كتبت فى العام الماضى مقالة بعنوان سننتصر ويسقط من تحدى الشعب لابث الأمل فى نفوس شباب الثورة وأؤكد للجميع بأنه الحق منتصر دائما طالما طالبه لا ينم ويجتهد ويكد ليصل إليه، وذلك بعد مذبحة العباسية على أيدى المجلس العسكرى برئاسة المشير طنطاوى فى هذا التوقيت ، وبفضل الله وحده وفقنا لأن يصبح للثورة قائد مدنى منتخب لأول مرة فى تاريخ المصريين فى عملية انتخابية شهد لها العالم أجمع رغم محاولات التزوير والتشويه الحثيثة إلا أنه من الطبيعى أن تنتصر الثورة ، وجاء اليوم الموعود وأقدم قائد الثورة على تنفيذ أهم واخطر خطوة ومطلب من مطالب الثورة ، وهو إزاحة العسكر عن الحياة السياسية وإسدال الستار عن فترة حكم العسكر التى جعلت من مصر بلدا متأخرا وفى ذيل الأمم رغم مقدراتها ومقوماتها وكياناتها التى أجمع المحللون والخبراء والمتخصصون أن من يمتلكها لابد وحتما ان يكون من الدول الكبرى اقتصاديا وسياسيا. سلك قائد الثورة الذى اختاره الشعب ليقود مرحلة وضع اللبنات لبناء دولة مدنية حديثة تقوم على مبادئ الثورة وأهدافها " عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية .. كرامة انسانية " ، طريق التسامح والود فى التعامل مع أبناء الوطن ، وابتعد عن طريق الانتقام إلا لمن أفسد البلاد واضاع العباد ونشر فى الأرض الفساد وتسبب فى قطف زهور الوطن ، شهداءنا الأبرار ، مد يده للجميع باسم الثورة وانه لا رجعة فى بناء دولة المؤسسات وإزاحة دولة الأفراد ، اهتم بالشأن الخارجى والتواصل مع الدول واثبت لمصر مكانتها الطبيعية فى الريادة وانها قائدة فى المنطقة وأنها تستطيع ، اهتم بالبعد الإفريقى الذى غابت عن أحضانه مصر لفترات طويلة فى العهود البائدة ، اهتم بالمواطن المصرى وحاول قدر الإمكان رغم إرث الفساد الثقيل أن يوقف نزيف الدولة وانهيارها وأولى اهتماما بالغا للإكتفاء الذاتى فهو الطريق لامتلاك الإرادة ، واهتم بالقوات المسلحة ورفع من معنوياتها بل وأمر بأن تركن الى مهمتها الأساسية وهى حماية البلاد من المخاطر الخارجية ودفع الى قادتها أن يكرسوا جهودهم لتعبئة القوات جيدا وإعادة تدريبهم وتأهيلهم وسعى جاهدا الى تطوير قدراتها وتعدد جهات تسليحها ، واهتم بتنمية سيناء وجعلها من الأولويات ايضا ووضع لها 4.4 مليار جنيه فى اول سنة لوضع حجر أساس تنميتها ، وأمر بإعادة فتح المصانع وتشغيلها واستجلاب الخبراء والفنيين من الخارج والداخل لتخدم أبناء شعبه ، وانتجت شركة سامسونج الذى اتخذت من مصر فرعها الرئيس فى الشرق الأوسط ، اولى الشاشات التجريبية وأنتجت مصانع بنها أول تابلت مصرى الذى يحمل العلامة التجارية المسجلة " إينار" الذى تجاوز فى مواصفاته بعض اجهزة أكبر الشركات العالمية فى هذا المجال ،وبدأ جولات خارجية لتنفيذ المشروع القومى الأهم والأكبر فى المنطقة مشروع تنمية محور قناة السويس والذى يعد من أهم المشاريع التى كانت ستسهم فى رفع الاقتصاد المصرى وإعادة تأهيله ،وقد ذكر احد أعضاء اللجنة المشرفة على المشروع أنه سيوفر حوالى مليون فرصة عمل للمصريين ودخل سنوى لا يقل عن 100 مليار دولار ، فما إن بدأ يشق طريقا لمصر يوصلها الى مصاف الدول الرائدة المتقدمة حتى ظهر فى الأرض من لا يريد الخير لهذا الوطن وهدفه عرقلة مسيرة الثورة لأنها لم تأت به رئيسا أو جاءت بمن هو لا يريده ، ومن هنا بدأت لحظة الانقسامات وبدأت مخططات تفتيت الثورة وتفريق دماءها بين المتنافسين حتى سارع المتنافسين الى وضع أيديهم فى أيدى الشيطان ليعقد لهم صفقة مع رموز النظام السابق وبعض الدول العربية والغربية المتضررة من تقدم مصر وشعبها وفى مقدمتها أمريكا واسرائيل لنفاجأ بانقلاب عسكرى دموى بدات ملامحه فى 30 يونيو الماضى وتم استكماله فى 3 يونية الحالى ، حيث أتى بمن لفظهم الشعب فى جميع الاستحقاقات الانتخابية التى خاضوها ،على دبابة العسكر، ليكونوا قادته من جديد وبدأ تراجع الدولة من جديد واستنزافها ووقف جميع المشاريع وإهدار كرامة الانسان المصرى بإعتقالات تعسفية وانتهاكات وسفك لدماء المتظاهرين السلميين ، حتى أجمع المحللون والخبراء على ان ما يحدث هو إزالة كاملة لآثار ثورة يناير وتضييع لحقوق