مجلس جامعة بنها الأهلية يوافق على إنشاء كليتي التمريض والإعلام    وزير العمل ومحافظ الإسكندرية يفتتحان ندوة للتوعية بمواد قانون العمل الجديد    نقيب الأشراف: كلمة الرئيس بشأن غزة نداء للمجتمع الدولي لوضع حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية - تفاصيل المناقشات    وزارة الزراعة: حملات تحصين وقوافل بيطرية وإرشادية بالمحافظات خلال أسبوع    ستروين تكشف النقاب عن C5 Aircross الكهربائية الجديدة.. شاهدها    سفيرة الاتحاد الأوروبى: مصر ركيزة الاستقرار الإقليمى وندعم جهودها لوقف حرب غزة    الكهرباء: تشغيل الكابل الثاني بمحطة جزيرة الدهب وتقدم في التغذية البديلة.. فيديو    حزب السادات الديمقراطي: استهداف السفارات المصرية تحريض مرفوض    الأردن: الكارثة في غزة وصلت لوضع لا يمكن وصفه    الخارجية الفلسطينية: الضم التدريجي لقطاع غزة مقدمة لتهجير شعبنا    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    ترامب: نعمل مع إسرائيل لمحاولة "تصحيح الأمور" في غزة    انفراجة في مستقبل رضا سليم.. نجم الأهلي يقترب من الرحيل إلى الدوري القطري    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    ضبط سائق توك توك تعدى على سائق إسعاف بالقاهرة    الحرارة الشديدة مستمرة.. 3 ظواهر جوية تضرب مصر غدًا    بالصور- انفجار خط مياه رئيسي يغرق شوارع المنصورة ويقطع الكهرباء    تعليمات حاسمة لرؤساء لجان امتحانات الدور الثاني للشهادة الإعدادية بالفيوم    فوز الشهاوي ودومة والمعدول في الآداب وعبد اللطيف وعبد المحسن وفرج في الفنون    15 صورة ترصد كواليس انتخابات التجديد النصفي لمجلس نقابة المهن الموسيقية    «الأعلى للثقافة» يُعلن الفائزين بجوائز الدولة التقديرية لعام 2025 (الأسماء)    نقابة الموسيقيين تكشف تفاصيل التحقيق مع محمود الليثي ورضا البحراوي |خاص    فتح باب التسجيل للنسخة الثالثة من منتدى مصر للإعلام.. ويستمر حتى 30 أكتوبر    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    السياحة الإسلامية في مكة والمدينة: دليل شامل لزيارة المواقع المقدسة    الجامع الأزهر يناقش "حقوق الأبناء" في ملتقاه الفقهي: تكريم الإنسان يبدأ من الطفولة    طريقة عمل الكيكة العادية الهشة، والنتيجة مضمونة    ماء المخلل.. هل هو مفيد؟    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    بالأرقام.. رئيس هيئة الإسعاف يكشف تفاصيل نقل الأطفال المبتسرين منذ بداية 2025    تحرير (144) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    متحف كفر الشيخ: ورش لتعليم النحت وأخرى فنية وتدريب صيفي لطلاب الآثار    الطب البيطري بسوهاج يتفقد مجزر البلينا للتأكد من سلامة وجودة اللحوم المذبوحة    المياه أغرقت الشوارع.. كسر في خط مياه رئيسي بالدقهلية    مجمع إعلام القليوبية يطلق أولى فعاليات الحملة الإعلامية «صوتك فارق»    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و51 ألفا و300 فرد منذ بداية الحرب    «التعليم» تعلن ضوابط صرف الكتب المدرسية للمدارس الخاصة والدولية 2025/2026    بمشاركة وزير السياحة.. البابا تواضروس يفتتح معرض لوجوس للمؤسسات الخدمية والثقافية    «أحط فلوسي في البنك ولا لأ؟».. الفوائد تشعل الجدل بين حلال وحرام والأزهر يحسم    