داخل منزله.. أول صور ل علاء عبد الفتاح بعد العفو الرئاسي    أسعار الذهب في السودان وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الثلاثاء 23 سبتمبر 2025    كيلو الماكريل ب 110 جنيهات.. أسعار السمك في مطروح اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025    أسعار الفراخ البيضاء والبيض في مطروح اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025    كندا تُعلن اعترافها بدولة فلسطين ودعم حل الدولتين    هل يصلح «اعتراف ستارمر» ما أفسده «وعد بلفور»؟!    وزير الخارجية: مؤتمر «حل الدولتين» يعطي أملًا للفلسطينيين    «رسالة من 5 كلمات».. ليفربول يواسي صلاح بعد خسارة الكرة الذهبية    بيراميدز ضد الأهلي السعودي.. كيف تشاهد البث المباشر للمباراة؟    الداخلية تكشف ملابسات صورة جرافيتي على مبنى محافظة الدقهلية    الاَن توزيع درجات أعمال السنة 2025-2026 لصفوف النقل.. التفاصيل كاملة    «خريفي بامتياز».. تعرف على حالة الطقس في مطروح اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025    سميح ساويرس يحقق حلم طفولته برحلة حول العالم بالمركب لمدة عام كامل    رابط التقديم على أراضي الإسكان الأكثر تميزا (مسكن)    وزير الزراعة: وضعنا خريطة سمادية جديدة لترشيد الاستهلاك.. و95% من المزارعين تسلموا حصصهم    سقوط أخطر شبكة لممارسة الأعمال المنافية للآداب والفجور بالإسكندرية    وزير الزراعة: إحنا مسرفين في استهلاكنا.. لما بنسافر برا بنشتري برتقالة أو 2 مش 3 كيلو    حلم ليس بعيد المنال، 10 عادات غذائية تساعدك على إنقاص الوزن بدون حرمان    الزمالك يسعى للاستمرار في المنافسة على حساب «الجونة»    المستعمل والجديد.. معركة تكسير عظام في السوق| من يكسب الرهان؟    الخارجية الفلسطينية تُرحب باعتراف فرنسا بدولة فلسطين    الإمارات أمام مؤتمر نيويورك: ندعم جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر لوقف إطلاق النار في غزة    خرّجت مشاهير.. 16 معلومة عن المدرسة السعيدية بعد فيديوهات الشرطة المدرسية    بالصور.. مصرع زوجين وإصابة نجلها إثر انقلاب سيارة ملاكي في ترعة بالبحيرة    بدء الدراسة في مراكز «الأسرة والطفولة» بقرى «حياة كريمة» ب9 محافظات    مفتي الجمهورية يستقبل وفدًا من القضاة الشرعيين الماليزيين    ختام مبهر للدورة الأولى من مهرجان بورسعيد السينمائي (قائمة الأعمال الفائزة)    فرصة لتحقيق دخل إضافي.. حظ برج الدلو اليوم 23 سبتمبر    لاعب غزل المحلة يغادر المستشفى بعد الاطمئنان على حالته الصحية    آمنة على أطفالك.. استشاري تغذية يوصي باستخدام «لانش بوكس» من هذا النوع    بعد وصول سعر الكيلو ل25 جنيهًا.. 6 بدائل رخصية ل الطماطم موجودة في كل مطبخ    أكبر مشكلة تؤثر على تركيز الأطفال.. خبيرة تكشف تأثير ال «ريلز» على المخ    الداخلية تضبط شبكة تمارس أعمالًا منافية للآداب عبر تطبيق هاتفي في الإسكندرية    منتخب الشباب يفوز على نيو كاليدونيا بثلاثية استعدادا للمونديال    شرم الشيخ تستضيف كأس العالم للدارتس 2027 وتعزز مكانتها كوجهة سياحية عالميا    بالصور.. ختام أولمبياد الشركات ببورسعيد بمشاركة 23 ألف رياضي    الاعتداء على باسم عودة وتدوير "أبو الفتوح" ونائبه بالتزامن مع قرار العفو عن "عبدالفتاح"    وزير الثقافة يُكلف أحمد مجاهد مديرًا تنفيذيًا لمعرض القاهرة للكتاب في دورته ال57    تنفيذًا لتكليفات محافظ الجيزة.. سكرتير عام محافظة الجيزة يتفقد المركز التكنولوجي بالعمرانية    من أبرز وجوه ثورة يناير ..