رموز حزب العمل عادل حسين وحلمى مراد وابراهيم شكرى إعداد: عبدالرحمن كمال فى مارس من العام الماضى، وافقت لجنة شئون الأحزاب على إعادة تأسيس حزب «العمل» تحت مسمى «حزب العمل الجديد»، وهى الخطوة الأحدث فى مراحل التطوير الذاتى التى اعتادت عليها حركة «مصر الفتاة»، الامتداد التاريخى للحزب والتى تأسست عام 1933 وقد تغير اسمها إلى الحزب الوطنى الإسلامى عام 1940، ثم إلى الحزب الاشتراكى سنة 1949. وجرت إعادة التأسيس فى عام 1978, فى إطار التجربة التعددية الحزبية الجديدة، برئاسة المجاهد الراحل «إبراهيم شكرى» نائب رئيس حزب مصر الفتاة ثم الحزب الاشتراكى. غير أن الحزب أخذ شكلا جادا من المعارضة بعيدا عن المعارضة الوهمية الشكلية؛ وذلك بمعارضة الفساد والمفسدين مهما كانوا وذلك منذ قيام الحزب؛ ففى عام 1979، وكان الحزب فى عامه الأول، كانت هناك صفقة بين مصر وفرنسا لتجديد شبكة تليفونات القاهرة، وكان رئيس الوزراء هو «مصطفى خليل» وهو مهندس اتصالات، وكان مكتبه هو المسئول عن إعداد دراسة الصفقة؛ وقد تقاضى عن إعداده الدراسة خمسة ملايين دولار! فشن المجاهد الراحل «حلمى مراد» حملة على ما حدث، متسائلا: كيف يكون «مصطفى خليل» هو الخصم والحكم؟! وهو ما تسبب فى خروج «محمود أبو وافية» نائب رئيس الحزب من الحزب لأنه أراد منع الراحل «حلمى مراد» من الكتابة، وذلك لعلاقة النسب التى تربطه بالسادات، وخَيّر الأعضاء بين ذلك وبين تقديم استقالته من الحزب، فقبلت اللجنة التنفيذية استقالته ولم تمنع د.حلمى مراد من الكتابة. ثم دخل الحزب معركة أخرى وهى الفساد المنتشر فى وزارة البترول والتى خاضها المهندس «محمد زارع» والدكتور «حلمى مراد» ضد وزير البترول «عبد الهادى قنديل»، ونتج عنها خروج قنديل من الوزارة. ثم معركة زكى بدر، والتى خاضها المجاهد الراحل «عادل حسين»؛ فقد سجل بعض الطلاب فى جامعة بنها للوزير وهو يسب جميع قيادات الحكومة والمعارضة، وهو ما نشرته جريدة «الشعب» مع مقال للراحل عادل حسين تحت عنوان «انزعوا السكين من يد هذا المجنون»، وصدرت الجريدة بهذا العنوان يوم الثلاثاء، وأصدر مبارك قرارا بتعيين محافظ أسيوط «عبد الحليم موسى» وزيرا للداخلية فى يوم الجمعة. ثم جاءت معركة «حسن الألفى» وزير الداخلية الأسبق، والتى خاضها هذه المرة «مجدى أحمد حسين»، الذى كان خارج مصر وقت صدور الحكم عليه بالسجن عامين، وكان بإمكانه أن يمكث خارجا، لكنه رفض هذا المقترح كما سبق وأن رفض التصالح مع حسن الألفى مؤكدا أنه مستعد لدخول السجن، وهو ما حدث؛ فقد أخذته أجهزة الأمن من باب الطائرة إلى السجن مباشرة ليقضى عامين فترة العقوبة، إلا أن محكمة النقض قررت نقض الحكم، لكن «الألفى» كان قد خرج من الوزارة بعد أحداث الأقصر الشهيرة وتنازل عن القضية فى عام 1997. وجاءت القضية الأشهر، وهى قضية «يوسف والى» وزير الزراعة