أثار خطاب وقع عليه 15 قياديا بكنائس مسيحية يدعو الكونغرس إلى إعادة النظر في منح مساعدات للكيان الصهيوني، بسبب اتهامات بانتهاكات لحقوق الإنسان، غضب قادة يهود، وهدد بعرقلة جهود ممتدة منذ فترة طويلة تهدف إلى تعزيز العلاقات بين الأديان. ويقول قادة مسيحيون إن هدفهم كان إعادة تسليط الضوء على القضية الفلسطينية ومفاوضات السلام المعلقة، في وقت يبدو فيه أن جل الاهتمام بسياسة الشرق الأوسط منصب على سوريا والربيع العربي والتهديد النووي الإيراني. وقال غراداي بارسونز، كبير مسؤولي الكنيسة المشيخية (الولاياتالمتحدة): «طالبنا الكونغرس بمعاملة "إسرائيل" بنفس الطريقة التي يتعامل بها مع أي دولة أخرى»، واستكمل قائلا: «نريد أن نتأكد من أن مساعدتنا العسكرية سوف تذهب لدولة تتبنى القيم نفسها التي نتبناها كأميركيين، ومن أنها لا توظف بشكل دائم في انتهاك حقوق الإنسان المكفولة لأفراد آخرين». نظر القادة اليهود لهذه الخطوة بوصفها خيانة عظمى، وأعلنوا انسحابهم من اجتماع حوار يعقد بانتظام بين الجانبين اليهودي والمسيحي. وفي بيان، وصف القادة اليهود الخطاب المرسل من قبل الجماعات المسيحية بأنه «تجاوز» وإشارة دالة على «المعاداة الشرسة للصهيونية التي ظلت دون رادع في كثير من هذه الطوائف». وقد طالبت الجماعات اليهودية الكنائس بدعوة كبار مسؤوليها إلى اجتماع «قمة» لبحث الموقف، وهي الدعوة التي قال القادة المسيحيون إنهم يعكفون على دراستها. يذكر أن معظم القادة المسيحيين المشاركين من كنائس بروتستانتية رئيسية. وقد اتخذ كثير من هذه الكنائس نفسها قرارات مثيرة للجدل بسحب ممتلكاتها من الأسهم من الشركات التي تبيع أجهزة عسكرية وأمنية للكيان الصهيوني. في الوقت نفسه، وجدت الحكومات الصهيونية المتعاقبة دعما جريئا في الكنائس الأميركية الإنجيلية المحافظة. وتعتبر هذه الخطوة أكبر خرق، لأنه يضم جماعات يهودية معروفة بتوطيدها علاقات قوية بين أتباع الديانتين المسيحية واليهودية، من بينها الحركات الإصلاحية والمحافظة واللجنة اليهودية الأميركية ومنظمة «بناي بيرث» الدولية. أثير الجدل في يوم 5 أكتوبر (تشرين الأول)، حينما بعثت الجماعات المسيحية خطابا تحث فيه الكونغرس على عقد جلسات استماع حول ما إذا كان الكيان الصهيوني ينتهك شروط تلقي المساعدات الأجنبية. وكتب قادة مسيحيون أنهم قد لاحظوا انتهاكات واسعة النطاق من جانب الكيان الصهيوني لحقوق الإنسان بحق الفلسطينيين، بما في ذلك قتل المدنيين وتدمير المنازل والتشريد الإجباري وفرض قيود على حركة الفلسطينيين. وجاء في الخطاب أن الكيان الصهيونى قد استمر في توسيع نطاق المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، على الرغم من الدعوات الأميركية إلى التوقف عن «المطالبة بالأراضي التي يجب أن تكون بموجب القانون الدولي وسياسة الولاياتالمتحدة تابعة لدولة فلسطينية في المستقبل». وضم الموقعون، إلى جانب أعضاء الكنيسة المشيخية، قادة من الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في أميركا والكنيسة الميثودية المتحدة والمجلس الوطني للكنائس وكنيسة المسيح المتحدة والكنيسة المسيحية (تلاميذ المسيح) ولجنة خدمة الأصدقاء الأميركيين (منظمة كويكر) واللجنة المركزية المنونية. علاوة على ذلك، فقد وقع أيضا قائدان كاثوليكيان، أحدهما بمؤتمر كبار رؤساء الأديرة، وهو الكيان الذي يضم تحت مظلته المنظمات الدينية التي يرأسها الرجال. وأقر خطاب القادة المسيحيين بأن كلا من الصهاينة والفلسطينيين قد تجرع كأس المعاناة، وأن كلا الطرفين يتحمل المسؤولية. غير أنه طالب بالتحقيق في أنشطة الكيان الصهيوني فقط. وأشار قادة يهود إلى أن مثل هذا المنهج يجسد معيارا مزدوجا؛ فالسلطة الفلسطينية تتلقى أيضا دعما أجنبيا من الولاياتالمتحدة، فضلا عن أنه قد وجهت إليها اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان، على حد قولهم. وأشار كثير من القادة المسيحيين في مقابلات إلى أن الخطاب انصب فقط على الكيان الصهيوني، لأنه أكبر متلقٍّ للمساعدات الأميركية، ونظرا لأن المعونة تتدفق إلى الكيان الصهيونى من دون شروط أو محاسبة. تم تعليق المساعدات الإنسانية المقدمة للسلطة الفلسطينية العام الماضي بسبب الانتهاكات، ويعيد الكونغرس النظر في منح المساعدات لمصر، حسبما أشار بيتر مكاري، مسؤول الشرق الأوسط وأوروبا في الاتحاد العالمي لكنيسة المسيح المتحدة والكنيسة المسيحية (تلاميذ المسيح)، الذي ساعد في كتابة الخطاب. وقال: «من الأهمية بمكان محاسبة الكيان الصهيوني تماما كجميع الدول الأخرى في المنطقة». وقال أنطونيوس كيريوبولوس، مدير علاقات الأديان والأمين العام للمجلس الوطني للكنائس: «إنها خطوة مؤثرة، لكن بسبب الإحباط، لا يتقدم الموقف في إسرائيل (فلسطين) بشكل بناء» . انتابت القادة اليهود صدمة ليس فقط من محتوى الخطاب، بل أيضا من حقيقة أن القادة المسيحيين لم يقدموا لهم أي تحذير، فقد شارك كلا الطرفين لمدة ثماني سنوات في مائدة مستديرة عقدت لمداواة الجراح التي خلفها الصراع الصهيوني - الفلسطيني. وقام القادة اليهود بإلغاء اجتماع أمس الاثنين. «ما نشاهده هو أناس في المجتمع اليهودي، بحمائمه وصقوره، يخالجهم شعور حقيقي بأنهم قد وصلوا إلى حد الإعياء»، هذا ما قاله فيلسون من المجلس اليهودي للشؤون العامة. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة