انتخابات مجلس النواب بالإسكندرية .. «القضاء الإداري» ترفض طعن هيثم الحريري على قرار استبعاده    تسليم 11 شهادة مزاولة حرفة بالأقصر    محافظ الأقصر يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي    هزة أرضية بشدة 2.4 درجات تضرب شرق الجزائر    جيش الاحتلال يعلن العودة مجددا لتطبيق وقف إطلاق النار في غزة    مشاجرة بين عمر عصر وزميله في المنتخب خلال بطولة إفريقيا لتنس الطاولة    مبيومو يكتب التاريخ بأسرع هدف في تاريخ كلاسيكو ليفربول ومانشستر يونايتد    فليك مهدد بالغياب عن الكلاسيكو بعد طرده أمام جيرونا    مصرع فتاة بعد تناولها مادة سامة مجهولة ببني سويف    التفاصيل الكاملة لزيارة كيت بلانشيت إلى الجونة    رباب حسين ونجل الكاتب مصطفى محرم يحسمان الجدل حول مشروع الجزء الثاني من لن أعيش في جلباب أبي    فى الليلة الثالثة للمهرجان.. وائل جسار يوجه التحية لمصر وجيشها    وكيل الصحة في الأقصر يتفقد مستوى الخدمات الطبية لمستشفى الحميات    «تطوير الإعلام» تتلقى توصيات المؤتمر العام ال6 لنقابة الصحفيين تمهيدًا لعرضها على اللجان الفرعية    أوقاف الفيوم تنفذ قوافل دعوية للواعظات.. صور    الكنيسة المصلحة تحتفل بمرور 150 عامًا على تأسيسها في تايلاند    القبض على كروان مشاكل بتهمة بث أخبار كاذبة وممارسة أفعال خادشة للحياء    أوقاف الفيوم تعقد الاختبارات الأولية لمسابقة القراءة الصيفية.. صور    نانت ضد ليل.. مصطفى محمد يقود هجوم الكناري في الدوري الفرنسي    وزير الدفاع الأمريكي: واشنطن شنت ضربة جديدة على مركب تجار مخدرات    «من الحضارة إلى اليونسكو».. اتحاد الغرف السياحية يوثق رحلة خالد العناني بفيديو تسجيلي    نقابة المهن التمثيلية تهنئ المخرج هشام عطوة برئاسة قطاع المسرح    جدول مواقيت الصلاة غدًا الإثنين 20 أكتوبر بمحافظات الصعيد    بنك saib يطلق حملة لفتح الحسابات مجاناً بمناسبة اليوم العالمي للادخار    نائب رئيس المؤتمر: كلمة الرئيس السيسي تجسد ثوابت الدولة في الصمود والتحدي    بعد وفاتها.. أمير عيد يكشف تفاصيل مرض والدته بالزهايمر: «أكبر صدمة في حياتي»    أول تعليق للرئيس السيسي على الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود    هل يجب إخراج الزكاة عند بيع المحصول أم قبل الحصاد؟.. الدكتورة إيمان أبو قورة توضح    هل يمكن العودة للصلاة بعد انقطاع طويل؟ .. أمين الفتوى يجيب    إصابة 5 أشخاص باشتباه تسمم إثر تناول وجبة رز وخضار بقرية دلجا بالمنيا    مشروبات مهمة تحسن سكر الدم بالجسم    مصرع تاجر مخدرات في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بكفر الزيات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    يلا شوووت شاهد بث مباشراليوم مباراة ريال مدريد ضد خيتافي في الدوري الإسباني 2025    المشدد 3 سنوات لعامل شرع مع أخويه في قتل ابن عمه بسبب الميراث    محافظ كفرالشيخ يسلم 6 عقود تقنين أراضي أملاك الدولة للمستفيدين    مشروب طبيعي قبل النوم، يساعد على تهدئة الأعصاب وتحسين المزاج    رئيس البرلمان العربي يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة انتخابه رئيسًا لمجلس الشيوخ    البورصة تغلق عند أعلى قمة اليوم.. وأسهم القطاع الطبي تتصدر الأكثر ارتفاعًا    إنجاز جديد.. مصر تتوج بلقب بطولة العالم للأساليب التقليدية برصيد 54 ميدالية    6 أبراج تفضل أن تتعلم مدى الحياة    «الزراعة» تختتم الدورة التنشيطية لفرق التقصي الوبائي للأطباء البيطريين    تفاصيل إصابة محمد شريف ومدة غيابه عن الأهلي    اللواء محيى نوح: الرفاعي استشهد على تبة الصواريخ بعد تدمير دبابات العدو    الاستخبارات التركية تساهم في وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    رغم اتفاق وقف اطلاق النار.. الاحتلال الصهيونى يتعمد تجويع أهالى قطاع غزة    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    إصابة 12 طالبا بالجدرى المائى بمدرسة فى المنوفية    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    الدفاع الجوى الروسى يدمر 45 مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19-10-2025 في البنوك    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    عبدالرحمن مجدي: تعاهدنا داخل بيراميدز على حصد البطولات    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرّدود والملاحظات على الجهود والاجتهادات..
