تعتبر التفجيرات التى وقعت بمدينة بوسطن فى المارثون السنوى بها، أول عمل يصنف على أنه إرهابى منذ 12 عاما بعد أحداث 11 سبتمبر التى أسفرت عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى تصل أعدادهم إلى زهاء 300 قتيل وجريح. وقد وقعت التفجيرات فى عدة أماكن؛ ما يدل على وجود مجموعة منظمة سعت إلى تنفيذ العملية وإحداث حالة من الهلع الأمنى للأمريكيين. نحاول خلال هذا التحليل استكشاف أبعاد هذا التفجير من حيث السبب والمسبب والمآلات، وسوف نحاول البحث عن روايات أخرى لعكس الرواية المعتمدة المعلبة التى دائما ما نسمعها ونشاهدها عقب أى عمل إرهابى، وتوجيه إصبع الاتهام مباشرةً إلى العرب والمسلمين. معظم الهجمات الإرهابية نفذها غير المسلمين كشف التقرير السنوى لوضع الإرهاب وتوجهاته فى الاتحاد الأوروبى لعام 2011، الذى أعده مكتب الشرطة الأوروبية (يوربول)؛ أن عدد الهجمات الإرهابية فى أوروبا بلغ 249؛ نفذت الجماعات الانفصالية 160 هجوما منها. أما الباقى فنفذته جماعات يسارية وفوضوية (45 هجوما)، فيما نفذ الإسلاميون 3 هجمات (فقط). وفى عام 2009 بلغ عدد الهجمات الإرهابية فى أوروبا 294؛ نفذت الجماعات الانفصالية 237 هجوما منها، فيما نفذ الإسلاميون هجوما واحدا فقط (المصدر: التقرير السنوى لوضع الإرهاب وتوجهاته فى الاتحاد الأوروبى لعام 2010). هذه الأرقام توضح بما لا يدع مجالا للشك، أن 99% من العمليات الإرهابية ينفذها غير المسلمين على عكس الرواية المعلنة من مسئولية المسلمين عن معظم أعمال العنف. والمهم كذلك فى التقرير أنه صادر عن جهة أوروبية لا عربية ولا إسلامية. ظاهرة العنف فى أمريكا نذكر ما فعله مراهق أمريكى يبلغ من العمر 16 عاما فى أوائل هذا العام، الذى فتح النار صباحا على زملائه فى الدراسة أثناء استراحة بين الحصص فى مدرسة «تافت» بولاية كاليفورنيا. سجِل العنف الأمريكى بين المواطنين الأمريكيين حافل وكبير. يكفى أن نذكر بأنه بعد أسبوع من إعلان اسم الإرهابى الأمريكى الذى ارتكب حادث تفجير مبنى أوكلاهوما، واتضاح الحقيقة من أن المسلمين لا علاقة لهم بالحادث، ظهرت صحف تكرر اتهام المسلمين، كما فعلت صحيفة «جلوب» يوم 16 مايو 1995؛ حين قالت فى العنوان الرئيسى فى صفحتها الأولى «الإرهابيون العرب موّلوا مرتكبى حادث تفجير أوكلاهوما». هذا الإرهاب الأمريكى له تاريخه فى النفسية والعقلية الأمريكية. كنت قد تحدثت عنه مسبقا فى مقال «نحن الأمريكيين قتلة طيبون بشكل لا يصدق». وهى الكلمة التى قالها المخرج الأمريكى الشهير مايكل مورو، قلت فيه: «كلمة مورو هذه تحمل من المرارة أكثر مما تحمل من السخرية على واقع العنف الداخلى فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، الذى يتصاعد يوما بعد يوم، لتصبح أمريكا -وهى تحرك جيوشها حول العالم وتبنى ترسانة أسطورية من الأسلحة الدفاعية- تجد أنه -رغم كل هذا كما يقول مورو- (يُقتَل كل ساعة شخص على مدى ال365 يوما؛ أى 24 أمريكيا يوميا).. رقم يجعل الولاياتالمتحدة تسجل 80% من القتلى بالسلاح النارى ضمن ال23 دولة الأكثر تقدما فى العالم». مجتمع دموى بطبعه إذ أشار إحصاء أجراه معهد الدراسات الاستراتيجية -مقره جنيف- عام 2007، إلى أن نصيب الأمريكيين من السلاح الفردى بلغ 270 مليون قطعة من المجموع العالمى المقدر بنحو 875 مليون. وجاء فى الإحصاء المذكور