شنَّ نبيل عثمان- الرئيس السابق للهيئة العامة للاستعلامات- هجومًا على السياسة الخارجية المصرية قائلاً: إنها تقوم بعلاج أورام سرطانية بأقراصٍ من الإسبرين ووصفها بالسياسة الخجولة المهادنة وغير البادئة. وأضاف في الحلقة النقاشية التي أقامها "المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية" اليوم: أن تراجع الدور المصري في الإقليم يرجع في المقام الأول إلى المشاكل الداخلية المتفاقمة والانكفاء على الداخل؛ حيث لم يعد الرأي العام المصري يهتم بأي قضية خارج مصر إلا إذا أثارت عواطفه، كما حدث وقت احتلال العراق ووقت حرب لبنان ولا يتعدى هذا الاهتمام التأثر لبعض الوقت ثم الانصراف، مشيرًا إلى أن أي دور دولي لا يمكن أن ينجح إلا إذا حصل على مساندةٍ من الرأي العام.0 وقارن عثمان بين الوضع الإقليمي الحالي والوضع الإقليمي التاريخي لمصر ليوضح أنَّ مصرَ في وقتٍ سابقٍ لم تكن أقوى اقتصاديًّا ولا عسكريًّا وكانت محتلةً فعليًّا من جانب بريطانيا أو مهاجمة، وفي حالة حروب في الفترات التالية، ومع ذلك كانت محافظةً على دورها القيادي والتاريخي. ورفض عثمان أن يقتصر الدور المصري على ما أسماه "حرب الحناجر"، وطالب بإطلاق حلم قومي يجمع الشعب حوله كما حدث وقت أحلام الوحدة القومية أو تحرير الأرض، مؤكدًا أن الحلم القومي ليس دعوةً رومانسيةً وإنما هو جمعٌ للشعب كله على هدفٍ وأملٍ واحد، فالمشاركة الشعبية هي التي يمكنها التأثير في المنطقة كلها، موضحًا أهمية الإعلام وأن دورنا كعقلٍ مدبر ومُصدِّر لأسلوب الحياة هو الأساس الذي يعطينا مكانتنا الدولية. وتساءل أين الإشعاع المصري؟ وأين دور الأديب والإعلامي والصحفي والمدرس المصري؟ وتساءل ساخرًا كيف ستكون "صورتنا الذهنية" لدى العالم إذا تمَّ تصدير "شغالات" مصريات إلى السعودية؟!! وأكد السفير حسن عيسى أهمية القضية الفلسطينية للأمن القومي المصري وأن أرض فلسطين والشعب الفلسطيني يقفون عند خط الدفاع الأول عن مصر، ودعم مصر لهم هو حفاظ على الأمن المصري، وأشار الى أطماع الكيان الصهيوني التوسعية والتي تتعدى مقولة من النيل إلى الفرات، وتمتد إلى مقولة بن جوريون والتي قال فيها: "حدود إسرائيل هي حيث تستطيع قدم الجندي الإسرائيلي أن تصل"، موضحًا أن هذا الخطر يزداد عندما يدور الكلام عن سيناء والتي يعتبرها المواطنون في الكيان الصهيوني أرضًا مقدسةً لا يحق لأحد التنازل عنها؛ بل إنَّ أحدَ جنرالاتهم وهو "جيورا إيلان" كتب عن محاولته بعد اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل للمساومة على سيناء مقابل صحراء النقب. وشدد على أهمية ألا تنحاز السياسة المصرية لجانب دون الآخر في فلسطين، مؤكدًا أن دعم أحد العناصر الفلسطينية ومساندته أمام عنصر آخر هو سياسة خاطئة وسيأتي بنتائج سلبية، وسيكون مرفوضًا في الداخل الفلسطيني، ولكن المطلوب هو التهدئة وتقريب وجهات النظر بين كلِّ الفصائل، مشيرًا إلى أن الجانب المصري بذل جهودًا خارقةً لمنع سيلان الدم الفلسطيني أنهارًا، وأنه نجح في القيام بهذا الدور رغم أنف الكيان الصهيوني. وأجمع المشاركون في الحلقة على أنَّ ضعفَ الدور الإقليمي المصري بات حقيقةً واقعةً في المرحلة الأخيرة، وأكدوا أن هذا الضعف بأيدٍ مصرية، قبل أن يكون لأسبابٍ دوليةٍ خارجية، وأن دولةً "مهترئة" لا تملك طعامًا أو تعليمًا أو علمًا أو إرادةً لا يحق لها أن تبحث عن دور دولي، واصفين مصر بأنها مصدر تأثير على الدول المحيطة بها وضعفها يؤدي إلى ضعف محيطها الإقليمي بالكامل، وطالبوا بإيجاد هدفٍ قومي تتوجه له سياسات الدولة، ويعمل الطبيب والمدرس والمهندس وكافة طوائف الشعب على تحقيقه.