نشر في الشعب يوم 15 - 09 - 2012


تعليقًا على مقال البطل مجدي حسين عن سرقة بترول مصر
شكرًا للبطل مجدي حسين، على هذا المقال، وعلى كلّ مقال، على هذا الجهاد، وعلى كل اجتهاد، وبعد. سأكتفي هنا بتسجيل ملاحظة واحدة، أو تعليق واحد على ما ذكرته عن الصّناعة. لعلّك تتذكّر أنّني أطرح من وقت لآخر السّؤال الجوهريّ على القرّاء المحترمين: كم يا تُرى من الأعوام والسّنين، بل من العقود والقرون، صارت تفصلنا عن حضارة العصر؟ واقع الحال يقول للأسف أنّنا نعيش على كوكب آخر غير الكوكب الّذي تعيش عليه الدّول الغربيّة بالذّات. ذلك لأنّك لو رجعت إلى كتاب جورج سارطون: «مقدّمة في تاريخ العلم»، وهو في الواقع عنوان متواضع أكثر مما ينبغي، لدرجة التّضليل، لأنّ الكتاب ليس مقدّمة، بل موسوعة من عدّة مجلّدات ضخمة. وللأسف وجد المصريّون صعوبة بالغة في نقله إلى العربيّة، نظرًا لضخامته، واستسهلوا كتابًا آخر للمؤلف، ترجموه بالقطعة، أي قطّعوه قطعًا، وكلّفوا كلّ مترجم بنقل قطعة صغيرة، لأنّ النّاس في مصر أصبح لا طاقة لها على القيام بأعمال عظيمة، للأسف. على كلّ حال معروف عن سارطون في كتابه هذا أنّه اختار لكلّ نصف قرنٍ عالمًا أو أكثر من عَالِمٍ، قال إنّه أو إنهما أثّرا في البشريّة خلال هذه الفترة. منهج رائع، قد يختلف النّاس عليه، وقد يختلفون. لكن الملفت هو أنّ العلماء المسلمين كانوا حاضرين بقوّة، بل وسائدين، على السّاحة العالميّة، منذ القرن الثّامن الميلاديّ تقريبًا، وحتّى القرن الثّالث عشر-الرّابع عشر بعد الميلاد. هذا بالضّبط هو توقيت سقوط بغداد شرقًا وقرطبة غربًا في حدود منتصف القرن الثّالث عشر الميلادي. سقطت بغداد في يد المغول، وسقطت قرطبة في أيدي الكاثوليك الأسبان. بعد هذا التّاريخ دخل المسلمون عصور الظّلام. فصرنا نسمع عن فقهاء يكتبون كتبًا عن أفضليّة الدّخول إلى المسجد بالقدم اليمنى وليس اليسرى. وانقلبت الموازين. وصحّ وصف المرحوم الشّيخ الغزّالي عندما قال إنّ المرء عندما يقلّ عقله، بل يغيب، لا يرى جوهر الأمور، لغياب البصيرة. ويصوّر له عقله السّاذج صغائر الأمور على أنّها أمور عظيمة جدًّا. وفي هذا الإطار أيضًا تستطيع ذكر أسلوب معالجتنا لمشاكل الزّواج. فبدلًا من مساعدة النّاس على الزّواج المبكّر، توهّم أصحاب العقول الضّعيفة أنّ المشكلة ليس في الزّواج، بل في غياب الحجاب!! وبعدما شاع ارتداء الحجاب، زادت حالات التّحرّش، وتضاعفت نسب العنوسة!! والسّبب من وجهة نظري أنّ العقل المصريّ حدث خلل شديد فيه، جعل النّاس عاجزة عن رؤية الأشياء كما هي، وعن تشخيص الأمراض تشخيصًا صحيحًا. وثّمة شيء مشابه لاحظته في سويسرا. فقد كتبتُ إلى برلمانيّة سويسريّة شهيرة أشكو لها من تمادي الفتيات السّويسريّات في التّعرّي. قلت لها: عندي انطباع أنّ نسبة المواليد تتراجع، كلّما زاد التّعرّي!! غضبت صاحبتي منّي، وقرّرت أن تخاصمني إلى الأبد!!
