ليس من الضروري لمن عاد مظفرا من ساحات الوغى أن يكلل بأكاليل الغار او ان يلاقي الترحيب والاستحسان . لما بذلوه من دماء وتضحيات .. هكذا مثل العائدين من العراق او افغانستان او البوسنة والهرسك .. ان تعد لهم المشانق او أن يقتلوا خلسة في غرفة مظلمة .. بل كان قتل سليمان خاطر احد الامثلة التي لا تنس.. كما قال الشاعر : وكم من دم أعيا الكماة مرامه يوم الوغى وأراقه الحجام فهنيئا لكم بالحجامين لعرب ..!! بل انني وجدت هذه الروح من الغدر وعدم الانصاف ..ليست حكرا على العرب فحسب فالتاريخ يذكر ان ذهبت كتيبة من الامبراطورية الرومانية للقتال وهذه الكتيبة المكونة من ثلاثة عنصر قتلت بكاملها اللهم الا ثلاثة افراد .. قتل اثنان منهم على حدود روما من الجيش الروماني نفسه والاخر حاولو ان يقتلوه على مائدة العشاء ان ادخلوا عليه ثلة لكي يقتلوه .. فقال قولته المشهورة .. أهكذا تكافيء روما ابطالها .. ؟! وكانت ظروف قتل الثلاثة انهم حاولوا دفن الملف .. الخاص بالكتيبة .. الا انه في العادة دماء المظلومين تصيح فيم ولم قتلونا ... وهي عادة كجزاء سنمار .. المعروف في التاريخ العربي .. يشهد التاريخ انني في ايام شبابي حاولت الذهاب الى البوسنة والهرسك للجهاد .. وتقابلت مع السفير البوسني لعقد لقاءات معه لنشر بجريدة المدينةالمنورة .. ناهيك عن المقالات والترجمات .. تحدثت معه حول ذهابي للقتال حيث انني كنت اريد ان اساهم بدمي .. إلا انه قال لسنا في حاجة الى رجال .. ولكننا في حاجة الى السلاح .. ايام البوسنة والهرسك ..كانت مجزرة لم يعرف لها التاريخ مثيلا .. ناهيك عن هتك اعراض المسلمات قال تعالى .. (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً) (النساء : 75 ) فالموقف اذا سحبت عليه الايات القرنية الخاصة بالجهاد تستشعر التقصير .. وانه يتحتم عليك الرحيل للجهاد .. وان لم تفعل فإنك مقصر وآثم الجهاد هو مشروع حياة و هذه الامة ,بدونه تصبح مهيضة الجناح .. أخي هل تراك سئمت الكفاح والقيت عن كاهليك السلاح فمن للضحايا يواسي الجراح ويرفع راياتها من جديد والجهاد الذي اقصده في هذا المقام هو جهاد الدفع .. اي دفع العدو .. فلقد قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى اذا اعتدى عدو على شبر من اراضي المسلمين تعين الجهاد ووجب النفير اليه اذ ان بلاد المسلمين بمنزلة البلد الواحد .. الجهاد هو مشروع حياة .. وكما قال ابو بكر الصديق رضي الله عنه .. احرص على الموت توهب لك الحياة .. بل هي نظرية ساقها الامام علي : الحياة في موتكم قاهرين والموت في حياتكم مقهورين نعم الموتة القتل دفاعا عن الحق .. بل استشعر هذه الرؤية احمد شوقي : وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق ففي القتلى لأجيال حياة وفي الاسرى فدى لهم وعتق الا ان هناك عداء بلا مبرر بين الانظمة العلمانية وبين الذين خرجوا للجهاد .. فلقد درجت العادة ان اسرائيل اذا ارادت عدوانا او ارادت توسعا ارسلت لعملائها من الحكام نظفوا المنطقة من المتطرفين .. فتبدأ الاعتقالات وتفتح السجون .. وتبدأ الاعدامات .. فاسرائيل اخشى ما تخشاه اولئك الذين ينطلقون من مضمار العقيدة .. وهذا ما اعترف به ضابط يهودي لاحد الاخوان كان في الاسر .. ايام حرب فلسطين .. قائلا :" اننا جئنا هنا لنعيش ونحيا وهؤلاء الاخوان جاءوا للموت .. لذا فهم لا يهزمون ومواجهتهم تكلفنا الكثير " يقول دايان :" اننا لن ندخل في معركة مع هؤلاء ولكننا سنوكل الامر الى حكوماتهم لتصفيتهم جسديا " ان اليهود لا يخشون الجيوش النظامية بقدر ما يخشون الذين ينطلقوة من مضمار القرآن .. فلقد قال بيجن للسادات : انا رجل عقائدي رباني الاب جابونسكي كما ربى حسن البنا سيد قطب .. ولقد قام عبد الناصر بمحكمة الثورة في 1954 برئاسة جمال سالم وعضوية السادات والشافعي وكان السؤال يلقى على المتهمين أشهدت حرب فلسطين ؟ فإن كان الجواب نعم فالحكم جاهز الاعدام او الاشغال الشاقة المؤبدة " ونفذ حكم الاعدام بمحمد فرغلي – ممثل مكتب الارشاد في فلسطين وعبد القادر عودة ويوسف طلعت وهنداوي دوير ومحمود عبد اللطيف وابراهيم الطيب وكانت الجريمة هي الجهاد في فلسطين .. والحبل على الجرار .. قام مبارك باعتقال وقتل كل من حاربوا في افغانستان .. بل كان الامن المصري يحقق ويعذب المعتقلين قبل ذهابهم الى جوانتنامو وكذلك من عادوا من ساحات الوغى في بؤر الصراع .. سواء العراق او او البوسنة والهرسك تحت مسمى العائدين من البانيا .. لن ينته هذا العداء بين الامن المصري او الانظمة العلمانية كافة والعائدين من ساحات الوغى إلا في حالة واحدة ان يكون الامن المصري نفسه منطلقا من مرئيات العقيدة لا ان يكون عميلا للكفر او اليهود .. فالعداء مستحكم بدون مبرر ولا يتصالح الامن مع المجاهد الا بعد ان يعلق على اعواد المشانق .. بعد الثورة المصرية .. نتأمل ان يتعامل القضاء المصري بروح الانصاف والعدل مع من عادوا من ساحات القتال .. بروح الانصاف .. فليس كل من خرج الى الجهاد قاعدة .. فالكل ينطلق من مضمار العقيدة وآيات الجهاد التي انزلت لكل مسلم يقر بأن الله ربا وبالاسلام دينا .. فكلما تتجدد بؤر للصراع مع الكفر تنازعني نفسي بان امتشق السلاح وانهض الى ساحات الوغى .. ننتعل بهمتنا النجوم اجساد على الارض وارواح في السماء .. ولكن للاسف لم يتبق من العمرة فضالة لجهاد.. بعدما عانينا من امراض القلب والسكري .. ونتأسف على مارحل منا و ما لا نستطيع ان نسترجعه .. ايام الشباب .. ان تستشعر انك تزود عن الامة بكاملها .. تستشعر انك على القمة ذزروة سنام الاسلام .. والعالم اسفل القمة كالنمل ..في رؤاهم واهتماماتهم .. ولكن ثمة سؤال يفرض نفسه .. الى متى سيظل توكيل دايان بتصفيتنا ساري المفعول اذا اعتاد الفتى خوض المنايا فأهون ما يمر به الوحول .. ليس معضلة في ان نقتل على ايدي اليهود او الكفر عموما او في زنازين عميل لهؤلاء .. ولكن المعضلة في ظلم ذوي القربي .. الذي هو اشد وامضى من الحسام المهند .. ايها السادة في القضاء المصري .. ليس هكذا تكافيء روما ابطالها .. اقل ما تعاملون به هؤلاء الشباب المخلص .. ان تعاملوه كما تتعاملوا مع الشباب القبطي الذي ذهب ليقاتل في صفوف الصرب .. اللهم اغفر لنا تقصيرنا في حق المجاهدين ..