العفو عن علاء عبد الفتاح.. انفراجة سياسية أم استثناء مفروض بضغوط غربية؟    نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بفوز صعب على بيسا    الداخلية توضح حقيقة صورة جرافيتي متداولة في الدقهلية عبر مواقع التواصل    مستشفى مبرة المعادي ينجح في علاج ثقب بالقلب باستخدام تقنية التدخل المحدود    نسرين عكاشة: والدى لم يكن ضد السادات لكن كان هناك اختلافات في بعض الأفكار    طارق فهمي: مصر تركز على حل الدولتين والعودة إلى المرجعيات الدولية    د.حماد عبدالله يكتب: العلاقات المصرية الأفريقية قديمًا !! { 3 }    بالعلامة الكاملة.. نابولي يفوز بصعوبة على بيزا وينفرد بصدارة الدوري    نتنياهو اعتبره "مكافأة لحماس"…صدمة في دولة الاحتلال بعد اعتراف بريطانيا وأستراليا وكندا بالدولة الفلسطينية    رئيس جنوب إفريقيا: إسرائيل أطلقت العنان للعقاب غير المتكافئ للشعب الفلسطيني    مدبولي: لن يتحقق الأمن لإسرائيل عبر القوة العسكرية ومحاولة فرض الأمر الواقع    مصرع 3 عناصر إجرامية في مداهمة أمنية بالبحيرة    ما هي صلاة الغفلة وكيفية أدائها؟.. أمينة الفتوى تجيب (قيديو)    البحوث الإسلامية: الأمة الإسلامية في حاجة ماسة إلى تجديد الصلة بالنبي    من هم ال70 ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؟.. الشيخ رمضان عبد المعز يوضح    مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 22 سبتمبر في بني سويف    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 22سبتمبر 2025    "طلاب من أجل مصر" ترحب بدفعة طب الجديدة بجامعة بورسعيد الأهلية (صور)    5 خطوات لتسجيل طلاب الثانوية الأزهرية بتنسيق التعليم العالي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حيونة الإنسان ..!
نشر في الشعب يوم 05 - 04 - 2012


- ما الذي يدور في ذهنك عندما تقتل شخصا ..؟
- في أول مرة تكون غير واثق بأنك قادر على القيام بذلك ، لكنني لا أنظر إلى هؤلاء الناس الذين أقتلهم كبشر ولا أتساءل إذا كان لديهم أسر وإنما كل ما أريد فعله هو الحفاظ على زملائي العسكريين في أمان ..
حوار أجرته مجلة " تايم " مع الجندي الأمريكي السابق في قوات البحرية الأميركية بالعراق " كريس كيل " والذي قتل حوالي 260 شخصا وقد ألف كتابا عنوانه " قناص أميركي " ..
" حيونة الإنسان " أي تحويل الإنسان إلى حيوان كي يبرر القناص أو الجلاد أو المعتدي قتله ..! وقد أسهب الكاتب " ممدوح عدوان " في توضيح هذا المفهوم في كتاب يحمل العنوان نفسه وقال في مقدمة كتابه : " أرى أن عالم القمع المنظم منه والعشوائي الذي يعيشه إنسان هذا العصر هو عالم لا يصلح للإنسان ولا لنمو إنسانيته بل هو عالم يعمل على " حيونة " الإنسان ( أي تحويله إلى حيوان ) ومن هنا كان العنوان ولعل الاشتقاق الأفضل هو " تحوين الإنسان " .. " ..
