أكد برنامج الأممالمتحدة الإنمائى خلال تقريره عن التنمية البشرية لعام 2013، أن عدم القدرة على خلق فرص عمل بالسرعة المطلوبة لا يزال يهدد بتأجيج التوتر الاقتصادى والاجتماعى فى المنطقة العربية بعدما كان أحد أسباب اندلاع انتفاضات الربيع العربى خلال العامين الماضيين. وحذر التقرير من انتهاج سياسات تقشفية خاطئة وانعدام المساواة وضعف المشاركة السياسية، مشيرا إلى أنه من شأنها تقويض التقدم وتأجيج الاضطرابات ما لم تسارع الحكومات إلى اتخاذ إجراءات عاجلة. وأشار التقرير إلى أن المنطقة العربية تضم دولتين فى مجموعة التنمية البشرية المرتفعة جدا، هما قطر والإمارات، و8 دول فى مجموعة التنمية البشرية المرتفعة، هى: البحرين والكويت والسعودية وليبيا ولبنان وعمان والجزائر وتونس، و6 دول فى مجموعة التنمية البشرية المتوسطة، هى: الأردن وفلسطين ومصر وسوريا والمغرب والعراق، و3 دول فى مجموعة التنمية البشرية المنخفضة، هى: اليمن وجيبوتى والسودان. وأكد التقرير أن الاضطرابات التى تشهدها عدد من الدول العربية إنما هى تذكير بأن المواطنين، ولا سيما الشباب الذين يتمتعون بمستوى علمى ووضع صحى أفضل من الأجيال الماضية؛ يضعون على رأس أولوياتهم الحصول على العمل اللائق والتمكن من إسماع أصواتهم فى الشئون التى تؤثر فى حياتهم وضمان الاحترام فى التعامل معهم. وأوضح التقرير أن معدل بطالة الشباب فى المنطقة العربية يبلغ أعلى مستوى له فى مصر؛ إذ يصل إلى 10,54%، تليها فلسطين بمعدل 6,49%. وأكدت «هيلين كلارك»، مديرة برنامج الأممالمتحدة الإنمائى، أن النمو الاقتصادى وحده لا يكفى لتحقيق التقدم فى التنمية البشرية. وأضافت كلارك، التى من المقرر أن تقدم التقرير بحضور رئيس المكسيك «إنريك بينيا نييتو»؛ أن «السياسات المناصرة للفقراء والاستثمار فى القدرات البشرية بالتركيز على التعليم والتغذية والصحة ومهارات العمل جميعها توسع فرص الحصول على العمل اللائق وتعزز التقدم المستدام». ومن جانبها أفادت «سيما سامى بحّوث»، مديرة المكتب الإقليمى للدول العربية فى برنامج الأممالمتحدة الإنمائى، بأن الدول العربية تسجّل أعلى معدل للبطالة وأدنى معدل للمشاركة فى القوى العاملة ولا سيما مشاركة النساء، موضحة أن المقياس الحقيقى للإنجازات الإنمائية فى نظر الكثيرين من العرب اليوم هو عدد فرص العمل اللائق المتوفرة للسكان ليكونوا منتجين وليشعروا بالأمان الاقتصادى. وقال التقرير، الذى حمل عنوان «نهضة الجنوب: تقدم بشرى فى عالم متنوع»؛ إن تسع دول عربية حلّت بين البلدان العشرين التى سجلت أعلى متوسط لعدد سنوات الدراسة للفرد فى الفترة من 1980 إلى 2010، مضيفا أنه «باستطاعة الدول العربية أن تجنى عائدا كبيرا من فرصة التحول السكانى إذا ما حوّلت التقدم الذى أحرزته فى مجال التعليم إلى فرص عمل للشباب». وأشار التقرير إلى أن دور الجنوب يتصاعد؛ كونه أرضا خصبة للابتكارات التقنية والمشاريع الخلّاقة جنبا إلى جنب مع الشمال، وأن الدول العربية لها نصيب فى هذا التحول. موضحا أن التفاعل بين بلدان الجنوب أتاح للشركات تكييف وابتكار منتجات وتقنيات تفى بحاجات السوق المحلية، ما أفضى إلى تضاؤل متسارع للفجوة الرقمية وإلى ظهور طبقة وسطى فى الجنوب تحدّد التوقعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وتوقع التقرير أن يبلغ الاستهلاك السنوى فى الأسواق الناشئة نحو 30 تريليون دولار بحلول عام 2025. ومن بين مليار أسرة سيتجاوز دخلها 20 ألف دولار فى السنة، ستبلغ حصة الجنوب ثلاثة أخماس. وأضاف أن هذه الأسر ستكون الطبقة المتوسطة الجديدة فى العالم. من ناحية أخرى أشار التقرير إلى أن المنطقة العربية تعانى من تفاوتات شاسعة بين الدول الغنية والفقيرة وداخل الدول ذاتها. وقال إن الفوارق بين الجنسين كبيرة أيضا فى الدول العربية، ويأتى اليمن فى أدنى مرتبة فى دليل عدم المساواة بين الجنسين. وأكد التقرير أهمية الدور الذى تؤديه الدول العربية فى عملية التنمية على مستوى العالم. وأضاف أنه «بلغت مساهمة الدول العربية فى المساعدات الإنمائية ستة مليارات دولار فى عام 2008. وكانت المصارف والصناديق فى الدول العربية من مصادر التمويل الرئيسة لمشاريع البنى التحتية فى إفريقيا جنوب الصحراء بين عامى 2001 و2008. ويخصص صندوق النقد العربى مبلغا قدره 7,2 مليارات دولار لدعم البلدان الأعضاء فى حالات الطوارئ ولدفع عملية التعاون النقدى».