طريقة التقديم في معهد معاوني الأمن 2024.. الموعد والشروط اللازمة ومزايا المقبولين    عمرو أديب ل عالم أزهري: هل ينفع نأخد ديننا من إبراهيم عيسى؟    ارتفاع أسعار النفط وسط توقعات بتقلص الإمدادات    طقس اليوم.. حار نهارا مائل للبرودة ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 29    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    غرفة صناعة الدواء: نقص الأدوية بالسوق سينتهي خلال 3 أسابيع    شعبة الأدوية: نقص 1000 صنف بالسوق.. وطالبنا بتحريك الأسعار 25%    زاخاروفا ترد على تصريحات سوناك بشأن التصعيد النووي وقطع إمدادات الطاقة    مسؤول أمريكي: بايدن لا يرى أن إسرائيل ستحقق نصرا كاملا بغزة    شولتس يقلل من التوقعات بشأن مؤتمر السلام الأوكراني    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    بديوي: إنشاء أول مصنع لإنتاج الإيثانول من البجاس صديق للبيئة    لهواة الغوص، سلطنة عمان تدشن متحفًا تحت الماء (فيديو)    عصابة التهريب تقتل شابا بالرصاص أثناء سفره بطريقة غير شرعية    ميتا تعترف باستخدام صور المستخدمين لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي    برج الأسد.. ماذا ينتظر مواليده في حظك اليوم؟ (توقعات الأبراج)    الأوبرا تختتم عروض «الجمال النائم» على المسرح الكبير    وزير الإسكان العماني يلتقى هشام طلعت مصطفى    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    ارتفاع تكلفة الواردات في كوريا الجنوبية وسط ارتفاع أسعار النفط    جوتيريش يعرب عن حزنه العميق لمقتل موظف أممي بغزة    طريقة عمل عيش الشوفان، في البيت بأقل التكاليف    هيئة الدواء تحذر من منتجات مغشوشة وغير مطابقة: لا تشتروا هذه الأدوية    رئيس شعبة الأدوية: احنا بنخسر في تصنيع الدواء.. والإنتاج قل لهذا السبب    سيات ليون تنطلق بتجهيزات إضافية ومنظومة هجينة جديدة    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    "الناس مرعوبة".. عمرو أديب عن محاولة إعتداء سائق أوبر على سيدة التجمع    في عيد استشهادهم .. تعرف علي سيرة الأم دولاجي وأولادها الأربعة    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    بينهم أطفال.. سقوط 14 شهيدا في مجزرة مخيم النصيرات وسط غزة    تفحم 4 سيارات فى حريق جراج محرم بك وسط الإسكندرية    عاجل.. حسام حسن يفجر مفاجأة ل "الشناوي" ويورط صلاح أمام الجماهير    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    ميدو: هذا الشخص يستطيع حل أزمة الشحات والشيبي    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    فريدة سيف النصر تكشف قصة بدلة الرقص وسر طلاقها (فيديو)    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    فريدة سيف النصر: «جوزي خاني مع صاحبتي وتعرضت للإهانة بسبب بدلة رقص» (فيديو)    «يحتاج لجراحة عاجلة».. مدحت شلبي يفجر مفاجأة مدوية بشأن لاعب كبير بالمنتخب والمحترفين    فرج عامر: الحكام تعاني من الضغوط النفسية.. وتصريحات حسام حسن صحيحة    سعر البصل والطماطم والخضروات في الأسواق اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024    عيار 21 يفاجئ الجميع.. انخفاض كبير في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 14 مايو بالصاغة    مقتل وإصابة 10 جنود عراقيين في هجوم لداعش على موقع للجيش    أحمد موسى: مشروع مستقبل مصر سيحقق الاكتفاء الذاتي من السكر    برشلونة يسترد المركز الثاني بالفوز على سوسيداد.. ورقم تاريخي ل تير شتيجن    أول تعليق من " أوبر " على تعدي أحد سائقيها على سيدة بالقاهرة    الحماية القانونية والجنائية للأشخاص "ذوي الهمم"    "يأس".. واشنطن تعلق على تغيير وزير الدفاع الروسي    الحرس الوطني التونسي يحبط 11 عملية اجتياز للحدود البحرية    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: نقوم باختبار البرامج