الداخلية تكشف ملابسات مقطع فيديو الاعتداء على بائع متجول في الجيزة    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    بايرن ميونخ يجدد عقد لاعب الفريق لمدة موسم    ريال مدريد يعلن انتقال لاعبه إلى خيتافي    حقيقة مفاوضات النصر مع كوكوريلا    موسوي: إسرائيل كشفت عن وجهها الوحشي بانتهاكها كافة الأعراف الدولية    تدريبات خاصة ل"فتوح والجفالي" بفرمان من مدرب الزمالك    انطلاق تصوير فيلم «ريد فلاج» بطولة أحمد حاتم    رئيس الوزراء: الحرف اليدوية أولوية وطنية.. واستراتيجية جديدة لتحقيق طفرة حتى 2030    كوكا يتدرب في معسكر الاتفاق قبل الإعلان الرسمي لضمه    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    القبض على رمضان صبحى فى مطار القاهرة أثناء العودة من تركيا    أسعار الأسماك بأسواق كفر الشيخ اليوم.. البوري ب130 جنيها    سفير تركيا: خريجو مدرسة السويدي للتكنولوجيا يكتسبون مهارات قيّمة    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    5 أبراج «معاهم مفاتيح النجاح».. موهوبون تُفتح لهم الأبواب ويصعدون بثبات نحو القمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أميركا والمسجد الأقصى
نشر في الشعب يوم 02 - 09 - 2012

الأحداث الكبرى التي كانت تنقل البلاد العربية، وما حولها إقليميا، من مرحلة إلى أخرى جاءت خلال السبعين سنة الماضية من اعتداءات وحروب يشنها الكيان الصهيوني أو من تغييرات نوعية تحدث في مصر، وهذا من دون التقليل من أهمية متغيرات حدثت وتحدث في أقطار عربية أخرى.
أما الأمثلة لما جاء من الكيان الصهيوني، فتبدأ بإقامته وحرب 1948 وتهجير حوالي مليون فلسطيني، ويمر بالعدوان الثلاثي وحرب عدوان يونيو/حزيران 1967 وتداعياتها.
وأما الأمثلة لما جاء في مصر، ومن مصر، ففي ثورة 23 يوليو/تموز 1952 وما تداعى من مرحلة ناصرية حكمت الوضع العربي العام لعقدين من الزمن ثم مرحلة السادات-حسني مبارك لأربعة عقود، ثم ثورة 25 يناير 2011 وتداعياتها.
على أنه في السنوات العشر الأخيرة أحدث محور المقاومة والممانعة -سوريا وإيران والمقاومتان اللبنانية والفلسطينية ثم المقاومة المسلحة والشعبية ضد الاحتلال الأميركي للعراق- متغيرا كبيرا في ميزان القوى العربي في غير مصلحة أميركا والكيان الصهيوني.
وقد تمثل في تحرير جنوب لبنان وتحرير قطاع غزة وفي الانتصار بحربي 2006 و2008/2009 في كل من لبنان وقطاع غزة، وفي إسقاط مشروع المحافظين الجدد (الشرق الأوسط الكبير) ثم برحيل الاحتلال الأميركي من العراق دون قيد أو شرط.
لقد أريد بهذه المقدمة السريعة لفت الانتباه مرة أخرى إلى ما يحدثه الكيان الصهيوني من عدوان اغتصابي للمسجد الأقصى. وقد أخذت الولايات المتحدة الأميركية تدعمه وتهيئ لإنجازه. ثم ما قد يحمله ذلك من تغيير في الوضع العربي والإسلامي العام سوف يفاجئ ويهز ما تشهده الآن البلاد العربية من متغيرات أحدثتها الثورات العربية منذ 2011 وتداعياتها المختلفة.
فكل ما يمكن أن يقرأ من توقعات لمسارات الوضع العربي والإقليمي ضمن الصورة الراهنة وما تحمله من اتجاهات وتوجهات مستقبلية قد يؤثر تأثيرا عميقا في المعادلة السائدة الآن بسبب ما يجري في القدس والمسجد الأقصى على الخصوص. طبعا إلى جانب تداعيات ازدياد احتمالات حرب عدوانية أميركية-صهيونية على إيران.
