وكيل التعليم بالدقهلية يبحث الاستعدادات لانطلاق انتخابات النواب    أوقاف الدقهلية تنظم 150 قافلة دعوية بمراكز الشباب    محافظ القاهرة وعضو نقابة الصحفيين يبحثان سبل التعاون المشترك    براتب 7000 جنيه.. العمل تعلن 600 وظيفة جديدة للشباب    نائب وزير الخارجية يدعو المصريين بالخارج للمشاركة بانتخابات النواب    قرارات هامة للعمال المصريين في لبنان    ترقب في الأسواق المصرية قبل اجتماع المركزي.. وخبراء يتوقعون خفض 50 نقطة أساس    البورصة تشارك في جلسة نقاشية حول خطط تطوير السوق وتفعيل الآليات الجديدة    ارتفاع سعر الذهب 15 جنيها اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    البترول: اكتشاف جديد بخليج السويس يضيف 3 آلاف برميل يوميًا    هيئة الرقابة المالية تحدد رسوم فحص طلبات تسوية المنازعات في مجال التأمين    الأمم المتحدة تعتمد القرار السنوي بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير    مصر ترحب باعتماد جمعية الأمم المتحدة قرارا بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير بأغلبية ساحقة    وزارة التخطيط تبحث تفعيل مذكرة التفاهم مع وزارة التنمية البحرينية    إندونيسيا: إجلاء أكثر من 900 متسلق عالق بعد ثوران بركان سيميرو    وفاة والدة الدكتور شريف فاروق وزير التموين    كل ما تريد معرفته عن قرعة الملحق العالمي والأوروبي لكأس العالم 2026    طاقم تحكيم مباراة الزمالك وزيسكو يصل القاهرة اليوم    ضباب | نصائح هامة للتعامل مع الشبورة المائية أثناء القيادة    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    ضبط (10) أطنان دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    ضبط 138813 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    عرض 6 أفلام قصيرة ضمن البانوراما المصرية بمهرجان القاهرة السينمائي    بعد طلاقها من «عصام صاصا».. جهاد أحمد تحذر المتطاولين    استشاري صحة نفسية توضح سبب ارتفاع معدلات الطلاق    تفاعل كبير مع أغنية محمد رمضان Don't Know تضمنت كلمات والده الراحل    صحة الدقهلية تطلق منصة "صوتك صحة" لاستقبال شكاوى المواطنين    وكيل صحة الأقصر يتفقد التطعيمات ورعاية صحة التلاميذ والطلبة بمدارس مدينة الطود.. صور    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    بيراميدز: لا صفقات تبادلية مع الزمالك.. ورمضان صبحي يعود نهاية الشهر    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    "الشباب والرياضة" تدشن "تلعب كورة" لاكتشاف 2000 موهبة في دمياط    محمد صبحى يكشف أسباب التوسع الدولى لجامعات مصر وزيادة الطلاب الوافدين    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    «السماوي يتوهج في القارة السمراء».. رابطة الأندية تحتفل بجوائز بيراميدز    سقوط أخطر بؤرة إجرامية بمطروح والإسكندرية وضبط مخدرات وأسلحة ب75 مليون جنيه    نصائح هامة لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    الشعب الجمهوري ينظم مؤتمرا جماهيريا لدعم مرشحي القائمة الوطنية بالشرقية (صور)    مواجهات قوية في دوري المحترفين المصري اليوم الخميس    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 فى بداية التعاملات    النزاهة أولًا.. الرئيس يرسخ الثقة فى البرلمان الجديد    الصحة بقنا تشدد الرقابة.. جولة ليلية تُفاجئ وحدة مدينة العمال    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارتباط السلوك بالإيمان
نشر في الشعب يوم 27 - 10 - 2012

span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"يميل البشر إلى التصنيفات الجاهزة والأحكام العامة في وصف الأفراد والجماعات والشعوب والأمم، ربما لأن هذه الطريقة تريحهم من عناء التحري والتدقيق، وهي أقرب إلى الهوى الذي يميل إلى الحب بتطرف أو البغض بتطرف.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"تصنيف الأفراد والجماعات بأنها كتلة من الخير أو كتلة من الشر، صديق أو عدو، أبيض أو أسود أيسر على النفس من بذل جهد في التقييم الموضوعي القائم على التوازن في رؤية الإيجابيات والسلبيات فلا يميل كل الميل في اتجاه دون الآخر، لكن هذه الطريقة التعميمية مخالفة للواقع، فالواقع يقول إن الأمم والأفراد ليسوا كتلةً مصمتةً من الخير أو الشر بل هم خليط من هذا وذاك، حتى الشخص الواحد يتراوح في سلوكه بين حافتي الخير والشر فلا يثبت على حالة واحدة..
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"المنهج القرآني لا يقر طريقة الأحكام التعميمية والقوالب الجاهزة التي اعتاد الناس عليها، بل يؤسس لطريقة جديدة يجرد فيها الحق والباطل ويفصله عن الأشخاص والأقوام والأمم، بينما يتذبذب الأفراد صعوداً وهبوطاً بين أعلى درجة وأسفل دركة بحسب اقترابهم أو ابتعادهم من المعاني المجردة: "هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان"..
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"لا توجد أمة في القرآن التصقت بها صفة من الصفات حتى غدت سلوكاً إجبارياً لا فكاك منه مثل الصفات الوراثية. صحيح أنه توجد حالات غلبت فيها صفة من الصفات على أكثر أفراد الأمة لأسباب ثقافية واجتماعية لكن حتى في هذه الحالة تظل هناك استثناءات يستدرك بها القرآن لينبه على ضرورة التحرر من أسر التعميمات "منهم المؤمنون"، "إلا قليلاً منهم".
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"هذا المنهج القرآني ينبهنا إلى الخطأ الذي نقع فيه حين نصف شعباً من الشعوب أو أمةً من الأمم بأنهم سيئون كلهم، لا يوجد فيهم رجل صالح واحد، هذا الشعب كله جبان، هذه القرية كل أفرادها بخلاء، هذه العائلة شريرة،....
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"القرآن يعلمنا منهجاً آخر وهو "ليسوا سواءً".
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt" والمعاني التي يتحدث عنها القرآن سواءً كانت إيجابيةً مثل الإيمان والتقوى والصلاح، أو سلبيةً مثل الكفر والشرك والنفاق هي معان مجردة تتعالى عن الانحصار بثقافة دون غيرها بل تتوقف على الجهد الذاتي لكل إنسان أياً كان جنسه وقومه، فلا توجد أمة من الأمم يصح أن توصف بأنها شعب الله المختار ، أو أنهم أبناء الله وأحباؤه بحكم الوراثة الجينية، ولا توجد أمة في المقابل مسجونة في سجن اسمه الكافرون لا تستطيع الفكاك منه، ليس كما نسمع من يتحدث عن الغرب الكافر، وكأنه في المقابل يوجد الشرق المؤمن وأن الفريق الأول سيدخل النار جملةً واحدةً بينما الفريق الآخر سيدخل الجنة جملةً واحدةً.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"حتى حين يصف القرآن أمة محمد بأنها خير أمة أخرجت للناس فإنه ينبه إلى أنها خيرية مشروطة بالعمل لا بالوراثة، فهذه الخيرية مردها إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله، فإن لم تأمر هذه الأمة بالمعروف ولم تنه عن المنكر ولم تؤمن بالله لم تعد خير أمة أخرجت للناس..
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt" span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; font-size: 16pt"القرآن ينسف القوالب الجاهزة ويترك الإنسان في تماس مباشر مع المعاني الحية ليقرر الإنسان بنفسه أي قالب يختاره بجهده دون تصنيفات وأحكام مسبقة..
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"يتضح هذا في كلمة "مسلم" والفرق بين استعمالنا لها واستعمال القرآن لها، فنحن نتعامل مع كلمة مسلم وإسلام كقالب جاهز يدخل فيه المرء منذ ولادته بحكم البيئة التي قدر له أن ينشأ فيها، فإن صدف أن ولد شخص في عائلة أفرادها مسلمون وسمي بمحمد أو أحمد كان مسلماً حتى وإن اقترف كل الموبقات والآثام، بل حتى إن لم يقم شيئاً من أركان الإسلام، وهكذا تقودنا عقلية القوالب الجاهزة التي تحكمنا إلى القبول بتناقض مريع بين أن يكون شخص مسلماً وفي ذات الوقت لا يفعل أي فعل من مقتضيات الإسلام.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"يتعامل المسلمون مع كلمة مسلم تعاملاً استاتيكياً ساكناً فتصبح هذه الكلمة وكأنها ميزة قومية، أو شهادة انتساب تمنح لطائفة من الناس بمجرد أنهم ولدوا في منطقة جغرافية معينة، ولا تنزع منهم مهما كان سلوكهم مخالفاً لدين الإسلام.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt" لكن القرآن يستعمل هذه الكلمة بطريقة مختلفة، فهي تأتي في القرآن فعلاً وليس اسماً، والفعل يفيد الحركة.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"يقول الله عز وجل مثلاً: "بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه"، وكلمة الإسلام ذاتها مشتقة من فعل "أسلم إسلاماً" فهي تعني التسليم والاستسلام لله، وليست علماً كما هو شائع في استعمالنا، لذلك كان الإسلام هو دين الأنبياء جميعاً مع أن شرائعهم مختلفة، ولكن ما يجمعهم أنهم كانوا جميعاً خاضعين لحكم الله مستسلمين له وهذا هو الإسلام..
