قرارات عاجلة من وزير التعليم قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 2025 - 2026    العلاوة التشجيعية.. شروطها ونص القانون الصادر لها    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 أدبي.. الكليات المتاحة بكل المحافظات    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم في مصر السبت 16-8-2025 بعد هبوطه 1.7% عالميًا    انطلاق الحملة القومية للتحصين ضد العترة الجديدة من الحمى القلاعية بلقاح محلي الصنع    محامي عبدالرحمن خالد صاحب فيديو افتتاح المتحف المصري: لم يصل للنيابة أي تنازل عن البلاغ ضد موكلي حتى الآن    بالاشتراك مع سرايا القدس.. «القسام» تستهدف موقعي قيادة وسيطرة للجيش الإسرائيلي    يقوض حل الدولتين.. فرنسا تدين موافقة إسرائيل على المشروع الاستيطاني «إي 1»    الهباش: الموقف المصري والأردني أسقط مخطط التهجير الإسرائيلي من غزة    الاتحاد العربي للخماسي الحديث يناقش ملف البطولات ولائحة النظام الأساسي    رحلة صلاح نحو الهدف ال200.. الهدافون التاريخيون في الدوري الإنجليزي    وزير الشباب يهنئ جماهير بورسعيد و«أبو علي» على بداية المصري في الدوري    ضبط سلع غذائية ومبيدات مجهولة المصدر خلال حملات موسعة في كفرالشيخ    في عيد ميلاده.. تامر حسني نجم شباك السينما برصيد 15 فيلما في 21 عامًا (تقرير)    عمرو يوسف: أستعد لتصوير «موسم صيد الغزلان» إبريل المقبل.. وأنتهي قريبًا من «السلم والثعبان2»    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    طعنة اخترقت البطين الأيسر للقلب.. إنقاذ حياة شاب بمستشفى المنصورة الدولي    رئيس جامعة بنها يضع حجر الأساس للمعسكر الدائم لطلاب الجامعة بمطروح    30 ألف جنيه متوسط سعر المتر للوحدة السكنية فى مشروع ظلال بديل جنة مصر    نتائج بطولة كأس مصر للتجديف بالإسماعيلية.. القناة في المركز الأول    وزير الرياضة يشهد ختام دورة الألعاب الرياضية ببورسعيد بمشاركة 10 دول عربية.. صور    جنوب إفريقيا تقترب من قرار حاسم بشأن رسوم ترامب على واردات الصلب    كنائس بروتستانتية تدعو الحكومة الهولندية للاعتراف بفلسطين    مسابقة "دولة التلاوة"..وزير الأوقاف يتفقد لجان التصفيات من مسجد عمرو بن العاص    "نادي حافظ.. رحلة نحو الشعر" مؤتمر لاتحاد كتاب مصر بنادي الفيوم الرياضي| صور    سوريا: السيطرة على 80% من الحرائق بريف اللاذقية الشمالي    4 ابار مياه شرب تقضى على ضعف المياه بقرية الغريزات ونجوعها بسوهاج    في 3 أيام.. إيرادات "درويش" تتجاوز 8 ملايين جنيه    رئيس البرلمان العربي يعزي الجزائر في ضحايا سقوط حافلة نقل    بيان بالتفاصيل.. مدبولي يترأس اجتماع مجلس المحافظين    إليسا تخطف الأنظار في العلمين الجديدة.. فستان وردي وحضور غير مسبوق    نائب وزير الصحة يكشف عن عدة سلبيات داخل منشآت طبية بالمنيا.. ويجازي عددا من الأطباء    نجم بيراميدز يتحدى الجميع: سننافس على كل بطولات الموسم.. ويورتشيتش «كلمة السر»    والدة الفنان صبحي خليل أوصت بدفنها بجوار والدها في الغربية    إصابة 9 أشخاص باشتباه في تسمم غذائي إثر تناولهم وجبات بمكان ترفيهي بالشرقية    تفاصيل إصابة 6 أشخاص في تصادم دراجات نارية علي طريق في الدقهلية    ضبط 35 شيكارة دقيق مدعم و150 قالب حلاوة طحينية مجهولة المصدر في كفر الشيخ    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    تنفيذ 47 ألف زيارة منزلية لعلاج