تمتلك دار الكتب المصرية ثروة كبيرة من المخطوطات تقدر بما يقرب من 60 ألف مخطوطة، بما يجعلها من أكبر مجموعات المخطوطات الإسلامية عربيًا وعالميًا. وهذه الثروة تجعل الدار محطًا لأنظار الباحثين المهتمين بالتراث الثقافى الإسلامى، وتجار المخطوطات، والهيئات الثقافية المهتمة بالتراث الإسلامى، والمستندات التى بين أيدينا تكشف عن إحدى محاولات اختراق الدار وتصوير وثائقها النادرة، لحساب إحدى الهيئات الممولة من الأمير السعودى الوليد بن طلال. وقد بدأت القصة فى أكتوبر 2005م، حين وقعت دار الكتب برياسة وزير الثقافة الحالى د. صابر عرب مذكرة تفاهم مع "جمعية المكنز الإسلامى" بإمارة لختنشتين الأوربية، هدفها المعلن إسهام الجمعية فى دعم التراث الثقافى وصيانته بالدار، وبعد عامين، وتحديدا فى يوليو 2007م، أضيف ملحق تنفيذى للمذكرة صار بموجبه من حق الجمعية متابعة معروضات المصاحف والمخطوطات فى متحف باب الخلق، واختيار وإعداد المصاحف ومجموعة المخطوطات التى سيتم عرضها من آن لآخر، ومن الطبيعى أن خبراء الجمعية سيطلعون على محتويات المتحف من مخطوطات ومصاحف للاختيار منها. وفى المادة الخامسة من الملحق تقوم الجمعية بإعداد ونشر قوائم تفصيلية مصورة وملونة لبعض المجموعات المتميزة المختارة من مقتنيات دار الكتب من المخطوطات، بما يعنى أيضا أن يطلع خبراء الجمعية على مقتنيات الدار للاختيار منها، والأخطر أن الجمعية من حقها إحضار أفضل الخبراء العالميين والمحليين لعمل تلك القوائم، بما يعنى إمكانية إطلاع أى شخص تختاره الجمعية على مقتنيات الدار المتميزة. كما يحق للجمعية وفق المادة السادسة المساعدة فى نقل المخطوطات من مبنى الدار بالكورنيش إلى مبنى باب الخلق، ووضع خطة للنقل بالاستعانة بالخبراء، ويتضمن ذلك معاينة أماكن التخزين بمبنى كورنيش النيل وباب الخلق. ويأتى الأخطر فى المادة السابعة، حيث تتولى الجمعية الإشراف على عمليات تصوير المخطوطات ضوئيا، لوضعها على شبكة الإنترنت، وتقوم الدار بإهداء الجمعية صورا واضحة ل300 مخطوطة كاملة سنويًا، تقوم الجمعية باختيارها. بالبحث عن موقع "جمعية المكنز الإسلامى" على الإنترنت، تبين أن مشروع هيئة المخطوطات الإسلامية التى تقوم به الجمعية "مرتبط بمركز الأمير الوليد بن طلال للدراسات الإسلامية جامعة كامبريدج" البريطانية، حسب نص ما ورد فى الموقع، بما يعنى أن ما تحصل عليه الجمعية من صور المخطوطات، ومن معلومات عما تملكه دار الكتب والوثائق من مخطوطات سيكون متاحًا لجامعة كامبريدج ولمسئولى مركز الوليد بن طلال، ومن الواضح أن هذا هو الهدف الأساسى للجمعية من مذكرتها الموقعة مع دار الكتب، وأن باقى البنود جاء للتغطية على ذلك، وفى إطار عمليات الفحص والنقل للمخطوطات التى تقوم بها الجمعية، تظل احتمالات تسرب مخطوطات الدار، واختفاؤها، واردة، كما يظل السؤال قائمًا عن الجدوى التى تعود على الدار ومخطوطاتها من تلك المذكرة، خاصة أن الدار سبق أن فتحت بابها لمؤسسة فورد الأمريكية، وثيقة الصلة بالمخابرات الأمريكية، وسمحت لها بتنظيم دورات فى دار الوثائق، ولدينا المستندات التى تثبت ذلك.