سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الاحد 16 يونيو 2024    الرئيس السيسي يشيد بالسعودية في تنظيم مناسك الحج.. ويشكر قيادات المملكة    رئيس فنلندا: الصين تلعب الدور الرئيسي الآن في تحقيق السلام بأوكرانيا    من عائلة واحدة.. استشهاد 5 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على رفح الفلسطينية    موعد مباراة المقاولون العرب وطلائع الجيش في الدوري المصري والقنوات الناقلة    بيان مهم من القنصلية المصرية في جدة بشأن فقدان الاتصال بالحجاج.. ماذا قالت؟    «السواق كان لوحده».. كواليس انقلاب ميكروباص في ترعة المريوطية    طقس أول أيام العيد.. أمطار وعواصف تضرب الوادي الجديد    قبل ساعات من الصلاة.. اعرف تكبيرات عيد الأضحى بالصياغة الصحيحة    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في القاهرة والمحافظات    الأزهر يوضح سنن و آداب صلاة عيد الأضحى    «الموجة الحارة».. شوارع خالية من المارة وهروب جماعى ل«الشواطئ»    محمد رشاد وسلمى عادل يطرحان أغنية "عالى عالى"    رغم القصف المستمر.. أهالي غزة يكبرون في ليلة عيد الأضحى المبارك.. والأطفال يحتفلون في باحة مستشفى شهداء الأقصى    إقبال متوسط على أسواق الأضاحي بأسيوط    مدرب هولندا السابق: أثق في إمكانية التتويج ب "يورو 2024".. وصلاح لاعب من الطراز الرفيع    أثناء الدعاء.. وفاة سيدة من محافظة كفر الشيخ على صعيد جبل عرفات    إصابة 3 أشخاص بينهما سيدة عربية في تصادم سيارتين ملاكي وسيارة ربع نقل بالعبور| صور    طريقة الاستعلام عن فاتورة التليفون الأرضي    «التعليم العالى»: تعزيز التعاون الأكاديمى والتكنولوجى مع الإمارات    قبل صلاة عيد الأضحى، انتشار ألعاب الأطفال والوجوه والطرابيش بشوارع المنصورة (صور)    تأسيس الشركات وصناديق استثمار خيرية.. تعرف علي أهداف عمل التحالف الوطني    غرامة 5 آلاف جنيه.. تعرف علي عقوبة بيع الأطعمة الغذائية بدون شهادة صحية    الحج 2024.. السياحة: تصعيد جميع الحجاج إلى عرفات ونجاح النفرة للمزدلفة    تشكيل غرفة عمليات.. بيان عاجل من "السياحة" بشأن الحج 2024 والسائحين    أنتم عيديتي.. كاظم الساهر يهنئ جمهوره بعيد الأضحى المبارك (فيديو)    شذى حسون تطرح أغنية «بيك تحلى» في عيد الأضحى    الدعم العينى والنقدى: وجهان لعملة واحدة    كرة سلة.. عبد الرحمن نادر على رأس قائمة مصر استعدادا للتصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس    مش هينفع أشتغل لراحة الأهلي فقط، عامر حسين يرد على انتقادات عدلي القيعي (فيديو)    استقبال تردد قناة السعودية لمشاهدة الحجاج على نايل سات وعرب سات    دعاء النبي في عيد الأضحى مكتوب.. أفضل 10 أدعية مستجابة كان يرددها الأنبياء في صلاة العيد    عاجل.. رد نهائي من زين الدين بلعيد يحسم جدل انتقاله للأهلي    إقبال على شوادر الأضاحي ومحال الجزارة بالسيدة زينب ليلة عيد الأضحى (صور)    إقبال وزحام على محال التسالي والحلويات في وقفة عيد الأضحى المبارك (صور)    أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى 2024 في مكة.. تعرف على موعدها    إعلام عبرى: صافرات الإنذار تدوى بمستوطنات فى شمال إسرائيل    اندلاع مواجهات بين فلسطينيين وقوات الاحتلال فى جنين ورام الله    عاجل.. عرض خليجي برقم لا يُصدق لضم إمام عاشور وهذا رد فعل الأهلي    ريهام سعيد تكشف مفاجأة لأول مرة: محمد هنيدي تقدم للزواج مني (فيديو)    اتغير بعد واقعة الصفع، عمرو دياب يلبي طلب معجبة طلبت "سيلفي" بحفله في لبنان (فيديو)    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت.. وتوجه تهنئة للجمهور    تزامنا مع عيد الأضحى.. بهاء سلطان يطرح أغنية «تنزل فين»    عاجل.. الزمالك يحسم