لكبار السن بالشرقية    5 أطعمة تقلل من مستويات حمض البوليك في الجسم.. تناولها    السيسي يوافق على ربط موازنة الجهاز المصرى للملكية الفكرية لعام 2025-2026    تقليل الاغتراب 2025.. أماكن الحصول على الخدمة للمرحلتين الأولى والثانية    التعليم: كتب وبوكليت مطبوع لتقييم الطلاب بالعام الدراسى 2026    محافظ بورسعيد يعلن قبول جميع المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال بنسبة 100%    في صورة انتقال حر.. بيرسي تاو ينتقل إلى نام دينه الفيتنامي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولتكن البداية بميزان العدل والحق!?    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    أمين الفتوى يوضح حكم من تسبب في موت كلاب بغير قصد وحقيقة طهارتها    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    وزارة الأوقاف تحدد 15 نقطة لاستغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.. اعرفها    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    بالأسماء.. تفاصيل إصابة 10 أشخاص من أسرة واحدة باشتباه تسمم جنوب المنيا    بقيادة صلاح.. ليفربول يفوز بصعوبة على بورنموث برباعية في افتتاح البريميرليج    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    عبيدة تطرح فيديو كليب أحدث أغانيها «ضحكتك بالدنيا»    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألان جونستون وعماد غانم: البعد الثالث
نشر في الشعب يوم 21 - 07 - 2007


بقلم: د. بثينة شعبان

بينما كان الإعلامي الاسكتلندي ألان جونستون يعقد المؤتمرات الصحفية بعد إنهاء عملية اختطافه في غزّة، ويشير فيها إلى أنه لو كان فلسطينياً لما اهتمّ أحد بأمره، عمدت قوّات الاحتلال الإسرائيلي كعادتها يومياً إلى ارتكاب جريمة شنيعة أخرى، وهذه المرّة ضدّ الصحفي الفلسطيني عماد غانم الذي كان يحاول تصوير إحدى حلقات مسلسل المذابح الإسرائيلية في غزّة، التي ذهب ضحيتها هذه المرّة أحد عشر شهيداً، والتي أصبحت سمة مميزة ل «واحة الديمقراطية» الغربية، وعاراً سيلاحق الغربيين، سياسيين وإعلاميين، لعدم قيامهم بفضحها وادانتها ومحاسبة حكام إسرائيل على ارتكابها. فبعد أن أصابته بصاروخ وبترت ساقيه وسقط وسقطت كاميرته، انهال عليه جنود الاحتلال بوابل من الرصاص كي يمنعوا إسعافه وتضمن استشهاده في منظر قتل متعمّد يُذكّر إلى حدّ بعيد بمنظر الوحشية الإسرائيلية المطلقة عندما أطلقوا مئات الطلقات النارية أمام كاميرات التلفزيون على الجسد الغضّ للصبي الفلسطيني محمد الدرّة. وكي لا يظنّ أحد أنّ كلّ هذه الجريمة قد حدثت خطأً، فقد أكّد مصدر عسكري إسرائيلي «أنّ إسرائيل لا تعتبر المصوّر الذي يعمل لحساب حماس صحافياً» والترجمة الحقيقية لهذا التأكيد «أنّ إسرائيل لا تعتبر حياة الفلسطيني، أيّ فلسطيني، ذات قيمة» لذلك فإنّ جنودها ومخابراتها وحكّامها، مدفوعين بهذا الموقف العنصري، مازالوا يقتلون ويستبيحون ويرتكبون المجازر بحقّهم دون وازع أو حساب. ولنفس الدوافع العنصرية، فإنّ عماد غانم، الشاب الذي لم يكن يحمل سوى كاميرته محاولاً نقل حقيقة ما يجري للعالم، لم يصبح قضية كالاسكتلندي ألان جونستون، في الغرب تماماً كما أنّ اعتقال مصوّر الجزيرة العربي سامي الحاج دون تهمة في غوانتانامو منذ سنوات لم يصبح قضية تنشغل الصحف الغربية بالكتابة عنها ويتدافع سياسيو الاتحاد الأوروبي في التحريض على اتخاذ الموقف السليم منها.

