جفاف وإخلاء منازل.. هل يحمي السد العالي مصر من الفيضان    أسماء محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    ابنة الملحن محمد رحيم تعاني وعكة صحية وتخضع للرعاية الطبية    وزير قطاع الأعمال العام يشهد تكريم عدد من الشركات المصرية المشاركة في أعمال صيانة بشركة "كيما"    الإسكان تطلق منصة استقبال طلبات أصحاب الإيجار القديم للحصول على وحدات بديلة    «المشاط»: العلاقات المصرية الكورية تتجاوز التعاون الثنائي إلى تعزيز التكامل الإقليمي والنفاذ إلى عمق القارة الأفريقية والآسيوية    محافظ المنوفية: 87 مليون جنيه جملة مشروعات الخطة الاستثمارية الجديدة بمركزي تلا والشهداء    هند رشاد: "مستقبل مصر" يعكس رؤية القيادة السياسية لبناء الجمهورية الجديدة    لامين يامال على رأس قائمة منتخب إسبانيا لمواجهتي جورجيا وبلغاريا    «الداخلية» تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدي الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم لتحقيق أرباح غير مشروعة    ضبط (4124) قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    القبض على المتهمين في مشاجرة «أبناء العمومة» بالمنيا    خاص| ميمي جمال تكشف تفاصيل شخصيتها في فيلم "فيها إيه يعني"    محمد رمضان ينافس على جائزة Grammy Awards    الأمم المتحدة: الحديث عن منطقة آمنة في غزة مهزلة    طائرة مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية قرب صياد لبناني في الناقورة    حزب العدل يعلن استعداده للانتخابات ويحذر من خطورة المال السياسي بانتخابات النواب    إدارة مسار تشدد على ضرورة الفوز أمام الأهلي.. وأنباء حول مصير عبد الرحمن عايد    محمد صلاح على موعد مع التاريخ في قمة ليفربول وتشيلسي بالبريميرليج    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    ترسل بيانات لحكم الفيديو.. فيفا يكشف عن الكرة الجديدة لكأس العالم 2026    مجلس الإدارة ينضم لاعتصام صحفيي الوفد    جامعة قناة السويس تواصل دعم الحرف اليدوية بمشاركتها في معرض تراثنا الدولي    الداخلية تفتتح مراكز تدريب للمرأة المعيلة ضمن مبادرة "كلنا واحد"    خلافات حول أولوية الحلاقة تنتهي بمقتل شاب طعنا على يد آخر بأكتوبر    تعرف على جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات    العفو الدولية: العدوان الوحشي على غزة أطلق مرحلة كارثية جديدة من النزوح القسري    الأونروا تنتصر قضائيا في أمريكا.. رفض دعوى عائلات الأسرى الإسرائيليين للمطالبة بتعويضات بمليار دولار    مخرج استنساخ: ميزانية الفيلم انعكست بشكل كبير علينا    غدا .. انطلاق مهرجان نقابة المهن التمثيلية بمسرح جراند نايل تاور    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول العربية المعتمدين لدى اليونسكو لدعم ترشيح خالد العنانى    احتفالية ضخمة للأوبرا في ذكرى انتصارات أكتوبر    126 عملية جراحية و103 مقياس سمع بمستشفى العريش العام خلال أسبوع    إجراءات وقائية تجنب طفلك عدوى القمل في المدارس    نجاح أول جراحة قلب مفتوح بالتدخل المحدود داخل مستشفى النصر في بورسعيد    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار مدرسة داخلية بجزيرة جاوة الإندونيسية إلى 7 قتلى    اليوم العالمى للابتسامة.. 3 أبراج البسمة مش بتفارق وشهم أبرزهم الجوزاء    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    حكم البيع الإلكترونى بعد الأذان لصلاة الجمعة.. الإفتاء تجيب    تعرف على سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    الداخلية تواصل ضرباتها ضد المخالفات بضبط 4124 قضية كهرباء و1429 بالمواصلات    محمد عواد يعود لقائمة الزمالك فى مواجهة غزل المحلة    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 3-10-2025 في محافظة قنا    ليلى علوي تنهار من البكاء خلال مهرجان الإسكندرية.. اعرف التفاصيل    الفيضان قادم.. والحكومة تناشد الأهالي بإخلاء هذه المناطق فورا    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    الشرطة البريطانية تكشف هوية منفذ هجوم مانشستر بالقرب من كنيس يهودي    مواقيت الصلاة اليوم وموعد خطبة الجمعة 3-10-2025 في بني سويف    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    مختار نوح: يجب محاسبة محمد حسان على دعواته للجهاد في سوريا    أتربة عالقة في الأجواء .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    «هيدوب في بوقك».. طريقة سهلة لعمل الليمون المخلل في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سور "الأعظمية" .. هكذا يدمَر العراق
نشر في الشعب يوم 12 - 05 - 2007

هل العراق في حاجة إلى حوائط وجدران للفصل الطائفي من أجل وقف موجات العنف والقتل المتلاحقة؟ سؤال يطرح نفسه بعد أن شرعت قوات الاحتلال الأميركي في بناء جدار أسمنتي لعزل بعض الأحياء السنية في بغداد عن بقية المناطق تحت دعوى وقف هجمات المسلحين.
