بقلم: د. احمد مصطفى قبل نحو خمس سنوات، واثر هجمات على نيويورك وواشنطن اصبح الآن مشكوكا بشدة في الرواية الرسمية الاميركية بشأنها، اثير سؤال على نطاق عالمي واسع يطلقه الغرب تجاه العرب والمسلمين: لماذا يكرهوننا! وجاءت ردود على استحياء وسط الجنون الذي اراد الاميركيون ان يسيطر على العالم. اما الان فلا حاجة لترديد تلك الردود الحيية، ولا خوف من اتهامات بالارهاب او معاداة السامية او ما شابه ذلك من سيوف القمع العنصري الغربي. فما يجري في لبنان وفلسطين كفيل بالرد دون كلام. ولعل مصادفة ان هذا الاسبوع يمثل ذكرى المحرقة الاميركية الذرية التي راح ضحيتها مئات الالاف من اليابانيين في هيروشيما وناغازاكي، تتقابل بشكل يشبه التطابق مع المجازر والتدمير الذي يقوم به الصهاينة ضد المدنيين في لبنان وفلسطين. اكتب هذه الكلمات واميركا وفرنسا تسعيان لمنح اسرائيل انتصارا لم تستطع قوتها العسكرية (الاميركية الصنع) وقوتها النووية (الفرنسية الصنع) ان تحققه في حربها العنصرية ضد لبنان عبر قرار لما يسمى بمجلس الامن الدولي لا يطلب وقفا للعدوان او انسحابا صهيونيا، بل يستهدف القضاء على المقاومة اللبنانية بالقوة الدولية بعدما فشلت إسرائيل ومعها كل القوى الدولية وحتى الاقليمية في تحقيق ذلك عسكريا. وبعد شهر من الحرب البربرية التي يشنها الصهاينة عبر مجازر للمدنيين، ليس فقط على اللبنانيين بل والفلسطينيين كذلك في غزة والضفة، لم تستطع القوة الغاشمة أن تكسر شوكة المقاومة ولا تزال المقاومة تدمر القدرات العسكرية الصهيونية وتقتل جنود الاحتلال. لذا سارع الفرنسيون وهم بالمناسبة لا يقلون عنصرية ضد العرب والمسلمين عن الاميركيين خاصة حين يتعلق الامر بدعم الصهاينة باستخدام منصة ما تسمى بمنظمة الاممالمتحدة ليقدموا للصهاينة اكثر مما يمكن ان يحلموا به. ولا غرابة في ذلك، فالاميركيون والاسرائيليون وقبلهم البريطانيون لا يرون في المنطقة سوى الكيان الصهيوني، وربما يدركون وجود قوى اقليمية مثل تركيا وايران. والحقيقة ان الاممالمتحدة لم تعد منظمة دولية مهمتها حفظ الامن والسلم العالميين وتعزيز قيم العدالة والموضوعية في العلاقات الدولية. ولعل الموقف العربي والاسلامي الوحيد الذي يمكن ان يرقى إلى مستوى المسؤولية في مواجهة العدوان الصهيوني ومحارقه المستمرة في المنطقة منذ ما يقارب قرن من الزمان، هو التجاهل التام لتلك المنظمة الموصوفة زورا بالدولية ومجلس الامن الاميركي/الاسرائيلي الذي لم نشعر من قراراته ونفوذه سوى بتدمير بلداننا واحتلالها وتشريع المجازر بحق ابنائنا ونسائنا وأطفالنا وشيوخنا. واذا كان هناك بين العرب والمسلمين من تخلص من ذلك الوهم والنفاق فما عليه سوى الدفع باتجاه التحرر من ربقة الارتباط القانوني بتلك المؤسسة العنصرية المسماة بمجلس الامن الدولي. فالمسألة غاية في البساطة ، وهي انك تلتزم بما يتفق ومصالحك ولهؤلاء الافاقين من النخب عبرة في كعبتهم اميركا التي لا تقبل من القوانين الا ما يناسبها وتلقي بالبقية في وجه كل العالم ولا يملك احد ان يجبر اي دولة ذات سيادة على التحلل من اي قيود اواتفاقات تضر بمصالحها. وكما في التجارة والاعمال لا يوجد شئ مقدس، وكل الاتفاقات والعقود قابلة لإعادة النظر (بالنقاش بين اطرافها واذا اصر طرف على فرض شئ يجوز فسخها). ماذا يمكن ان يحدث لنا لو تجاهلنا تلك الاطر العنصرية! لا شئ اكثر مما نعانيه، واقصى ما في الامر اننا سنصبح محل اهتمام اذا كانت هناك بالفعل ما تسمى بالشرعية الدولية تسعى لضمنا مرة اخرى إلى تلك الحظيرة الدولية على أسس عادلة ومع احترام لمصالحنا، وسنكون تخلصنا من كل القرارات والقوانين العنصرية التي صاغها الاميركيون والفرنسيون وقبلهم البريطانيون. وعودة إلى النتيجة الاكيدة ، والمستمرة لأجيال ، لاستبسال المقاومة اللبنانية في وجه العنصرية الصهيونية وهي اننا اشد كرها للاميركيين والفرنسيين ومن والاهم لاننا لا نرى منهم سوى ما يفعله اربابهم الصهاينة بنا. واذا كان هؤلاء تمكنوا عبر اجيال من تغييب وعي شعوبهم بمناهج دراسية انكليزية وفرنسية تعلم الاطفال ان هؤلاء الصهاينة (دولة من دول المنطقة) وكان العرب في تلك المنطقة هم همج اتوا اليها ويهددون الصهاينة، فلن تغيب ذاكرة شعوبنا من عقول ابنائنا الذين يشربون الآن كره كل هؤلاء الارهابيين البرابرة، والذين لا يمكن وصفهم بالسامية حتى فشعرهم أصفر وعيونهم زرق ومواطنهم الاصلية في بولندا وتشيكيا والقوقاز، أو جاءوا من المستعمرات البريطانية/الفرنسية/الالمانية التي ازالوا سكانها الاصليين في اميركا الشمالية واستراليا.