نعود إلى إشكاليّة التّحضّر والتّخلّف. نحن باختصار غادرنا قطار الحضارة في القرن الثّالث عشر الميلاديّ. وقبل هذا تستطيع الاستعلام عن إبداعات العرب في شتّى الميادين العلميّة والتّكنولوجيّة. في المشرق كان عندنا مثلًا بنو موسى، أو الإخوة بنو موسى الّذين تركوا لنا كتابهم الرّائع عن الحيل التّكنولوجيّة. وفي الأندلس تطوّرت الصّناعات كثيرًا، بل وصار الأوروبيّون أنفسهم يذهبون إلى الأندلس لكي يتعلّموا من العرب العلم والتّكنولوجيّا. وقد ترك لنا مسلمو الأندلس اختراعات متطّورة جدًّا في مجال الصّناعات الحربيّة والطّبّيّة بالذّات. بعدئذ توقّفت عقارب السّاعة في عالمنا العربيّ. من حقّنا اليوم أن نكيل السّبّ واللّعن والشّتم للأجداد المتقاعسين الّذين رضوا بهذا الهوان والذّل والتّخلّف، ولم يحرّكوا ساكنًا من أجل منافسة الغربيّين حضاريًّا وعلميًّا. لقد استمرّت عصور التّخلّف من القرن الثّالث عشر-الرّابع عشر حتّى لحظتنا هذه. فأنت اليوم ليس عندك صناعة بالمعنى الصّحيح، بل هزار، وعبث. يقينًا يتحمّل مجرمو العسكر قسطًا كبيرًا من مسؤوليّة تخلّفنا، لأنّ الصّناعة كانت آخر شيء يهمّهم. فمن المعروف عنهم أنّهم كانوا يهرولون لاستيراد أي شيء طمعًا في العمولة!! فصرنا لا نصنّع، كما قال صاحبهم عبد النّاصر، من الإبرة إلى الصّاروخ، بل نستورد كلّ شيء من الإبرة إلى الصّاروخ، مرورًا بلقمة العيش. فأي هوان هذا الّذي ابتلانا اللّه به!!
