لن أتحدث عن الفيديو كليب فقد تحدث عنه كثيرون، ولن أتحدث عن انحدار المستوي الاخلاقي، فهذه أمور علي أية حال يستطيع أن يتحكم فيها دين وأخلاق الفرد.. أما الخطر الذي أراه فيأتي من قنوات ليس بها ذات القدر من المشاهد العارية أو الخليعة الا انها تحمل من المصائب علي أوطاننا العربية ما لا يحمله العري الفج. الخطر في مسلسلات وأفلام مترجمة لم يعد عليها رقابة كما مضي تعرضها بعض المحطات العربية الخليجية واللبنانية، فموضوع كالشذوذ الجنسي والاباحية صار موضوعاً عادياً علي هذه الشاشات بل تعودت عيون الشباب علي أن يروا من حين الي آخر رجلاً رقيعاً يضع الماكياج ويتم أخذ رأيه علي الشاشة في موضوع البرنامج. وبرامج واقعية تتحدث عمن يجيد الرقص، ومن سيلبس تلك العارضة أفضل ثياب، وأخري تظهر المرأة بملابسها الداخلية لكي نراها قبل وبعد عمليات التجميل، واعلانات عن برامج واقعية ومسابقات تضمن لنا الشهرة السريعة والمال الوفير، كل ما عليك أن توافق علي عرض حياتك وأسرارك علي الشاشة، أو أن يكون حلمك هو الرقص والغناء، أو أن تتنازل قليلاً عن عدم موافقتك علي أمور كاليانصيب أو المقامرة وتبعث في رسالة SMS كلمة عراف أو حلم وحينها سيتحقق حلمك وتفوز بالملايين. والأمر الخطير أن برامج كهذه تُمرر من تحت أنوفنا لمجرد أن الأبطال مرتدين ملابسهم الكاملة وأنه قد تم حذف المشاهد العارية بغير اعتبار لما يمرر من مبادئ هدامة الي مجتمعاتنا. قد يجادل البعض بأن المشاهد بذلك يتعرف علي ثقافة الغير وليس عليه أن يتقبلها. ولكن لماذا لا أتعرف علي علم أو أدب الغير في حين أتعرف من الناحية الأخري علي ثقافة الفاست فود من نوع البوي فريند والصديق الشاذ خفيف الدم، لماذا لا أشاهد ثقافة نظيفة؟ لقد صرنا نعرف عن أبطال مسلسل فريندز الشهير أكثر مما نعرف عن نبينا أو سلفنا الصالح أو أبطالنا العرب بل وعن أنفسنا! لقد صار الحلم الوحيد المقبول أن نحلمه كمشاهدين عرب أن نكون نجوماً في الغناء والطرب، الرقص أو التمثيل أو أن نكون ممن يحلمون بالثراء السريع، أما ما عدا ذلك فلن تجد من يساعدك. ان الأمر خطير بحق لأنه مع تكرار هذه المبادئ سيأتي يوم أتعود عليها كمشاهد عربي ولن أستنكرها وان رأيتها في مجتمعي فلن أحاربها. يقول الشيخ ابن عتيق فلو قدر أن رجلا يصوم النهار ويقوم الليل.. ويزهد في الدنيا كلها، وهو مع هذا لايغضب لله ولا يتمعر وجهه ولايحمر، فلا يأمر بمعروف، ولا ينهي عن منكر، فهذا رجل أبغض الناس عند الله وأقلهم دينا . الأمر خطير لأنني لن يحمر وجهي اذا ما سمعت قولاً فاحشاًً. لماذا يتعين علي أن أشاهد مسلسلاً أمريكياً يظهر كل ارهابي أو مخرب باسم محمد أو مروان، لماذا يتعين علي أن أشاهد برنامجاً يظهر الجندي الأمريكي بالعراق في صورة الضحية. أعلم أنه من المفيد أن أعرف ما يقال عن العرب والمسلمين ولكنهم في الوقت ذاته لا يقدمون لي وجهة نظر مضادة تضحد ما قدمته تلك الشاشة الأمري عربية لي، وان بحثت أنا عن تلك الحقيقة فمن يبحث عنها للأطفال. الأمر خطير لأنه لايوجد لدينا ثقافة موازية في طريقة العرض الجذابة لتلك البلاد تقدم لنا ما نبحث عنه من تسلية في اطار مقبول أخلاقياً ودينياً. اننا لا نستطيع أن نقول للبشر لا تشاهدوا ولا تسمعوا، فحق الترويح مكفول لكل فرد طالما لا ينطوي علي منكر في حد ذاته، ولكننا نملك أن نوجه سؤالا لملاك هذه القنوات، وهم من ولاة الأمر بالسعودية، ما هذا النفاق؟! وما هذا التناقض الواضح بين سياسات الحكومة المتشددة بالسعودية علي المرأة فلا تبيحون لها القيادة أو التحرك بغير محرم وبين اباحة الشذوذ والفحش ليعرض علي شاشات قنواتكم! بل وتصرون علي أن تظهر فتاة الاعلانات بالحجاب الشرعي بين فقرات البرنامج الراقص الذي ترتدي فيه الراقصة ثوب استحمام (واعتراضي ليس علي حجاب فتاة الاعلانات فهذا فرض ولكن اعتراضي علي التناقض في مواقفكم، اعتراضي علي النفاق). فهل النظر الي شعر فتاة الاعلانات العربية محرم والي جسد الأجنبية حلال!