الجدل بشأن إمكانية رحيل حمزة المثلوثي إلى الترجي التونسي    ملخص وأهداف مباراة إيطاليا ضد ألبانيا 2-1 في يورو 2024    خوفا من اندلاع حرب مع حزب الله.. «أوستن» يدعو «جالانت» لزيارة الولايات المتحدة    شيخ المنطقة الأزهرية بالغربية يترأس وفداً أزهرياً للعزاء في وكيل مطرانية طنطا| صور    «المالية»: 20 مليون جنيه «فكة» لتلبية احتياجات المواطنين    إلغاء إجازات البيطريين وجاهزية 33 مجزر لاستقبال الأضاحي بالمجان في أسيوط    للكشف والعلاج مجانا.. عيادة طبية متنقلة للتأمين الطبي بميدان الساعة في دمياط    حلو الكلام.. لم أعثر على صاحبْ!    بمناسبة العيد والعيدية.. أجواء احتفالية وطقوس روحانية بحي السيدة زينب    فحص 1374 مواطنا ضمن قافلة طبية بقرية جمصة غرب في دمياط    رئيس الوزراء يهنئ الشعب المصرى بعيد الأضحى المبارك    وزيرة الهجرة: تفوق الطلبة المصريين في الكويت هو امتداد حقيقي لنجاحات أبناء مصر بمختلف دول العالم    10 نصائح من معهد التغذية لتجنب عسر الهضم في عيد الأضحي    محافظ أسوان يتابع تقديم الخدمات الصحية والعلاجية ل821 مواطنًا بإدفو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"شجر الدر".. الجارية التى حكمت مصر ثمانين يومًا
نشر في الشعب يوم 07 - 05 - 2012

«لما أقيم الملك المنصور نور الدين علىّ بن الملك المعز أيبك فى السلطنة، حُمِلت شجر الدر إلى أمه فضربها الجوارى بالقباقيب إلى أن ماتت وألقوها من سور القلعة إلى الخندق، وليس عليها إلا سراويل وقميص، فبيتت فى الخندق أياما، وأخذ بعض أراذل العامة تكة سراويلها، ثم دفنت بعد أيام، وقد نتنت، وحملت فى قفة، بتربتها قريب مقام السيدة نفيسة، وكانت من قوة نفسها، لما علمت أنها قد أحيط بها، أتلفت شيئا كثيرا من الجواهر واللآلئ، وكَسَّرته فى الهاون».
كانت هذه نهاية شجر الدر كما كتبها المقريزى فى السلوك، تلك الجارية التركية الأصل، وقيل الأرمينية، التى اشتهرت بالجمال والغيرة وقوة الشخصية والطموحات الكثيرة، وقد دُونت سيرتها وكُتبت قصتها فى صفحات التاريخ بعدما بلغت قمة الشهرة وذروة المجد بتوليها مقاليد الحكم فى مصر.
وقد مرت حياة شجر الدر بخمس محطات رئيسية أولها عندما اشتراها السلطان الأيوبى الملك الصالح نجم الدين ابن الملك الكامل قبل توليه حكم مصر، فأحبها وهام بها عشقا حتى أنه كان لا يفارقها، وقد ازداد حبه وتعلقه بها فاتخذها زوجة بعدما أنجبت له ابنه خليل فى نهاية ربيع الآخر سنة 638ه الذى لُقب بعد ولادته بالملك المنصور، إلا أن القدر لم يمهل شجر الدر لترى طموحاتها تتحقق على يد ابنها الذى مات صغيرا.
وقد برز الدور السياسى لشجر الدر فى وقت مهم من تاريخ مصر سنة 647ه عندما مرض السلطان نجم الدين فى الوقت الذى كان يستعد فيه لمواجهة لويس التاسع ملك فرنسا قائد الحملة الصليبية السابعة على مصر، فأثناء تلك الفترة كانت الأوامر والمكاتبات تصدر بتوقيع السلطان نفسه، واستطاعت شجر الدر أثناء مرضه أن تحصل على عشرة آلاف توقيع من السلطان، كما ذكر المقريزى، لاستخدامها فى المكاتبات والأوامر التى من المفترض أن يصدرها، وقيل أن خادمها سهيل كان يُقلد توقيع السلطان، ولما مات السلطان نجم الدين فى النصف من شعبان سنة 647ه نوفمبر 1249م بعد عشر سنوات قضاها فى الحكم، أخفت شجر الدر الخبر عن الجميع، وأحضرت الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ، والطواشى جمال الدين محسن، أقرب الناس للسلطان للاتفاق على إدارة أمور البلاد، وكتمان خبر موته حتى لا يؤثر الخبر على معنويات جيشه الذى يواجه الصليبيين، فتم نقل جثمانه إلى قلعة الروضة سرا، وأرسلت شجر الدر إلى ابنه تورانشاه بحصن كيفا للحضور إلى مصر بعدما هيأت له الأمور واستدعت الأمراء ليقسموا بالولاء للسلطان الجديد.