وكي لا يذهب الذهن إلى تفسيرات غير مقصودة، أؤكّد في البداية أنّ اختطاف ألان جونستون عمل ضدّ قضية تحرير فلسطين، وأنّ إطلاق سراحه غمرنا بالسعادة فرحاً بحريته الشخصية وبالأجواء الإيجابية التي تطمئن الصحفيين الأحرار الذين يغامرون بحياتهم لنقل الحقائق لنا بأنّ قضاياهم مقدّسة ولا تموت، ولكن لماذا هذا الفرق الشاسع في التعامل بين من يحمل كاميرا، ويحمل جنسية غربية وبين من يحمل الكاميرا نفسها ولكن يحمل جنسية فلسطينية أو سودانية أو أردنية أو عراقية ولنقل عربية بشكل عام؟ قد يكون السبب هو استهانة الحكومات العربية أو المنظمات الأهلية أو الجهات النقابية والإعلامية العربية المعنية، بحرية صحفييها والدفاع عنهم، ولكن دون شكّ فإنّ السبب الأهم هو موقف عام خطير بدأ بالتبلور وفق مخطط أعدّته دوائر المحافظين الجدد بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، واعتمدت فيه على الموروث العنصري في الثقافة الغربية، ولذلك لا يجد الغربيون ما يمنعهم أخلاقياً من استباحة حياة العرب أو عدم اختيار مواضيعهم الإنسانية كمواضيع ذات شأن دولي، لأن العرب ينقسمون وفق النّظرة الغربية إلى فئتين: فهم إما متواطئون سياسياً وفكرياً مع الغرب وبذلك يلقون عند الضرورة والحاجة فقط الدّعم والاهتمام. وإما أنهم «إرهابيون» وبذلك يستحقّون القتل والتعذيب والاغتيال. لا شكّ أنّ هذه المعادلة هي التي قصدها الرئيس بوش حين أكّد في مؤتمره الصحفي حول العراق في الثاني عشر من تموز الجاري أنّه إذا «سحب قواته من العراق، فإنّ القاعدة هي التي ستنتصر وتسيطر هناك» وبذلك لخّص الرئيس بوش الموضوع بأنّه إما تواجد لقوات الاحتلال الأمريكي في العراق وإما للقاعدة والتي أكّد تقرير البنتاغون الأمريكي أنها «لم تكن موجودة قبل الاحتلال الأمريكي للعراق» أما الشعب العراقي الذي ينزف وينزح ويُقتل ويتعرّض، منذ بدأ بوش حملته لنشر «الحرية» في الشرق الأوسط، ويومياً للإذلال والعنف والقتل والخراب والتدمير، فلا وجود له في نظر الرئيس بوش. وهكذا بشكل عام وفي كلّ خبر، وحتى في انتقاء الخبر وصياغته، يتمّ انتزاع صفة الإنسانية عن العرب ليُخيّل إلى الجميع أنّ هذه المنطقة هي ساحة فقط لصراع الغرب مع العناصر المتطرّفة، ولا يوجد طرف ثالث في هذه المنطقة يحارب الاحتلال والتطرّف ويقاوم الإذلال والعنف والخراب من أيّ طرف جاء، ويحاول التمتّع بالاستقلال والكرامة والحرية بعيداً عن الهيمنة الأجنبية وعن دعاة العنف والإرهاب على حدّ سواء. هذا الطرف الثالث والذي يشكّل الغالبية العظمى من العرب والمسلمين المقيمين في ديارهم أو المنتشرين في أرجاء الأرض لا يجد مساحة في الإعلام ولا يلقى أذناً صاغية ولا تصبح قضيته قضية إنسانية حتى حين يتعرّض لأكثر الأساليب وحشية وظلماً وقتلاً واستهتاراً بكرامته الإنسانية وبحياته وحياة أبنائه.