أن السوق العالمية تنتج نحو 8 ملايين قطعة سلاح فردى سنويا، ونصف الكمية تقريبا (4.5 ملايين قطعة) تتوافر فى السوق الأمريكية للاتجار بها. كما يذهب الكثير إلى أن ظاهرة العنف المسلح الأمريكى طبيعة ذاتية -شخصية راعى البقر- فى المجتمع الأمريكى؛ إذ إن تأسيس الدول الأمريكية، قام على قتل وإبادة شعب آخر هم الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليون؛ إذ يشير منير العكش الباحث فى علوم الإنسانيات فى كتابه «أمريكا والإبادات الجماعبة» إلى أن الإمبراطورية الأمريكية قامت على الدماء وبُنيت على جماجم البشر؛ فقد أبادت هذه الإمبراطورية الدموية 112 مليون إنسان (منهم 18.5 مليون هندى أبيدوا ودمرت قراهم ومدنهم) ينتمون إلى أكثر من 400 أمة وشعب. ووصفت أمريكا هذه الإبادات بأنها أضرار هامشية لنشر الحضارة. وخاضت أمريكا فى إبادة كل هؤلاء البشر -وفق المعلوم والموثق- 93 حربا جرثومية شاملة. وتفصيل هذه الحروب أورده الكاتب الأمريكى هنرى دوبينز فى كتابه «أرقامهم التى هزلت THE NEMBER BECAM THINNED : NATIVE AMERICAN POPULATION» فى الجزء الخاص بأنواع الحروب الجرثومية التى أبيد بها الهنود الحمر ب41 حربا بالجدرى، و4 بالطاعون، و17 بالحصبة، و10 بالإنفلونزا، و25 بالسل والديفتريا والتيفوس والكوليرا. أحداث سبتمبر وأصابع الموساد بها وفى أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001م، كانت التهم جاهزة للعرب والمسلمين بالمسئولية عنها، واعتُمدت رواية بن لادن والقاعدة على أنها الرواية الوحيدة؛ لأنهم كانوا فى أمسّ الحاجة إلى تبرير كل إرهابهم بعد ذلك فى العراق وأفغانستان. رغم أنه كانت هناك روايات أخرى موثّقة تقول إن للموساد الإسرائيلى يدا فى العملية، وأن كون ابن لادن استخدمه الموساد أقرب دون علمه -كما تقول إحد هذه الروايات- أقرب إلى الحقيقة من كونه منفذا للعملية. الرواية أصدرها موقع Press Pakalert. وهو مركز دراسات أمريكى يعنى بالملفّات الساخنة التى يعيشها العالم، والقضايا الكبرى على المستويات الأمنيّة والسياسية. أبرز دراساته تتركّز على أفغانستان، والقاعدة، والسى آى إيه، والهند، والعراق، والشرق الأوسط، وحلف شمال الأطلسى، وباكستان، والإرهاب، وأمريكا، والصهيونية. أصدر الموقع دراسة خطيرة لم يلتفت إليها أحد تحمل عنوان «إسرائيل هى التى نفّذت هجمات 11/9/2001 الإرهابية»، استنادا إلى أدلة جديدة لم تنشر من قبل، عرض فيها موجز للدراسة الوثائقية التى نُقلت فيها أسماء الشبكات الصهيونية التى وقفت خلف الحدث الكبير (11 سبتمبر). فى الحقيقة، إن تفجيرات بوسطن -رغم أنه لم ينتهِ التحقيق فيها حتى الآن- احتمالات وجود أياد صهيونية أمريكية بها، كبيرة وواردة، خاصة أن إسرائيل تعانى قلقا حقيقيا بسبب التغيرات الحاصلة فى دول الربيع العربى، وعلى الجبهة السورية، والادعاء بوجود تنظيمات تابعة للقاعدة فى سيناء، والتقارب المصرى الفلسطينى، وتعثّر فرنسا فى مالى. كل هذه الجبهات تجعل هناك حاجة إلى وجود (تبرير) واضح لبدء حملة جديدة على الإرهاب كرد فعل على أحداث بوسطن، يجرى فى هذه الحملة ممارسة ضغوط على دول الربيع العربى، ومحاولة إجبارها على تقديم خدمات استخبارية أمنية عن الجهاديين أو الإسلاميين، أو حتى تنفيذ هجمات محدودة على التنظيمات المسلحة فى دول عربية، كاليمن وسوريا، بدعوى محاربة الإرهاب.