الدراسية التي يحتاجها سوق العمل    وصل ل50 جنيهًا.. نقيب الفلاحين يكشف أسباب ارتفاع أسعار التفاح البلدي    أطفال مستشفى المقاطعة المركزى يستغيثون برئيس الوزراء باستثناء المستشفى من انقطاع الكهرباء    فرنسا: الادعاء يطالب بتوقيع عقوبات بالسجن في حادث سكة حديد مميت عام 2015    «أخي جاوز الظالمون المدى».. غنوا من أجل فلسطين وساندوا القضية    عاجل: مناظرة نارية مرتقبة بين عبدالله رشدي وإسلام البحيري.. موعدها على قناة MBC مصر (فيديو)    إبراهيم عيسى: الدولة بأكملها تتفق على حياة سعيدة للمواطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. علاء عبد الهادى يكتب : الرقابة وحرية التعبير
نشر في الشعب يوم 30 - 04 - 2013

قوضت وقائع السلوك الاتصالى المعاصر، المدعومة بانفتاح إعلامى، وبتطور تقنى لم يشهد العالم مثيلا له من قبل، مفاهيم سيادة الدولة القومية على أراضيها، وكان من أبرز تجليات هذا التقويض.. ضعف قدرة الدولة القومية على الحفاظ على سيطرتها على فضاءاتها الإعلامية، وعلى ملكيتها لها، بحسبان الملكية هى حق إبعاد الغير، فقد فتحت ثورة الاتصالات الحديثة حدود الدولة الجغرافية، وأعتقتها من مجالها المحلى، المكانى والزمانى، المحدود، إلى مجال ثقافى مفتوح، سواء فى علاقاتها بمواطنيها، أو فى علاقاتها بغيرها من الدول.
وكان من نتائج ثورة الاتصالات الحديثة التى يشهد عالمنا العربى اليوم، إنعاش بعض الأسئلة القديمة التى خلقت -بسبب الشعور بالتهديد- مناخا صالحا للاحتراب، بين جزء من الخطاب الثقافى العربى السلفى الذى تبنى الانغلاق على تراثنا، وجزء من الخطاب الثقافى الحديث الذى تبنى الانغلاق على الغرب، بحسبان تراثنا العظيم هو سبب تخلفنا، على الرغم من أن الانغلاقيين وجهان لعملة واحدة. كما أثارت ثورة الاتصالات الحديثة فى عالمنا العربى المعاصر مجموعة أخرى من القضايا، ربما كان من أهمها، قضية حرية الكاتب فى التعبير، ضد ما تمارسه الرقابة -فى عصر السماوات المفتوحة!- على الإنتاج الثقافى بخاصة، على الرغم من أن جماع ما تمنعه الرقابة فى مصر، لا يجاوز حيزا ضئيلا مما يستطيع أى مواطن فى أفقر قرانا الاطلاع عليه، بضربة زر واحدة على حاسبه الآلى، أو عبر الشاشة المرئية، وما تبثه مختلف الأقمار الصناعية التى ملأت فضاءاتنا. الأمر الذى يضع جدوى بقاء الرقابة فى مجتمعنا موضع المساءلة.
يعمل الجهاز الرقابى -فى أية دولة- بوصفه وسيطا أيديولوجيا يسعى إلى مصادرة ما يظن أنه يهدد قيم المجتمع، وهذا ما أخضع النتاج الثقافى الأدبى والفنى بخاصة، إلى نظام معيارى ارتبط بما يسمى موروث المجتمع الخلقى، أو بوهم وجود هذا الموروث الجمعى على أقل تقدير، الأمر الذى مثل شكلا من أشكال الوصاية الأخلاقية والقيمية على ما يستقبله أفراد مجتمعنا، من النتاج الفكرى والثقافى، دون حسبان تباينات المجتمع الفكرية، والاختلافات القائمة بين فئاته الأيديولوجية. وهذا ما صب معظم النتاج الثقافى فى قوالب تحاشت مراجعة السياسى، والجنسى، والعقدى، وذلك من خلال المهمة التى يمارسها هذا الحارس الأيديولوجى، الذى حكم الحراك الفكرى والثقافى طويلا بضلعى المقص، الإباحة بعد التعديل، أو الحظر والمصادرة. .. وأرى أن مجتمعا عمره سبعة آلاف سنة، توالت عليه حضارات شتى، وامتلك هذا التراكم التاريخى الفريد، هو مجتمع راشد، لا يحتاج إلى رقيب دينى أو غير دينى على نتاجيه، الفكرى والأدبى، فلنكتف بالمجتمع رقيبا على ثقافته، وذلك من أجل فتح الأنساق الفكرية المغلقة، وتطوير حركة الجدلين الفكرى والثقافى، اللازمين لأى تطور سياسى واجتماعى وثقافى، بعد أن غاب عن بيئتنا الثقافية أى تفاعل مؤثر بين المؤسسات الثقافية، وما يموج به الواقع الثقافى الحالى من تيارات، فكرية وثقافية وجمالية، منذ أن تبنت المؤسسات الثقافية القائمة الاهتمام بقضايا ثانوية فى خارج صلب اهتمامات المجتمع، وشيدت سلطتها على ملكيتها لموارد ثقافية حددت سلفا شروط استثمارها!
