وزير التعليم: لا يوجد عجز في المعلمين بمصر    وزير التعليم: زيادة الحضور بالمدارس الحكومية من 15% ل87%، و150 ألف فصل جديد خلال 10 سنوات    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء في شمال سيناء    وزير الكهرباء يبحث تعزيز التعاون والاستثمار مع سفير أوزبكستان بالقاهرة    «الحفني» يشارك في مؤتمر المنظمة الدولية للطيران المدني «ICAN 2025»    بعد انخفاض سعر الفراخ البيضاء بالمحال والمزرعة.. أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 12-11-2025 الآن    كامل الوزير: حريصون على تعزيز التعاون والتكامل الصناعي مع جنوب أفريقيا    وزير الصناعة يتفقد أجنحة شركات السيارات والمكونات في معرض"MEA Industry"    أطباء بلا حدود: الأوضاع الإنسانية في غزة لا تزال مروعة    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    إسرائيل تفتح معبر زيكيم شمال غزة لأول مرة لإدخال المساعدات الإنسانية    الدهرواي: بطولة العالم للكاراتيه في مصر ستكون علامة مضيئة في تاريخ اللعبة    تعرف على أكبر نتائج مباريات كأس العالم للناشئين بعد ختام دور المجموعات    تطورات جديدة في مفاوضات ديانج والأهلي.. شوبير يكشف التفاصيل    موعد مباراة إنجلترا وصربيا في تصفيات كأس العالم 2026 والقنوات الناقلة    كشف لغز حرائق قرية العقلة القبلية بكفر الشيخ    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…انهيار عقار بالاسكندرية وحريق بالمتحف الزراعى وتحطم حفار بترول بالصحراء الغربية    بسبب علاقة عاطفية.. تأييد الحكم على المتهم بقتل حفيدته بالاشتراك مع آخرين في الشرقية    رابط إعلان نتيجة قرعة حج الجمعيات الأهلية 2026    «مجاري وقع في الفخ».. مباحث شبرا تضبطه متلبسًا بالمخدرات والسلاح    طرح أول بوستر رسمي لفيلم TOY STORY 5    مخلصين جدا وعندهم ولاء.. ما هي أكثر الأبراج وفاء فى العلاقات؟    في ذكرى رحيله.. محمود عبد العزيز «ساحر السينما المصرية» جمع بين الموهبة والهيبة    اليوم.. عزاء المطرب الشعبي إسماعيل الليثي    5 عروض مسرحية بينها 2 لذوي الهمم ضمن فعاليات اليوم الثاني ل «القاهرة للطفل العربي»    «التراخوما».. مرض هزمته مصر ضمن 27 دولة حول العالم    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    أفضل الزيوت العطرية، لعلاج التوتر والصداع المزمن    محافظ أسيوط يحضر برنامج تدريب الأخصائيين على التعامل مع التنمر    12 نوفمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    «متحدث الوزراء»: الدولة لديها استراتيجية لتطوير المناطق السياحية    أونتاريو الكندية تستضيف اجتماعا لوزراء خارجية الدول السبع    وزير السياحة يعقد لقاءات إعلامية خلال زيارته للرياض    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    الشروق تكشف تفاصيل جلسة عودة الثقة بين حسام حسن والشناوي    موقف ثابت وتاريخى    محافظ الغربية: رفع درجة الاستعداد القصوى لانتخابات مجلس النواب 2025    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 12 نوفمبر 2025    وزارة العمل تكشف نتائج حملات التفتيش على تطبيق قانون العمل الجديد في القاهرة والجيزة    المستوطنون المتطرفون يشنون هجمات منسقة ضد الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية    مباحث الجيزة تكتشف جريمة بشعة داخل شقة مهجورة فى بولاق الدكرور    بيزيرا: لم أقصد الإساءة لأحد.. وأعتذر عن الخطأ غير المقصود    قصر العيني يحتفل بيوم السكر العالمي بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    الصحة: لقاح الأنفلونزا لا يسبب الإصابة بالعدوى وآمن تماما    اليوم.. محاكمة 6 متهمين ب "داعش أكتوبر"    مصر تعزى تركيا فى ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية    عباس: الإجراءات القانونية بشأن تسليم الفلسطيني هشام حرب لفرنسا في مراحلها النهائية    رسميًا.. موعد امتحانات شهر نوفمبر 2025 لصفوف النقل الجديدة بعد تعطيلها بسبب انتخابات مجلس النواب    دعمًا لمرشحيه بمجلس النواب.. «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بدمياط    خالد سليم يشعل ليالي الكويت بحفل ضخم ويحتفل ب«ليلة مِ اللى هيّا» مع جمهوره    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام العربي وعقدة الخواجة!
نشر في الشعب يوم 21 - 07 - 2007