الشهداء وكرامة الانسان ، وقد كتب الأستاذ وائل قنديل فى مقالة له قائلا " إن مصر تعيش الآن مرحلة يمكن أن نطلق عليها « إزالة آثار ثورة يناير 2011» من خلال التخلص من كل ما يعبر عنها أو يجسد شيئا من معالمها و مكتسباتها، من خلال استبدال انقلاب 30 يونيو بها، وتثبيته قسرا وعنوة فى الذاكرة المصرية باعتباره ثورة تجب ما قبلها، أى تلغى ثورة يناير ولو دققت جيدا ستكتشف أن الأثر الباقى من يناير كان ذلك الرئيس الذى جاء بالانتخاب الحر لأول مرة فى تاريخ المصريين، ومن ثم كان لابد من إخفائه من الوجود، سياسيا" رغم كل هذا كان قطاع عريض من الشعب يؤمن بأن ما حدث فى 30 يونيو ليس انقلابا وانما هو انتفاضة او ثورة حتى تكشفت ملامحه جيدا وبدت أنيابه تلتهم كل من يعارض او ينكر على خطوات خارطة الطريق او يعترض على اى من بنودها التى تأتى وكانها وحى من السماء لا يمكن التعديل عليه ، فوجدنا من يترك حركة تمرد ، ومن يستقيل من حزب النور ومن يخرج من عباءة شيخ الأزهر ومن ينكر على الدكتور ابو الفتوح دعمه للانقلاب وبدأ الكثيرون يعقلون ويعوون ان ماحدث هو انقلاب عسكرى شامل الأركان وسرعان ما تراجع تراجع الوطنيون الغيورون على وطنهم وعلى ثورتهم وانضموا للمرابطين فى الميادين للدفاع عن ثورتهم وحريتهم خاصة وأن الانقلاب يخدم دولا بعينها ولا يخدم مصر وقد قال الخبير الأمنى اللواء عبد اللطيف البدينى أن اسرائيل هى المستفيد الوحيد من انشغال الجيش المصرى فى العملية السياسية الداخلية، وقال مثله المحلل العسكرى العميد صفوت الزيات ايضا . إذن وصلنا الى مرحلة تيقن فيها الكثيرون ان الدولة البوليسية بدأت تعود وبقوة وخاصة بعد المجازر التى فعلها الانقلابيون واستشهد فيها أكثر من 500 شخص وحوالى 8000 مصاب من المتظاهرين السلميين ، فى اقل من شهر بعد الانقلاب ، وتأكد الشعب أنه لا إرادة حرة بعد اليوم ولا انتخابات نزيهة ولن يقبل الانقلابيون رأى الشعب واختياراته مرة أخرى وقد كتب فى هذا الأستاذ عارف حجاوى : "صدقية أى انتخابات مقبلة قد اهتزت، ولم يعد بإمكان الحكامين الجدد أن يزعموا لأنفسهم الديمقراطية ولا الشرعية ، لا الآن ولا بعد الفوز بانتخابات" ومن هنا فقد رجع المشهد الى مربع الثورة من جديد ليواجه الدولة العميقة مع الانقلابيين ، رجع الشعب من جديد ليقول لا لن تهدروا صوتى بعد الان فقد عرفت طريق الحرية ولن تمروا ، وبدات مخططات الانقلابيين فى التخبط وينتابها العشوائية والإرتباك فلم يكن فى حسبانهم أن الشعب سيفيق سريعا وخيل إليهم العجوز " هيكل" وتويتر مان " البرادعى" أن الناس تعيش فى عهد الخمسينيات ، لكن هيهات لشعب ذاق طعم الحرية وعرف الطريق أن يعود الى الذل مرة أخرى. Top of Form Top of Form
الانقلابيون لا ينامون من حشود رابعة العدوية وميدان النهضة وجميع محافظات مصر ، مرتجفون من صلابة وصمود الشعب الذى لم يتخيلوه بهكذا اليقظة، وسائلهم العنف والاعتقالات والترهيب ولم تجدى نفعا ، لذلك يحاولون ان يتشبثوا بأى شئ ينقذهم مما تورطوا فيه بمبادرات بدأت ضيقة الأفق ثم بدأت تتسع شيئا فشيئا والمعتصمون يرفعون بالتزامن سقف مطالبهم أيضا شيئا فشيئا ولا يرهبهم شئ فالموت والحياة عندهم شئ واحد. لهذا أقول المعركة الان بين الشعب والانقلابيين ولم يكتب التاريخ يوما عن أن شعب انتفض لانتزاع حقه وخذله الله ابدا ، فقد شاءت إرادة الله وسننه فى كونه ان طالب الحق المجتهد ينل مطلبه ولو بعد حين ، وشعوبنا لا تعرف اليأس ولا الكل ولا الملل فقد كتب الله للخلق قانونا سماويا ثابتا لا يتغير على الاطلاق " إنه لا يفلح الظالمون" و "إن الله لا يصلح عمل المفسدين" لهذا أنا دائما مستبشر ومتفائل بنصر الله دائما فلن يخزى الله شعب انتفض لأجل حريته وقاتل بسلميته جيوش الانقلابيين ، ولن يفلح قوم اتخذوا من العنف منهجا ، ولا من الدماء طريقا الى الحكمTop of Form. اذن ف " لاتحسبوه ( الانقلاب ) شر لكم بل هو خير لكم " فأبشروا .. اقترب وعد ربى وعسى ان نشهد الخلافة التى على منهاج النبوة .. اللهم استعملنا لدينك ولا تستبدلنا .. وبلغنا ما يرضيك آمالنا. ويسقط من تحدى الشعبالنا للتواصل عبر تويتر : @FarizaAmi