بسم الله الرحمن الرحيم "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء" صدق الله العظيم يجاهد شعب مصر بعد أحداث ثورة 25 يناير لاختيار أنسب رئيس جمهورية لمصر في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة في تاريخ مصر الحديث، وقبل الانتهاء من وضع دستور جديد للبلاد. وفى حقيقة الأمر مصر دائمًا ثرية بشبابها الواعد المجاهد، زاخرة برجالها الشرفاء الأوفياء، وليعلم الجميع أن عهد الحكم الشمولي ولى بلا رجعة، وأصبح شعب مصر بعد ثورة 25 يناير حكمًا وحاكمًا، إيذانًا بحياة ديمقراطية حقيقية في ظل انتخابات حرة نزيهة. كما أن الصلاحيات السيادية والسلطات المطلقة لرئيس الجمهورية لن تعود ثانية، ولن يسمح بها الدستور الجديد، ولن يرضى عنها شعب مصر الثائر، ويجب تحجيم صلاحيات رئيس الجمهورية الجديد، وتقليص سلطاته؛ ليصبح حكمًا بين السلطات العليا للبلاد، ورمزًا لمصر، وممثلاً لجميع طوائف الشعب، برؤية موضوعية وحياد تام، من خلال المؤسسات الوطنية، والهيئات التشريعية، والقيادات السياسية والتنفيذية المنتخبة، دون تجاوز أو تمييز. وبذلك يصبح كل مصري وكل مصرية شريكًا أصيلاً، وطرفًا جوهريًّا في تحديد السياسات والتوجهات، وإدارة شئون البلاد، من خلال الإقبال الواعي على صناديق الاقتراع، وتعزيز نزاهة الإجراءات الانتخابية، وزيادة الوعي الشعبي اللازم لممارسة الحياة الديمقراطية السليمة في جميع المجالات. والاختيار الصائب لرئيس الجمهورية في الحياة الديمقراطية السليمة ليس أمرًا صعبًا، وهناك كثير من المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية تتوفر فيهم الشروط الجوهرية، ويبقى على شعب مصر أن يتوجه بجميع طوائفه نحو اختيار صائب وكلمة سواء. فكثرة الجدال والتردد يؤدى إلى الخلاف، وشدة الخلاف يؤدى إلى التناحر، والتناحر يؤدى إلى التعصب، والتعصب يؤدى إلى استنزاف الجهود وتبديد حصاد الثورة. والشروط الجوهرية الواجب توافرها لاختيار رئيس الجمهورية- من وجهة نظري - تتلخص فيما يلي: استبعاد جميع الفاسدين والمنحرفين والمتهاونين من رموز العهد البائد وأعوانهم، وعلى وجه الخصوص قيادات الحزب الوطني الديمقراطي المنحل الذين أفسدوا الحياة السياسية، وجميع المتواطئين معهم والضالعين في إفساد الحكم، وجميع المخالفين والخارجين عن القانون، والمشبوهين والمزورين، والمتورطين في جرائم الإخلال بالحياة السياسية التي تضر مصالح الشعب، وتسيئ إلى سمعة مصر... وغيرها من المخالفات والممارسات غير المشروعة، والجرائم التي يعاقب عليها القانون، بموجب أحكامٍ قضائية نهائية. كما يجب السعي نحو اتفاق جميع القوى السياسية الممثلة لطوائف الشعب على تخفيض العدد الهزلي للمرشحين لمنصب رئيس الجمهورية المرتقب إلي خمسة مرشحين أو أقل، يمثلون توجهات مجمل طوائف الشعب وهى: إسلامي- ليبرالي- مدني من أصل عسكري ويفضل من الأكاديميين- وطني مستقل- تكنوقراط مستقل. وبذلك ينحصر الاختيار بجدية وحياد تام، مؤداه المصلحة العليا للوطن حتى يلتف شعب مصر حول المرشحين من أبناء الوطن ورجاله الأوفياء بلا تفرقة أو تمييز، وبتنافس منهجي مرجعي نزيه، حفاظًا علي وحدة الوطن وتماسك كيان الأمة لمواجهة الفتن والأحقاد والغوغاء التي تتربص بمصر وشعبها، عبورًا من الفوضى والانفلات إلي الأمن والانضباط، وخروجًا من سراديب الظلم والظلمات إلي آفاق العدل والنور. وصاحب هذا الرأي يرى أن تنوع المرشحين واختزال عددهم خير وسيلة للاختيار، ولنبدأ بتجربة جديدة ورغبة مأمولة بعد عقود طويلة في اختيار رئيس مدني، أو مدني من أصل عسكري أكاديمي، ملتزمًا دينيًّا ووطنيًّا وأخلاقيًّا، مستنيرًا مجددًا، وعلي قدرٍ وافرٍ من الخبرة والحنكة، والعلم الثقافة. وكما يعلم الجميع الفترة الرئاسية محدودة المدة، والتغيير المسبب أصبح ميسورًا ومتاحًا بإرادة الشعب ونص الدستور المأمول، ويبقي توحد القلوب، والإصرار التام علي وحدة الهدف وتماسك الأمة، والمضي قدمًا نحو كلمة سواء، في نور الحق وهدي السماء، وما الله بغافل عما تعملون.