بقلم: د. فيصل القاسم

لنفترض أن إحدى الجماعات اختطفت صحفياً عربياً أو حتى وزير إعلام عربياً، وساومت على حياته مع حكومته، هل كان سيحظى بخمسة بالمائة من الاهتمام الإعلامي العربي الذي حظي به الصحفي البريطاني الان جونستون الذي كان مختطفاً في قطاع غزة؟ بالطبع لا! لقد غدا جونستون على مدى الأشهر الماضية أشهر من نار على علم بعد أن تصدّر المؤتمرات الصحفية وعناوين الأخبار في الصحف والفضائيات العربية بمناسبة ومن دون مناسبة، مع العلم أنه ليس من صحفيي الصف الأول في الإعلام البريطاني . مع ذلك فقد جعل منه إعلامنا العربي "الإنساني" لناس وناس "سوبر ستار" يُمد له السجاد الأحمر، ويتسابق القادة الفلسطينيون على التقاط الصور مع "فخامته" وهم يبتسمون للكاميرات ابتسامات أعرض من أوتستراد لندن - مانشتسر، لا لشيء إلا لأنه صحفي "خواجه" تجري في عروقه دماء غير عربية.

لا أدري لماذا تصبح وسائل إعلامنا وقياداتنا السياسية "إنسانية وحضارية" للغاية عندما يتعلق الأمر بإنقاذ مُختَطف غربي، فتعلن فضائياتنا ومجلاتنا وصحفنا وإذاعاتنا التعبئة الإعلامية العامة ليصبح خبر الاختطاف عنواناً رئيسياً في نشراتنا الإخبارية يتقدم على استشهاد أكثر من مائة عراقي وجرح عشرات الفلسطينيين وإبادة مئات الصوماليين، كما لو أنه "سوبرمان" ونحن مجرد حشرات جديرة فقط بالمبيدات والغوانتاناموات الأمريكية والإسرائيلية.

آه كم بدا الإعلام العربي منافقاً وأفّاقاً وتابعاً في تغطيته لخبر اختطاف الصحفي البريطاني ومن ثم إطلاق سراحه! فبما أن وسائل الإعلام الغربية أعطت أهمية بالغة للخبر، راحت وسائل إعلامنا تقلدها بشكل أعمى، مع العلم أن وسائلنا لم تهتم يوماً باختفاء وحتى مقتل مئات المثقفين والصحفيين العرب، باستثاء قناة أو قناتين. فحسبُ الصحفي العربي الذي يختفي أو يُقتل أن يحظى بخبر في أسفل الصفحات الداخلية، هذا إذا حظي أصلاً. أما التلفزيونات العربية فتتجاهل خبر اختفائه أو قتله تماماً، كما لو أنها تقول لنا إن صحفيينا ومثقفينا غير جديرين حتى بمجرد الإشارة.

