أكد خبراء وباحثون اجتماعيون مصريون أن النسبة الحالية للفقراء في البلاد تصل إلى ما يقرب من 55 في المائة، من الشعب المصري، وأن هذه النسبة قابلة للارتفاع، خاصة أن الحكومة تبدو غير قادرة على مواجهتها أوالتقليل منها، عبر إجراءات وحلول جذرية. وألقى الباحثون بمسؤولية، زيادة الفقر و"الإفقار" على الدولة، محذرين في الوقت ذاته من خروج "الفقر المسلح إلى الشارع خلال وقت قصير بما يهدد الاستقرار الاجتماعي والثقافي لهذا الوطن". جاء ذلك فى مؤتمر "قضايا الفقر والفقراء في مصر" أستاذ التاريخ الحديث عاصم الدسوقي ، قال خلال الجلسة الأولى، للمؤتمر ، الذي عقد بالقاهرة، في الفترة من 22 إلى 24 مايو الجارى 2007، برعاية المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن نسبة الأسر المعدمة في مصر بدأت في الانخفاض في فترة الستينيات، حيث كانت 44 في المائة، في 1950، وقلت إلى 25 في المائة مع سياسة الإصلاح الزراعي عام 1965، ثم بدأت في الازدياد من جديد مع مرحلة الانفتاح في السبعينيات، ووصلت إلى 33 في المائة، والآن وصلت إلى 55 في المائة، ومستمرة في الازدياد. وانتقد الدسوقي الحكام على مر العصور في مصر، وقال: "كانوا يعملون على مواجهة الفقراء أكثر من مواجهة الفقر، مشيرا إلى أن ذلك كان يتم عن طريق عمل الأوقاف وتوزيعه على الفقراء، أو تولي التجار والقادة مسؤولية الأسر الفقيرة" ، وترجيحا قال: "النسب المعلنة حاليا مرشحة بقوة للازدياد خاصة في ظل أن الحكومة لا تستطيع مواجهة مشكلات الفقر مواجهة جذرية". وشنت الدكتورة عواطف عبد الرحمن، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة هجوما عنيفا على الدولة، حيث أكدت أنها المسئولة بسياستها الحالية عن تكريس الفقر التقليدي وخلق نوع جديد يسمي الإفقار". وقالت: "لم تصبح الدولة حكومة فقط وإنما هناك مستثمرون ورجال أعمال ومجتمع مدني، ولا أحد يعرف من الذي تمثله السلطة الآن وتعمل لمصلحته، ولابد أن يعرف صناع القرار أن الفقر المسلح سيخرج إلى الشارع خلال وقت قصير، وهؤلاء سيكونون أخطر على الاستقرار الاجتماعي والثقافي لهذا الوطن، وسنتعرض لهبات لا نعرف مخاطرها. ومن جهته ألقى الدكتور محمود عودة، أستاذ علم الاجتماع بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية، مسئولية زيادة الفقر على الحكومة قائلا: أن المناخ الحالي يشيع حالة من العناية والاهتمام بالاستثمار ورجال الأعمال والنخب الاقتصادية، مما تواري معه الاهتمام بقضايا الفقراء. وقال: "من الممكن أن تكون الدعاوي، التي تطلق حاليا حول الاستثمار كثيرا ما تبرر بأن هدفها الرئيسي هو الفقراء أو البسطاء من الناس، لكن ما تحقق من هذه المبررات لا يزال محدودا، بدليل تزايد حدة المشكلات الاجتماعية، التي يعاني منها الفقراء". وشهدت الندوة، انتقاد الدكتور عزت حجازي، أستاذ علم الاجتماع، ما أسماه "سوء توزيع الناتج القومي في مصر"، مؤكدا أن ذلك "أهم أسباب عملية الإفقار في مصر، فضلا عن انسحاب دور الدولة من قطاع الاستثمار". ولفت حجازي إلى أن الفقراء، لا يعانون الفقر المادي فقط، إنما يعانون من مشكلات اجتماعية ونفسية، وأوضح قائلا: "أكبر دليل على ذلك ما حدث للشاب عبد الحميد شتا الذي تقدم لاختبار الخارجية المصرية، وتم رفضه لتدني مستواه الاجتماعي، وأقدم على الانتحار على أساسها". وأضاف: "لم أجد أسوأ من سوء التوزيع في مصر، ومع ذلك لم يشغل المكانة التي يستحقها، وتقليل حدة الفقر يحتاج إلى إدارة سياسية أفضل من الموجودة حاليا، وأعتقد أن أفضل فترة في التوزيع للناتج القومي كانت فترة الستينيات لأنها أحدثت ما يسمي عملية التسوية، وبغض النظر عن الأخطاء الجسيمة التي أحدثتها هذه الفترة فإن معدلات الفقر كانت أقل كثيرا". وبحسرة قال حجازي: "المستقبل ليس مشرفا بالمرة، ففي الوقت الذي أعلن فيه المركز القومي للبحوث الاجتماعية دراسة عن بعض مناطق في محافظة الشرقية يسكن مواطنوها في جحور، أعلن في الصحف عن بناء فندق خمس نجوم للكلاب، كما أن هناك تقسيما جديدا للعمل يتطلب مهارات متقدمة جدا لا يقدر عليها الفقراء، فضلا عن تهميش دور الدولة حيث ستهيمن الشركات متعددة الجنسيات على مصر خلال المرحلة المقبلة ووزراء المجموعة الاقتصادية يعززون ذلك"، حسب تأكيده.