«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منظومة القضاء بين التطهير والإصلاح
نشر في الشعب يوم 07 - 05 - 2013

إلى أصحاب قانون «خفض سن القضاة وزيادة دخلهم»: لا يجوز تسطيح الأمر واختزاله فى سن تقاعد القضاة رغم أهميته
تخفيض سن تقاعد القضاة يمكن أن يحدد ب65 عاما على أن يتم على مراحل ووفقا للاحتياجات البشرية
يجب أن يكون لدينا الشجاعة والإرادة لمواجهة حالات فساد بعض القضاة
القاضي الجليل زكريا عبد العزيز لا يؤيد تعديلات قانون السلطة القضائية، فينقصها تعديلات أخرى فى العديد من الملفات
تعرضت فى المقال السابق لأسباب تفجر أزمة القضاء فى الأسابيع الماضية عقب الحكم بإطلاق سراح الرئيس المخلوع بعد حبسه احتياطيا لما يزيد على العامين فى قضية قتل المتظاهرين، وما سبقه من براءات متعددة ومتتابعة لرموز النظام السابق وضباط الشرطة فى جرائم قتل الثوار، والذى أطلق عليه سخرية «مهرجان البراءة للجميع» وتخوف الشعب من ضياع الثورة من يده.
وأجبنا على سؤال: لماذا خرج الشعب مناديا بتطهير القضاء وإصلاح منظومته؟ ورصدنا عشرة أسباب:
1- إهدار دماء الثوار والمصابين.
2- ضياع أموال مصر المنهوبة.
3- تورط بعض القضاة فى قضايا فساد.
4- ضرب استقلال القضاء بتهريب المتهمين الأمريكان.
5- ضرب استقلال القضاء بالاستقواء بالخارج.
6- ضرب استقلال القضاء بقبول تدخل الدولة وبالاستقواء بغير القضاة وبالعسكر.
7 - ضرب استقلال القضاء بممارسة بعض القضاة والهيئات القضائية السياسة.
8- التورط فى تزوير الانتخابات.
9- شيوع المحسوبية والوساطة فى تعيينات النيابة والقضاء.
10 - ضعف التشريعات التى مكنت من هروب المتهمين وأموالهم أو إطلاق سراحهم.
وطال المقال فتوقفنا عند السؤال التالى:
بعد كل ما سبق هل يجوز تسطيح الأمر واختزاله فى سن تقاعد القضاة؟
وتصورا للخروج من الأزمة تقدمت الهيئة البرلمانية لحزب الوسط، بتعديلات على مشروع قانون السلطة القضائية إلى مجلس الشورى، وتبعها حزب الحرية والعدالة ثم حزب البناء والتنمية، واختزلت مشروعات قوانين الأحزاب المتحالفة الثلاثة فى أربع مواد؛ مادتان تتعلقان بالنائب العام تم نقلهما حرفيا من الدستور، ومادة لخفض سن القضاة من سبعين عاما إلى ستين عاما، والمادة الأخيرة ترغيب للقضاة برفع رواتبهم بمساواة المرتبات بمرتبات نظرائهم فى المحكمة الدستورية! وبالنسبة إلى الوظائف التى ليس لها مقابل بالمحكمة الدستورية العليا، تُزاد مرتبات شاغليها بنسبة عشرين بالمائة من قيمة الراتب الحالى بالجهة أو الهيئة التى يعمل بها، وكفى الله الأحزاب الإسلامية الثلاثة القتال.
لم يهتم مقدمو مشروعات القوانين بقضية الموارد المالية اللازمة لتغطية هذا الإغراء المالى الذى يعطيه قانونهم القضاة، وفى الوقت الذى يغرون فيه القضاة بالأموال فإنهم حتى الآن لم يضعوا ضمن أولوياتهم مشروع قانون الحد الأدنى للأجور، ولم لا، طالما ظنوا أن هذه التعديلات السطحية ستحقق أغراضهم الحزبية الضيقة؟ أليست هذه ممارسات الحزب الوطنى البائد؟
ما من شك أن سن تقاعد القضاة يحتاج إلى إعادة نظر وتخفيضه إلى 65 عاما أو حتى 60 عاما قد يكون مفيدا، ولكنه أبدا لن يعالج الظواهر العشر التى تطرقنا إليها، هل تخفيض السن يضمن إعادة حق الثوار من الشهداء والمصابين؟ وهل يعيد أموال مصر المنهوبة؟ وهل يضمن تخفيض سن التقاعد مساءلة ومعاقبة المتورطين فى الفساد من القضاة؟ وهل سيضمن استقلال القضاء ومعاقبة من هرب المتهمين الأمريكان؟ وهل يضمن تخفيض سن التقاعد معاقبة من يستقوى بالخارج وبغير القضاة وبالعسكر؟ وهل سيتصدى تخفيض السن لمن يورط القضاة والهيئات القضائية فى العمل بالسياسة؟ وهل يضمن تخفيض سن التقاعد التصدى للوساطة والمحسوبية فى تعيينات النيابة والقضاء؟ ومن الذى يقول إن من فوق الستين هو الذى يحتاج إلى تطهير وأن ما دون الستين لم يمسه سوء؟ أجيبونى يرحمكم الله، ولكن قبل أن تجيبونى اخلعوا الرداء الحزبى الضيق الذى يسيئ للتيار الإسلامى عامة قبل أن يسيئ لكم.