وهنا كانت المحطة الثانية فى حياة شجر الدر بوصول ثامن ملوك بنى أيوب وآخرهم السلطان تورانشاه فى أول المحرم سنة 648ه، فسلمت شجر الدر إليه مقاليد السلطنة، وأُعلن رسميا عن وفاة نجم الدين، واشتدت المواجهة بين القوات المصرية والصليبية وانهزمت الأخيرة وأُسر قائدها لويس التاسع، إلا أن تورانشاه الذى وُصف بالتهور والجنون لم يحفظ لمماليك وأمراء أبيه فضلهم فى توليه حكم مصر، ودورهم البطولى فى الانتصار على الصليبيين، ولم يوفِ بوعده للفارس أقطاى بأن يؤمره، كما قام بعزل العديد من أمراء أبيه والمقربين من شجر الدر من مناصبهم، وكان إذا سكر يجمع الشموع ويضرب رءوسها بالسيف ويقول: «كذا أفعل بالمماليك البحرية، ويذكرهم بأسمائهم»، كما ذكر ابن تغرى بردى فى النجوم، كما أنه لم يشكر شجر الدر على موقفها معه، فأرسل إليها بالقدس يحذرها متوعدا بأن تسلم له ما لديها من أموال أبيه وجواهره، فكان أن نفرت منه القلوب وضاقت منه النفوس، فتلاقت رغبة الجميع على الخلاص منه، وحانت لهم اللحظة الحاسمة فى 27 محرم 648ه عندما مُدت له مائدة الطعام فانقض عليه بعض المماليك ضربا بالسيوف، فقطعت بعض أصابعه، وهرب إلى البرج الخشبى الذى تم إنشاؤه بفارسكور، إلا أن المماليك حاصروه بالبرج وأوقدوا فيه النيران حتى رمى نفسه، كما ذكر ابن تغرى بردى «وتعلق بذيل الفارس أقطاى فما أجاره، فقطعوه قطعا وبقى على جانب البحر ثلاثة أيام منتفخا لا يجسر أحد على أن يدفنه، حتى شفع فيه رسول الخليفة فحُمل إلى ذلك الجانب فدفن به».
وتبدأ المحطة الثالثة فى حياة شجر الدر حينما اجتمع أمراء المماليك وقادتهم فى صفر 648ه واتفقوا على تولية شجر الدر حكم مصر «لحسن سيرتها وغزير عقلها وجودة تدبيرها»، واختيار عز الدين أيبك التركمانى قائدا للعسكر، فحانت الفرصة التى فاقت أحلام شجر الدر التى لم تكن لتتخيل يوما أن تصبح ملكة تحكم مصر رغم طموحاتها الواسعة، تصدر الأوامر والمكاتبات بتوقيعها الشخصى «والدة خليل»، كما تسك العملة باسمها ويكتب عليها «المستعصمية الصالحية ملكة المسلمين، والدة الملك المنصور خليل»، ويخطب لها على المنابر، ويقول الخطباء فى دعائهم، كما ذكر المقريزى وغيره من المؤرخين: «اللهم أدم سلطان الستر الرفيع، والحجاب المنيع، ملكة المسلمين والدة الملك الخليل، صاحبة الملك الصالح»، لكن أحلام شجر الدر لم تدم فى الملك طويلا، فقد أرسل الخليفة العباسى المستعصم بالله رسالة يتهكم فيها على أمراء مصر لتولى امرأة حكم البلاد.
وتبدأ المحطة الرابعة فى حياة شجر الدر عندما شعرت بضعف موقفها بعد تلك الرسالة، فأشار عليها البعض بالزواج من عز الدين أيبك، فبزواجها منه تظل فى السلطة وبؤرة الحكم وصناعة القرار، فتزوجته وخلعت نفسها بعد ثمانين يوما من توليها أمور السلطنة، ولم يستطع الملك المعز أيبك الانفراد الكامل فى إدارة شئون البلاد، وضجر من سلطتها وتسلطها وتدخلها الدائم فى قراراته، فزادت الوحشة بينهما وعزم على قتلها، كما ذكر المقريزى، إلا أنها سبقته ودبرت قتله عندما علمت برغبته فى الزواج من ابنة بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، واتفقت شجر الدر مع بعض مماليكها فى ربيع الأول سنة 655ه على قتله، وجاءت اللحظة الحاسمة عندما دخل أيبك إلى الحمام فأمسك به مماليكها وقتلوه، وقيل أن شجر الدر قامت بضربه بالقبقاب حتى مات، وبعدما تم الكشف عن ضلوع شجر الدر فى جريمة قتل سيدهم أراد مماليك أيبك الانتقام له منها، فصدهم عنها مماليك زوجها الراحل نجم الدين، وتغلب المماليك المعزية على المماليك الصالحية، وسجنت شجر الدر بالبرج الأحمر بالقلعة، فاقتسموا جواريها وصلبوا مماليكها الذين شاركوا فى قتل أيبك.
وعندما تم الاتفاق على تولية الملك المنصور نور الدين علىّ بن الملك المعز أيبك، الذى لم يتعد عمره خمس عشرة عاما فى ربيع الأول سنة 655ه، اقتربت لحظة النهاية والمحطة الخامسة والأخيرة فى حياة شجر الدر فى ربيع الآخر سنة 655ه مايو 1257م ليسدل الستار عن قصة الجارية التى حكمت مصر ثمانين يوما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.