اتهم رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوجان العلمانيين في البلاد بتوجيه ضربة مدمرة إلى الديمقراطية التركية بعد اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا لوقف الاقتراع البرلماني على رئيس الدولة في أبريل الماضي وهو الاقتراع الذي كان وزير الخارجية عبد الله جول مرشحًا وحيدًا فيه إذ دخل عن حزب العدالة والتنمية ذي التوجهات الإسلامية الذي يقوده أردوجان. وقال أردوجان- في لقاء مع عدد من كبار الصحفيين الأتراك بثَّه التليفزيون التركي - إن ما قام به حزب الشعب الجمهوري من لجوء إلى المحكمة الدستورية العليا لوقف الاقتراع البرلماني على رئاسة الدولة ضربةٌ للديمقراطية في البلاد. وكان حزب الشعب الجمهوري- الذي يقوده دينيز بايكال- قد قام بتلك الخطوة لعرقلة تولِّي جول رئاسة الدولة خشيةً من أن تؤدي توجهاته الإسلامية إلى استعادة الهوية الإسلامية في تركيا وهو ما يرونه تهديدًا لما يزعمون أنه "القيم العلمانية التركية".وقد أدَّت تلك الخطوة العلمانية إلى أن تقوم الحكومة التركية بالدعوة إلى الانتخابات المبكرة. وأكد أردوجان أن جول لا يزال مرشَّح الحزب في الانتخابات الرئاسية، إلا إذا قرر هو نفسه ألا يترشح للانتخابات وهو ما يتفق مع سابق تصريحاتٍ أدلى بها جول وأكد فيها أنه سوف يكون مرشَّحَ حزبه في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وأعرب أردوجان عن توقعاته بأن يحصل حزب العدالة والتنمية على ما يزيد على ال40% من إجمالي عدد الأصوات في الانتخابات التشريعية المبكرة المقرّر إقامتها في 22 يوليو الحالي وهي النسبة التي تزيد عما حقَّقه الحزب في الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر من العام 2002م إذ حصل الحزب على 34.4%، مشيرًا إلى أنه إذا لم يحقِّق الحزب النسبة المستهدفة فإنه سوف تتم دراسة الأمر. ونفى أردوجان أن تكون استقالتُه من رئاسة الحزب خيارًا في حالة عدم تحقيق العدالة والتنمية للنسبة المستهدفة حيث قال إن الحزب ليس معرَّضًا لخطر الهبوط في نسبة الأصوات التي يتمتع بها وهو الأمر الوحيد الذي يمكن وقت حدوثه بحث فكرة الاستقالة. وكان رئيس الحكومة التركية قد دعا في وقت سابق الشعبَ التركيَّ إلى التوجه لصناديق الاقتراع؛ "من أجل التصويت للحرية والديمقراطية"، مشيرًا إلى أن الحزب سيسعى من خلال الانتخابات إلى حماية قيم الديمقراطية والقانون والقيم الاجتماعية في البلاد. ودخلت تركيا في أزمة سياسية حادَّة بسبب لجوء العلمانيين إلى المحكمة الدستورية لعرقلة صعود جول إلى رئاسة الدولة، كما حشد العلمانيون أنصارَهم في مظاهرات حاشدة للتنديد بترشيح جول؛ مما حدَا بالحكومة إلى أن تدعو إلى انتخابات تشريعية مبكرة تم إقرار 22 يوليو الحالي موعدًا لها. كما بدأ حزب العدالة والتنمية في اتخاذ بعض الخطوات السياسية لتدعيم موقفه الانتخابي، ومن بينها تقديم العديد من التعديلات الدستورية، كان أهمها انتخاب الرئيس بالاقتراع الشعبي المباشر، وهو التعديل الذي رفضه الرئيس التركي العلماني أحمد نجدت قيصر مرتين، إلا أنه في النهاية اضطُّرَّ إلى إحالته للاستفتاء الشعبي المباشر في أكتوبر القادم؛ بسبب إقرار البرلمان له مرتين؛ مما يعني عدم قدرته على رفضه من جديد، وبذلك ترتفع فرص إقرار التعديل بسبب الشعبية الكبيرة لحزب العدالة والتنمية في الشارع التركي. ومن بين التعديلات الأخرى التي صاغها الحزب وأقرها البرلمان تخفيض سنّ الترشح للانتخابات التشريعية إلى 30 عامًا؛ الأمر الذي يزيد من قدرة العدالة والتنمية على مخاطبة الشرائح الانتخابية ذات السن الصغيرة؛ حيث يملك الحزب نسبةً كبيرةً من الكوادر الشابة التي يمكنها خوض الانتخابات التشريعية على عكس الأحزاب العلمانية الأخرى.