اعتبرت أكاديمية ألمانية أن إجراءات الحكومة الألمانية تجاه المهاجرين خاصة وسائل الإعلام التابعة للجالية الإسلامية اتسمت بتمييز واضح بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وأوضحت الباحثة من جامعة إيرفروت الألمانية كريستين هورز أن تلك التدابير خاصة تجاه المحطات التلفزيونية التابعة للمسلمين والناطقة بلغاتهم الأم تنطلق من موجة الخوف من الإسلام "الإسلاموفوبيا" التي عمت المجتمع الألماني وساهم الإعلام بشكل كبير في صناعتها. وقالت في محاضرة ألقتها بجامعة العلامة الطباطبائي في طهران حول المحطات التلفزيونية التابعة للمهاجرين الإيرانيين في ألمانيا إن الحكومة الألمانية لا تمتلك الخبرة الكافية للتعامل مع مجتمعات المهاجرين مثل تلك التي تمتلكها بريطانيا وفرنسا بفعل احتكاكهما بالمجتمعات الإسلامية أثناء المرحلة الاستعمارية. وأشارت هورز – بحسب الجزيرة - إلى أن ألمانيا بدأت مؤخرا تقبل بحقيقة كونها دولة تتكون في نسبة كبيرة منها من المهاجرين إذ إن نسبة الثلث من سكان غرب البلاد هم من المهاجرين. ولاحظت أن نسبة تتراوح ما بين 15 و20% من سكان ألمانيا البالغين حاليا 82 مليون نسمة ينحدرون من أصول مهاجرة مضيفة أنه يوجد 7.2 ملايين مهاجر ممن يحملون جوازات سفر خارجية يتوق الكثير منهم للعودة إلى موطنه الأصلي. وذكرت في هذا الإطار بالمساهمة القوية للمهاجرين في النسيج الاقتصادي بألمانيا مبرزة أن المصانع المملوكة لألمان من أصول تركية تدر عائدات بقيمة 29.5 بليون يورو سنويا. واعتبرت هورز أن ألمانيا بلد مهاجرين بدون سياسة للهجرة بسبب التأخر في وضع سياسة عادلة وحكيمة تجاه المهاجرين مشيرة إلى أن الإجراءات التضييقية التي بدأت في تطبيقها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر على المهاجرين خاصة المسلمين كانت ذروتها تدابير شرع في تنفيذها عام 2005. وقالت إن الإعلام ساهم بفعالية في صناعة حالة "الإسلاموفوبيا" في المجتمع الألماني رغم أن الدين الإسلامي يشكل ثاني أكبر ديانة في ألمانيا بعد المسيحية. وحول الإعلام والمهاجرين المسلمين أوضحت هورز أن المجلس الفيدرالي للإذاعة والتلفزيون يضم ممثلين عن المعنيين بقطاع الإعلام يخصص فيه مقعد واحد للمهاجرين. وأبرزت في هذا الإطار أن المسلمين غير ممثلين فيه عكس الجالية اليهودية الصغيرة التي تتوفر على ممثلين في جميع المجالس. وأضافت هورز أن قنوات التلفزيون المبثوثة بواسطة الكيبل والمحطات الفضائية كانت تقدم للمهاجرين فرصة ثمينة للتواصل مع بلدانهم الأصلية من جهة ومن جهة ثانية أتاحت لهم الاندماج في صناعة الإعلام الألماني باعتبار أن تلك المحطات تعكس خصوصياتهم الثقافية وهو ما لا يجدونه في التلفزيون الألماني. ولعب الإيرانيون دورا كبيرا في تأسيس محطات تخاطب مجتمعهم المهاجر وشهد عام 2002 مساهمة كبيرة من قبل المهاجرين في إنتاج البرامج التلفزيونية وصلت إلى نسبة 35% من مجموع البرامج المنتجة. وتضيف هورز أن الإجراءات الحكومية التي وضعتها برلين بعد أحداث 11 سبتمبر فرضت قواعد قانونية جديدة في التعامل مع المحطات المملوكة لمهاجرين حيث أصبح لزاما عليها أن تترجم جميع برامجها إلى الألمانية وهو الأمر الذي دفع الكثير منها إلى التوقف عن العمل. وترى الباحثة الألمانية أن فرض الترجمة الذي جاء بقرار من مجلس الترخيص والمراقبة لمحطات الإذاعة والتلفزة كان نتيجة احتجاجات ضد استخدام اللغة الأم في برامج المهاجرين من قبل المشاهدين الألمان.