تخفيض سن التقاعد إلى 60 عاما سيحيل ما يقرب من ثلث القضاة إلى التقاعد كما سيحيل أغلب أعضاء المحكمة الدستورية العليا وقضاة محكمة النقض للتقاعد وهلم جرا. هل هذا من المصلحة؟ وهل تأخذ الأمور بعشوائية دون حساب للفراغ الذى سينشأ؟ وكم نحتاج من الوقت لملأ هذا الفراغ؟ ومن الذى سيجرى الانتخابات القادمة فى ظل هذا العجز الذى سيسببه القانون المقترح؟ مرة أخرى: أجيبونى يرحمكم الله، ولكن قبل أن تجيبونى اخلعوا الرداء الحزبى الضيق الذى يضيق النظرة للأمور.
حجج أصحاب القانون المقترح
ما كتب ليس دفاعا عن القضاء؛ فقد عددنا عشرة مثالب تسيئ لمنظومة القضاء، ورغم هذا فالقضاء ملىء بالشرفاء الذين يستحقون الدفاع عنهم، ولكن الأولى من هؤلاء وهؤلاء والأولى من ذواتنا وأحزابنا هو الوطن والبسطاء والضعفاء الذين ضيعت حقوقهم.
إن القانون المقترح مغامرة ضمن سلسلة من المغامرات التى ورطنا ويورطنا فيها بعض من الإسلاميين دون مشاورة للآخرين ودون حساب وتقدير.
ويضيف المتحمسون للقانون: «إنه يهدف إلى مساواة القضاة بغيرهم من المهن الأخرى، واصفا تعديل قانون السلطة القضائية بأنه انتصار لفكرة العدالة والمساواة بين المواطنين العاملين بالدولة، والتزام بأحكام الدستور وإصلاح ما تم إفساده على يد الرئيس المخلوع مبارك».
لا يمكن لمنصف أن ينكر أن مبارك أفسد منظومة القضاء ووظفها لأغراضه الشخصية الضيقة، ولكن لا يدعى أحد أن القانون المقترح انتصار لفكرة العدالة والمساواة بين المواطنين العاملين بالدولة، أين هى العدالة فى أن ترفع مرتبات جميع القضاة دون أن تنظر إلى الشعب المطحون والذين ضعفت أرجلهم عن حملهم من كثرة وطول الوقفات الاحتجاجية التى وقفوها طوال سبع سنوات مطالبين بحد أدنى من الأجور يضمن لهم حياة كريمة.
والغريب فى الأمر أن أصحاب القانون -صانعو الدستور- يحملون المستشار أحمد مكى وزير العدل المسئولية دون أن يدركوا أن الحكومة فاقدة الرؤية السياسية هى التى تساءل.
ورغم أننا فى حزب «العمل» محسوبون على أصحاب قانون «خفض سن القضاة وزيادة دخلهم» ونحن وهم محسوبون على التيار الإسلامى، ورغم أننا لم نكن ولن نكون مع ما تسمى بجبهة الإنقاذ وحلفائها؛ فإن حب الوطن وحب الحق أولى من الجميع مصداقا لقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ أن اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ» (المائدة: 8).
محددات علاج القضية
ما من شك أن سن تقاعد القضاة يحتاج إلى إعادة نظر، وتخفيضه إلى 65 عاما أو 60 عاما قد يكون مفيدا، ولكنه أبدا لن يعالج الظواهر العشر التى تطرقنا إليها، ومن هنا نؤكد على ما يلى:
- إن القضية ليست فى تطهير القضاة فحسب، ولكنها تمتد إلى ما هو أوسع بإصلاح منظومة القضاء والقوانين والتشريعات حتى يمكنها معالجة كل السلبيات التى تطرقنا إليها.
- إن قانون السلطة القضائية الحالى يقع فى 170 مادة، وهناك مشروعان مكتملين لتعديل القانون أعدهما كل من المجلس الأعلى للقضاء ونادى القضاة، وهما أولى بالمناقشة من مشروعات الوسط والحرية والعدالة والبناء والتنمية غير المكتملة. وربما نتعرض لهذا القانون والتعديلات المقترحة ومدى قدرتها على علاج السلبيات السابق الإشارة إليها من عدمه.
- إن هذا القانون يتطرق إلى (السلطة القضائية والهيكل التنظيمى لها - تصنيف المحاكم وتنظيمها- ولاية المحاكم واختصاصاتها- الجلسات والأحكام- النيابة العامة- الغرامات والرسوم المقررة- الجمعيات العامة واللجان الوقتية- تعيين القضاة وترقيتهم وأقدميتهم- نقل القضاة وندبهم وإعارتهم- عدم قابلية القضاة للعزل- مرتبات القضاة ومعاشاتهم- واجبات القضاة- مجلس القضاء الأعلى- التفتيش القضائى- التظلمات- الإجازات- مساءلة القضاة تأديبيا- التعيين والترقية والأقدمية فى النيابة العامة- تأديب أعضاء النيابة- نادى القضاة- والبنية المؤسسية والمادية لوزارة العدل من محاكم ومكاتب وإدارات وموظفين وموارد مالية).
- إن تخفيض سن تقاعد القضاة يمكن أن يحدد ب65 عاما على أن يتم على مراحل (هذا العام لمن بلغ 69 و70 عاما، والعام القادم لمن بلغ 67 و68 عاما، والعام الذى يليه لمن بلغ 65 عاما)، وعلى أن يتم خفض السن وفقا للاحتياجات البشرية لمنظومة القضاء فى مصر ووفقا لجدول زمنى، كما يمكن أن تتم الاستفادة من الخبراء والمستشارين المتقاعدين دون أن يتولوا مناصب إدارية ودون أن تتأثر أوضاعهم المالية كما يحدث فى الجامعات.
- إن حالات فساد بعض القضاة يجب أن يكون لدينا الشجاعة والإرادة لمواجهتها وفقا للقانون المعمول به لا أن نفصل لها قانونا قد يضر ببعض القضاة الشرفاء، بل قد يضر بمصالح المجتمع.
وبالمناسبة فإن تخفيض سن التقاعد أمر طالب به القضاة مرارا وتكرارا فى عهد مبارك، كما أنهم كانوا يرفضون مد السن لأنهم كانوا يعلمون أن هذه رشوة لضرب استقلال القضاء.
ولقد ألمح القاضى الجليل زكريا عبد العزيز، رئيس نادى القضاة السابق (وأقول القاضى لأنه يعتز بلقب القاضى لأن المستشار فى كافة المجالات كما يرى)؛ ألمح إلى أنه لا يؤيد تعديلات قانون السلطة القضائية، لأنها ينقصها تعديلات أخرى فى العديد من الملفات، ولا يتأتى الإصلاح القضائى إلا من خلال نظرها جميعا مرة واحدة، مثل:
1- ملف تشكيل مجلس القضاء الأعلى.
2- ملف انتخاب النائب العام.
3- ملف تبادل قضاة محكمتى الاستئناف والنقض، إذ إن محكمة الاستئناف محكمة موضوع ومحكمة النقض محكمة قانون، وتبادل القضاة بينهما كل فترة من الفترات أو كل دورة من الدورات من شأنه تبادل الخبرة بينهما ومن شأنه تقارب الأحكام بين المحكمتين والحد من تعارضها.
4- ملف التعيينات بما يمنع الوساطة والمحسوبية.
5- ملف الإعارات، ويرى أن تكون لمدة محددة ولمرة واحدة فى العمر.
6- ملف سن التقاعد.
7- ملف التقييم الفنى والتقييم المسلكى للقضاة.
ويضيف القاضى الجليل زكريا عبد العزيز: إن كل هذا لا يتم بتعديل مادة واحدة، مشيرا إلى أنه كلما أتى التشريع متوافقا مع رغبات الناس، كان قابلا للتطبيق.
قراءة فى قانون السلطة القضائية
كما أشرنا فإن قانون السلطة القضائية الحالى يقع فى 170 مادة، وهناك مشروعان مكتملان لتعديل القانون أعدهما كل من المجلس الأعلى للقضاء ونادى القضاة، وبقراءة سريعة للقانون دعونا نرى فى عجالة إذا كان هناك بعض المواد بحاجة إلى تعديل لمعالجة المثالب السابقة.
يختص الباب الثانى من القانون ب«قضاة المحاكم على اختلاف درجاتهم» ويختص الفصل الأول ب«تعيين القضاة وترقيتهم وأقدميتهم» ونجد أن المادة 38 تضع شروطا لمن يتولى منصب القضاء بخصوص الجنسية والسن وحسن السمعة والحصول على إجازة الحقوق دون النص على تقدير. ولو تم النص على تقدير جيد على الأقل لتم تحجيم الوساطة والمحسوبية وتعيين أبناء القضاة بدرجة كبيرة.
