أصيبت منطقة قناطر بولين بمحافظة البحيرة بالشلل المرورى شبه التام بسبب تعثر الحركة باتجاهاتها المختلفة لتكدس السيارات عليها بامتدادات تصل إلى أكثر من عشرة كيلومترات، ما أفضى إلى تعطل مصالح المواطنين وإلحاق أضرار شديدة بالاقتصاد القومى. ورغم أهمية المرور فى هذا المكان فلم يعد أحد من المسئولين عن المرور أو غيرهم يعنيه الأمر، وكأن تعطل حال الناس ونزيف الخسائر المستمر أصبحا شيئا عاديا. وتعود مميزات منطقة قناطر بولين المرورية إلى أنها تقع على أربعة محاور، منها القادم من بلاد الساحل بكوم حمادة الواقع بين الرياح البحيرى من ناحية الغرب، وبحر رشيد الفاصل بين محافظة البحيرة، وجزء من محافظتى المنوفيةوالغربية من ناحية الشرق.. وتلك المنطقة مكدسة بالسكان وتضم أكثر من 24 قرية، يزيد عددهم على 300 ألف نسمة، وبها أربعة مجالس قرى عاصمتها البريجات وكوم شريك والنجيلة وشابور، مرتبطون جميعا بمدينة كوم حمادة الواقعة غرب الرياح البحيرى. أما الاتجاه الثانى فيقع بالناحية الغربية، ويضم النصف الآخر من قرى المركز بما فيها عاصمته، وبه أيضا 5 مجالس قرى وهى (صفط العنب، وكفر بولين، والطود، ودست الأشراف، وبدر وتوابعها). أما الاتجاهان الآخران، وهما الأخطر؛ فمنهما القادم من الإسكندرية -القاهرة والعكس لتخفيف حدة التكدس بالطريق الزراعى ناهيك عن أن طريق التوفيقية الخطاطبة السابق المتقاطع مع المحاور السابقة هو الشريان الوحيد لمرور الرمل والزلط والطفلة لجميع محافظات الوجه البحرى ووسط الدلتا، وفى مقدمة محافظاته الإسكندرية وكفر الشيخ والغربية ،واستثماراته من تلك المواد الخام الداخلة فى عمليات البناء وصناعة الطوب الأحمر تصل إلى مئات الملايين من الجنيهات سنويا، تدخل ميزانية الدولة رسوما على المتر من الرمل والزلط والطفلة ممثلة فى مشروع المحاجر بجنوب البحيرة، والذى يعمل به آلاف الموظفين ومقره بديوان عام محافظة البحيرة. وتعود تلك المأساة التى تعانى منها قناطر بولين إلى زيادة الحركة التجارية ومعها تصاعد مضطرد فى أعداد السيارات فى مساحة مرورية لم تزد مترا واحدا منذ إنشاء طريق التوفيقية - الخطاطبة سنة 1971 لخدمة الإنتاج الحربى بعد نكسة سنة 1967، وخاصة أن به بعض القواعد العسكرية التى أنشئت عليه، وتضاعفت مع الوقت أعداد السيارات المستخدمة للطريق آلاف المرات، ودخلته سيارات النقل الضخمة التى يجر معظمها مقطورات يصل أطوالها إلى أكثر من 15 مترا، بالإضافة إلى باقى الأنشطة، ومنها أيضا منتجات آلاف الأفدنة فى جنوب التحرير وغرب النوبارية والبستان، مثل الفاكهة بأنواعها والبطاطس. أدت تلك الزيادات الرهيبة فى كل شىء إلى نشأة العديد من الأنشطة فى منطقة قناطر بولين لخدمة السيارات المارة، مثل محلات الأطعمة والمقاهى والكاوتش والصيانة وغيرها، واحتلت بعضها أجزاء من الطريق فضاقت مساحته فى تلك التقاطعات وأصبحت المنطقة المكان السائقين المفضل؛ إذ تتوقف سياراتهم على جانب الطريق للخدمة، مثل غيار الزيت أو تناولهم الأطعمة والراحة لاستكمال رحلة السفر ويكفى أن تقف سيارة واحدة فقط بالطريق الخطأ ليتوقف ما خلفها