"
صدر تقرير عن لجنة الأديان في وزارة الخارجيةالأميركية انتقد منع اليهود من الصلاة في باحات المسجد الأقصى معتبرا ذلك المنع "شكلا من أشكال منع الحريات الدينية
"
يجب أن يلحظ في ما يتعلق بما يجري من حفريات تحت المسجد الأقصى ومن قرار صهيوني بوضع اليد على باحته واعتبارها مرفقا عاما يتبع للبلدية الصهيونية في القدس. ثم مشروع اقتسام وقت الصلاة بين المسلمين واليهود فيه، كما حدث في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل.
ثم أخيرا وليس آخرا، وهذه ثالثة الأثافي والإنذار الأخطر، حيث صدر تقرير عن لجنة الأديان في وزارة الخارجية الأميركية انتقد منع اليهود من الصلاة في باحات المسجد الأقصى، معتبرا ذلك المنع "شكلا من أشكال منع الحريات الدينية".
لا يمكن أن يفهم هذا التقرير الصادر عن لجنة الأديان في وزارة الخارجية الأميركية، مع إعلانه رسميا، إلا باعتباره سياسة أميركية سوف تضع كل ثقلها إلى جانب تنفيذ المشروع الصهيوني المتدرج على مراحل، مبتدئا بالحفريات تحت المسجد الأقصى، ومنتقلا إلى اقتسام الصلاة بين اليهود والمسلمين في باحاته، وصولا إلى بناء الهيكل المزعوم في مكانه.
وبالمناسبة، بسبب الحفريات تحت المسجد الأقصى أصبح بنيان المسجد مهددا بالإنهيار إذا ما تعرض لهزة أرضية خفيفة جدا. وقد كان هذا الهدف على رأس أهداف الحفريات التي ادعت البحث عن أثر للهيكل المزعوم أو أي أثر يهودي آخر. وقد تأكد منذ البداية أن البحث عبثي وباطل، ولكنها استمرت وأخذت تتضاعف.
هذا التقرير الأميركي الرسمي أو شبه الرسمي (سيّان) يؤكد مرة أخرى أن الولايات المتحدة اليوم ليست أميركا "الآباء المؤسسين"، وليست أميركا أيزنهاور وكيندي ولا حتى أميركا بوش الأب، فقد أصبحت الآن صهيونية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
فالنفوذ الصهيوني وتأثيره في القرار الأميركي لم يعد مجرد أداة ضغط (لوبي) متنفذة كما كان الحال إلى ما قبل عقدين، ولا سيما قبل العقد الأخير. فهذا النفوذ الآن أصبح متحكما في الكونغرس أكثر مما للقيادة الصهيونية في كنيست الكيان الصهيوني في فلسطين. وأصبح استصدار قرار للكيان الصهيوني في الإدارة الأميركية يلقى معارضة أقل من استصدار مثيله في الحكومة الصهيونية.
"
كيف يمكن أن يفسر هذا التمادي على المسجدالأقصى في الوقت الذي تدعي فيه إدارة أوباما الإنفتاح على الثورات العربية، بما فيذلك على التيارات الإسلامية ولا سيما الإخوان المسلمون
"
ومن ثم فلا يتوهمن أحد في صداقة أميركا أو في السياسات الأميركية واتجاهاتها إذ أصبحت خاضعة للمرور حتما من المنخل الصهيوني إن لم تنشأ من ممثلي النفوذ الصهيوني أنفسهم أو ممن أصبحوا أشد صهينة منهم. وإلا فكيف يمكن أن تفسر المواقف الأميركية وآخرها تقرير لجنة الأديان في وزارة الخارجية الأميركية بغير هذا التماهي الحاصل بين الصهيونية والسياسات الأميركية.
بل كيف يمكن أن يفسر هذا التمادي على المسجد الأقصى في الوقت الذي تدعي فيه إدارة أوباما الانفتاح على الثورات العربية، بما في ذلك على التيارات الإسلامية ولا سيما الإخوان المسلمون.