هل يتذكر أحدكم الصحفي المصري رضا هلال الذي اختفى في ليلة ليلاء، ولم يعد أحد يهتم بمصيره؟ ماذا فعل الإعلام العربي لنصرة الصحفي المصري الشهير عبد الحليم قنديل عندما جرده بعض زعران السلطة من ملابسه وكسروا نظاراته وتركوه عارياً في الصحراء؟ لماذا لم تثر ثائرة أحد لنصرة الصحفية اللبنانية المعروفة نضال الأحمدية التي كادت تقضي نحبها على أيدي بعض البلطجية وقطاع الطرق في لبنان؟ هل حظي مقتل الصحفي الليبي ضيف الغزال بأي اهتمام إعلامي عربي، مع العلم أنه انتقل إلى رحمة ربه بطريقة همجية بربرية تقشعّر لها الأبدان؟ هل احتل اسم تيسير علوني الصفحات الأولى في أي صحيفة عربية منذ اعتقاله في إسبانيا؟ هل تنادت الفضائيات العربية التي صدّعت رؤوسنا باختطاف جونستون إلى إبراز محنة سامي الحاج الذي يعاني الأمرّين في "غولاغ" غوانتانامو الأمريكي؟

ولو ظلت "هيصة" جونستون محصورةً في الوسط الإعلامي العربي لهان الأمر، لكن الصحفي "الخواجاتي" أصبح، على مدى فترة، الشغل الشاغل للقيادة الفلسطينية بشقيها الفتحاوي والحماسي، كما لو أن القضية الفلسطينية قد حُلت، ولم يبق إلا "قضية" الان جونستون ليتفرغ لها أهل الحكم في غزة والضفة. لا أدري لماذا غاب عن ذهن محمود عباس وإسماعيل هنية أن الشعب الفلسطيني بأكمله مُختطَف، ناهيك عن وجود ألوف الأسرى الفلسطينيين في زنازين إسرائيل الفاشية، ولا أحد ينادي بتحريرهم بنفس الحماسة التي رافقت تحرير جونستون، فلماذا كل هذه الحمية والغيرة والفزعات العربية والمفاوضات المكوكية على تحرير صحفي غربي، بينما لم يحرك زعيم السلطة أبو مازن ساكناً لتحرير أعضاء المجلس التشريعي الذين اختطفهم زوار الفجر الإسرائيليون من منازلهم؟ لقد أبدع أحد رسامي الكاريكاتير الفلسطينيين عندما رسم كاريكاتيراً يظهر فيه الشعب الفلسطيني خلف الأسلاك الشائكة وهو يقول: باي باي للصحفي البريطاني المحرر، أي "عقبالنا" إنشاء الله. لقد بدا رئيس الوزراء الفلسطيني السابق اسماعيل هنية وكأنه أنجز أكبر مشروع في حياته وهو في حضرة الصحفي البريطاني على مائدة الفطور. لا أدري كيف أصبح الرأي العام العالمي أو الغربي يهم حركة حماس فجأة؟ ففي السابق كان قياديو الحركة يسخرون من الرأي العام العالمي، ولا يعيرونه أي اهتمام بدعوى أنه لا يقدم ولا يؤخر، فلماذا غدا مهماً لهم على حين غرة؟ آه كم بدا هنية وعباس صغيرين وهما يتملقان للصحفي البريطاني أمام الكاميرات!

لماذا يتنادى الصحفيون والنقابات العربية ورجال الدين لمناشدة بعض الجماعات في العراق وفلسطين لإطلاق سراح هذا المختطف الأجنبي أو ذاك، لا بل ينظمون رحلات مكوكية عاجلة للتوسط لدى الخاطفين بطريقة استعراضية سخيفة كي يفرجوا عن صحفي أو رجل أعمال غربي؟ لماذا لا تظهر نخوة وجهائنا إلا لتحرير أصحاب العيون الزرقاء والخضراء. والله عيب! "صحيح اللي استحوا ماتوا"!

طبعاً لا أريد أن يفهم أحد أنني ضد الإفراج عن الصحفي البريطاني الان جونستون، فعملية الخطف مدانة ومرفوضة رفضاً قاطعاً من أساسها، خاصة إذا كان ضحيتها صحفياً، ولا يسعنا كصحفيين إلا أن نهنئ جونستون وغيره بالسلامة. لكننا نتعجب من هذا التهافت الإعلامي والرسمي العربي على تحرير المختطفين الأجانب، كما لو أنهم بشر ونحن العرب مجرد ديدان. لا أدري لماذا نميل دائماً إلى تعظيم الأجنبي وتصغير أنفسنا! آه كم نحن رخيصون!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.