ونشير إلى الدور المهم الذى يمكن أن تلعبه النقابات الفنية، والاتحادات الفكرية، فى دعم حرية الفكر، وذلك إذا استطاعت ان تعدل قوانينها على نحو يحد من المساس بأمن الكاتب أو الفنان، بسبب رأى أبداه، أو نشاط إبداعى مارسه. ربما تدفعنا هذه الحرية المنشودة إلى ما لم تستطع نخبة هذا المجتمع الفكرية والثقافية أن تقوم به من قبل، وذلك فى أن تقف موقفا نقديا مؤثرا من تراثها من جهة، وموقفا نقديا آخر مما تفرضه الثورة المعرفية الجديدة من قيم لا تناسب مجتمعاتنا من جهة أخرى، وهذا ما لن يتم إلا عبر الإيمان بالجدل، والتمسك بحرية التعبير، من أجل أن يسمح المجتمع للموضوعات جميعها، أن تدخل تحت مظلة الحوار والمساءلة، بدلا من أن تناقش فى الغرف المغلقة، على نحو قد يؤدى إلى خلق مجتمع منافق، يقول ما لا يقصده، ويقصد ما لا يقوله.
ولا يمكننا فى هذا السياق أن نغض الطرف عن الإشارة إلى رفض معظم المثقفين أن تقوم أية مؤسسة دينية، فى مصر أو فى الوطن العربى، بدور رقابى على الإبداع، فالحكم على منتوجات الخيال، وتقويمه، ليس من اختصاص الجهات الدينية، لأن ما يحكم عالم الخيال يختلف عما يحكم عالم الواقع. وفى ظل تحول الفنون والآداب إلى علوم متخصصة، أصبح تقويم رجل الدين، أو المؤسسات الدينية والعقدية، للعمل الأدبى أو الفنى، يشبه تقويم مخرج سينما، أو شاعر، لمسألة فقهية، أو عقدية، فضلا عن أن عالما عربيا تعيش تحت جناحه مجتمعات مختلفة الديانات والمذاهب، والأعراق، جمعها معا تراكم واحد لحضارات غنية متعددة، لا يمكن أن تعبر عنه جهة دينية واحدة فقط، فى موضوع مثل موضوع مكانة الأخلاق والقيم ومساوئ حضورها فى النتاج الثقافى المعاصر، فالعمل الأدبى أو الفنى سريع الاستجابة لواقعه، ومن طبيعة الفن الجيد إثارة الأسئلة، وتجاوز الواقع، إيمانا بممكن آخر وجديد، أى أن أسئلة العمل الأدبى أو الفنى القوى هى أسئلة إشكالية على الدوام، وهذا ما يناقض أية أفكار ثابتة، عقدية أو إيديولوجية، تؤمن باستقرار المفاهيم. أما الموضوع فى العمل الأدبى، فمثل الموضوع فى العمل الفنى، لا ينظره الراشد إلا من خلال شكل المضمون فيه، ولا يطل معناه على القارئ إلا حين يفقد العمل جمالياته، ولا يتبقى منه غير رسالته المباشرة الفجة، ربما قال صديقى، أراك تنادى بحرية الجميل! وربما قلت، نعم أنادى بحرية الجميل، أما السؤال الذى سيبقى مؤرقا، ودون إجابة قاطعة، فهو سؤالنا الدائم عن معنى الجميل!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.