فكيف تدعم إدارة أوباما عملية تهويد المسجد الأقصى وإشراك اليهود في باحاته ودعوة السلطات الصهيونية لوضع اليد عليها وفتحها للصلاة من قبل "غير المسلمين" ويقصدون اليهود بالتحديد، أو ليس ثمة غيرهم يسعى إلى ذلك أو يطالب به. ثم تتوقع أن ينجح ما تدعيه من انفتاح على المتغيرات المستجدة في الوضع العربي؟
لا يمكن أن تكون الإدارة الأميركية بكل هذه السذاجة حين لا تلحظ التناقض الصارخ بين موقفيها. ولهذا فهي تعلم علم اليقين أن انفتاحها عملية نفاق وذر للرماد في العيون حين لا تستطيع حتى إقناع سلطة رام الله بقبول تقرير لجنة الأديان أو ابتلاعه. فهل يمكنها أن تقنع عربيا واحدا أكان مسلما أم مسيحيا، ناهيك عن مسلمي العالم بحق اليهود في الصلاة بباحة المسجد الأقصى أو بالحفريات تحته.
وبالمناسبة ثمة اعتداءات صهيونية كثيرة على المقدسات المسيحية في فلسطين، بل إن تهويد القدس يشكل تحديا للمسيحية العربية بإطلاق وللمسيحية العالمية ما عدا قلة ممن تصهين منها لا سيما في الولايات المتحدة الأميركية.
المهم، يتوجب على النظرة الإستراتيجية لمستقبل الوضع العربي بالخصوص والإسلامي بالعموم، أن تضع في حسابها أن إنجاز المشروع الصهيوني في إتمام عملية تهويد القدس من خلال فرض اقتسام الصلاة بين اليهود والمسلمين في باحات المسجد الأقصى سيشكل حدثا من النوع الثقيل الذي سيؤثر في الوضع العربي كله. وذلك إلى حد الطغيان على ما عداه من متغيرات راهنة أو متوقعة مستقبليا.
وهذا المتغير متوقع لا من قبيل الافتراض وإنما هو محكوم بما يجري العمل لإنجازه صهيونيا وأميركيا في القدس والمسجد الأقصى.
"
هل يمكن لأميركا أن تقنع عربيا واحدا أكانمسلما أم مسيحيا ناهيك عن مسلمي العالم بحق اليهود في الصلاة بباحة المسجد الأقصىأو بالحفريات تحته
"
إن إنجاز المشروع الصهيوني المدعوم أميركيا سوف يفجر الشارع العربي والإسلامي حتى في الأقطار التي لم يتحرك فيها الشارع بعد، وسيكون الإخوان المسلمون والسلفيون والقوميون والليبراليون الوطنيون وكل المساجد الإسلامية والكنائس المسيحية صفا واحدا.
تصور البعض أن الثورات العربية عموما ابتعدت عن فلسطين بسبب انشغالاتها وأولوياتها الداخلية، أو بسبب محاولات أميركا اختراقها وإبعاد بوصلتها عن القضية الفلسطينية، أو بسبب بعض القيادات التي ردت على "التحية" الأميركية ب"أحسن" منها، وبغض النظر عن تقدير كل طرف لطبيعة العلاقة بأميركا وآفاقها المستقبلية.
هذا التصور خاطئ بالنسبة إلى تلك القيادات، كما يتجاهل طبيعة الشعوب العربية وتاريخها ووعيها ومكانة القضية الفلسطينية في قلوبها وشرايينها، فكيف حين يأتي الأمر ليمس قدسها ومسجدها الأقصى. ومن ثم فاستخدام عبارة "ابتعاد عن فلسطين" ملغوم. وإنما هي أولويات تتقدم فيما هي شبيهة بالرجوع خطوة إلى الوراء (على سبيل التشبيه فهو ليس رجوعا) من أجل القفز خطوتين للأمام وإحداهما إلى فلسطين والوحدة العربية.
أما أميركا فهي بسبب صهيونيتها ودعك من أطماعها الإمبريالية، كفيلة بتصحيح البوصلة، وقد فعلت ذلك من قبل مع الكثير من حركات التحرير في العالم، فكم من شهر عسل تحول إلى شهر بصل أو فلفل يفرك في العيون، بل أكثر.
المهم توقعوا متغير القدس والمسجد الأقصى وأنتم تستشفون احتمالات المستقبل وما هو آت، بل حتى وأنتم تقومون الوضع الراهن، وهذا متغير واحد، ولكن ليس الوحيد، وفي الاتجاه نفسه.
الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.