فقد مرّت الذكرى الأولى للحرب الإسرائيلية الهمجية على لبنان دون أن تحظى هذه الحرب بأيّة تغطية تُذكر في الإعلام الغربيّ، ودون أن يستحقّ الدمار الذي سببه القصف الإسرائيلي الوحشي على لبنان سطراً في صحف أجنبية، ودون أن تحظى المآسي الإنسانية التي حلّت بهم نتيجة القصف الإجرامي ونتيجة القنابل العنقودية التي تركها جيش الاحتلال وراءه والتي قتلت وشوّهت ومازالت المدنيين اللبنانيين بأي اهتمام يذكر. فلم يذكر أحد في العالم مجزرة الدوير التي ذهب ضحيتها إمام البلدة السيد عادل محمد عكاش وزوجته رباب ياسين فقيه وأولادهما العشرة والذين تتراوح أعمارهم بين سنّ الثامنة عشرة والستة أشهر، ولم يسمع الغرب أسماءهم ولم يعتبر أحد ذلك عملاً إجرامياً منافياً لكلّ الأخلاق والأعراف البشرية علماً أنهم قُتلوا بآلة القصف الإسرائيلية وهم نيام. ولا شكّ أنّ موفد الاتحاد الأوروبي خافير سولانا الذي زار مؤخراً قرية سديروت في إسرائيل وعرض عليه نموذج لصاروخ القسّام لم يسمع ببلدة الدوير ولا بالخيام ولا بقانا، ولم يتعرّف على أيّ من صور الضحايا هناك، لذلك فهو يعرف موضوعاً واحداً ومن وجهة نظر واحدة، أما موضوع حياة وحقوق العرب فهو غير مدرج على جدول الأعمال. وحتى حين نشرت جريدة الغارديان تقريراً خاصاً عن لبنان بعد عام كان العنوان كالتالي: «في يوليو الماضي غرق لبنان في نزاع لمدة 34 يوماً ترك البلد في حالة دمار» و«مع عملية البناء يحفر المقاتلون ثانية» وفي عنوان أعرض: «الخوف والسلام الهش: أناس ومعاناة طويلة يعدّون العدّة لحرب جديدة» فالوحشية الإسرائيلية المتمثّلة بقصف جوي مدمّر استهدف البلد والبنى التحتية والشعب اللبناني هو مجرّد «نزاع» وهذا الشعب الذي يعدّ العدّة للحياة وإعادة البناء، يتمّ تصويره بأنّه «يعدّ العدّة للحرب»! وبدلاً من الاهتمام بهذا الموضوع فقد أفردت المساحات لعزم وتصميم بوش على «اكمال مساره في العراق رغم بعض التشكيك في إمكانية نجاح خطته»، ولكن في جميع الأحوال يسيطر تجاهل مطلق للثمن الإنساني الذي دفعه شعب لبنان ويدفعه شعب العراق والمآسي الكبرى التي تسبب بها الاحتلال للأبرياء في العراق وذلك لأنهم جميعاً عرب، أي من «البعد الثالث» المهمّش، أي أنهم ليسوا «متواطئين» وليسوا «إرهابيين» ولا يوجد عنوان ثالث لهم كي ينضووا تحته ويتمّ التعريف بهم على هذا الأساس. وحتى حين يقرّر بوش ايفاد وزيرة خارجيته إلى المنطقة فذلك لطمأنة «حلفائه» والعمل معهم ضدّ الخطر «الإرهابي» الذي من المهم أن يبقى بعيداً عن شواطئ الولايات المتحدة، وليس من المهم مناقشة دور سياسة الولايات المتحدة في تغذية هذا الخطر الذي لم يكن موجوداً قبل الحرب الأمريكية على العراق في العديد من البلدان والذي تساهم هذه الحرب في نشره وتعريض شعوب هذه المنطقة لأخطار وويلات وجرائم يندى لها جبين الإنسانية.