ترى ما الذي يجعل الآخر يحوّل البشر مثله إلى منزلة الحيوان أو تشييئه إلى أقل من الحيونة ..؟ ما هو غرض الجلاد وما هي مسوغاته للقتل بدم بارد .. ؟ هل للجلادين ضمائر أم هم مجرد عبيد مأمورون ..؟ !
حشد من الاستفهامات ذرع عقلي حين قرأت اعترافات ذاك القناص الأمريكي المدعو " كريس كيل " وهالني موقفه البارد رغم أنه قتل أشخاصا عديدين بل كما روت مجلة " تايم " من أنه أكثر الأشخاص في تاريخ الجيش الأمريكي قتل ضحايا ..!
واسعفني كتاب " ممدوح عدوان " " حيونة الإنسان " الذي خصص بالتفصيل كيف يمكن أن يسوّغ الجلادون جرائمهم تجاه قاتليهم وكيف أن البعض منهم يفاخر بضحاياه وكأنه قام بعمل بطولي فذ قل نظيره ..!
ومن ضمن الأمثلة التي ذكرها كتاب " حيونة الإنسان " محاضرة ر.د لينغ بعنوان " الواضح " وهي المنشورة في كتاب " ديالكتيك التحرر " يشرح لينغ التجربة التي قام بها د. ستانلي ملغرام في جامعة بيل الأمريكية وهي ذات التجربة التي قدمها فيلم " أنا المقصود بإيكاروس " من اخراج " هنري فرنويل " وتمثيل النجم الشهير " إيف مونتان " .. تجري التجربة على البشر بهدف الوصول إلى الجواب التالي : إلى أي مدى يمكن أن يصل الإنسان في إيقاعه الأذى بإنسان آخر أو تسبب الألم له وهو الذي لا تربطه به أي رابطة سلبية أو إيجابية وحتى معرفة مسبقة أو حب أو حقد أو مصلحة ..؟
ويكن الجواب في الفيلم أن أكثر من 60 % من سكان الولايات المتحدة الأمريكية يصلون إلى أقصى الحدود المفترضة للقتل " طالما هناك سلطة يحترمونها أو يخافونها وهي التي توجه إليهم الأمر " ..
أما عن " المجازر الجماعية " وكيفية حدوثها بسلاسة من قبل القتلة ؛ فقد وضّح الدكتور المشرف على التجربة كيفية اتمام العملية بذكاء دون أن يشعر كل فريق بفعلته الشنيعة ، فالدكتاتور يقوم بتوزيع المهمات والمسؤوليات .. هناك من يقومون بعمليات الاعتقال وآخرون بالتجميع وغيرهم بنقل المعتقلين بالسيارات وغيرهم أيضا بحراسة معسكرات الاعتقال وكل منهم لا يحس بأنه ينفذ مجزرة ، بل إنه ينفذ أمرا محددا صدر إليه ويتعلق بتفصيل يمكن عده منفصلا عن المجزرة ثم تأتي عمليات القتل النهائية والتي تقتضي وجود بعض العتاة الذين لا يصعب العثور عليهم أو تدريبهم أو إعدادهم لكي يصيروا ملائمين لهذه المهمة ..!
إذا منفّذ التعذيب يتم شحنه بفكر معين وعواطف وأحقاد خاصة ، يشعر معها أنه يؤدي خدمة خاصة للسلطة التي يحترمها أو يخافها أو يهابها أو للإيديولوجيا التي يؤمن بها وهذه السلطة هنا هي الحكومة أو الشعب أو الحزب أو الطائفة أو الجماعة ..
أما عن " الخصم " الذي يعتدي عليه الجلاد فإنه يصّنفه على أنه " لا إنساني " كما يقول دافيد كوبر في " ديالكتيك التحرر " و" غير الإنساني يصبح غير إنسان " وبهذا يمكن تدميره تدميرا تاما من دون أي احتمال لشعور بالذنب ..
وهذا ما يؤكده مقال للبروفيسور " رالف روزنتال " في " المجلة الأمريكية لعلم الإجتماع " قال فيه بأن الإبادة كي تنجح لابد من توفر أربعة عناصر على رأسها أن يكون منفذوا الإبادة على اقتناع تام بصحة عملهم وبأنهم يتصفون بالامتياز العنصري والإنساني من غيرهم .. وثانيها أن يكون أمام المنفذين مجموعة تستحق الإبادة – من وجهة نظرهم – وثالثها أن توفر الأسلحة القادرة على التنفيذ بالسرعة المطلوبة أما رابعها أن تتم العملية وسط جو سياسي ومعنوي خاص لا يكترث لعملية الإبادة وإنما يقابل هذه العملية بالتفرج عليها ..!
وتلك الأسباب بعينها حملها الجنود الأمريكيون في العراق لتنفيذ مجازرهم ودمارهم في حق البشربة وقد اعترف معظمهم أن الأمر كان أشبه بلعبة الكيم " GAME" التي يمارسها الأولاد على الكومبيوتر..!
نعود إلى " حيونة الإنسان " حيث يوضح الكاتب " ممدوح عدوان " مدلول لفظة " الوحش " أو " الوحشية " أو " المتوحش " يوضح بأن اللغة فقيرة حين نضطر استخدام هذه الكلمات ؛ فإننا نتواطأ مع جنسنا البشري لكي نظلم الوحوش ..! فقد دلت الأبحاث والتجارب على أن ما نصفه بالوحشية هو سلوك خاص بالإنسان .. و" إيريك فروم " يقول إن الإنسان يختلف عن الحيوان في حقيقة كونه قاتلا ؛ لأنه الحيوان الوحيد الذي يقتل أفرادا من بني جنسه ويعذبهم دونما سبب بيولوجي أو اقتصادي ويحس الرضى التام من فعل ذلك ..!
ويضيف " ممدوح عدوان " شاهدا آخر من كتاب " التعذيب عبر العصور " ترد فيه فقرة هامة في التمييز بين الإنسان والحيوان : " فالوحوش لا تقتل المخلوقات الأخرى من أجل الابتهاج والرضى فقط والوحوش لا تبني معسكرات اعتقال أو غرف غاز ولا تعذب الوحوش أبناء جنسها إلى أن تهلكهم ألما ولا تستنبط الوحوش متعة جنسية منحرفة من معاناة أقرانها وآلامهم " ..
الحيوانات المسلحة بأنياب ومخالب والقادرة على القتل هي الأقل فتكا بأبناء جنسها .. إذ مع وجود السلاح الطبيعي القوي يوجد الكابح وهذا ما نبهه " كونراد لورانزو " في كتابه " العنف " فهو رأى أن الكابح ضد القتل يضمحل كلما كان الحيوان أكثر ضعفا وأقل سلاحا كالحمامة على سبيل المثال لا تتوقف عند أي كابح لدى قيامها بتعذيب حمامة أخرى حتى الموت بينما يكتفي الصقر أو النسر بتحقيق الهزيمة بخصمه فلا يسترسل حتى القتل ..
النظام القمعي شاء أم أبى لا يريد أن يرى البشر أو يتعامل معهم ، ولا يهمه أن يتطور البشر ولا أن يظل البشر بشرا ، يريد أن يحوّل الناس جميعا إلى هذين النمطين من الحيوانات الأرانب أو الفئران المذعورة التي يتم تصنيعها على أيدي الحيوانات الأخرى التي هي الذئاب الشرهة للدم .. أناس عبارة عن جلود ومن دون كرامة وكما يقول " سارتر " في نعت هذا النموذج : " هذا الشخص المتميز الذي أطاش صوابه ما يتمتع به من سلطة كاملة ومن دون الخوف عليها لا يتذكر جيدا أنه كان إنسانا وإنما هو يحسب نفسه سوطا أو بندقية " ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.