مروة الشربينى وبرقع فرنسا ومآذن سويسرا.. من أهم الأحداث التى شهدها العام الماضى وأضيفت إلى أجندة العلاقات المتوترة أصلا بين الغرب والإسلام منذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر الماضى، وأضافت إلى اللهب المشتعل مزيدا من الحطب.. فشهد الأول من يوليو الماضى مقتل شهيدة الحجاب الصيدلانية المصرية مروة الشربينى التى طعنها المتطرف الألمانى «أليكس فاينز» فى ساحة محكمة ولاية دريسدن الألمانية، وانتفضت القلوب ولم تهدأ حتى بعد الحكم على قاتلها بالسجن مدى الحياة. ولم تهدأ أزمة الحجاب فى فرنسا، التى نشبت قبل 4 سنوات، لتشتعل أزمة «البرقع» ومحاولات منعه وتأكيد الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى أنه لا مكان للبرقع فى فرنسا، ليشتعل الجدل حول حقوق المسلمين والخوف من المد الإسلامى. أما تاريخ 29 من نوفمبر الماضى فكان صادما لملايين المسلمين فى العالم الذين فوجئوا بأن 57% من الشعب السويسرى وافق فى الاستفتاء الذى دعا إليه الحزب اليمينى المتطرف على منع بناء المآذن، مما أحدث ردود فعل واسعة على جميع الأصعدة، وحالة من الغضب الشديد بين المسلمين. هذه الأحداث تطرح سؤالا عن أوضاع المسلمين فى العام الجديد وهل تخفت نبرة العداء ضد الإسلام أم سترتفع الأصوات؟ من دون تشاؤم.. فإن الوقائع السابقة تشير إلى أن القادم أسوأ. ترى الدكتورة فوزية العشماوى رئيس منظمة المرأة المسلمة فى سويسرا وعضو حزب الخضر السويسرى أن أوضاع المسلمين فى جميع الدول الأوروبية تسير من سيئ إلى أسوأ، وتؤكد أن السبب هم المسلمون أنفسهم بسبب التشدد المبالغ فيه لبعض أعضاء الجماعات الإسلامية المتشددة الذين فروا من بلادهم لما يعانونه من ملاحقة أمنية لهم فى بلادهم. وتابعت قائلة: فلم يجد هؤلاء ملاذا آمنا سوى اللجوء إلى الدول الأوروبية واعتقدوا خطأ أن بإمكانهم استغلال حرية الرأى والعقيدة والتعبير التى تكفلها جميع الدساتير الأوروبية لتطبيق الإسلام الراديكالى المنغلق الذى يؤمنون به، وهؤلاء يطلقون اللحية الطويلة الشعثاء المنفرة ويرتدون الجلباب القصير ويفرضون على زوجاتهم النقاب وعلى بناتهم دون السادسة الحجاب. وتقول: «أعطى هؤلاء المتشددون فكرة سيئة عن الإسلام والمسلمين، فضلا عما يشاهده الأوروبيون يوميا على شاشات التليفزيون من أعمال العنف والتفجيرات وأشلاء القتلى فى «عمليات إرهابية» كما يطلق عليها الإعلام الغربى فى العراق وأفغانستان وفلسطين المحتلة». وكل هذه المظاهر العنيفة المتشددة أدت بالشعوب الأوروبية إلى الخوف والفزع من المسلمين وبدأت الحكومات تأخذ حذرها بتعديل القوانين للحد من تغلغل المسلمين فى الكيان الأوروبى. وترى الدكتورة فوزية العشماوى أن للغرب «العذر» فى موقفهم تجاه المسلمين، خاصة أن معظم المسجونين فى قضايا عنف وتخريب وتهريب مخدرات فى السجون الأوروبية من المسلمين ومعظم من يحصلون على إعانات بطالة وإعانات عجز ومرض وتعويضات تأمين هم من المسلمين الذين يتلاعبون بقواعد التأمين والبطالة ليحصلوا على هذه الامتيازات بدون وجه حق. وتقول أصبح المسلمون من وجهة نظر الأوروبيين يهددون أمن