول بدأت تتبنى هذا النمط ولكن هناك ثلاثة شروط أساسية تتفق مع النموذج الديمقراطي لهذا المجلس: أن يكون استشاريا ولالبس في هذا، وأن يكون من المدنيين بالإضافة لمستشار عسكري وآخر مخابراتي، وألا يرتبط بسلسلة القيادة العسكرية أو السياسية (أي لاتتنزل منه المهام العسكرية أو السياسية). وهذه دراسة تتناول الموضوع بتفصيل مع عرض لنماذج متعددة.
http://www.facebook.com/note.php?note_id=345848875441865
وتبعا لهذا - كان مجلس الدفاع الوطني المصري - بغض النظر على مدى جديته (أصبح شيئا صوريا منذ السادات).. وصدر قانون مجلس الدفاع الوطني لعام 68، واستمر حتى تنحي مبارك، وتشكيله كان الرئيس ووزراء الوزارات السيادية والخدمية الهامة (ليس فيه محل لرئيس البرلمان لأنه معين للسلطة التنفيذية) ووزير الدفاع ومدير المخابرات، ويمكن للرئيس توسيع قاعدة حضوره.
وحين نقارن تشكيل مجلس الدفاع الوطني المرفق بالمسودة، نجد أن التشكيل بالمسودة عبارة عن:سبعة عسكريين، ستة مدنيين منهم الرئيس، مدير المخابرات (عسكري في الحالة المصرية)، وزير الداخلية (مسئول أمني)
طبعا ممكن أن نختلف هل هذا المجلس عبارة عن أغلبية مدنية أو عسكرية طفيفة، أم تعادل. لكن هناك قاعدة هامة في تفسير سلوك هذه المجالس وهل تميل منتوجاتها ناحية العسكر أو المدنيين: التواجد الكثيف للعسكر مع المدنيين - ليس بشرط أن يكونوا أغلبية مريحة أو طفيفة - على نفس المستوى السلطوي عند اتخاذ القرار يقهرهم. ولهذا فتركيب مجلس الأمن القومي التركي قبل أردوغان (حين كان وصيا على تركيا) كان: خمسة عسكريين، وخمسة مدنيين منهم الرئيس، ووزير دفاع مدني.
أما الصلاحيات فهي أسوأ من الصلاحيات التي نصت عليها وثيقة السلمي المعدّلة لزيادة أخذ الرأي في بعث القوات للخارج وتحصين التشكيل:
- يبقى المجلس (مختصا بالنظر) في شئون تأمين البلاد وسلامتها. لايوجد نص الآن على رقابة برلمانية سواء على الموازنة أو الميزانية، ولكن (مناقشة) (للموازنة) في مجلس أغلبيته تنفيذيون وعسكريون على نفس المستوى. والفرق دقيق بين الموازنة والميزانية.. الموازنة هي تصور إحدى الوزارات لحجم الإنفاق المستقبلي ولابد للبرلمان أن يقرها، أما الميزانية فهي المراقبة على الإنفاق ولاحديث عنها هنا. وحين تذهب الموازنة رقما واحدا للبرلمان فهو لايستطيع أن يعدّل بها أو يحدد مدى موضوعيتها لأن التعديل يرتبط بمناقشة البنود التفصيلية.
تبقى مادة أن المجلس يجب أن يؤخذ رأيه في التشريعات، ويزيد عليها أن يؤخذ رأيه في الحرب وإرسال القوات المسلحة للخارج.
النص على (أخذ الرأي) هو عتبة سياسية لابد لمتخذ القرار أن يمر بها، ومع مجلس غالبيته عسكرية فهي تؤول إلى قهر متخذ القرار ذاته. الدستور التركي قبل أردوغان كان فقط يشير أن يبعث مجلس الأمن القومي وجهات نظره للحكومة، ولكن مآل ذلك كان الوصاية بوضوح.. ولهذا حين أتى اردوغان استغل ضغط الاتحاد الأوروبي لينص على الرأي الاستشاري وأن الحكومة هي صاحبة الحق في الأخذ بآراء المجلس من عدمه. في هذا الرابط النصوص الدستورية التركية عن مجلس الأمن القومي قبل وبعد أردوغان. http://www.mgk.gov.tr/Ingilizce/Tarihce/tarihce_en.htm
ماأود أن أختم به الحديث عن وضعية المؤسسة العسكرية بالدستور أمران ذكرتهما في الحلقة الأولى - يمكنكم مراجعتها - عن احتكار الرئيس لتعيين الموظفين العسكريين (القيادات) في معزل عن البرلمان وهذا يقود إما للوصاية العسكرية عليه واستدامتها أو للتسييس، والثانية - هي المادة الكارثة في حضورها وغيابها معا بخصوص حق استدعاء الجيش لحفظ الأمن الداخلي.
هناك مادة كذلك لم أعلق عليها لأنها مبهمة ونحتاج لنرى المذكرة التفسيرية لها.. مادة أن هناك مجلس أعلى للقوات المسلحة. النقطة المبهة هي من يكون (رئيس) هذا المجلس، لأنه لو كان القائد العام ووزير الدفاع فهذا كابوس.
ولاأعرف كذلك مافائدة النص على هذا دستوريا إن كان رئيس الجمهورية هو رئيس هذا المجلس، لأن القيادة العامة للقوات المسلحة تتسمى تلقائيا باسم (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) حين يحضرها الرئيس!
الخلاصة
وضعية المؤسسة العسكرية بالدستور هي عثرة ديمقراطية ضخمة في سبيل تحول ديمقراطي، ومسودة الدستور للأسف هي نتاج تفاهمات بائسة واعتبارات فئوية سقيمة، .
ربما يكون موقف الإخوان مفهوما من هذه الوضعية منذ عام كامل،، ولكن لماذا تقبل بعض القوى والرموز المدنية بهذه الوضعية؟! أقول لكم - خوفا من سيطرة الإخوان على الجيش. ولكن الفقر المعرفي في هذه المساحة حرم هذه القوى من إدراك وسائل أكثر ديمقراطية لمنع تسييس الجيش واختراقه، كجعل المسائل الهامة (سواء قرارات أو سياسات أو تعيينات) يشترط لها أغلبية ثلثي البرلمان، وإشراك السلطة القضائية في مسألة استدعاء الجيش للوضع الداخلي، أو في فترة غياب البرلمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.