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; font-size: 16pt"هذا التناول القرآني لكلمة إسلام يخرجه من حالة السكون والسلبية إلى حالة الحركة والفعل، فالإسلام ليس إطاراً قومياً مغلقاً بل هو معان إنسانية يملك أي إنسان في العالم أن يكتسبها بجهده الذاتي، وحتى يحافظ عليها لا بد أن يواصل الجهد والعمل دائباً مدى الحياة فإذا تقاعس وتكاسل لم يعد مسلماً: "ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون".
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"غياب هذه الرؤية عن "مسلمي اليوم" أوجد خللاً فادحاً، فهو قد وضع البشر في قوالب جامدة من التصنيفات، فهناك المسلمون بحكم الانتساب وهؤلاء يمكن لأحدهم أن يقترف كل الآثام والموبقات، وربما يصل إلى حالة الكفر القلبي لأن هذه هي النتيجة النهائية لاتباع الهوى حتى لو ظل يشهد بلسانه أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فهو يرددها كجزء من تقاليد المجتمع وطقوسه، ومع ذلك يظل تصنيفه الاجتماعي مسلماً..
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; font-size: 16pt"وبهذا يصير تصنيف الناس إلى مسلم وكافر أقرب إلى الجبرية التي يمليها على الإنسان مكان ولادته وظروف نشأته الاجتماعية التي لم يكن له يد في تحديدها، ولا يظل هناك أي قيمة للسعي وبذل الجهد في موازين مفاضلة الناس عند الله وحاش لله أن يكون كذلك..
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"لنرجع إلى القرآن ونتدبر في آياته لنفهم كيف يتعامل مع قضية الكفر والإيمان، وهل يتناولها كما نفعل في ثقافتنا كتصنيفات جاهزة للناس بين مسلم بحكم ولادته وكافر بحكم ولادته؟
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt" مما يلفت النظر في القرآن الكريم الالتصاق الوثيق بين الإيمان والسلوك العملي، فالقرآن لا يقر بحدود فاصلة بين العمل والإيمان، هذا بخلاف ما نقبله من تناقض في ثقافتنا الشائعة.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"في القرآن فإن الإيمان يجب أن ينتج عملاً بالضرورة، والعمل مؤشر على ما في القلب من معتقدات، وغالباً ما تقترن صفة الإيمان بالعمل الصالح "آمنوا وعملوا الصالحات"..
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"كثيراً ما يربط القرآن بين الكفر وبين السلوك الاجتماعي، وفائدة هذا الربط أنه يبرز المعنى العملي للإيمان، ففي سورة الحاقة مثلاً يتحدث القرآن عن صفات أهل الجحيم فيقول: "إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين"، هكذا يجعل غياب التكافل الاجتماعي في نفس منزلة الكفر بالله، لأن من كان مؤمناً بالله العظيم بحق فإنه لا بد أن يحض على طعام المسكين.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt" وفي سورة الماعون كذلك: span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"، وفي سورة المطففين: span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَspan lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt".
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt" في قصة صاحب الجنتين في سورة الكهف نستفيد معنىً عميقاً وهو أن الهوية الإسلامية بالوراثة "تصنيف مسلم" لا تحصن صاحبها من الوصول إلى حالة الكفر إذا كان سلوكه الاجتماعي وميوله القلبية مخالفةً لما تتطلبه حالة الإسلام من جهد وجهاد.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"يقول الله تعالى:
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt""span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt""
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"لاحظوا في هذا المشهد أن صاحب الجنتين كان عنده أثر من إيمان ربما يشبه الإيمان الوراثي، يظهر هذا في قوله "ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً"، كما تدل محاورة صاحبه له بأن الكفر جاء مستحدثاً ولم يكن صفةً ملازمةً له قبل ذلك "أكفرت بالذي خلقك"، ويدل ندم الرجل بعد ذلك أيضاً على وجود بقية للإيمان "قال يا ليتني لم أشرك بربي أحداً".