وما بعدها ويمتد الطابور، ويأتى آخر فى الاتجاه المعاكس ليتوقف الطريق من الاتجاهين. وتبدأ المأساة التى يعانى منها كل من فى السيارات لمدة تصل يوميا إلى أكثر من 18 ساعة. المئات من الأهالى يصرخون فى كل مكان بالشكاوى للمسئولين.. أنقذونا.. ماذا نفعل ونحن نسافر يوميا للعمل صباحا ونعود مساء. ولا مجيب يرد عليهم بعد إعلان إدارة مرور كوم حمادة عدم مقدرتها على عمل نقطة مرور ثابتة لعدم كفاية أفراد الخدمة. «شبل شريف» من قرية زاوية البحر ومدير عام سابق فى المصرية للاتصالات، يقول: إن ما يحدث فى قناطر بولين مأساة مكتملة الأركان، ويحكى أنه وأفراد أسرته ذهبوا بزوجة ابنه فى سيارتهم وهى فى حالة وضع، وظلوا على الطريق عدة ساعات وسط صراخ المريضة، وأنقذتهم العناية الإلهية من كارثة محققة. ويضيف شبل أن المأساة لم تتوقف عند طريق التوفيقية - الخطاطبة وحده، بل تمتد السيارات أيضا على طريقى النجيلة وكفر بولين من الناحيتين بمسافات تصل إلى 5 أو 6 كم، ولم نسمع سوى رد واحد من المسئولين وهو: العمل جار بازدواج الطريق من التوفيقية إلى الخطاطبة وبعده ستحل المشكلة. «عمار مخلوف» سائق إحدى سيارات النقل بمقطورة من محافظة الغربية، يقول: بيوتنا مهددة بالخراب وعملى ورزق أبنائى مهدد بالانقطاع؛ فأنا سائق سيارة ملك ليست لى، وعليها أقساط شهرية ومتطلبات تصل إلى أكثر من 20 ألف جنيه، والسيارة لا تعمل بربع طاقتها لاستمرار التوقف بالمكان أكثر من نصف ساعات النهار وتراكلمت عليها الديون، ويرفض المالك دفع مستحقاتى بحجة عدم العمل أو تحقيق المستهدف، والعديد من أصحاب السيارات مرفوع عليهم دعاوى قضائية من الجهات البائعة لتلك السيارات لتأخرهم فى دفع ما عليها من أقساط. وأضاف عمار: إن حياتنا بعد أرزاقنا باتت هى الأخرى مهددة بالخطر بسبب كثرة العراك اليومى بين السائقين بعضهم بعضا، وقد أصيب العديد من الناس فيها وتحررت عنها العشرات من المحاضر بسبب محاولة المرور من الاتجاه المخالف، وهذا يفضى إلى تعطل المرور مرة أخرى، وإذا حدثت انفراجة فيعود مرة أخرى إلى التوقف، ولم يكن أمامنا حل سوى الخروج من اليمين إلى اليسار بالطريق والوقوف بعرضه لمنع القادم من الخلف من إغلاق الممر الشمال، فتصتدم السيارات ببعضها، وهنا يحدث الشجار. «علاء شعبان» موظف بإحدى المصالح الحكومية بكوم حمادة، يقول فى حزن: ماذا نفعل أنا وغيرى من آلاف الموظفين والطلبة، فمصالحنا معطلة ولا نستطيع السير على الأقدام 20 كم يوميا للذهاب والعودة من عملنا، وأغلب طلاب المرحلة الثانوية اتخذوها حجة ورفضوا الذهاب إلى المدارس، وتساءل: كيف تمر سيارة إسعاف لإنقاذ مريض أوشك على الموت، أو سيارة مطافئ لإطفاء حريق فى إحدى القرى. وناشد علاء المسئولين فى مرور البحيرة إنشاء نقطة مرور ثابتة فى هذه المنطقة لتنظيم حركة مرور السيارات ومنع توقفها فى حرم الطريق على غرار نقطة تحصيل الكارتة المقامة بجوار جسر النوبارية بالمنطقة، والتى ساهمت هى الأخرى فى زيادة حدة المشكلة بسبب توقف السيارات لسداد قيمة الكارتة والحصول على الإيصال بالسداد لتقديمه إلى باقى نقاط التحصيل فى الطريق.