والشرط نفسه - الحصول على تقدير جيد على الأقل- يجب أن يضمن بالمادة 39 الخاصة بتعيين القضاة بالمحاكم الابتدائية من الهيئات (المحامين - أعضاء هيئة التدريس بكليات الحقوق- أعضاء هيئة تدريس القانون بجامعات جمهورية مصر العربية... إلخ) وتراجع باقى مواد الفصل وفقا لذلك.
ويتطرق الفصل الثانى إلى «نقل القضاة وندبهم وإعارتهم» ويمكن تضمين مقترح القاضى الجليل زكريا عبد العزيز بخصوص تبادل قضاة محكمتى الاستئناف والنقض فى هذا الفصل. كما يمكن وضع الضوابط اللازمة لمنع أو تحجيم ندب القاضى مؤقتا للقيام بأعمال قضائية أو قانونية غير عمله أو بالإضافة إلى عمله - مادة 62 وهذا الندب الذى يفتح بابا واسعا للفساد، خاصة فى ظل احتمالات تعارض المصالح.
وتنص المادة 74 على أنه «لا يجوز للقضاة إفشاء سر المداولات»، ويضيف نادى القضاة على المادة: «أو إبداء الرأى فى القضايا المتداولة أمام جهات التحقيق أو التعليق على الأحكام القضائية».
كما يضيف مشروعا القانونين فى نهاية القانون بعض المواد الخاصة بنادى القضاة، ولن أطيل على القارئ الكريم، فربما يكون هناك عودة إلى الموضوع عند مناقشة القانون مكتملا.
خفض سن القضاة وزيادة دخلهم
لقد التقى السيد رئيس الجمهورية بممثلى الهيئات القضائية واتفق معهم على عقد مؤتمر العدالة الذى سيضم رؤساء الهيئات القضائية يوم الأربعاء المقبل بدار القضاء العالى‏، ووعد الرئيس بحضور جانب من المؤتمر الذى سيناقش مشروعات قوانين‏ السلطة القضائية،‏ ما يؤكد رغبته فى إنهاء أزمة القضاة وإزالة الاحتقان بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من جهة والسلطة القضائية من جهة أخرى.
فى المقابل يضرب مجلس الشورى عرض الحائط باتفاقات الرئيس، فوفقا لصحيفة «المشهد» كشف النائب صبحى صالح عضو اللجنة التشريعية بمجلس الشورى عن انتهاء اللجنة من إعداد تقريرها بشأن الاقتراحات الثلاثة التى تلقتها والخاصة بتعديل قانون السلطة القضائية، مشيرا إلى أنه من المقرر مناقشة ذلك التقرير خلال الجلسات العامة المقبلة للمجلس وفى حالة موافقة المجلس خلال الجلسة العامة على تلك الاقتراحات يتم إعادتها مرة أخرى للجنة الشئون الدستورية والتشريعية لمناقشة تلك التعديلات من حيث المبدأ وإعداد تقرير مبدئى يعرض على الجلسة العامة وفى حالة إقراره يعاد مرة ثانية إلى اللجنة التشريعية لتتولى مناقشة التعديلات مادة مادة تمهيدا لإقرارها بشكل نهائى حال موافقة المجلس عليها، ولكن الحق يقال فإن الأستاذ صبحى صالح لم يقل (اللى مش عاجبه يضرب دماغه فى الحيط).
إننا هنا لا نتستر على فاسد ولا خارج عن أخلاقيات المهنة ولكننا نقول: إنه ليس بالقانون أو خفض سن التقاعد يتم إصلاح منظومة القضاء وتطهيرها. وفى الوقت نفسه يلزم أن يكون لدينا الإرادة لمواجهة الفساد وجمع الأدلة التى تدين من أفسد، ثم إحالتهم إلى الصلاحية بعد تعديل آلياتها فى القانون إذا لزم الأمر.
مرة أخرى أقول لأصحاب قانون «خفض سن القضاة وزيادة دخلهم»: لقد ألمّ السيد الرئيس بأبعاد القضية وحمل مجلس القضاء الأعلى مسئولية تنظيم مؤتمر للعدالة تحت رعايته لتعديل قانون السلطة القضائية، أتدرون ماذا سيفعل القضاة؟ سيلقوا بقانونكم جانبا ويتدارسون قوانينهم المقترحة من قبل، وسيتمسكون بمادة وحيدة فى قانونكم وهى المادة التى ترفع دخل جميع القضاة لتتساوى مع دخول قضاة المحكمة الدستورية، ولك الله يا شعب مصر.. يا من طالبت بالعدالة الاجتماعية وأجر كريم فكانت الزيادة من نصيب القضاة.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.