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"لكن الذي قاد هذا الرجل إلى حالة الكفر هو هواه وغروره، فمبدأ انحرافه كان الإعجاب بجنته، فإذا أعجب إنسان بالنعيم وركن إليه تمنى لو توقف الزمن عند تلك اللحظة حتى يخلد في ذلك النعيم، وهذه حالة نفسية تصيب كل البشر بغض النظر عن تصنيفاتهم الأيديولوجية، لذلك قال الرجل في غمرة إعجابه بجنته: "ما أظن أن تبيد هذه أبداً"، ولأن الاعتبارات الذاتية تتقدم على الاعتبارات الموضوعية فإن الإنسان يلجأ إلى إلباس هواه لباس الحقائق العلمية، فتقدم الرجل خطوةً أخرى نحو الكفر بالتشكيك فيما كان يعلم أنه حق لأنه لا يريد أن يخرج من حالة تلذذه بالنعيم بتذكر منغصات الحساب "وما أظن الساعة قائمة"، مع بقاء أثر الإيمان ممزوجاً بالهوى "ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً".
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"في هذه القصة يتضح أن الميول القلبية التي يتشارك فيها كل البشر هي التي أوصلت صاحب الجنتين إلى حالة الكفر، وهذه الأمراض التي اعترته من إعجاب وغرور واتباع للهوى متغلغلة في نفوس المسلمين مثل غيرهم إلا من رحم ربك، مما يعني أنه لا حصانة لأحدهم من الوصول إلى ما وصل إليه صاحب الجنتين إن لم ينقذ إسلامه بالجهد والجهاد الدائبين..
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"في استعراض القرآن لقصص الأنبياء، والعذاب الذي نزل بأقوامهم يبرز الجانب السلوكي بقوة، فمحور دعوة شعيب عليه السلام كان الدعوة إلى الأمانة في المعاملات التجارية "أوفوا الكيل ولا تبخسوا الناس أشيائهم"، ومحور دعوة لوط عليه السلام كان محاربة الفاحشة، وحين يتحدث القرآن عن إهلاك قوم لوط يرجعه إلى عمل، وليس إلى معتقد مع أن الأمرين متلازمان "span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt""
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"إن هذا الارتباط الوثيق بين الإيمان والسلوك العملي في القرآن يؤكد على أن الإيمان أو الإسلام ليس ادعاءً نظرياً أو انتساباً قومياً، وأن مجرد ادعاء الإسلام أو النشأة في بيئة مسلمة لا يعطي صاحبها حصانةً ما لم يتبعه باستقامة قلبية وسلوك عملي يؤكده، وقد عرف العلماء الإيمان بأنه ما وقر في القلب وصدقه العمل، فإن ركن المسلمون إلى إسلامهم الوراثي وأخذوا بمبدأ بني إسرائيل "نحن أبناء الله وأحباؤه"، أو أساءوا فهم "كنتم خير أمة أخرجت للناس" فظنوا أنها تحميهم من العقاب الإلهى الذي يطال المقصرين، لم يعفهم ذلك من أن يصيبهم ما أصاب من قبلهم لأن الله لا يحابي أحداً من خلقه، بل يحاسب كل الخلق وفق معيار واحد حسب أعمالهم "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"، "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءً يجز به".
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"إن صورة الإيمان السلبي المنفك عن العمل والجهد لا وجود لها سوى في التصورات المنحرفة، أما في الحقيقة فإن الإيمان بدون عمل هو ادعاء كاذب.
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"لقد أهلك الله أقواماً سابقين بسوء عملهم، وحين نقترف نفس الأفعال التي اقترفوها فإن العدالة الإلهية تقتضي أن يعاملنا كما عاملهم لأن نفس المقدمات تقود إلى نفس النتائج ما دامت القوانين ثابتة، وسنة الله لا تتغير ولا تتحول "ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً"، لذلك فلنحذر ولنتحرر من حالة الانفصام بين الإيمان القلبي والسلوك العملي..
span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic"; color: navy; font-size: 16pt"والله أعلم..
الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.