ونائب رئيس الوزراء، الذى أدخل المواد المسرطنة التى أصابت الشعب المصرى بالفشل الكلوى والأمراض السرطانية، وقد حكم على «مجدى حسين» و«صلاح بديوى» و«عصام حنفى» بالسجن عامين على كل منهم وغرامة 15 ألف جنيه على «عادل حسين». ثم كانت القشة التى قصمت ظهر البعير، وهى «وليمة لأعشاب البحر»، تلك الرواية التى كتبها مؤلف سورى يدعى حيدر حيدر، يعيب فيها الذات الإلهية والرسل الكرام، والتى طُبعت من ميزانية قصور الثقافة، فخاضت الجريدة معركة ضارية انتهت بمقال الدكتور «محمد عباس» الذى جاء بعنوان «من يبايعنى على الموت؟»، وخروج طلاب جامعة الأزهر فى مظاهرة فى إحدى ليالى شهر مايو لعام 2000، واحترقت القاهرة كما أشار «إبراهيم سعدة» الذى شن هو وزملاؤه بالصحف القومية حملة مغرضة على الجريدة، وحرضوا على تجميد الحزب وإغلاق الجريدة، ولفقوا ما ادعوا أنه مؤتمر عام برئاسة الممثل «حمدى أحمد»، الذى ادعى فيه أنه انتخب رئيسا للحزب، ورغم أن الحزب أرسل مذكرة تبين فساد هذا القول وتوضح ماهية المؤتمر العام؟ وكيف يعقد؟ ومن الذى يدعو إليه؟ ومن أعضاؤه من خلال اللائحة؟ ثم أرسلت اللائحة إلى لجنة شئون الأحزاب التى لم تعبأ بها وأصدرت قرار بوقف صدور جريدة «الشعب» نظرا إلى التنازع على رئاسة الحزب، والتحويل إلى المدعى العام الاشتراكى الذى أصدر قراره فى 23/7 فى ثلاثة بنود طبقا للمادة 17 من القانون 44 لسنة 1977 الخاص بشئون الأحزاب التابعة لصفوت الشريف، وهى: أولا- تجميد نشاط الحزب، ثانيا- وقف صدور صحفه، ثالثا- تحويل الحزب إلى محكمة شئون الأحزاب وطلب حله، ومن المفترض أن ينتهى من هذا الطلب خلال 30 يوما، إلا أنه حتى اليوم وبعد مرور 12عاما لم ينظر فيه. غير أن الحزب لم يمتثل للقرار المجحف بالتجميد، واستمر فى نضاله ضد فساد مبارك وسعيه لتوريث الحكم وانصياعه للحلف الصهيونى الأمريكى، كما استمر فى دعمه للقضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها كسر حصار غزة، وذلك عندما تحدى «مجدى حسين» الحصار وسافر فى 2009 للتضامن مع غزة أثناء العدوان الصهيونى الغاشم عليها، ليعلن للعالم أن الشعب المصرى كله مع غزة بقلبه، وأنه لن تحول عمالة النظام بينه وبين ذلك، وهو ما دفع ثمنه؛ فحوكم عسكريا دون حضور محاميه بالسجن لمدة عامين، ليخرج بعد أيام قليلة من اندلاع ثورة 25 يناير ويتجه من فوره بملابس السجن إلى ميدان التحرير. وبعد الإطاحة بالمخلوع، ظن حزب «العمل» أن الحق قد ظهر واتضح، وأن المجلس لعسكرى سينفذ أحكام القضاء بعودة الحزب وجريدته، إلا أن مشكلة الحزب لم تكن مع المخلوع، ولكنها كانت مع عملاء الحلف الصهيونى الأمريكى الذين زرعتهم أمريكا فى كافة أوصال الدولة. وبعد عام من الشد والجذب والتعنت، عاد الحزب سيرته الأولى؛ إذ أُعيد تأسيس الحزب، ووافقت عليه لجنة الأحزاب فى مثل هذه الأيام من العام الماضى.