معظم الدول الأوروبية فانتشرت ظاهرة الإسلاموفوبيا أى الخوف المتزايد من الإسلام والمسلمين. فكانت النتيجة زيادة التشدد فى القوانين ووضع العراقيل أمام منح المسلمين تأشيرة دخول للدول الأوروبية بل إن بعض الدول بدأت تطرد المسلمين الذين دخلوا الدول الأوروبية بدون فيزا أو بتأشيرة مزورة أو انتهت مدة صلاحيتها. ولم يخف الدكتور طه جابر علوانى رئيس المعهد العالمى للفكر الإسلامى سابقا تخوفه من مستقبل المسلمين فى الغرب خاصة فى ظل تمدد الجاليات المسلمة بشكل أثار قلق أوروبا، فضلا عن تأثر الغرب فى تعاملهم مع المسلمين بشكل واضح بالمنطق الصهيونى، الذى يؤدى إلى صراع دائم مع المسلمين. وألقى بالمسئولية عل عاتق الإعلام العربى والإسلامى غير الممنهج الذى يسير متخبطا دون استراتيجية، بينما تدور آلة الإعلام الغربى والصهيونى بقوة شديدة ونظام أقوى ليزيح المسلمين من طريقه بإيجاد مشكلات للمسلمين فى الغرب، ودعم الإسلاموفوبيا لحرمان المسلمين من أن يكون لهم أى وجود فاعل أو علاقات طبيعية مع الغرب. ولأن هذه الاوضاع ما زالت قائمة فان العداء سيظل موجودا ، ورغم هذا فقد حذر تقرير صادر عن الاتحاد الأوروبى السياسيين والإعلاميين الأوروبيين من نتيجة العداء ضد المهاجرين خاصة المسلمين، وتضمن التقرير الذى أعده الباحث كريستوفر آلن والبروفسير جورجن نيسلين أستاذ الدراسات الإسلامية فى مركز العلاقات المسيحية الإسلامية فى فيينا تقريرا مفصلا لظاهرة (الإسلاموفوبيا) والعداء للأجانب. ورصد التقرير سلوك الأوروبيين فى 15دولة من دول الاتحاد الأوروبى تجاه الأجانب عامة والمسلمين خاصة، وأوضح أن المسلمين بعد 11سبتمبر أصبحوا هدفا واضحا للتحرشات والاعتداءات من مواطنى الاتحاد الأوروبى مما يشكل تهديدا لنسيج المجتمعات الأوربية ذات الأعراق المتعددة. واعتبر فريق من المحللين حادث مقتل الألمانية المسلمة من أصل مصرى ومنع بناء المآذن شاهدا على عنصرية الغرب تجاه المسلمين ويتنافى مع مبادئ التسامح وقبول الآخر وحرية الأديان وحوار الحضارات الذى كثيرا ما تحدث عنه الغرب، ورأوا أن العام القادم وبعد القادم أيضا الذى يتوافق مع مرور 10سنوات على أحداث الحادى عشر من سبتمبر سيشهد المزيد من التضييقات الأمنية على المسلمين. وعلى جانب آخر أقرب إلى التفاؤل، ويسير فى اتجاه الوحدة بين المسلمين بعضهم البعض فى روسيا، توقعت قيادات دينية روسية اتحاد مسلمى روسيا المتفرقين فى ثلاث إدارات دينية رئيسية هى الإدارة الدينية المركزية للمسلمين، ومجلس المفتين، ومركز التنسيق لمسلمى شمال القوقاز فى قيادة واحدة تنطق باسم الإسلام. ووصف طلعت تاج الدين، رئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمى روسيا فى تصريحات لموقع إسلام أون لاين خطوة الاندماج بأنها «مفاجأة تاريخية لمسلمى روسيا الحديثة، وتضع نهاية للانقسام المستمر» بينهم، حيث كانت هذه الإدارات موحدة وتفككت فى عام 1992 بعد انهيار الاتحاد السوفييتى على خلفية النزعات الاستقلالية فى البلاد، وساهم الانقسام فى تفريق كلمة المسلمين وجعل قياداتها تدخل فيما يشبه حرب تناحر وتنافس للحصول على القيادة.