لا أحد يعرف ماذا يمكن ان يصبح مصير هؤلاء الاطفال العرب بعد ان تم اختطافهم من احضان امهاتهم في دارفور ونقلوا على وجه السرعة الى شرق تشاد تمهيدا لعملية (شحنهم) جوا الى باريس..ماذا لو لم يتم احباط محاولة تجار الرقيق الفرنسيين الذين تم القبض على تسعة منهم والشحنة المكونة من 103 اطفال تستعد للطيران؟. لا يمكن الجزم بملامح مستقبل هؤلاء البؤساء، لكن الشحنة الثمينة قابلة لاستخدام متعدد الأوجه: كمخزن يورد قطع غيار بشرية لمرضى اثرياء، وربما كأطفال بالتبني لأوروبيات عاقرات، والاستغلال الجنسي وارد بشدة في جميع الاحوال بواسطة مافيا تجار الرقيق الجدد. هذه بعض الثمار الفجة للتدخل الدولي في اقليم دارفور بزعامة الولاياتالمتحدة وقبله في العراق وافغانستان: استغلال مفضوح حتى للبشر في اعادة انتاج لعصر الاستعمار الأوروبي بأبشع اشكاله واكثرها وحشية..اعادة افغانستان الى صدارة الانتاج العالمي من الأفيون..التسبب في موت نصف مليون طفل عراقي قبل الغزو بسبب الحظر، فيما وصفته مادلين اولبرايت وزيرة خارجية الولاياتالمتحدة السابقة بأنه (ثمن معقول) لمحاربة الدكتاتورية..القتل المنهجي للمدنيين بدماء باردة في حواضر عربية واسلامية عديدة..اغتيال وتشريد علماء العراق وتهجير الملايين من ابنائه وتسميم بيئته بقذائف اليورانيوم المستنفد..والقائمة طويلة جدا لجرائم الحرب التي ارتكبها ملوك جدد دخلوا القرى واستباحوها بخرزات ملونة معاصرة مثل نشر الديموقراطية وتأكيد حقوق الانسان و.. ولا أحد يعرف على من سيجيء الدور غدا فالجميع مستهدفون، ويجب ان يدرك الجميع ان الاختراق يبدأ من ثغرات نصنعها بأيدينا ومنها تدخل قوافل اللصوص والمرابين والمرتزقة والنخاسين والمبشرين و..على ظهور دبابات الناتو او اي تحالف دولي آخر، لهذا فإن الطريق الى دارفور وبغداد والقدس يجب ان يبدأ من دواخلنا، بقراءة نقدية للماضي والحاضر بعقلانية صارمة متحررة من اي قوالب فكرية سابقة التجهيز، لاستخلاص الدروس والمعاني وتبني السياسات الكفيلة بحماية اطفالنا من طغيان النخاسين الجدد.