أتذكّر عندما كنت تلميذًا في مصر، أنّني سمعت الفيلسوف السّادات يقول: «نحن نستود المصانع بالمفتاح»!! وهذا قول يُرينا أبعاد الجهل والتّخلّف الّذي سقطنا فيه. ما معنى هذا؟ معناه أنّ الخواجات يفعلون لنا كلّ شيء، وأنّنا لا نفعل أيّ شيء. وهذا هو ما يحدث الآن أيضًا. فالصّناعة تعني في المقام الأوّل المقدرة على تصنيع أدوات الأنتاج. وقد شاهدت هذا بنفسي من خلال زميل دراسة مصريّ في سويسرا تخصّص في دراسة الماكينات الّتي تصنّع آلات الإنتاج. وهي ماكينات معقّدة، لكنّها هي أساس قيام أي صناعة. فإن شئت مثلًا تصنيع ماكينة حلاقة، فما عليك إلّا تكليف المهندس المتخصّص لينتج لك ما يمكن تسميته نموذجًا، أو قالبًا، أو «استامبا»، لكي تستطيع إنتاج ماكينة الحلاقة بأعداد كبيرة. فعندما يكون لدينا القالب، ولدينا أدوات الإنتاج، نستطيع أن ننتج أي شيء، إذا توفّرت أيضًا الموادّ الخامّ. والموضوع قد يبدو بسيطًا، لكنّه هو الأساس. وبالمناسبة فصديقي محمّد منصور، أحد كبار العلماء المتخصّصين في «التّحكّم الآلي» في العالم، شرح لي، أنا غير المتخصّص، كثيرًا من أسرار هذا العَالَمِ المثير للاهتمام. وهذا بالفعل هو الفرق بين العصر الحجري والعصر الحديث. في عصرنا هذا تستطيع إنتاج ماكينة تقوم هي بدورها بإنتاج ملايين من السّلع المطلوب إنتاجها. وهذا يعني أنّ هذه الماكينات قد جعلت الإنسانيّة تقفز قرونًا إلى الأمام. وللتّبسيط يمكنك أن تتخيّل أنّنا نريد تصنيع مئة مليون درّاجة لجميع سكّان مصر. لو حاولنا إنتاج هذه الدّراجات باليد، بالعمل اليدوي، فقد نحتاج إلى عدّة قرون، وإلى عدّة ملايين من العمّال. لكن بالتّكنولوجيا الحديثة، يمكن إنتاج هذا العدد الهائل من الدّراجات في خلال شهر أو أقلّ، إذا وفّرنا الماكينات المطلوبة، والمواد الخام، والكوادر البشريّة. هذا هو الفارق. وهو أيضًا الفارق بين العصور الحجريّة، الّتي ساهم مجرمو عسكر مصر في تثبيتنا فيها، والعصور الحديثة.
عندما نقتحم هذا الميدان، ميدان تصنيع وسائل الإنتاج، وآلات الإنتاج، سيكون من السّهل علينا أيضًا أن نستغني عن الشّركات الأجنبيّة الّتي تبهرنا وتنصب علينا، وتدّعي أنّها أنفقت المليارات للتّنقيب عن البترول والغاز. وواقع الحال يقول أنّ هذه الماكينات الّتي تستخدمها شركات البترول يمكن تصنيعها بسهولة شديدة، لنستغني بعد ذلك عن التّبعية والذّلّ. لكن الإرادة غائبة، والوعي غائب، والعزيمة غير موجودة. الشّيء نفسه ينطبق على ما نحتاجه من مصانع لتدوير القمامة. فنحن لن نكون بحاجة إلى استيراد هذه المصانع بالمفتاح كما كان يقول صاحبهم الحشّاش، بل سنحتاج فقط إلى معرفة التّكنولوجيا المطبّقة الآن لتدوير القمامة، لنقوم بأنفسنا بتصنيع آلات المصنع. وخاصّة أنّ معالجة القمامة تعتمد، ضمن ما تعتمد على الأفران، وعلى ماكينات فرم المعادن.
صديقي العزيز، ليس علينا الآن إلّا طرح سؤال بسيط: أين كان الأجداد الملعونون، عندما اخترع الغربيّون السّيّارة لأوّل مرّة؟ ولماذا لم يتحرّك أجدادنا، ويتفاعلوا مع هذا الحدث الخطير، لينقلوا لنا هذه التّكنولوجيا وهذه الصّناعة إلى مصر؟ وأين كان الأجداد السّفهاء عندما هبط الإنسان لأوّل مرّة على سطح القمر؟ لماذا لم يحرّك عسكر مصر حينئذ ساكنًا، وكان هذا في ستينيّات القرن العشرين، لكي تنافس مصر أمريكا وروسيا في مجال تصنيع سفن الفضاء، وغزو الفضاء، واكتشاف الكون الفسيح الّذي أبدعه البارئ تعالى؟ لقد تخاذل الآباء، وتقاعس الأجداد، والآن سوف يصبّ الأبناء والأحفاد عيلنا جامَ غضبهم، إن لم نتحرّك، ونلحق بحضارة العصر.
الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.