لقد بات العراق أشبه بحقل تجارب، يمارس فيه الاحتلال الأميركي كافة أنواع الانتهاك من قتل واغتصاب وأخيراً سجن للسكان والمدنيين داخل جدران أسمنتية. ولم يكن الإعلان عن بناء سور خرساني لعزل حي "الأعظمية" سوى تجسيد للفشل الأميركي الذريع في العراق في تحقيق الأمن داخل محيط العاصمة العراقية بغداد. ومن السذاجة ان يعتقد البعض بأن بناء مثل هذا السور ، او غيره من الأسوار يمثل حلاً ناجعاً لمشكلة العنف وعدم الاستقرار في العراق.
سور "الأعظمية" يمثل حلقة جديدة في سلسلة حلقات التدمير الممنهج التي يتعرض لها العراق منذ احتلاله قبل أربعة أعوام. بدءاً من سياسات المحاصصة الطائفية مروراً بالقتل الطائفي ونهاية بعزل المواطنين عن أهاليهم وذويهم في بقية أنحاء العراق.
كان أجدر بالأميركيين أن يسألوا أصدقاءهم في إسرائيل عن جدوي تدشين حائط للفصل الطائفي، وهل نجح في وقف هدير المقاومة المشروعة في إنهاء احتلال أراضي الغير بالقوة الغاشمة؟ لو كان جدار الفصل العنصري في إسرائيل قد حقق أهدافه ، لكان حرياً بجميع الدول التي تعاني من عدم الاستقرار أن تدشن حوائط فصل لوقف هذه الحال.
لم تكن القضية في العراق يوماً هي قضية الأمن فحسب ، وإنما بالأساس هي قضية الاحتلال الأجنبي وما تبعه من سياسات طائفية قطعت جميع وشائج المودة والرحمة بين العراقيين. وبالتالي فلا سبيل لوقف شلال الدم المسال في العراق إلا بخروج المحتل وتغيير هذه السياسات.
سور الأعظمية يوضح بجلاء مدى فقر الخيال السياسي والاستراتيجي للقائمين على الأمر في العراق سواء من الجيش الأميركي او الحكومة العراقية، فمن جهة أولى من شأن هذا الفصل ان يغذي عمليات العنف، وأن يعطي سنداً ومشروعية قوية من أجل القيام بعمليات قتل وترويع من أجل إثبات فشل هذه السياسة. ومن جهة ثانية فمن شأن استراتيجية العزل ، والتي من المتوقع ان تضم مناطق أخرى مثل العامرية والخضراء والرشيد بجانبيها ، أن تزيد الهوة الكبيرة بين الشيعة والسنة وترفع من معدلات الاستقطاب بين الطرفين ، وما يستتبعه ذلك من قتال طائفي عنيف. ولا يكفي أن يخرج رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتصريح يعلن فيه رفضه لتدشين حوائط الفصل. ومن جهة ثالثة، فإن اختراق مثل هذه الجدران ليس بالأمر المستحيل في ظل الإمكانات العالية للتنظيمات المسلحة التي يمكنها تحطيم هذه الجدران بعربياتها المفخخة.
إن أخطر ما في استراتيجية الفصل الطائفي أنها تعبر أولاً عن رغبة صريحة في عزل السنة وتقويضهم داخل أماكن محددة ، باعتبارهم جميعاً مشبوهين أو منبوذين داخل مجتمعهم. ثانياً أنها تؤكد أطروحات التطهير العرقي التي يجري الحديث عنها في العراق، وتثبت الأيام صدق مقولاتها. ثالثاً أنها تنهي أي مقاربة سنية ممكنة لمعالجة الوضع في العراق ، وتدفع بهم جميعاً إلى الالتحاق بصفوف التنظيمات المسلحة. والأكثر من ذلك أنها تعد بمثابة "بروفة" واقعية على إمكانية تكرار هذا الفصل علي المستوي الجغرافي القومي للعراق ، بمعنى ان يتم تقسيم هذا البلد على أساس طائفي إلى ثلاث مقاطعات شمال ووسط وجنوب ، وهي فكرة كثيرة ما روج إليها الأميركيين ونفر من العراقيين.
استراتيجية الفصل العنصري تعبر عن إفلاس حقيقي ودليل إدانة للحكومة العراقية التي لم تسع لتقليل درجة الاحتقان الطائفي ، ولم تنجح في فرض أي مصالحة وطنية يمكنها تقليل مساحة عدم الثقة مع السنة. وتشي بأن أية محاولة مستقبلية لرأب الصدع مع الجانب السني سيكون مآلها الفشل.
السؤال الآن ماذا لو فشلت هذه الاستراتيجية في تحقيق أهدافها؟ أعتقد أن الثمن سيكون غالياً وسيدفعه جنود الولايات المتحدة في العراق. ومن يتابع تصريحات الجنرال ديفيد بتراوس التي أشار فيها إلى انتكاسة الأوضاع في العراق على الرغم من محاولة زيادة عدد القوات الأميركية هناك سوف يتأكد من فشل جميع الاستراتيجيات المؤقتة التي تسعى إدارة بوش لترويجها كدليل تقدم في العراق.
العراق ليس في حاجة إلي جدران أسمنتية ، وإنما في حاجة إلى جدران ثقة بين أهله وطوائفه، وما دام الهاجس الأمني هو المحرك الرئيسي للولايات المتحدة فإن مصير أي مخططات للفصل الطائفي والعنصري سيكون حتما الفشل.
هي إذا استراتيجية فاشلة من جميع النواحي ، ولا يمكن بحال السكوت عليها ، وهو ما يفرض على الدول العربية أن تسعى لرفض مثل هذه الاستراتيجيات العنصرية نظراً لما يمكن أن تؤدي إليه من تعقيد الوضع في العراق أكثر مما هو عليه الوضع الآن.

خليل العناني
كاتب مصري
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.