ومن أجل معالجة الوضع الذي خلقته هذه السياسات، يتمّ تعيين توني بلير، الذي كان طرفاً أساسياً في هذه السياسات والكوارث التي نجمت عنها، مبعوثاً للرباعية إلى الشرق الأوسط، وقد تمّ تعيينه وتحديد مهامه دون التشاور، ولا حتى مع «الحلفاء» من العرب الذين من المفترض أنهم معنيون بمهمته. وبينما يثير تعيين دومينيك ستراوس خان كرئيس لمؤسسة النقد الدولية جدلاً واسعاً بين الأوروبيين، فإنّ تعيين توني بلير لم يثر أيّ جدل ولا شكّ أن من عيّنه هو الذي سيملي عليه مهمّته ولن يكون العالم العربي برمّته إلا متلقّياً لما تفيض به خبرة بلير وفهمه العميق لقضايا الشرق الأوسط الذي يقع تماماً في الإطار الذي يفهمه ويحدده الرئيس بوش ألا وهو إما الاحتلال وإما القاعدة، ولا وجود لطرف ثالث بينهما على هذه الأرض. وكي نُذكّر بخطر ما وصلت إليه هذه السياسة الأمريكية في المنطقة، نقتبس مما كتبه روبرت مالي وبيتر هارلينغ من مجموعة «الأزمات» حول العراق في الهيرالد تريبيون في 11 يوليو 2007 «إنّ النتيجة المحتملة جداً هي تفتيت البلد، والذي يبدو شكلياً بلداً واحداً نتيجة وجود قوات التحالف. يجب على واشنطن ولندن أن تعترفا بأنّ ما تسمّيانه شركاءهم العراقيين لا يبنون دولة، وإنما يعملون دون توقّف لتمزيق الدولة إرباً إرباً. العراق في حرب أهلية، ولكن قبل وبعد ذلك أصبح العراق بلداً فاشلاً، بلد تمّ تدمير مؤسساته، وتدمير أيّ شكل من أشكال وحدته الوطنية».

والسؤال هو من دمّر العراق؟ ولماذا؟ إنّ الاستمرار في تصوير الشرق الأوسط وكأنّه بحاجة إلى منقذ من الغرب حصراً، أو أنّ الأصوليين سيستلمون مقاليد الأمور إذا انسحبت جيوش الاحتلال هو إلغاء قسري لوجود الشعب العربي، وتبرير أخرق لاستمرار سياسة الاحتلال والتدخّل والهيمنة والتي رسمت أهدافاً لها بإلغاء الهوية العربية والتأسيس لهوية مستوطنين بيض بدلا من السكان الأصليين ذوي السحنة السمراء الداكنة. وما أكتبه اليوم عن العراق وفلسطين ينطبق إلى حدّ بعيد على أفغانستان حيث نقرأ كلّ يوم عن مقتل أعداد من«طالبان» من خلال قصف جوي للناتو، لنكتشف بعد ذلك أنّ الذين قتلوا هم من الأطفال والنساء. وفي هذا الصّدد قرأت عنواناً في الهيرالد تريبيون 11 يوليو 2007 يقول: «الناتو لم يخسر أفغانستان» بالفعل لأنّ الناتو ليس أفغانستان أصلاً، ولكن الأفغانيين هم الذين يخسرون حياتهم وأرضهم وأمنهم وكرامتهم. والقول ذاته ينطبق على الرئيس بوش الذي «لن يخسر في العراق» ولكنّ العراقيين رجالاً ونساءً وأطفالاً هم الذين يخسرون كلّ يوم كرامتهم وحريتهم وحياتهم وأمنهم ومستقبل أطفالهم. هذا «البعد الثالث» الذي يشكّل أتباعه الغالبية العظمى من شعوب هذه البلدان غير موجود في ذهن الرئيس بوش والساسة الأمريكيين والأوروبيين الذين يدّعون الانشغال بمعالجة شؤون الشرق الأوسط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.