كشفت لنا أحداث بورسعيد الفوضوية يوم 26 يناير 2013 أننا قد خسرنا غالياً عزيزاً علينا. فهل يا ترى كل ما فقدناه هو 31 نفساً الله وحده يعلم لم قتلوا و من قتلهم ؟
فهل ياترى كل ما فقدناه هو هيبة الدولة بالهجوم على سجن المدينة و قناة السويس و شركة الكهرباء إلخ ؟
فهل ياترى ما فقدناه هو الدفع بمحافظة مثل بورسعيد لإعلان بعض شبابها إستقلالها عن الدولة ؟
فما الشئ القيم أو ربما الأقيم من هذه المفقودات جميعاً الذى لو كان موجوداً لما فقدنا كل هذا ؟
إنه الثقة فى أحكام القضاء :
لو كان هناك أدنى ثقة فى القضاء و إحترام لأحكامه لما خرج شخص واحد فى بورسعيد و هاجم السجن أو حتى دراجة ساعى البريد. ما داسته الجماهير للأسف هو رداء القضاء الذى إنتزعه و دنسه من إلتحفوا به ليواروا سوءاتهم و سوءات النظام السابق و زجوا بالقضاء فى أتون التجاذبات السياسية.
أسقط هيبة القضاء الذين أفرجوا عن المتهمين الأمريكين فى قضية المنظمات الأمريكية ذات التمويل غير الشرعى.
أسقط هيئة القضاء الذين حاصروا النائب العام و إضطروه إلى أن يستقيل إنقاذاً لموقف محرج بدلاً من أن يستعين بالشرطة لتفريقهم.
أسقط هيبة القضاء بعض المنتسبين لنوادى القضاة الذين تحدوا الشرعية و تجاوزوا القانون و الدستور أرداوا أن ينفذوا رغباتهم على الهيئة الوحيدة المنتخبة شرعياً.
أسقط هيبة القضاء بعض المنتسبين للقضاء الذين خالفوا القانون و عطلوا حق الشعب الدستورى فى التقاضى.
أسقط هيبة القضاء الذى صرح لصحيفة أمريكية بأنه تآمر مع المجلس العسكرى للإلتفاف على شرعية صندوق الإنتخابات.
أسقط هيبة القضاء الذين يصارعون من أجل توريث المنصة.
أسقط هيبة القضاء الذين يحكمون فى نفس الجريمة الإعلامية (السب و القذف )بأحكام متناقضة تبعاً للمدعى و المدعى عليه.
أسقط هيبة القضاء الذين دعوا إلى الجمعيات العمومية للمحاكم للإعتراض على مواد دستورية أو قانونية قبل إصدارها.
أما الضربة القاضية لهيبة القضاء فقد جاءت من بعض القضاة أنفسهم حينما أعلنوا أنهم لن يطبقوا مواد دستورية و قانونية فى محاكمهم و فى حالة صدورها و قد قام أحدهم بالفعل برفض إحدى القضايا لذات السبب.
إعتداء النخبة السياسية و الإعلامية على القضاء و تهييج جماهير بورسعيد :
أنلوم من خرج فى بورسعيد يدمر و يقتل مبرراً ذلك بأن الحكم صدر لإرضاء جماهير النادى الأهلى.
فما قولنا فيما صدر من سياسيين و إعلاميين عشية و صباح و ما بعد قرار المحكمة.
فليلة الحكم تداول الإعلام خبراً يقول أن رئاسة الجمهورية قررت تأجيل النطق بالحكم لأجل غير مسمى.
و خرج سياسيو المعارضة يقولون أن الرئاسة فضلت أن تشتعل بورسعيد عن أن تشتعل مصر كلها.
فهل إنتفض المتسربلون برداء حماية القضاء للتصدى لهذه العتداءات على القضاء ؟
و هل عقدت نوادى القضاة جمعياتها العمومية لدعم ضمير القاضى و تجريم التعليق على أحكام المحكمة ؟
بالتأكيد لم و لن يحدث.
فقد سقطت هيبة القضاء و للأبد إذا لم ...
الحل :
هيبة القضاء تنتزع بالعدل و التجرد و الحيادية و الترفع عن السياسة و لا تمنح بمواد الدستور و تشديد العقوبات.
البعض يتسائل هل ستسطيع الجمهورية الثانية أن تتقدم و يتحمل الشعب بعض من ينتسبون للسلطة القضائية ؟ هل سنتحمل بعض المنتسبين الذين تدور حولهم الشبهات ؟ أو كونهم أبناء قضاة ليس أكثر ؟ أو ضباط أمن الدولة كسنة المخلوع ؟ أو من إنتسب بوساطة رجال النظام السابق ؟
الإجابة بالتأكيد لا.... فقد تنهار الدولة بسبب عدم الثقة فى القضاء.
لابد من وقفة حازمة حاسمة يتم من خلالها غربلة النيابة و القضاء :-
- عقد إختبارات قانونية و دستورية لغربلة الغير كفء و لنا فى وزارة الأوقاف قدوة حسنة
- حصانة القاضى داخل المحكمة و ليس فى المرور و المصالح الحكومية إلخ
- المحاسبة العلنية و علنية العقوبة لرجال القضاء تزيد الثقة و لا تنقصها عكس القانون الحالى
- محاسبة القاضى على كل حكم تنقضه محكمة النقض و إعتبار بعض الأخطاء الجسيمة تستوجب العزل
- تطبيق القانون بضم المحامين المشهود لهم بالكفاءة و نظافة اليد فى كافة مستويات القضاء كما ضم المخلوع محامية للمحكمة الدستورية
- تفعيل المعايير الإسلامية التى كانت مفعلة قبل الثورة بعزل القاضى الذى يشارك فى مناسبات إجتماعية لغير أقرباء الدرجة الأولى أوالمشاركة فى أى وسيلة من وسائل الإعلام إلخ...
نرجوا من شيوخ القضاء أعضاء مجلس القضاء الأعلى و محكمة النقض أن يتعاونوا مع المجلس التشريعى و السلطة التنفيذية و على رأسها الرئيس و رئيس الوزراء المنتخب فى تفعيل هذه الحلول أو بعضها أو أى حلول أخرى قبل أن نندم حين لاينفع الندم... الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة